أسباب إنفصام شخصية المُسلم / 4

مقدمة

في الأجزاء الثلاثة السابقة , عرضتُ بعضَ أسباب إنفصام الشخصية المُسلمة . وأهمّها على الإطلاق تناقض النصوص الدينية ( من داخل السوبر ماركت الديني ) , وما يطلبهُ تجّار الدين من العامة من جهة .

مع حقيقة الفهم والفعل وطبيعة تطوّر الأشياء والحياة على أرض الواقع , من جهة ثانية .

كأن يُخبرنا شيخاً ما , بأنّ هذه الحضارة الغربية وكلّ ما وصلوا إليه هي رجسٌ من عمل الشيطان .

لكن في نفس الوقت ( الله ) قد سخّر هؤلاء الكفرة لنا ولخدمتنا . وما علينا إلاّ الحصول على كلّ شيء منهم , ثم لعنهم ليل نهار والدعاء عليهم بالفناء كقردة وخنازير !

فتخيّلوا الشخصية الناتجة عن مثل هذا التفكير .

( شاهدوا الرابط الأوّل / على سبيل الضحك على تفكير الاشياخ )

وهذا كُلّهُ يُختصَر حسب تعبير أحد الأصدقاء الذين علّقوا على الجزء الثالث من هذهِ الورقة , وهو السيد ( أوراها دنخا سياوش ) , بأنّ هناك أصلاً (( إنفصام في القاعدة الفكرية للمسلم )) !

وهذا ينعكس على تصرفاته في المجتمع الذي بدوره يقبل هذه التصرفات باعتبارها نابعة من هذا الفكر .

وقد لايفهم البعض ما نعنيه بلفظة الإنفصام هنا ,أو يظّن أنّ قصدنا منها يشمل كافة مظاهر المرض تظهر على كلّ شخص مُسلم .

وعندما يجد أنّ بعضاً من تلك المظاهر غير ظاهرة عليهِ شخصياً يظّن أنّ كلامنا هو مجرّد هواء في شبك .

لذا تقتضي الضرورة توضيح مُبسّط لمعنى الإنفصام المقصود هنا .

************* 

الفصام أوالإنفصام أو الشيزوفرينيا

Schizophrenia

بالأصل هو مرض دماغي مُزمن يَصيب عدد من وظائف العقل , فتحدث إضطرابات وجدانية وسلوكيّة وفكرية وعقلية , تتفاوت حدّتها حسب تحمّل المرء وتربيتهِ الاُسرية وتكوينه النفسي والثقافي . 

وقد تصل الامور الى حدّ الهلوسة , أو الحديث والضحك مع النفس

( ليس كما يحدث أحياناً لجميعنا ) , لكن بطريقة كأنماّ هناك شخص جالس بقربه يحدّثه .

ومن أعراض الإنفصام : إضطراب تفكير المُصاب , وفقدانه السيطرة على التفكير بشكل واضح ومنطقي ومترابط .

أو يشعر بأنّ كائناً فضائياً ( ملاك أو شيطان ) يتحكم بأفعالهِ وأفكارهِ.

أو يشعر بأنّ الآخرين يتآمرون عليه ويزرعون أفكار مُدمّرة في عقلهِ .

أو أنّ الشيخ (الفلاني) عندما تحدّث في التلفاز ,كان يقصدهُ شخصياً !

ومن مظاهر الإنفصام الأخرى , إضطراب المشاعر عموماً والتبلّد الوجداني أحياناً واللامبالاة لحدث مهم .. كالموت .

وكذلك ضعف الإدراك أو رؤية أشياء غير حقيقية , وتباين السلوك , كتغيير تعابير الوجه بطريقة دائمة , وقد يصل الامر الى الإكتئاب .

وهناك حالة مهمة هي قيام المرء بكل ما يُؤمر بهِ دون نقاش وكأنّهُ بلا إرادة !

(حاولوا مقارنة الجملة السابقة مع إصغاء العامة للمشايخ في صلاة الجمعة مثلاً ,أو تفجير الإنتحاري لذاتهِ بعد سماعهِ فتوى حقيرة ) .

بالطبع ليس بالضرورة أنّ كلّ ما فات ( وغيرهِ كثير) , موجود في كلّ شخصية مُسلمة مؤمنة . لكن مظهر واحد أو أكثر موجود في الغالبية حسب ظنّي !

( المصدر : ويكيبيديا مع التصرّف )

*************

وعودة الى أسباب إنفصام الشخصية المُسلمة , نضيف اليوم ما يلي : 

هل المثليّة الجنسيّة حرام أم حلال ؟

لا يختلف إثنان في الإسلام على تحريم المثليّة والشذوذ الجنسي .

أو هكذا كنتُ أظّن ! وقد كتبتُ مراراً ضدّ إنفلات الحُريّة من عقالها الى درجة أن تكون المثليّة حالة مقبولة ,بل يُشجّع عليها في بعض المجتمعات الغربية , بأن تُسّن القوانين الحمائية لهم ويُعاملون كزوج وزوجة !

وغالبيتنا يعرف موقف رجال الدين الإسلامي من المثليين بالرفض المُطلق ,الى حدّ التجريم .

(والمفروض أنّنا نُدهش لسماع خبر أنّ أحدهم مثلي الجنس )

بل أنّ تظاهرات المهاجرين المسلمين في الغرب الكافر ,قائمة ضدّ هذهِ الظاهرة المقيتة .

لكن لنصغي للإمام الداعية المُسلم / الأمريكي الأسود عبدالله , الذي يُجاهر بمثليّتهِ ويقدّم رؤية خاصة حول الإسلام والمثليّة , تستند الى القرآن نفسه كما يقول :

(( لطالما كنتُ ناشطاً في الدفاع عن حقوق المثليين . وعندما تحوّلتُ الى الإسلام , إلتقيتُ بالعديد من المثليين المُسلمين . ما ساعدني على تقديم دراسة حول التأويل الإيجابي للمثلية في القرآن .وما توّصلتُ إليه , هو أنّ اللغط في التأويل . إذ أنّ مُفسّري القرآن يضعون تفسيراتهم الخاصة بينما القرآن لا يتحدّث مباشرةً عن المثليين إنّما يُشير الى قصةِ لوط .

واللغط هو حول إستخدام اللواط كإسلوب تعذيب وليس كعلاقةِ حبّ ))

تقول المذيعة التي تقرأ الخبر ( وفاء شباعي ) ما يلي : 

عبدالله ذهبَ أبعد من ذلك في تأويلهِ , إذ يقوم بتزويج المثليين حسب الشريعة الإسلامية .حاولنا الإلتقاء ببعض هؤلاء دون جدوى فهم لا يجرأون حتى الآن على الظهور أمام الكاميرة , لأسباب في معظمها إجتماعية ودينية . الرابط الثاني

************

في الواقع , إنّ ( قصة الإمام عبدالله ) ذكرتني بطريقة تعامل الكنيسة في الغرب عموماً مع مثل هذهِ القضايا . 

إذ غالبية الكنائس أخذت على عاتقها موقفاً عاماً مؤدّاه أن تتماشى مع الرأي العام للجمهور . كما نسمع في قضايا الإجهاض والمثلية وزراعة الإجنّة والتخصيب الصناعي والإستنساخ البشري وحتى ال

Big bang

القصد من هذا السلوك هو الوصول الى حالة (الدين لله والوطن للجميع )

ولا أظّن أنّنا سننجح يوماً ,ما لم نتبّع ذلك الطريق العلماني .

وفي كلّ الأحوال فمشايخنا صاروا كما نرى اليوم برغماتيين أكثر من ميكافلي , أو جارلس بيرس ( مبتكر المصطلح ) ,وبإستطاعتهم قلب الأبيض أسوداً لو شاؤوا وإتفق ذلك مع مصالحهم المادية .

فلماذا لا يُسارعون اليوم لعزل الدين عن الدولة في دكاكينهم الخاصة , ومن يرغب ببضاعتهم , يمكنه الوصول إليهم دون عناء .

لكن في حالة العكس وإصرارهم على البقاء وتسيّد الساحة السياسية والإقتصادية والإجتماعية فمصيرهم معروف , مزبلة التأريخ لا ريب !

************ 

الخلاصة

عند إطلاعنا على بعض مظاهر الفصام , نجد أنّ من بينها حالة اللامبالاة أو عدم الإكتراث , لحوادث مهمة تحصل في محيط الشخص , أو بعيدة ويسمع عنها .

فإنظروا اليوم الى حال الغالبية المسلمة , وقد تشبعّت بمناظر وأخبار القتل والموت ( في سوريا مثلاً ) , حتى غدت لا تهتم كثيراً بها .

وحتى عند قتل الحيوانات , قد تصل الوحشيّة فيها وعدم الإكتراث بالحيوان , الى نوع من إنفصام الشخصيّة .

(قبل مدّة قرأتُ خبر إمتناع شركات اُسترالية بتصدير المواشي الى مصر لغضبهم من فلم يصوّر الوحشية التي يُعامل فيها الحيوان قبل ذبحهِ) 

أمّا عن الكوارث التي تحصل خارج ديار المُسلمين , فحدّث ولا حرج

عن مقدار اللامبالاة بها .

بل أن بعض المشايخ يُظهرون فرحتهم وغبطتهم الكُبرى بزلزال أو تسونامي أو حريق غابات أصاب القوم في دار الكفر .

و لا تسألوا عن شيء أكثر إحتقاراً في نظري من التشفّي بمصائب الآخرين , أو الوقوف بلا حراك , أمام ضحيّة وجلادها . 

فأي شيء يقوم به المشايخ الكرام , لا يدعو الى الإنفصام ؟

***************

الروابط 

الأوّل / للضحك , أحلام عن محمد مرسي العيّاط

الثاني / إمام مسلم أمريكي مثلي ,يزوّج المثليين المُسلمين

تحياتي لكم 

رعد الحافظ

22 يونيو 2013

About رعد الحافظ

محاسب وكاتب عراقي ليبرالي من مواليد 1957 أعيش في السويد منذُ عام 2001 و عملتُ في مجالات مختلفة لي أكثر من 400 مقال عن أوضاع بلداننا البائسة أعرض وأناقش وأنقد فيها سلبياتنا الإجتماعية والنفسية والدينية والسياسية وكلّ أنواع السلبيات والتناقضات في شخصية العربي والمسلم في محاولة مخلصة للنهوض عبر مواجهة النفس , بدل الأوهام و الخيال .. وطمر الروؤس في الرمال !
This entry was posted in ربيع سوريا, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.