أسألك الرحيلا

لنفترق قليلا.. 

لخيرِ هذا الحُبِّ يا حبيبي

وخيرنا.. 

لنفترق قليلا 

لأنني أريدُ أن تزيدَ في محبتي 

أريدُ أن تكرهني قليلا

بحقِّ ما لدينا..

من ذِكَرٍ غاليةٍ كانت على كِلَينا..

بحقِّ حُبٍّ رائعٍ.. 

ما زالَ منقوشاً على فمينا

ما زالَ محفوراً على يدينا..

بحقِّ ما كتبتَهُ.. إليَّ من رسائلِ..

ووجهُكَ المزروعُ مثلَ وردةٍ في داخلي.. 

وحبكَ الباقي على شَعري على أناملي 

بحقِّ ذكرياتنا 

وحزننا الجميلِ وابتسامنا 

وحبنا الذي غدا أكبرَ من كلامنا

أكبرَ من شفاهنا.. 

بحقِّ أحلى قصةِ للحبِّ في حياتنا 

أسألكَ الرحيلا

لنفترق أحبابا..

فالطيرُ في كلِّ موسمٍ..

تفارقُ الهضابا..

والشمسُ يا حبيبي.. 

تكونُ أحلى عندما تحاولُ الغيابا 

كُن في حياتي الشكَّ والعذابا

كُن مرَّةً أسطورةً..

كُن مرةً سرابا.. 

وكُن سؤالاً في فمي 

لا يعرفُ الجوابا 

من أجلِ حبٍّ رائعٍ 

يسكنُ منّا القلبَ والأهدابا 

وكي أكونَ دائماً جميلةً 

وكي تكونَ أكثر اقترابا

أسألكَ الذهابا..

لنفترق.. ونحنُ عاشقان.. 

لنفترق برغمِ كلِّ الحبِّ والحنان 

فمن خلالِ الدمعِ يا حبيبي 

أريدُ أن تراني 

ومن خلالِ النارِ والدُخانِ

أريدُ أن تراني.. 

لنحترق.. لنبكِ يا حبيبي 

فقد نسينا 

نعمةَ البكاءِ من زمانِ

لنفترق.. 

كي لا يصيرَ حبُّنا اعتيادا

وشوقنا رمادا..

وتذبلَ الأزهارُ في الأواني.. 

كُن مطمئنَّ النفسِ يا صغيري 

فلم يزَل حُبُّكَ ملء العينِ والضمير 

ولم أزل مأخوذةً بحبكَ الكبير

ولم أزل أحلمُ أن تكونَ لي.. 

يا فارسي أنتَ ويا أميري

لكنني.. لكنني.. 

أخافُ من عاطفتي 

أخافُ من شعوري 

أخافُ أن نسأمَ من أشواقنا

أخاف من وِصالنا..

أخافُ من عناقنا.. 

فباسمِ حبٍّ رائعٍ

أزهرَ كالربيعِ في أعماقنا.. 

أضاءَ مثلَ الشمسِ في أحداقنا 

وباسم أحلى قصةٍ للحبِّ في زماننا

أسألك الرحيلا..

حتى يظلَّ حبنا جميلا..

حتى يكون عمرُهُ طويلا..

أسألكَ الرحيلا..   نزار قباني (مفكر حر)؟

About نزار قباني

نزار قباني (1923 - 1998) سفير وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة دمشقية عريقة إذ يعتبر جده أبو خليل القباني رائد المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلاً بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيزًا خاصًا في أشعاره لعل أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.