قسٌّ بَهاءُ المسيح نوَّرَهُ

 رياض الحبيّب

خاص: موقع لينغا    الاحد، 09 أيلول 2012

هلِّلْ فؤادي لأنّ إيماني * بفضل رَبّي عليَّ قوّاني
 
كلُّ صَلاةٍ لهُ اٌستجاب لها * نابعةٌ من صميم وجداني
 
رُبَّ صلاةٍ صَلَّيتُها وَصَلتْ * بعد صلاةٍ مِن مَصْدَرٍ ثانِ
 
واٌتصلتْ هذهِ بتلكَ وإنْ * كان لهذي وتلك وقتانِ
 
فألفُ مِيلٍ بيني وبين أخي * قد يتلاشى بعَرض إحسانِ
 
وما أخي مِن أبي وأمِّيَ لو * عَرَفتُ حقًّا ربّي وإخواني
 
كذلك الأختُ لا يُفرِّقـنا * جنسٌ لأنَّ الإنسان جنسانِ
 
ليْ ألفُ أختٍ هُنا وألفُ أخٍ * هناكَ في الهند، في خُراسانِ
 
ولي أخٌ، ما رأيتُ منظرَهُ * ولا رآى منظري، بإيرانِ
 
صلَّيتُ مِن أجلِهِ وصلّى معي * مليارُ شخصٍ يُدعى نَدَرْخاني
 
قسٌّ بَهاءُ المسيح نوَّرَهُ * ما خافَ مِن ظُلمةٍ وشيطانِ
 
سِيق إلى السِّجن غيرَ مكترثٍ * لظُلم حُكْمٍ وقيد سَجّانِ
 
ما حُجَّةٌ في يد القضاء على * منتصِرٍ بالمسيح مُزدانِ
 
والموتُ قدّامَهُ وموعِدُهُ * بإذن ربٍّ عليهِ حَنّانِ
 
تطوَّع الناسُ للتدخّل في * مِحْنتِهِ مِن قاصٍ ومِن دانِ
 
مِن حَقِّهِ أنْ يَختار عِيشَتهُ * حُرًّا بفِكْرٍ لهُ وإيمانِ
 
مِن حقِّ أمثالِهِ مغادرةُ الحَبس فلُطفًا قُضاةَ طهرانِ
 
أنْ تُطلِقوا الحُرِّيَّاتِ أجْمَعَها * والدِّينُ منها لكُلِّ إنسانِ
 
ما اٌنتدَبَ اللهُ قاضيًا أبدًا * من دونِهِ فهْوَ خيرُ دَيّانِ
 
أو بات مِن حقّ الإنس في زمنٍ * نيابةً عنهُ ختمُ إعلانِ
 
لنا لقاءٌ يوم الحِسَاب مع الله جَميعًا فدَهْـرُنا فانِ
 
واللهُ يقضي لنا سَـواسِـيةً * جَنّاتِهِ أو حقولَ نيرانِ
 
إنِ اٌختلفنا على عبادتِهِ * شكلًـا ونوعًا أو بعضُنا زانِ
 
فإنّ ربَّ العبادِ يَعرفُ مَن * مِنّا مُصِيبٌ ومَن هُوَ الشّاني
 
قضاؤُهُ فوق كُلِّ مَحْكمَةٍ * في عَدْلِهِ ما تخالفَ اٌثـنانِ
 
فالدِّينُ لله والحياةُ لنا * حَقٌّ بحَقٍّ لنا فحَقّانِ
 
و(أنتَ حُرٌّ ما لمْ تضرَّ) فإنْ * أنصفتَ مِثلي فنحنُ سِيّانِ
 
* * *

نُظِمت يوم الأحد الموافق التاسع من أيلول- سپتمبر 2012 على بحر المنسرح، في إثر تلقّيّ خبر إطلاق سراح القسّ الإيراني يوسف نادرخاني. مجدًا للربّ يسوع. هلِّلويا
¤ ¤ ¤ ¤ ¤

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

زمن الغسالات

محمد البدري

تشريعات البشر الوضعية هي تعبير مباشر لما حققه العقل الاجتماعي والسياسي من مكاسب في بنيته وفهمه للواقع بعكس ما كانت تشريعات الاديان منصبة في معظمها علي فهم البشر البدائي لما هو عضوي من جسد الانسان أو الملكيات البدائية الفقيرة. و بقدر ما ارتقت التشريعات الوضعية فاصبحت تهتم بالمكاسب السياسية للمواطنين بقدر ما ظل العقل الديني المؤمن اسير الاعضاء الجسدية وما يحوطها من اهتمام. تشريعات البشر تماثل التكنولوجيا في كل عصر، فالاثنين من منجزات العقل بقدر ما تحقق من معرفة، وتحطيم كلاهما دليل علي عدم وعي بكلاهما.

كانت العمالة المأجورة في بدايات عصر الصناعة المميكنة تقوم بتحطيم الالات وقت أن كانت التكنولوجيا في بداياتها، لانها توفر طاقة انتاجية لصاحب العمل باكثر مما توفروه قوة العمل الانسانية عبر قدراتهم العضلية والذهنية بارثهم القديم لها. بل وتحيلهم للتقاعد حرمانا لهم من مصار عيشهم بالوقر في البيت لانها أكثر كفاءة منهم. واخذ اليسار المراهق الذي قيل انه يؤمن بالتطور والتقدم هذه الحجة لاشهارها كمبرر لادانة ملاك هياكل الانتاج واصحاب الملكيات من استيعاب البشر الحاليين في ظل الميكنة وبعد ان يضاف اليهم الانتاج الليلي المجاني لقوي بشرية جديدة لن تجد في المستقبل مكانا في ظل تعميم الميكنة في الصناعة. فسر احد المؤمنين بالله ورسوله سلوك هذه العمالة، بسذاجة وجهل، انهم يكرهون وجود شريك لهم في العمل حبا في اصحاب العمل واخلاصا لمن افاء الله عليهم من بركاته.

ولن نخوض فيما آلت اليه العمالة من إرتقاء والعلم من تقدم والماكينات من تطور والعقول والتشريعات من رقي، واختلاف متزامن للعقل الانساني، ووعي سياسي في الدول التي عرفت معني التقسيم الطبقي للعمل، إنما سنخوض بعمق اسفل الملابس الداخلية، في تلك المجتمعات التي قرأت ولم تفهم وعملت ولم ترتقي واحتقرت كل ما هو وضعي لصالح ما هو ديني وانتهي بها الامر لانتاج عقول بافكار بدائية وجاهلية مفضوحة.

في مصر أم الدنيا تحقق هذا القول، فبعد تعيين جوقة من المستشارين لرئيس مصر الثورة ليساعدوه ويرشدوه الي ما فيه صلاح البلاد والعباد خرجت علينا مستشارته الانثي / اميمة كامل واقتحمت بجرأة ثورية ما يشغل المجتمع المصري في ملف ختان الاناث وقال بالحرف: “المرأة التي لم يحدث لها عملية الختان فإيمانها ناقص” و “أن الختان غير مجرم قانونا وأن هذه العملية مجرد عملية تجميلية”.
فكما إمتازت ثورة يناير بالشفافية إمتازت نائبات ثوار يناير أن ما بين فخذي المرأة المضطهدة الضائعة هو هدفهم من الثورة وما خلع مبارك واسقاط النظام الا وسيلة للوصل الي الهدف باسرع مما يصل اليه المتحرشين والمغتصبين للنساء جنسيا. ولوقف جرائم التحرش فان عملية تجميل لفرج المرأة كفيل بحل ما لم يقدر مبارك عليه. ففتاوي بطلان الختان كثيرة لانتهاكها الصريح لجسد المرأة الا ان اسلاميي بعد الثورة لهم راي آخر في حق الانتهاك وتشويه الاعضاء وحرمان المشاعر وكبت الطاقات كلها بحجة العفة التي لا نعرف كيف ستتاتي علي يد السيدة أميمة الخبيرة نظريا وعمليا بما للختان من فوائد. مفتي الجمهورية د. علي جمعة من خلال بيان رسمي عا م 2007 حرمه وذكر ما تعانى منه الفتاة طوال فترة حياتھا النفسية. لكن الم تات الثورة للقضاء علي النظام؟ فالمفتي كان جزءا من النظام بحكم وضعه الوظيفي. فالنظام في راي مستشاري الاخوان ليس من سرق ونهب وقتل وافسد انما من لم يقم بعملية تشويه لفرج بناته.

وتسائل أحد فلول النظام كيف يكون نمص الحاجب حراما (النمص نتف بعض الشعيرات من حاجب المرأة من اجل تجميله حتي لا تبدو المرأة مثل جوردازيلا أو أمنا الغولة !!!) لكن بتر عضو كامل منها أمر يثاب عليه المؤمن يوم القيامة بعد ان يحرم منه في الحياة الدنيا. فاخطر ما في ثورة يناير هو التلاعب بالالفاظ الذي يجيده تنظيم الاخوان المسلمين ويحترفه مشايخ الاسلام علي الطريقة الوهابية مع درجات متقنة من التمويه عند اللزوم. وهو ما قامت به واحدة من إناث الحزب د. منال ابو الحسن أمينة الاناث بحزب الحرية والعدالة حيث افتت في أحد المؤتمرات: عمل المرأة هو المقصود به البناء الحقيقى وليس المستورد الذى روجت له الدول الأجنبية ووسائل الإعلام المضادة لفكرة النهضة وحرية المرأة، وأشارت أبو الحسن إلى أن عودة ريادة العرب فى المنطقة سيكون ثمرة من ثمرات الربيع العربى ونتوقع أن تأخذ المرأة مكانتها ووضعها الريادى الذى تستحقة وهو التمسك بالشريعة الإسلامية كمصدر رئيسى للتشريع وتحقيق مصلحة الإنسان وتحقيق الإبداع ليس الإبداع الذى يروج له الفنانين والفنانات، والذى شوه صورة المرأة المسلمة، فطالبت القيادات النسائية أن تظهر حقيقة المرأة لكافة المنظمات العالمية ودول العالم والصورة الحقيقة التى التى كفلها الإسلام لها، حيث وصى النبى علية الصلاة والسلام بالمرأة وقال «استوصوا بالنساء خيرا، ورفقا بالقوارير.

أما أم ايمن عضوه مجلس الشعب السابق فسبقتهم جميعا عندما كانت تقف بشموخ في المجلس الموقر لتدافع عن حق الذكر في مضاجعة الصغيرات في السن بتخفيض سن الزواج الي الحد الادني الممكن الوصول اليه عبر اتفاق الذكور الاعضاء عليه. بمعني انها فوضت لمن يحق له الاغتصاب في تحديد السن العمرية للضحية بقدر ما يراه هو مناسبا من نضج اعضائها، التي تم تجميله لها قبل ذلك.وهنا تبدو مسألة تسليم أعضاء الانثي للبتر والتشوية أو الاعمار لتحديد صلاحية المجامعة هي من مطالب ثوار التحرير. ولم يفوتها التحدث عن فروج النساء حيث افتت بان الختان فهو عفة للبنت ويجب اصدار تشريع بفرضه علي كل السيدات. لكنها لم تشرح لنا إذا ما كان التحرش الذكوري بالاناث يتم بسبب عدم ختانهن وكيف يعرف المتحرش صلاحية هدفه من عدمه والبنات يلبسن اغطية فوق الرأس والصدر وحول الفخذين بما يكلفهن بما لا يطاق اقتصاديا منعا لما يمكن نيله بالشريعة الغراء. ولهذا طالبت النائبة الموقرة، التابعة لحزب الحرية والعدالة عن دائرة 6 اكتوبر بـ بتطبيق الشريعة و ” بإلغاء قانون التحرش الجنسي، وبررت ذلك بأن “سبب التحرش هو عُري النساء وبالتالي فالمتحرش غير مخطيء”!!!!

الاناث من مستشارات ونائبات، من ثوار بعد الثورة قدمن ما يثبت انتمائهن الي بروليتاريا ما قبل زمن بدايات العصر الصناعي الحديث حيث يعشقن الاستخدام الجسدي والبدني في بيوت ازواجهن بعد تجميله علي طريقتهن, ورغم ذلك نجدهن يعشقن كل انواع التكنولوجيا والميكنة في اداء الخدمة للازواج في البيوت التي يجب الوقر فيها طبقا للشريعة. هن نوع من العبيد المتبرجز ايمانيا والمسلح بالاحاديث النبوية لتجميل ما خلقه الله مشوها. هذا النوع من المحصنات والعفيفات منذ زمن الصحابة علي قاعدة الاسلام الحنيف عشن طوال عصور الاسلام والي وقت قريب دون تكنولوجيا أو ميكنة الي ان تدخلت الدول الأجنبية ووسائل الإعلام المضادة لفكرة النهضة الاخواني وحرية المرأة في برنامج الحزب واتت بكل ما ناصبته بروليتاريا تلك الدول العداء قديما فحطمته. فلماذا لا تحطم أم ايمن وأميمة كامل كل تكنولوجيا تعمر بها بيوتهن خاصة الغسالات الفول اوتوماتك ليس فقط غيرة منها لانها تنظف بكفاءة افضل وتقدم خدمة أرقي بل لانها من منجزات الكفار واعداء الامة ويتفرغن هن لبحث كيف يفقدن اللذة علي سنة الله ورسوله بتجميل بنات جنسهن والدفاع عمن سيغتصبهن تطبيقا للشريعة أتناء عودة ريادة العرب فى المنطقة ودعم للبحث العلمي بتركيب فرج مختتن للغسالات والاجهزة المنزلية مع مراعاة الا يجمع الزوج من حزب العدالة والتنمية او الاحزاب السلفية باكثر من اربعة أجهزة في وقت واحد.

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, فكر حر | Leave a comment

خسئت يا…اتحاد أدباء العراق

محمد الرديني

لم أتخيل انه سيأتي اليوم الذي اسمعك فيه كلاما لايعجبك يا رئيس اتحاد أدباء العراق فاضل ثامر.
لا احد ينكر مكانتك الأدبية خصوصا في ساحة النقد الأدبي رغم انك لم تكتب منذ سنوات ولم نسمع لهذا الاتحاد الهش تحرك قيد أنملة .
احتفظ ، وهذا رجاء، بما تبقى لك من سمعة أدبية وقدم استقالتك احتجاجا على اقتحام مقر الاتحاد للمرة الرابعة.
لا ادري كيف استطعت ان تواجه الناس من خلال احدى القنوات الفضائية وتقول قلته بعد اقتحام المقر قبل امس الاول.
كيف يسمح لك حسك الأدبي ان تنظر للاقتحام وكأنك تريد ان تقول ..لاباس فهم ينفذون الأوامر ودعونا ننتظر التوضيح.
ولك اي توضيح؟ هل تعتقد ان الجواهري او الزهاوي او الرصافي يقبل بما فعله فاروق الإعرجي ام انت أعرج البصيرة مثلهم؟.
اجلس في بيتك أستاذي الكريم واقرأ عن عظماء التاريخ واذا اردت سوف ابعث لك المواقع التي خلدت ذكراهم.
وحسبي الله على المثقفين الذين انتخبوك رئيساً لهذا الاتحاد الذي طاح (ح….) في زمانكم الأغبر.
اسرع بتقديم استقالتك قبل ان يعلن كل الشرفاء قرفهم منك ومن تنظيراتك.
لم يبق لك من العمر ما تخسره فقد تعديت الستين ورغم انك منكب هذه الايام على متابعة حفلات الشعر فقط لتقول أني هنا وما انت هناك.
واذا لم يعجبك قولي،وهذا أكيد، فان الافضل لك في هذه الظروف ان ترشح الى منصب وزير الاعلام حتى (تهلس(اخر شعرة من مؤخرتها)..او اذا. اردت فالأفضل لك ان ترشح لمجلس البرطمان حتى تخربً فد مرة (هي خربانة خربانة بقت عليك) ..وربما. يقنعك ابو إسراء لتصبح سفيرا في جزر الواق واق او جزر الكناري حيث الكتابة هناك ستكون لابو موزة.
ها..؟هل اقتنعت بتقديم استقالتك ام تريد من اعضاء الاتحاد الشرفاء ان يجبروك على ذلك.
واذا صحت النبوءة واصبحت كما تريد فنصيح جميعا( ياايها الزمان ماذا فعلت بجاهل متعلم).
فاصل رقمي بدون عداد:في العراق الآن 6 ملايين امي(اروحلك فدوى ياوزير التربية والتعليم)، وهناك 7 ملايين تحت خط الفقر (وهمينة فدوى لأبو اسراء) ونصف مليون خريج جامعي عاطل عن العمل(وهاي فدوى ثالثة لوزير التعليم العالي والبحث العلمي).
منو بقى …؟ بس عمال المسطر واولاد الملحة.. هذوله مو اروحلهم فدوى، لا والله، ذولة رجليهم المفطرة تسوى كل من سكن المنطقة الخضراء.

Posted in الأدب والفن, فكر حر | Leave a comment

تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي- الحلقة 13

رياض الحبيّب

لقد ورد “اللوح المحفوظ” مرّة واحدة في القرآن وتحديداً في سورة البروج: 22 فما هو هذا اللوح وأين مكان حفظه؟
لقد جرت العادة أن أستعين بتفاسير بعض المفسّرين من أئمّة المسلمين الكبار، ثمّ القيام بالتعليق على التفاسير- وهذا في رأيي هو المنهج العلمي الصحيح للبحث، إذ لا يجوز للباحث في قضايا الدين أن يُفسّر تفسيراً خاصّاً أو على هواه، لأنّ الدين من المواضيع الحسّاسة التي تهز مشاعر المتديّنين والمتديّنات وقد تخدشها في أحيان كثيرة، لذا وجب على كلّ كاتب استقاء التفاسير من المفسّرين المعتمَدين لكتاب يُعتـَبَرُ مقدّسـّاً عند أتباعه وبعدئذ يحقّ له أن يُبدي رأياً في التفسير أو يُحلّل نظريّة ما.
وبالمناسبة؛ لقد وجدتُ أكثر الكتـّاب جهالة في الغرب والشرق بل أقلـّهم مرتبة في تقديري مِنَ الذين ينتقدون كتاباً لم يقرأوه من مصدره إنـّما قرأوا عنه ما قيل وما كـُتِب- ولا سيّما الإنجيل- وهكذا قرأتُ الحكمة القائلة: لا تحكـُمْ على كتاب من غلافه. فمن ظنّ من الكتـّاب أنّ القرّاء لا يميّزون بين كاتب قارئ وباحث وبين آخر لم يقرأ ولم يبحث يكنْ مُخطئاً وعليه تالياً أنْ يتقبّل من القرّاء انتقاداً ما لا يليق بشخصيّته وما قد يؤدّي إلى انتهاء مصداقيّته؛ لأنّ الكتابة مسؤولية أخلاقيّة كبرى وعلميّة من جهة أخرى وعلى الكاتب أن يفكـّر بما يكتب في جميع الجهات ما أمكن قبل أن يُرسل بمادّته إلى النشر مرتاح الضمير. فكفى بالكتـّاب السّذ ّج سذاجة- إن جاز التعبير- لأنّهم والقرّاء الكرام يعيشون في عصر الإنترنت أي عصر المعلوماتيّة السريعة.

هنا في البداية تفسير الإمام الطبري- المفسّر والمؤرّخ ت 310 هـ- وسوف أضع ملاحظاتي بين قوسين كبيرين [ ] كما جرت العادة:
عن مجاهد {في لوح} قال: في أمّ الكتاب-
[في معجم “لسان العرب” عن ابن عباس: أُمُّ الكِتاب القرآن من أَوله إلى آخره. وقال قَتادة: أُمُّ الكتاب أَصْلُ الكِتاب]
عن قتادة {في لوح محفوظ} عند الله
عن أنس بن مالك, قال: إن اللوح المحفوظ الذي ذكر الله {بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ} في جبهة إسرافيل-
[في القاموس المحيط: اسْرافيلُ، بكسرِ الهمزةِ: اسمُ مَلَكٍ، وقيل خُماسِيٌّ هَمْزَتهُ أصْلِيَّة- وهذا ما ورد في “لسان العرب” أيضاً. وإسْرَافِيلُ: لُغَة في إسْرافينَ، أعْجَمِيٌّ مُضافٌ إلى إيلَ- وهو قول الأخفش أيضاً]

وهنا تفسير القرطبي ت 671 هـ:
أيْ مكتوب فِي لَوْح. وَهُوَ مَحْفوظ عِنْد اللَّه تعَالَى مِنْ وُصُول الشّياطِين إليْهِ. وَقِيلَ : هُوَ أُمّ الكِتاب; وَمِنْهُ اُنتـُسِخَ القـُرآن والكُتـُب
وقال مقاتل: اللوح المحفوظ عن يمين العرش
وقال ابن عباس: أول شيء كتبه الله تعالى في اللوح المحفوظ “إني أنا الله لا إله إلا أنا , محمد رسولي , من استسلم لقضائي, وصبر على بلائي, وشكر نعمائي, كتبته صدّيقاً وبعثته مع الصدّيقين , ومن لم يستسلم لقضائي ولم يصبر على بلائي, ولم يشكر نعمائي, فليتخذ إلهاً سواي”

وهنا تفسير ابن كثير ت 774هـ:
أي هو في الملإ الأعلى محفوظ من الزيادة والنقص والتحريف والتبديل
عن ابن عباس أن رسول الله ص قال: إن الله تعالى خلق لوحاً محفوظاً من درّة بيضاء صفحاتها من ياقوتة حمراء قلمه نور وكتابه نور لله فيه في كل يوم ستون وثلاثمائة لحظة يخلق ويرزق ويميت ويحيي ويعز ويذل ويفعل ما يشاء.

وهنا تفسير الجلالين- المَحَلّي ت 864 هـ والسّيوطي ت 911 هـ:
“في لوح” هو في الهواء فوق السماء السابعة “محفوظ” بالجرّ من الشياطين ومن تغيير شيء منه طوله ما بين السماء والأرض, وعرضه ما بين المشرق والمغرب, وهو درّة بيضاء قاله ابن عباس رضي الله عنهما-
[أي رضِيَ الله عن العباس وعن ابنه]

– تعليقي: سأترك التعليق على ما تقدّم من تفاسير لذوي الألباب. ورُبّ سائل يسأل: من هو ابن عبّاس، هذا الذي لا يخلو كتاب تفسير من أحاديثه؟
ويكيبيديا أجابتْ والكاتب يتصرّف ويختصر، لأنّ المستوى اللغوي في القسم العربي من الموسوعة المذكورة ما يُرثى له وكذلك المعلوماتيّة:
{هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم، حَبْر الأمّة وفقيهها وإمام التفسير، ولد ببني هاشم قبل عام الهجرة بثلاث سنين، وقد روي له 1660 حديثا. كان مقدّماً عند أبي بكر وعثمان بن عفان، ثم جعله عليّ بن أبي طالب والياً على البصرة وكان عمره يوم وفاة محمد 13 عاماً وقيل 14} انتهى

– تعليقي: كان ابن عبّاس صغيراً بالسّنّ وفي الأقلّ لم يُعاصر زمن قيام محمد بادّعاء الرسالة ليعي ما جرى، ولا علِمَ بـ “أسباب النزول” إلّا ممّا رُويَ له فقلّ ما وعى، فكيف أصبح بهذه المكانة من الأمّة- حبرها وفقيهها وإمامها؟ سُبحان مانح المواهب وموزّع المناصب. ولله درّ لبيد بن ربيعة* صاحب إحدى المعلـّقات إذ قال في معلـّقته الموسومة:
عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقامُها *** بمِنَىً تأَبَّـدَ غـَوْلُهَا فرِجَامُهـا
فمَدَافِعُ الرَّيَّان عُرِّيَ رَسْمُهـا *** خَلَقاً كَمَا ضَمِنَ الوُحِيَّ سِلامُها
دِمَنٌ تـَجَرَّمُ بَعْدَ عَهْدِ أنِـيسِها *** حِجَجٌ خَلَوْنَ حَلالُها وحَرَامُها
إلى أن يقول:
فَوَقفتُ أَسْأَلـُها وَكَيْفَ سُؤالـُنا *** صُمَّاً خَوَالِدَ مَا يَبيْنُ كَلامُها
عَرِيَتْ وَكانَ بها الجَميْعُ فَأَبْكَرُوا *** مِنْهَا وَغُودِرَ نُؤْيُها وثـُمَامُها

والجدير ذكره بالمناسبة أنّ الأديب الراحل طه حسين، ممّا ورد في كتابه- حديث الأربعاء، كان من المعجبين بشِعْر لبيد*

————–

وهنا بحث تفصيلي شامل ودقيق عن لوح القرآن “المحفوظ” ممّا قام القمّص زكريا بطرس في قناة الحياة الفضائية في خلال بحثه بجهد مميّز، معلومات كثيرة وأدلّة علميّة موثـّقـَة، هذا عَبْر برنامجه الأسبوعي- حوار الحق- والحلقة المرقمة 109 والتي يمكن مشاهدتها من الرابط التالي:
http://islamexplained.com/Programs/TruthTalk/tabid/136/Default.aspx

وقد ورد في هذه الحلقة ما يوثـّق أنّ “اللوح المحفوظ” من عقائد السومريّين والأيزيديّين ما زاد عن 3000 سنة قبل الميلاد. وقد عُرف اللوح المذكور بين عرب الجزيرة نتيحة للإحتكاك مع أقوام البلاد ما بين النهرين، كما ورد أيضاً توضيح للفرق ما بين لوحَي التوراة وبين اللوح القرآني الذي فسّر المفسّرون. وهنا بعض ما ورد في التوراة عن اللوح:
خروج 12:24 – وقال الربّ لموسى: ((إصعدْ إليّ إلى الجبل وكنْ هناك فأعطيَكَ لوحَي الحجارة والشريعة والوصيّة التي كتبتـُها لتعليمهم))
أمّا الجبل فهو جبل سيناء [خروج 16:24] وأمّا وصايا الله العشر فمذكورة في سِفـْر الخروج سلفاً [الأصحاح 20] وأمّا من يريد قراءة الشريعة الموسوية بل الكتاب المقدّس بعهديه القديم والجديد- باللغة العربيّة- فهنا الرابط:
http://www.albishara.org

أمّا الرصافي فقد أثار موضوع اللوح المحفوظ في كتابه الموسوم “الشخصيّة المحمّديّة” بما يلي:
هل القرآن كان في اللوح المحفوظ، وأ ُنز ِلَ على محمد دفعة واحدة، وما المقصود باللوح المحفوظ وما هو تعريف القرآن في المفهوم الديني وفي مفهوم اللغة؟
من الأمور التي شط ّ بها علماء الدين عن الحقيقة واليقين ما قالوه في اللوح المحفوظ من الأقوال الواهية فقد قال جماعة منهم إن القرآن أنزل جملة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى بيت السماء الدنيا ما يقال له بيت العزة فحفظه جبريل (الإتقان 40:1) وغشي على أهل السموات من هيبة كلام الله فمرّ بهم جبريل وقد أفاقوا وقالوا: ماذا قال ربّكم؟ قالوا: الحق، يعني القرآن، وهو معنى قوله تعالى (حتى إذا فزع عن قلوبهم) (سبأ: 23) فأتى جبريل إلى بيت العزة فأملاه على السفرة الكتبة، يعني الملائكة، وهو معنى قوله تعالى: (بأيدي سفرة * كرام بررة) (عبس: 15-16)

وأضاف الرصافي موضحاً معنى اللوح في لسان العرب:
يطلق اللوح في اللغة على كل صحيفة عريضة من خشب أو عظم أو غير ذلك، وكانوا في الزمان الأول يكتبون فيما وجدوه من ألواح الحجارة والخشب والعظام وغيرها لفقد القرطاس عندهم أو لقلـّته، فيقال كتب في اللوح، حتى قيل إن اللوح مأخوذ من أن المعاني تلوح فيه بالكتابة وهذا القول صحيح بالنظر إلى استعمالهم اللوح للكتابة كالقرطاس، وإلّا فاللوح في أصل اللغة لا يطلق إلّا على ما فيه عرض واتساع، ولذا يطلق اللوح (بفتح اللام وبضمّها) على ما بين السماء والأرض من الهواء أي الفضاء لاٌنبساطه واٌتساعه. ولما كان اللوح يُستعمل للكتابة عندهم، صحّ في الاستعمال اللغوي إطلاقه على الكتاب كما هو في هذه الآية [البروج: 22] ويدلّ على ذلك أن القرآن اٌستـَعمل الكتاب بدل اللوح في آية أخرى من سورة الواقعة: 77-78 فقال (إنـّه لقرآن كريم * في كتاب مكنون) أي مصون، فاللوح والكتاب في الآيتين شيء واحد.

– تعليقي: أعيد كتابة آخر ما ورد في سورة البروج (بل هو قرآن مجيد * في لوح محفوظ) لأقول، بالإضافة إلى قول الرصافي، ليس من البلاغة بشيء تكرار الكلام؛ أفما كانت فكرة مؤلّف القرآن لتصِل سواء بقوله (إنـّه لقرآن كريم * في كتاب مكنون) أو بقوله (بل هو قرآن مجيد * في لوح محفوظ) وهذا من جهة- ومن جهة أخرى، ما ضرّ مؤلّف القرآن لو أبدل (إنّه لقرآن كريم) التي في الواقعة بـ (بل هو قرآن مجيد) التي في البروج أو العكس؟ والحال عينها مع الآية الأخيرة لو اكتفى المؤلف بإحداهما، مَنْ كان ليعترض عليه؟ وهل كان عدد آيات القرآن سيُنقـَص، مع الأخذ بنظر الإعتبار ما ضاع من القرآن وأ ُسقِط وأ ُنسي، ما تمّتْ مناقشته في بعض حلقات هذه السلسلة.

أمّا معنى الكتاب وتالياً تقاربه مع معنى القضاء (الأزلي) والقدر فقد وضّحهما الرصافي بما يلي:
الكتاب مصدر كتب كتباً وكتاباً وكتبة وكتابة، فهذه أربعة مصادر قد أطلقوا الثاني منها وهو الكتاب على المكتوب أيضاً تسمية بالمصدر، وهو كثير في كلامهم
أما المعنى المصدري لكتاب في أصل اللغة فنستطيع أن نفهمك إيّاه بثلاث كلمات متقاربة في معانيها: وهي الجمع والضبط والحفظ. قالوا: كتب الكتاب إذا صوّر فيه اللفظ بحروف الهجاء، ولا ريب أنّ تصوّرَ الألفاظ بالحروف يتضمن جمعها وضبطها وحفظها من الضياع أو النسيان. وقالوا أيضاً: كتب السقاء إذا خرزه أي خاطه بسيرين، وكتب القربة إذا شدّها بالوكاء وهو الرباط الذي يربط فيه فمها، وقالوا: كتب الناقة إذا ظأرها أي عطفها على ولد غيرها فخرم منخرَيها وشدّها بشيء لئلا تشمّ البو (أنظر “لسان العرب” و”القاموس المحيط” في معنى: كتب) إلى غير ذلك مما يطول إذا استوعبناه- وكل هذا نفهم منه ما هو معنى الكتابة في أصل اللغة.

أضاف الرصافي:
إذا علمنا هذا ونظرنا في المعنى المراد من قضاء الله في الأزل (سيأتي الكلام عن القضاء) رأينا بينه وبين الكتاب تقارباً في المعنى وتشابهاً في القصد، فالكتاب يُجمَع ويُضبَط ويُحفـَظ، وكذلك القضاء الأزلي، فإنّّ الحادثات الكونية بأسرها مجموعة فيه مضبوط أمرها محفوظ من التخلف حدوثها، فلذلك: نعم استـُعمِل الكتاب في القرآن بمعنى قضاء الله في الأزل.

وقد أشرنا [والكلام لا يزال للرصافي] فيما مرّ إلى أن القرآن له اصطلاح خاص في استعمال الكلمات فقد يخرج في استعمالها بعض الخروج عن معانيها اللغوية المعروفة؛ ومن ذلك إطلاقه الكتاب على قضاء الله في الأزل، على أن الكتاب قد أطلق في اللغة أيضاً على الفرض والحكم وعلى القدر، كما هو مسطور في كتب اللغة، فبهذا قد علمنا ما هو اللوح المحفوظ، وها نحن نذكر لك بعض ما جاء في القرآن من استعمال الكتاب بمعنى قضاء الله في الأزل:

قال في سورة الحجر: 4 (وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم) فكتابها هنا أجَلـُها الذي سبق قضاء الله به في الأزل. وقال في سورة الأنعام: 38 (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء) ما تركنا وما أغفلنا شيئاً من الكائنات في قضائنا الأزلي الذي مشينا فيه بكل كائن يكون. وفي الأنعام أيضاً: 59 (وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) أي في قضائه الأزلي فهو عالم بكل شيء، وكيف لا يعلمه وقد جرى به قضاؤه وقدره في الأزل. وفي سورة الإسراء: 58 ( وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذاباً شديداً كان ذلك في الكتاب مسطوراً) أي مقضياً به في الأزل لا يتبدل ولا يتغير كأنه مسطور في كتاب. وفي سورة هود: 6 ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين ) أي كل ذلك مضبوط في قضائنا الأزلي. وفي سورة فاطر: 11 (وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب) أي قضاء قضاه وقدر قدره. وفي سورة الحديد: 22 (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها) أي هي قضاء قضى به الله في الأزل من قبل حدوثها ووقوعها.
فالكتاب في هذه الآيات لا معنى له سوى قضاء الله في الأزل، وإنما سمّاه كتاباً لأن معنى الكتاب من أصل اللغة: الضبط والجمع، كما مر ّ آنفاً، والكائنات بأسرها مضبوطة في قضاء الله وإرادته، فهو أي قضاء الله بمنزلة الكتاب الذي كتبت فيه الألفاظ والحروف أي جُمِعت وضُبطت لكي لا تـُنسى ولا تضيع. أما وصفه هذا الكتاب بأنه محفوظ أو مكنون أي مصون فلأنه لا يقبل التبديل و التغيير، فهو منزّه من أن تناله يد بشيء من ذلك، لا كما يقولون من أنه محفوظ من وصول أيدي الشياطين إليه! فمن هذا تعلم أنه ليس عند الله لوح أو كتاب بالمعنى الذي تفهمه عامة الناس، وأنه ليس لهذا الكتاب كتبة يكتبونه ويستنسخونه، وهم السفرة البررة أي الملائكة- كما تقول الحشوية.

– تعليقي: يعرف الرصافي سلفاً بأنّ القرآن قد طرأ عليه التبديل والتغيير- والأدلّة كثيرة ومنها ما أ ُسقِط من القرآن عند جمعه واختلاف القراءات، كما علم الرصافي أيضاً أنّ القرآن لم يكن منزّهاً من أن تناله يد بشيء بقناعته بأنّ القرآن من تأليف محمّد بحسب ما أوحيَ إليه معنىً، بالإضافة إلى أقوال الصحابة والكفـّار ممّا جعل منها قرآناً يُقرَأ وغيرها ممّا ذكرت في حلقات سابقة. قلتُ: لا يقولنّ أحد أنّ القرآن كتاب في لوح محفوظ. المكتوب منه والملفوظ. قلْ وأيْمِ الله إنْ هذا إلّا ادّعاءٌ غليظ. إنّ الله منْ ضياع كلامه لحفيظ. وإنّ قول الحقّ لا يَغيظ.

وهنا حديث الرصافي عن القضاء والقدر:
فإنْ قلتَ: قد فهمْـنا هذا ولكنْ ماذا يراد بالقضاء الذي جعله محمد كتاباً مكتوباً فيه كل كائن يكون، وماذا يراد بالقدر؟ قلتُ: إنني كتبت رسالة في آراء أبي العلاء المعري في لزومياته، فتكلمت فيها عن الجبر وعن القضاء والقدر، وها أنا أنقل لك ههنا ما قلته لأنه كافٍ لأنْ يكون جواباً لسؤالك هذا:
إنّ كلّ حادث في الكون لا يكون إلا مسبّباً عن حادث آخر قبله، إذ لا يأتي شيء من العدم إلى الوجود، كما لا يذهب شيء من الوجود إلى العدم، فكلّ حادث لا يحدث إلا مسبّباً عن حادث آخر قبله يكون سبباً لحدوثه، وعندئذٍ يكون السبب هو الحادث الأول والمسبَّب هو الثاني. ويجوز أن يكون السبب خفياً غير ظاهر لنا فلا نراه ولا نعلم به، ولكن لا يجوز ولن يجوز أن يكون معدوماً لا موجوداً، بل هو ضروري الوجود لا بدّ منه، لأن بداهة العقل تحكم حكماً جازماً بأنه لا يكون مسبّب بلا سبب. ثم إن ذلك الحادث الأول الذي كان سبباً للثاني لا يكون أيضاً إلا مسبّباً عن حادث آخر قبله يكون سبباً له، وهكذا تمتد الأحداث في جهة الماضي متسلسلة إلى الأزل فيكون كل واحد منها حلقة من حلقات تلك السلسلة وتكون كل حلقة منها مسبّبة عمّا قبلها وسبباً لما بعدها، وهكذا حتى تصل السلسلة في الأزل إلى السبب القديم الأول الذي هو سبب الأسباب كلـّها وهو الله.
فبهذا قد حصلتْ لنا سلسلة من الحادثات ذات طرفين؛ أحدهما: هو الطرف الأخير عندنا، والآخر: وهو الطرف الأول في الأزل. أما الأزل (بفتحتين) فهو القِدَم، ويطلق في الماضي على ما يقابل الأبد في المستقبل، وهو مأخوذ من الأزل (بفتح فسكون) بمعنى الضيق، فجُعِل اسماً لما يضيق القلب عن تقرير بدايته، كما أن الأبد اسم لما ينفر القلب من تقدير نهايته مأخوذ من الأبود وهو النفور.

أتدري أيها القارئ الكريم ما هو القضاء والقدر؟ هما طرفا هذه السلسلة التي صوّرناها لك؛ فالطرف الذي في الأزل هو القضاء الصادر عن مسبب الأسباب وعلى العلل كلها، والطرف الذي عندنا هو القدر. قال علماء الكلام: إن تعلق الله بأمر من الأمور في الأزل هو القضاء، وإن إيجاد ذلك وإظهاره في الوجود على الوجه الذي أراده الله في الأزل هو القدر، فالسبب القديم الأول الذي ليس له ابتداء كما أنه ليس له انتهاء هو الله، وتعلق إرادته في الأزل هو القضاء الذي هو مسبّب الأسباب، والأقدار كلها مسبَّبَة (بفتح الباء) عنه بالتسلسل على الوجه الذي ذكرناه.

هذا ما نقوله في اللوح المحفوظ وفي الكتاب المكنون الوارد ذكرهما في القرآن؛ أما ما يقوله علماء التفسير ورواة الأحاديث فلا نطيل عليك فيه، وإنما نلخـّصه لك في أنه لوح، وأنه محفوظ من أن تصل إليه الشياطين، وأنه فوق السماء السابعة تحت العرش، وأن القرآن مكتوب فيه، وأنّ أحرف القرآن مكتوبة فيه كل حرف منها بقدر جبل قاف، وأن تحت كل منها معانيَ لا يحيط بها إلا الله، إلى غير ذلك من الأقوال التي ذكرها صاحب الإتقان (43:1) ولنذكر لك بعد هذا بعض ما قالوه في كيفية إنزال القرآن من اللوح المحفوظ تكملة لما ذكرناه: لقد تعددت أقوالهم في كيفية إنزال القرآن من اللوح المحفوظ، فقال الطيبي- كما في الإتقان- لعل نزول القرآن على النبي أن يتلقفه الملك من الله تلقـّفاً روحانياً، أو يحفظه من اللوح المحفوظ فينزل به إلى الرسول فيلقيه عليه.

وكانت للرصافي الملاحظة التالية:
نرى الطيبي متردداً في أن يأخذه الملك من اللوح المحفوظ , وما أدري إلى أي دليل يستند في الوجهين اللذين تردّد فيهما، فإن كان الذي حمله على القول بأخذه من اللوح المحفوظ هو امتناع أخذه من الله ولو بطريق التلقف الروحاني كما قال، فلا بد أنّ أخذه من اللوح لا يكون إلّا بأمر من الله، فكيف تلقـّى الأمر من الله وبأيّ طريق أخذه؟ ويظهر من قول الطيبي هذا أنـّهُ ليس من القائلين بإنزال القرآن في أوّل الأمر جملة واحدة إلى السماء الدنيا، لأنه يقول: إن الملك يتلقفه من الله أو يحفظه من اللوح فينزل به إلى الرسول لا إلى السماء الدنيا!

وفي الإتقان قال القطب الرازي في حواشي الكشاف: الإنزال لغة بمعنى الإيواء، وبمعنى تحريك الشيء من علو إلى أسفل، وكلاهما لا يتحققان في الكلام، فهو مستعمل فيه بمعنى مجازيّ، فمن قال القرآن معنى قائم بذات الله فإنزاله أن يُوجـِد الكلمات والحروف الدالة على ذلك المعنى ويثبتها في اللوح المحفوظ، ومن قال القرآن هو الألفاظ فإنزاله مجرد إثباته في اللوح المحفوظ. وهذا المعنى مناسب لكونه منقولاً على المعنيين اللغويين. ويمكن أن يكون المراد بإنزاله إثباته في السماء الدنيا بعد الإثبات في اللوح المحفوظ، وهذا مناسب للمعنى الثاني- الإتقان 43:1

إنّ كلام القطب الرازي هذا لم يتجه بمعناه إلى قطب ثابت، بل هو يجري جريان الريح المتناوحة لا يعلم من أية جهة تهب وإلى أيّة جهة تتجه، فإنه على كلا القولين (قول إنّ القرآن هو المعنى، وقول إنه الألفاظ) قد جعل الإنزال بمعنى الإثبات في اللوح المحفوظ، إلّا أنـّه زاد في المعنى الأوّل إيجاد الكلمات والحروف وإثباتها في اللوح المحفوظ، وهذا لا يلائم كون القرآن معنى قائماً بذات الله، لأنّ الله إذا أوجد الكلمات والحروف وأثبتها في اللوح المحفوظ كان القرآن ألفاظاً لا معنى قائماً بذات الله. والصواب أن يكون الإنزال (على المعنى الأوّل) بمعنى الإلهام لا بمعنى الإثبات في اللوح المحفوظ، لأنّ مجرّد الإثبات في اللوح لا يتمّ به المراد، إذ لا شكّ أنّ المُراد من إنزال القرآن إيصاله إلى النبي ليبشـّر به ويُنذِر. وحينئذ تكون ألفاظ القرآن لمحمد ولا داعيَ إلى القول بأنّ الله أوجدها وأثبتها في اللوح المحفوظ كما يقول الرازي.
وأمّا قوله: ويمكن أن يكون المراد بإنزاله إثباته في السماء الدنيا… إلخ فلا يتمّ به المراد أيضاً، لأنّ القائلين بأنّ القرآن هو الألفاظ لا بدّ من وقوعهم في مشكلة الإنتقال من علوّ إلى أسفل، لأنّ الألفاظ أصوات تنتقل بواسطة الهواء من مكان إلى آخر، فكيف يكون على رأيهم الإنزال بمعنى مجرّد الإثبات سواء في اللوح المحفوظ أو في السماء الدنيا؟ نعم، إنّ إثبات الألفاظ في السماء الدنيا يتحقق به الإنتقال من علوّ إلى أسفل بحسب الظاهر، بأن تكون الألفاظ نـُسِختْ من اللوح المحفوظ وأ ُثبـِتتْ في السماء الدنيا، ولا معنى لإثباتها سوى كتابتها فيها، فيكون الإنزال بمعنى الكتابة، وإذا كان كذلك فماذا يقولون في إنزالها من السماء الدنيا إلى النبي محمد، أيكون إنزالها حينئذ بالإثبات أم بالتلفظ أم بماذا؟ فالصحيح أنّه لا محيد من جعل القرآن هو المعنى القائم بذات الله ووجه الإنزال بمعنى الإلهام.

ومنهم من قال إنّ القرآن هو اللفظ والمعنى وأنّ جبريل حفظه من اللوح المحفوظ ونزل به. فمن قولهم هذا يلزم أنّ جبريل لم يتلقّ القرآن من الله، إنما أخذه من اللوح المحفوظ فحفظه ونزل به، ويلزم أيضاً أنّ جبريل ألقاه على النبي بالتلاوة فسمِعه النبي وحفظه. وقد علمتَ ممّا ذكـَرْنا في صُوَر الوحي أنها ليست فيها صورة من هذا النوع.

ومنهم من قال إنّ جبريل ألقى إليه وأنه (أي جبريل) عبّر بهذه الألفاظ بلغة العرب، وأنّ أهل السّماء يقرأونه باللغة العربية، ثمّ إنّه (أي جبريل) نزل به كذلك بعد ذلك، فهو الذي صاغ ألفاظه وسَبَك جُمَله وتراكيبه باللغة العربية، ولم يبق لمحمد فيه شيء. وإنّ جبريل على قولهم هذا لم يأخذ القرآن من اللوح المحفوظ كما قال غيرهم، بل تلقـّى معناه من الله رأساً، ثمّ نزل به إلى النبي، وعبّر له عن ذلك المعنى بألفاظ عربيّة من عنده.

ومنهم من قال، وعزا صاحب الإتقان هذا القول إلى البيهقي، إنّ معنى قوله (إنـّا أنزلناه) أي إنّا سمِعنا الملَك وأفهمناه إيّاه، وأنزلنا الملك بما سمع، فيكون الملك منتقلاً من علوّ إلى أسفل. فجبريل على هذا القول لم يتلقّ المعنى وحده عن الله، بل تلقـّى الألفاظ أيضاً فسمعها وأ ُفهـِم معناها، ثم نزل بما سمع وما فهم إلى النبي. فالقرآن معناه وألفاظه من الله، إلى غير ذلك من الأقوال التي هي أقلّ من أنْ نطيل عليك الكلام في إيرادها.

وهنا يستطرد الرصافي متسائلاً:
إنّ هؤلاء يتكلمون بما عنّ لهم وخطر على قلوبهم من دون أن يستندوا في ما قالوه إلى عقل أو نقل، وإلّا فإنْ كان المقصود من هذه الأقاويل كلّها هو توجيه إنزال القرآن على وجه يقبله العقل الصحيح ويستسيغه الذوق السليم، فلماذا لا يقولون بأنّ الإنزال استـُعمِل مجازاً بمعنى الإلهام، وأنّ القرآن هو المعنى القائم بذات الله، خصوصاً بعدما صرّح القرآن بما يتضمّن كون الإنزال بمعنى الإلهام من قوله في سورة الشعراء: 193-194 (نزل به الروح الأمين * على قلبك) ولمْ يقلْ: على سَمْعِك.

ومن الغريب أنـّهم قالوا بأنّ اللوح المحفوظ قد كـُتِب فيه كلّ كائن يكون، ولكنهم مع قولهم هذا جعلوا من فضل القرآن ومن شرفه أنه مكتوب في اللوح المحفوظ. وما أدري أيّ فضل للقرآن في كونه مكتوباً في اللوح المحفوظ، وقد كـُتِب فيه كلّ كائن يكون حتـّى الحمير ونهيقها. فسُبحان واهب العقول ومُعميها.
* تنويه من الرصافي: إعتمد المؤلّف في هذا الفصل على كتاب “الإتقان في علوم القرآن” ج 1 ص 39-44

– تعليقي أخيراً: إنّ تخبّط الفقهاء في معاني الإنزال يصطدم بقوة مع مفهوم البلاغة في القرآن.

———————

في الحلقة 14: هل القرآن مُعْجـِز؟
_____________________

من ويكيبيديا: لَبيد بن ربيعة العامِري (ت 41 هـ/ 661 م) أحد الشعراء في الجاهلية، من أهل عالية نجد، مدح بعض ملوك الغساسنة ومنهم عمرو بن جبلة وجبلة بن الحارث. أدرك الإسلام ووفد على محمد مسلماً، لذا عُدّ من الصحابة ولكنْ من المؤلـّفة قلوبهم! ترك الشعر، لم يقل في الإسلام إلّا بيتاً واحداً. سكن الكوفة وعاش عمراً طويلاً ما زاد على مِائة سنة.

Posted in الأدب والفن, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

تأليف القرآن- الكشف الوافي بقلم معروف الرصافي- الحلقة 12

 رياض الحبيّب

تناولت في الحلقة الحادية عشرة من هذا البحث تساؤل الرصافي المشروع: هل القرآن مُنزل من السماء؟
وتوصلنا- الرصافي وأنا- إلى أنّ قصّة جبريل وهميّة إنها من خيال محمد الذي كانت له القدرة المميّزة على التصوّر وتجسيد الخيال لدرجة جعله حقيقة ناطقة ومسموعة! وقلت في نهاية الحلقة: فلا نزل جبريل ولا صعد وليس له اتجاه فلا أتى صوب الأرض من جهة الزّهَرَة ولا من جهة المرّيخ! ووعدت القرّاء الكرام بكتابة المزيد عن النزول والإنزال والتنزيل في حلقة قادمة وهي هذه الحلقة.
أمّا نهاية هذه السلسلة من البحث فتشتمل على دحض إعجاز البلاغة في القرآن وتفنيده بأدلّة من القرآن ذاته لا من سواه، بمساعدة كتاب الرصافي “الشخصية المحمّديّة” لكني آثرت تناول بعض تساؤلات الرصافي المشروعة حول مفاهيم الإنزال واللوح المحفوظ والقضاء والقدر وأخيراً ما يسمّى بالإعجاز في القرآن، ما قبل البدء بتناول موضوع البلاغة، بسبب تعلق التساؤلات المذكورة بالبلاغة ما يساعدني بالدخول إلى قضيّة البلاغة في القرآن من أوسع باب ممكن.

يستطرد الرصافي في ص 877 من كتابه أو ص 586-587 عبر صفحات pdf على الإنترنت حول موضوع الإنزال بالقول:
{فإن قلتَ: إن كان القرآن قد استعمل الإنزال في عباراته استعمالاً مجازيّاً فما تقول في قوله (وأنزلـْنا من السّماء ماءً طهورا- الفرقان: 48) فقد استعمل الإنزال هنا على وجه الحقيقة لا المجاز لأنّ إنزال الماء من السماء حقيقة؛ قلتُ أوّلاً: إنّ استعمال البليغ كلمة على وجه المجاز في موضع من كلامه لا يحظر عليه استعمالها على وجه الحقيقة في موضع آخر، وقد قيل: لكل مقام مقال، ثانياً: قالوا أنّ السماء في اللغة هو كلّ ما علاك فأظلّك، فسقف البيت سماء والسحاب سماء، لكننا في بحثنا هذا لا نريد بالسماء هذا المعنى العام، إنما نريد بها ما سوى الأرض من الأفلاك العلوية. والسحاب وإنْ سُمّيَ سماءً ليس من هذه السماوات. فالماء ليس بنازل من السماء بل هو نازل من السحاب المتكوّن من بخار الهواء الصاعد من الأرض في الهواء، كما قال في سورة النبأ: 14 (وأنزَلْنا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثـَجَّاجًا) ولم يقل: من السماء! والْمُعْصِرَاتُ هي السحاب التي حان لها أن تعصرها الرياح وتدرّها بالمطر، فإنّ الريح هي التي تدرّ السحاب كما تقرر في علم الطبيعة… [إلى أن يقول الرصافي] فمياه الأمطار ليست بنازلة من السماء التي نزل منها القرآن، بل هي تنزل من السحاب الذي هو في الأرض لأن الكرة الهوائية جزء من الأرض. غاية ما هنالك انها تنزل من مكان إلى آخر في الأرض، بعبارة أخرى إنها تنتقل من مكان عال في الأرض إلى مكان سافل فيه.
ومن غرائب الأقوال الدالة على غفلة قائلها ما قاله بعض علماء الإسلام من أنّ مياه الأمطار تنزل أولاً من السماء إلى السحاب، ثم يُلقيها السحابُ مطراً على الأرض- كما ذكره الزمخشري في كتابه “الكشاف” عند الكلام على تفسير المُعصِرات- فسُبحان واهب العقول ومُعميها} انتهى

تعليقي:
لقد دافع الرصافي- رحمة الله عليه- فيما تقدم عن رأيه بأنّ «القرآن عبارة عن المعاني دون الألفاظ، وأنّ الإنزال معناه الإلهام، وإنما عبّر بالإنزال مجازاً لتعظيم المُنزل أي المُلهم» ثمّ دعم رأيه بما هو مذكور في كتاب “الإتقان في علوم القرآن” لمؤلّفه جلال الدين السيوطي حول كيفية الإنزال- وهو ما سأذكر بعد قليل. وانتهى الرصافي في نهاية كلامه إلى خلاصة أفادت بأنّ الصحيح الذي يوافق القرآن ويساير المعقول وينطبق على الواقع- بحسب رأيه في ص 592 من كتابه الموسوم- هو أنّ «القرآن كان ابتداء نزوله في ليلة القدر على الوجه الذي تقدم بيانه في بدء الوحي والخلوة في حِراء ثم استمرّ ينزل متفرّقاً في عشرين سنة أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين على حسب الخلاف في مدة إقامة النبي بمكة بعد البعثة» علماً أنّي في الحلقة السابقة (أي الحادية عشرة) قد كتبت قصة بدء الوحي والخلوة في حراء باختصار.

لكنّ رأي الرصافي يُفنـّد قيام جبريل بأيّ دَور في الرسالة المحمّدية إذ يصطدم بقوّة مع قول القرآن في سورة الشعراء: 193 بما في تفسير الجلالين {“نَزَلَ بهِ الرُّوح الْأَمِين” أي جبْريل} وفي تفسير الطبري {إن الروح الأمين هو الذي نزل بالقرآن على محمد، وهو جبريل} وتفسير القرطبي {إن القرآن لتنزيل ربّ العالمين نزل به جبريلُ إليك؛ كما قال تعالى “قل من كان عدوّاً لجبريل فإنه نزّله على قلبك”- البقرة: 97 أي يتلوه عليك فيَعـِيْهِ قلبُك. وقيل: ليثبت قلبك} لأنّ الرصافي لا يؤمن أساساً بخرافة نزول جبريل وطلوعه، لأنّ الأرض جزء من السماء عينها وأنّ الله مالئ الكون وغير محدّد بمكان ما.
في وقت استغرب الرصافي من علماء الإسلام الذين زعموا أنّ “جبريل علّم محمداً قراءة القرآن” وأنّ “القرآن هو المعاني والألفاظ معاً” وهنا كلام الرصافي في ص 587-588:

{يؤيد قولنا هذا ما ذكره صاحب الإتقان في كيفية الإنزال. قال: قال الأصفهاني في أوائل تفسيره: اتفق أهل السّـنـّة والجماعة على أن كلام الله مُنزل واختلفوا في معنى الإنزال؛ فمنهم من قال: إنه إظهار القراءة، ومنهم من قال: إنّ الله ألهم كلامَه جبريلَ وهو (أي جبريل) في السماء في عالٍ من المكان، وعلّمه قراءته ثمّ أنّ جبريل أدّاه في الأرض وهو يهبط في المكان- الإتقان ج1 ص 43- ولنقف عند هذا الكلام قليلاً لننظر فيه فنقول: لا ريب أنّ الفريق الأول القائلين بأنّ معنى الإنزال إظهار القراءة هم من القائلين بأنّ القرآن هو المعاني والألفاظ معاً، ولذا أرادوا أن يجعلوا الإنزال بمعنى يشمل الألفاظ أيضاً فقالوا هو إظهار القراءة، فيكون معنى قولنا إنّ الله أنزل القرآن أنه أظهر للناس قراءته. وعلى قولهم هذا قد انتفى من الإنزال معنى الهبوط من علو إلى أسفل. وهذا هو الذي أرادوا أن يتخلّصوا منه بجعلهم الإنزال بمعنى إظهار القراءة. ولكنّ الأرجح الذي تطمئنّ إليه النفس ويقبله العقل الرجيح ويستسيغه العقل السليم هو ما ذهب إليه غيرهم من أنّ القرآن هو المعاني دون الألفاظ، وعندئذ يكون الإنزال بمعنى الإلهام [أي رأي الرصافي الذي ذكرت في تعليقي] وأمّا أهل القول الثاني فهؤلاء أيضاً من القائلين بأنّ القرآن هو المعاني والألفاظ معاً، وقد أرادوا أن يحققوا في الإنزال معنى الهبوط من علو إلى سفل. فماذا يصنعون والله تعالى مُنزّه عن المكان، وكيف يهبط كلامه من علو إلى سفل وهو منزه عن الجهات. فتخلّصاً من هذا جاءوا بجبريل ليجعلوه واسطة لانتقال كلام الله من علو إلى سفل، لأنّ جبريل كسائر خلق الله ينتقل من مكان إلى مكان، فقالوا «إنّ الله ألهم كلامه جبريل وهو (أي جبريل) في السماء من عالٍ من المكان» ولم يكتفوا بالإلهام لأنه لا يشمل الألفاظ فقالوا «ثمّ جبريل أدّاه في الأرض وهو يهبط في المكان» فلله درّهم ما أذكاهم وما أقدرهم على تصوير المحال!

وتعليقي مرّة أخرى:
إنّ من معاني البلاغة هو وضوح المعنى بأبسط ما يكون من كلمات ملفوظة أو منطوقة أو مكتوبة ولا سيّما في كتاب يوصف كلامه بأنه كلام الله؛ من هذا المُنطلق لو كان في القرآن بلاغة حقيقية لما اختلف فقهاءُ المسلمين وعلماؤهم على معاني القرآن. فمثالاً لا حصراً يستطيع ربّ الأرزاق {الذي دينيّاً لا رازق سواه} أن يقول: ورزقـْناهُمُ المَنّ والسّلوى كُلُوا مِنْ طيّبَاتِ ما رزَقناكُم- وهذا ما اقترح الرصافي على مؤلّف القرآن- بدلاً من قوله في الأعراف: 160 (وَأَنزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقنَاكُمْ) بدون أن يُنتـَقـَصَ من تعظيم الخالق شيء، هذا لكي يميّز بين معاني الإنزال الذي ورد في آيات قرآنيّة عدّة. ومن جهة أخرى، لو كان القرآن كلام الله- كما يزعمون- فهل تستعصي على الإله الحقيقي كلمات يفرّق بها القارئ ما بين المعنى الحرفي والمعنى المجازي؟
لكنّ في القرآن اعترافاً خطيرا- هو ما ورد في سورة النساء: 82
(أفلا يتدبّرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا)
أفلا يدلّ الإختلاف الكثير الموجود في القرآن، حرفيّاً ومجازيّاً، ناسخاً ومنسوخاً، على أنّ القرآن من عند غير الله؟
– أمّا الجواب فمتروك للقرّاء الكرام.

———————

قريباً جدّاً: رأي الرصافي باللوح المحفوظ – مع تعليقي

Posted in الأدب والفن, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

الإسلام هو الحل يحلل الإزدواجية

الإسلام هو الحل يحلل الإزدواجية

طلال عبدالله الخوري 9\9\2012

Posted in ربيع سوريا, كاريكاتور | Leave a comment

ثوب العرس

هناء شني

لقد طرزت ثوب زفافها من ريش بجعة عاشقة ..وهبت لحمها العاري لبحيرة ملتهبة بالنجوم وسكون الليل..
تلاش الف عام ..الثوب مصلوب في هوّة الانتظار.. والعرس مصاب بالشلل
تأوهات زمن بائس ..
النهارات,,الليالي تبرد ،،والثوب أصبح في خبر كان
أنوثة تنزف ريعان صباها ..رويدا رويدا
رجعت الى البحيرة رأتها غارقة في صمت قدسّي ..أستلقت قربها ونامت..

Posted in الأدب والفن | Leave a comment

الكاذبون يقسمون

طلال عبدالله الخوري        تم نشرها ب 16\9\2011

هناك مثل شعبي سوري يقول:” قالوا للص احلف! فابتهج اللص قائلا: جائني الفرج.” , ومعنى هذا المثل بأن اللص مستعد دوما للحلفان لكي ينكر جريمته وينجو من العقاب, وانه يجب ان لا نصدق اللص عندما يلجأ للحلفان, لانه انسان نذل والحلفان بالنسبة له ليس له اي قيمة. ومن القواعد الاساسية بالتعامل بين الناس بانه عندما يلجأ اي انسان الى وسيلة الحلفان لتبرير موقفه, فتلقائيا يتغامز الناس عليه بانه الاحتمال الاكبر بانه يكذب وخاصة اذا كان هناك طرق عملية وواضحة للتبيان من الامور ووضع النقاط على الحروف.

اذا كان هذا هو الحال بالامور الحياتية اليومية بين الناس؟ فما هو اذا الحال بالعلاقات بين الاحزاب السياسية وصراعها على السلطة؟ وهل يمكن نقبل بالقسم والحلفان لتقرير مصير الشعوب, وخاصة بان هناك طرق عملية معروفة وواضحة لوضع النقاط على الحروف بمثل هذه القضايا والمسائل المصيرية والتي على اساسها يتعلق مستقبل الشعوب؟؟

سبب تطرقنا لهذه المقدمة هو ورشة العمل التي قام بها الاخوان المسلمون السوريين في القاهرة حول “تجريم الطائفية” ! فلقد صدر عن هذه الورشة بيان ختامي, وفي هذا البيان الختامي توجه الاخوان المسلون إلى الطائفة العلوية بسوريا, بوعد اقسم عليه و وقّع عليه كل من جماعة الاخوان المسلمين وعلماء المسلمين ومؤسسة الدكتور معشوق الخزنوي والشيخ عدنان العرعور, يقولون فيه “إننا من منطلق الشعور بالمسؤولية الوطنية وانطلاقا من مبادئنا الإسلامية السمحة نرى لزاما علينا أن نتوجه إليكم باسم أهل السنة والجماعة في سورية وعلى مرأى و مسمع من العالم اجمع نعلن إن النظام في سورية ليس نظام طائفة معينة، إنما هو نظام الذين ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا خدما عند العائلة المتسلطة في الحكم”. ومما ذكّره هذا البيان بأنهم يذكرون:” بكثير من الأسى والألم أحداث الثمانينيات من القرن المنصرم، مؤكدين ” على إدانة الموقعين لجميع الممارسات الطائفية التي حصلت آنذاك من أي جهة كانت”، معلنين من جديد” براءتنا ورفضنا لأي ممارسات طائفية قد يتسبب بها بعض المغرضين في ثورة شعبنا الحالية السلمية”.

نحن نسجل استغرابنا من هذا القسم الموجه للطائفة العلوية؟؟ لماذا الطائفة العلوية بالذات؟؟ وماذا عن بقية الطوائف والاقليات واللبراليين من جميع ابناء شعبنا بما فيهم المسلمين؟؟ هل امورهم هي على ما يرام مع الاخوان المسلمين ؟؟ وما هذه الرائحة الطائفية التي تزكم الانوف والتي تفوح من هذا البيان؟؟ هل مثل هؤلاء الشخصيات التي وقعت هذا البيان الهزيل, والذي يعكس ضحالة افاقها ومستواها, يمكن ان نثق بها لتحكم سوريا وتقودها بالقرن الواحد والعشرين عصر العولمة والاقتصاد التنافسي وحقوق الانسان؟؟

هذا كان اولا, وثانيا: لاحظوا التقية والباطنية الموجودة بصياغة هذا البيان عندما قالوا: بان الموقعين يدينون جميع الممارسات الطائفية التي حصلت بالثمانينات من أي جهة كانت؟؟ لماذا لم يذكروا صراحة من هي هذه الجهات من الاخوان المسلمين والسلطة؟؟ ربما بعد ان يصلوا للسطة يقولون لنا بان الجهات المقصودة ببيان القسم هذا هي اسرائيل والامبريالية والصهيونية والاستعمار وكل هذه الكليشة المعروفة؟؟ ارحموا عقولنا واحترموا ذكائنا ايها الاسلاميين المتشددين؟؟ واخيرا, هل من العدل المساواة بين ما قام به الاخوان من جرائم مع ما كانت تقوم به السلطة آنذاك؟؟

بالواقع مكان مثل هذه الشخصيات هو الحجر عليهم بمعابدهم مع مريديهم وليتعبدوا كما يشاؤون , على ان تكون عبادتهم شأنهم الشخصي , كما حصل بنظرائهم من رجال الدين بالدول المتحضرة, بعد ان تم فصل الدين عن الدولة, لانه في هذا الزمن لا تصلح الا الدولة العلمانية وحقوق الانسان.

وكما قلنا بمقالتنا السابقة”مخاوف الاقليات ومعلجتها” بأننا لا نريد اي قسم من قادة الجماعة أوغيرهم, ولكن نريد ان يكون لدينا دستور علماني عادل ويساوي بين الجميع دون تفريق او تمييز لاي دين. اي اننا نريد دستورا فيه فصلا بين الدين والدولة كما فعلت الدول المتحضرة؟؟ فالشعب الاميركي عندما حرر السود لم يقسموا لهم بانهم سيجعلوهم مساوين بالحقوق مع الاكثرية البيضاء, ولكن وضعوا دستورا يساوي بين الجميع, وجعلوا القضاء مستقلا وعادلا, وهذه هي الطريقة الوحيدة لاقناع الاقليات بان مخاوفهم ستزول؟
اما القسم والحلفان, فيذكرنا تاريخيا بمعاوية بن ابي سفيان عندما رفع المصاحف على رؤوس الرماح واخترع سياسة ان اخلع صاحبي كما اخلع خاتمي و انا اضع صاحبي كما اضع هذا الخاتم بأصبعي!!
ونحن نقول للمعارضة الاسلامية, ان عصر معاوية ابن ابي سفيان وعلى ابن ابي طالب قد ولى , وأن رفع المصاحف على رؤوس الرماح لتكون المرجعية في التحكيم , حيث يخلع الحكم الفهلوي صاحبه كما يخلع الخاتم من اصبعه او يضعه كما يضع الخاتم باصبعه , هذه الخزعبلات ليس لها سوق في عصر الانترنت والاجواء المفتوحة. فنحن ننصحكم بان تجدوا شيئا افهم وافلح من ذلك فليس لبضاعتكم من يشتريها في هذا الوقت.

ونجد انفسنا بعد قرأتنا لبيان الاخوان المسلمين لتكرار ما قلناه بمقالتنا السابقة الآنفة الذكر ونلخص لهم الخطوات العملية المطلوبة لازاحة مخاوف الاقليات وهي:

اولا :ان تعد المعارضة السورية ببيان صريح, بانها بعد نجاح الثورة ستقوم بتجريم ومحاكمة النظام ورموزه و معهم الاعضاء من حزب الاخوان المسلمين الذين اقترفوا جرائم ضد الابرياء من المواطنين السوريين, بمحاكمة عادلة ترقى لمستوى القضاء الموجود بالدول المتحضرة.

ثانيا: الوعد بتجريم الشيخ عدنان العرعور لما صدر عنه من تصريحات عنصرية وفاشية بحق المواطنين السوريين الوطنيين, لان كل مواطن سوري هو وطني بالفطرة, وتجريم المتظاهرين الذين ايدوا العرعور, حتى من استشهد منهم بالثورة؟ فنحن ننحني اجلالا لنضالهم وتضحياتهم ونقبل جبينهم, ثم بعد ذلك نقوم بمحاكمتهم بالعدل, لان سوريا بعد الثورة هي دولة القانون والعدل.

ثالثا: حل حزب الاخوان المسلمين, وانشاء حزب وطني له اهداف سياسية واضحة وله برنامج اقتصادي وطني واضح مشابه لحزب العدالة والتنمية التركي على سبيل المثال لا الحصر.

رابعا: منع مشاركة الاحزاب الدينية بالانتخابات بعد الثورة.

خامسا: تبني دستور جديد مواز للدساتير الحضارية الموجودة بالبلدان المتحضرة وتحديد السياسة الاقتصادية وتبني اقتصاد السوق الحر التنافسي.

وبما انكم ايها الاخوان المسلمين تؤمنون بالحلفان والقسم, فاسمحوا لنا ان نستعير هذه التقنية لوهلة منكم ودعونا نقسم لكم:

باجتماع السقيفة

ومعركة الجمل

وحادثة الافك

وغزوة بني قريظة

ويزيد بن معاوية

….

……

وطالبان والقاعدة

والشباب الصومالي.

….الخ …

نقسم لكم اذا لم تقوموا بواجبكم الوطني تجاه شعبكم, فانتم شركاء بجرائم النظام ضد شبابنا الثائر, ولقد كنتم السبب الرئيسي بتأخير تحرر سورية من الاستبداد لحد الان وذلك لانه هناك الكثير من شرائح شعبنا التي تخاف منكم, بما فيهم المتنورين والعلمانيين الوطنيين المسلمين! والمطلوب منكم ان تحددوا اولوياتكم ما هي؟؟ هل اولوياتكم هو الاسلام ومبادئ وشريعة الاسلام, والتي تولي الاولوية للاسلام ولو على حساب ارواح ودماء شبابنا الزكية التي تزهق بالآلة العسكرية للطاغية بشار الاسد؟؟ او ان تغييروا اولوياتكم وتجعلوها للوطن والشعب ومصالحه, هي التي لها الولوية القصوى لديكم, ويجب ان تتوقفوا عن تكفير الوطنية والتي هي كفر بمبادئكم؟؟ راجعوا مقالنا: الوطنية كفر بالنسبة للمسلم.

http://www.facebook.com/pages/طلال-عبدالله-الخوري/145519358858664?sk=wall

Posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا | Leave a comment

العبودية في الإسلام 7

سردار أحمد

الحلقة السابعة:
مهزلة اختلاف عورات النساء- الجزء الثاني
مما ذكر عن العورة والعري في الفقه الإسلامي:
العورة التي يجب حجبها ليست في السياق نفسه، هناك اختلاف في الأحكام فيما إذا كان المقصود ذكراً أم أنثى حرة أم جارية، وبالرغم من اختلاف الحجاب من ناحية الجنس والطبقة، فهناك اختلاف حسب الموضع: ” ثلاث عورات عورة في الصلاة… وعورة بالنسبة لنظر الأجانب إليها… وعورة في الخلوة وعند المحارم” (حواشي الشرواني- ج2 ص112)
اختلف علماء المسلمين على تحديد العورة وما هي! قالوا عورة الجارية من السرة إلى الركبة ثم قالوا السرة والركبة ليستا من العورة، واختلفوا هل الفخذ من العورة أو لا، وقالوا القبل والدبر فقط وقالوا القبل فقط، لكن المؤكد أن عورة الجارية كعورة الرجل ومتى قرأت أي رأي عن عورة الرجل فهو ينطبق حُكماً على عورة الجارية، وإذا كانت عورة الجارية كعورة الرجل فهي كذلك حتى في الصلاة.

عورة الأمة (الجارية) كالرجل:
اتفق الأئمة الأربعة على أن عورة الأمة (الجارية) هي نفسها عورة الرجل وهي كذلك عند الشيعة.
” أن عورة الأمة كالرجل” (عون المعبود- المرأة تصلي بغير خمار- ج2 ص161) (تحفة الأحوذي- ج1 ص406) (المجموع- ج3 ص169) (نيل الأوطار- باب أن المرأة الحرة كلها عورة- ج2 ص482).
فالإسلام دين يسر!! لذا فقد يسر الأمور وجعل عورة الجارية كعورة الرجل، من السرة إلى الركبة أو ما يزيد- من العري- وكل ما يباح النظر إليه منها يباح مسه منها، لتمكين عرض صدور وأثداء وأفخاذ الجواري أمام الناس وذلك لتسهيل عملية الفحص واللمس والتقليب والتدوير عند البيع والشراء في الطرقات وساحات أسواق النخاسة وحتى بالقرب من الجوامع في مكة ودمشق وبغداد والقاهرة، قيل في تاريخ الرسل والملوك- ج2 ص77: “..فجعلت ابنة حاتم في حظيرة بباب المسجد كانت السبايا يحبسن بها…” فالنبي محمد حبس السبايا في المساجد.

وقيل إن الإمام مالك ذهب إلى الاعتراض على عرضهن بالقرب من المسجد الحرام في مكة أو المسجد النبوي في المدينة المنورة” وهو تصرف شخصي من الإمام مالك وليس من الدين بشيء (لأن النبي حبسهن في المساجد) والمثال التالي يوضح لنا موقفاً مشابهاً لما ذُكر حيث تغلب فيه القناعة على بعض السلوكيات السلبية التي يتحرج منها البعض لبشاعتها, ولو كانت من الدين، ” قال ابن شوذب: عرض على عمر بن عبد العزيز جوار وعنده العباس بن الوليد. فجعل كلما مرت به جارية تعجبه قال: يا أمير المؤمنين اتخذ هذه. قال: فلما أكثر قال له عمر بن عبد العزيز: أتأمرني بالزنا؟ قال: فخرج العباس فمر بأناس من أهل بيته فقال: ما يجلسكم بباب رجل يزعم أن آباءكم كانوا زناة؟!” (مختصر تاريخ دمشق- عبد الله بن احمد بن اسحق- ج4 ص119). وذكر في لسان العرب ج15 ص44: “جارية حسنة العرية والمعرى والمعراة أي المجرد أي حسنة عند تجريدها من ثيابها.”
قال الشاعر سليمان الصولة:

لولا تكعب نهدها وجمالها…….. لتوهموها من شيوخ الجامع
أي الجوامع تبتغي قلت الذي…….. جمع النهود لساجدٍ ولراكع

• العورة من السرة إلى الركبتين:
” فرقت العترة والشافعي وأبو حنيفة والجمهور بين عورة الحرة والأمة فجعلوا عورة الأمة ما بين السرة والركبة كالرجل” (نيل الاوطار- باب أن المرأة الحرة كلها عورة- ج2 ص481)
” وفرق الشافعي وأبو حنيفة والجمهور بين عورة الحرة والأمة فجعلوا عورة الأمة ما بين السرة والركبة كالرجل…” (تحفة الأحوذي- ما جاء لا تقبل صلاة المرأة- ج1 ص406)
” وعورة رجل وأمة وأم ولد ومعتق بعضها من السرة إلى الركبة وكل الحرة عورة إلا وجهها…” (زاد المستنقع لموسى بن أحمد بن سالم المقدسي الحنبلي-1/37).
” عن النبي (ص) قال إذا زوج أحدكم خادمه عبده أو أجيره فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة” (عون المعبود- في قوله عز وجل وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن- ج9 ص148) وما رواه أبو داود أيضا بلفظ: “إذا زوج أحدكم عبده أمته فلا ينظر إلى عورتها” (تحفة الأحوذي- ما جاء لا تقبل صلاة المرأة- ج1 ص406) ” إذا زوج السيد أمته جاز له أن ينظر إلا ما بين السرة والركبة ” (الدرر السنية) “…إن زوج السيد أمته حرم عليه النظر إلى ما بين السرة والركبة…” (المهذب ج2 ص35).
“…عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يزوج مملوكته عبده؟ أتقوم عليه كما كانت تقوم فتراه منكشفا أم يراها على تلك الحال؟ فكره ذلك وقال: قد منعني أن أزوج بعض خدمي غلامي لذلك… عن جعفر عن أبيه (عليه السلام) أنه قال: إذا زوج الرجل أمته فلا ينظرن إلى عورتها والعورة ما بين السرة والركبة.” (وسائل الشيعة- ج21- ص148) طبعاً الرجل في قمة الالتزام بدينه فهو لا يزوج جواريه كي لا يفقد ميزاته ومكرماته بالنظر لأثدائهن وسيقانهن و فخوذهن دون أن يغضب منه ربه.
” يجوز أن ينظر من أمة غيره ما ينظر من محرمة ولا شبهة أنه يجوز النظر إلى صدر محرمة وثديها فلا يكون عورة منها ولا من الأمة ومقتضى ذلك أنه لا يكون عورة في الصلاة أيضا لكن في التاترخانية: لو صلت الأمة ورأسها مكشوف جازت بالاتفاق ولو صلت وصدرها وثديها مكشوف لا يجوز عند أكثر مشايخنا وقد يقال: إن صدر الأمة عورة في الصلاة لا خارجها لكنه مخالف للمذكور في عامة الكتب من الاقتصار” (حاشية رد المحتار- ج1 ص436)
و “عورة الرجل هي ما بين السرة والركبة تبطل الصلاة بانكشاف أي جزء منها عند الأئمة الثلاثة أما عند مالك فتبطل الصلاة إذا انكشفت السوأتان وهما القبل والخصيتان وحلقة الدبر ولا تبطل إذا انكشف سواهما مما هو بين السرة والركبة” (فتاوى الأزهر- عورة المرأة في الصلاة- ج9 ص28).
” أجمع أهل العلم على فساد صلاة من صلى عرياناً وهو يقدر؛ وَحَدُّ عورة الرجل: من السرة إلى الركبة والأَمَة كذلك والحرة كلها عورة إلا وجهها…” (الدرر السنية ص227)
” {ما بين السرة والركبة عورة} فيشترط لصحة الصلاة ستره ولو في خلوة وفيه أن حد عورة الرجل ولو قنا من السرة إلى الركبة وكذا الأمة والمبعضة أما عورة الحرة فما سوى الوجه والكفين لخبر أبي داود وغيره الآتي لا يقبل الله صلاة حائض أي من بلغت سن الحيض إلا بخمار هذا مذهب الشافعي والجمهور وقال داود: العورة القبل والدبر فقط.” (فيض القدير- ج5 ص552).
“…في المنهاج وشرحه لابن حجر في باب شروط الصلاة عورة الأمة ولو مبعضة ومكاتبة وأم ولد كعورة الرجل ما بين السرة والركبة في الأصح وعورة الحرة ولو غير مميزة والخنثى الحر ما سوى الوجه والكفين وإنما حرم نظرهما كالزائد على عورة الأمة لأن ذلك مظنة الفتنة ويجب في الخلوة ستر سوأة الأمة كالرجل وما بين سرة وركبة الحرة فقط إلا لأدنى غرض كتبريد وخشية عبار على ثوب تجمل.” (تفسير الألوسي- ب31 ج13 ص405).
“يجوز له النظر إلى مواضع الزينة منها مما عدا ذلك: وهي اليدان إلى المنكبين والرجلان إلى الركبتين والصدر والثديان والرأس وشعره. وما جاز النظر إليه من المحارم جاز غمزه ولمسه ودهنه وكل ذلك مع عدم الشهوة. فهذه عورة المرأة مع محرمها. وأما عورته معها فكعورة الرجال مع الرجال لعادة المسلمين أنهم لا يسترون ظهورهم ولا بطونهم عن محارمهم وكذا عورة الأمة والمدبرة وأم الولد والمكاتبة كعورة الرجل مع الرجل إذا أمن على نفسه الشهوة.” (التاج المذهب لأحكام المذهب، زيدية- ج6 ص82)
” الذي يلزم الحرة أن تستر من بدنها مع ذوي محارمها ما بين سرتها وركبتها وكذلك يلزم مع النساء كلهن أو يستتر بعضهن من بعض ما بين السرة والركبة” (النكت والعيون- ب31 ج3 ص169)
“…يجوز لذوى المحارم النظر إلى ما فوق السرة ودون الركبة من ذوات المحارم…” (المجموع- ج16 ص134)
“أما المحارم فالصحيح أنه يباح نظر بعضهم إلى بعض لما فوق السرة وتحت الركبة” (فتح الباري لأبن حجر-ج15 ص56) (تحفة الأحوذي- ج7 ص102)
” قال أبو حنيفة رحمه الله يجوز أن يمس من الأمة ما يحل النظر إليه أما إن كانت المرأة ذات محرم له بنسب أو رضاع أو صهرية فعورتها معه ما بين السرة والركبة كعورة الرجل…” (تفسير الرازي- ب30 ج11 ص303)
” إن العورة التي يندب سترها في الخلوة العورة المغلظة وهي تختلف باختلاف الأشخاص فهي السوأتان بالنسبة للرجل والأمة وتزيد الأمة الأليتان والعانة وتزيد الحرة على ذلك بالظهر والبطن والفخذ وعلى هذا فستر الظهر والبطن والفخذ في الخلوة مندوب في حق الحرة دون الرجل والأمة…” (حاشية الدسوقي على الشرح الكبير-فصل الشرط الثالث وهو العورة- ج2 ص301)
” العورة المغلظة وهي من رجل سوأتاه من المقدم الذكر والأنثيان ومن المؤخر ما بين أليتيه ومن الأمة من المقدم قبلها وعانتها ومن المؤخر أليتاها ومن الحرة من المقدم من تحت صدرها إلى ركبتها ومن المؤخر من محاذي سرتها إلى ركبتها وستر المخففة ليس شرطا اتفاقا وهي من الرجل ما بين السرة والركبة سوى السوأتين ومن الأمة كذلك سوى ما تقدم ومن الحرة جميع بدنها سوى ما تقدم إلا وجهها وكفيها وهذا بالنسبة للصلاة .
وعورة الرجل بالنسبة للرؤية من رجل أو محرم ما بين سرته وركبته ومن أجنبية جميع بدنه إلا أطرافه وعورة الأمة للرؤية من كل راء ما بين سرتها وركبتها وعورة الحرة للرؤية من مرأة ما بين سرتها وركبتها ومن محرمها ما زاد على أطرافها ومن أجنبي ما زاد على وجهها وكفيها.” (منح الجليل شرح مختصر الخليل- ج1 ص475)

• السرة – الركبة – الفخذ- ليست بعورة:
“…أن أبا عاصم العبادي حكي عن بعضهم أن الركبة من العورة دون السرة…” (شرح الوجيز- ج4 ص86)
” روى الدارقطني في سننه عن أبي أيوب رضي الله عنه قال: سمعت النبي (ص) يقول: “ما فوق الركبتين من العورة وما أسفل من السرة من العورة”. وروى أيضا: من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال: “ما تحت السرة إلى الركبة من العورة”. (الدرر السنية ص212)
الذي حدثناه علي بن معبد ، وعلي بن شيبة قالا : حدثنا روح بن عبادة قال : حدثنا ابن جريج قال: أخبرني عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة أن عبد الله بن محيريز أخبره عن أبي محذورة في حديث الأذان أن رسول الله (ص) {وضع يده على ناصية أبي محذورة، ثم أمرها على وجهه، ثم بين ثدييه، ثم على كبده، ثم بلغت يد رسول الله (ص) سرة أبي محذورة}” (مشكل الآيار للطحاوي- ج4 ص266)
” أبدى الحسن بن علي رضي الله عنهما سرته فقبلها أبو هريرة رضي الله عنه” (نصب الراية في تخريج احاديث الهداية- ج12 ص17)
“… ان ابا هريرة رضى الله عنه قال للحسن ارفع قميصك عن بطنك حتى اقبل حيث رأيت رسول الله (ص) يقبل فرفع قميصه فقبل سرته” (السنن الكبري للبيهقي- ج2 ص232)
” إن السرة ليست بعورة أن النبى قبل سرة الحسن بن على، وأن أبا هريرة سأل الحسن كشف سرته فقبلها، وقال: أقبل منك ما رأيت رسول الله يقبله، ولو كانت عورة ما قبلها أبو هريرة ولا مكنه الحسن منها، وقال الآخرون: ليس هذا بحجة؛ لأن عورات الصبيان ليست بمحرمة؛ لأنه لا يلزمهم الأحكام والحدود.” (شرح ابن بطال- ب2 ج3 ص32)
” ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا اتزر أبدى عن سرته” (المبسوط- كتاب الاستحسان- ج12 ص357)
” السرة والركبة ليسا بعورة ” (تفسير اللباب لأبن عادل- ب30 ج12 ص84) أي المقصود هنا بالعورة تحت السرة وفوق الركبة.
أما فيما يخص الفخذ فقد اختلفوا هل من العورة أو ليست من العورة:
” قال رسول الله (ص) لا تكشف فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت” قال أبو داود هذا الحديث فيه نكارة” (سنن أبي داوود- ج11 ص28) وذهب آخرون على إن العورة هما السؤتان فقط أي القبل والدبر فقط.
” واستدل القائلون بأن الفخذ عورة بهذين الحديثين: أ-عن محمد بن جحش قال: مر رسول الله (ص) على معمر، وفخذاه مكشوفتان فقال (يا معمر غط فخذيك فإن الفخذين عورة) رواه أحمد والحاكم والبخاري في تاريخه، وعلقه في صحيحه، ب-وعن جرهد قال: مر رسول الله (ص) وعلي بردة وقد انكشفت فخذي فقال:( غط فخذيك فإن الفخذ عورة) رواه مالك وأحمد وأبو داود والترمذي (فقه السنة- ج1 ص126)”
” واحتج من لم ير الفخذ من العورة وقال هي السوأتان فقط بما أخرجه مسلم من حديث عائشة بلفظ قالت: كان رسول الله (ص) مضطجعا في بيتي كاشفا عن فخذيه أو ساقيه” (عون المعبود- النهي عن التعري ج9 ص37)
” ” قال زيد: {نزل على النبي (ص) الوحي وفخذه على فخذي حتى كادت أن ترض فخذي} أما إنه يكره كشفها فإن مالكا وغيره قد روى حديث جرهد أن النبي (ص) قال له: {غط فخذك، فإن الفخذ عورة}، وهو حديث مشهور.” (أحكام القرآن لأبن العربي- مسألة ستر العورة في الصلاة ج3 ص495)
” والصحيح أن الفخذ ليس بعورة؛ {لأنها ظهرت من النبي (ص) يوم جرى في زقاق خيبر ولأن النبي (ص) كان يصلها بأفخاذ أصحابه ولو كانت عورة ما وصلها بها}. (احكام القرآن لأبن العربي- ج3 ص495)
” وفي البخاري عن أنس أن رسول الله (ص) حسر الإزار عن فخذه حتى إني أنظر إلى بياض فخذ نبي الله (ص).” (تفسير اللباب لأبن عادل- ب26 ج7 ص307)
الخلاف ” في أن ما زاد على القبل والدبر هل هو عورة مثقلة أو مخففة ؟ فقال علماؤنا وأبو حنيفة: إن القبل والدبر عورة مثقلة والفخذ عورة مخففة.” (احكام القرآن لابن العربي- ج3 ص495)
” عند أبي حنيفة لو ظهر من العورة المغلظة قدر درهم بطلت صلاته ولا باس بظهور ما دونه ولو ظهر من العورة المخففة قدر ربع عضو بطلت الصلاة ولا باس بظهور ما دونه قال المغلظة السوأتان والمخففة ما سواهما” (شرح الوجيز- ح4 ص82)
” إن عبد الله ابن الصامت ضرب فخذي وقال: إني سألت أبا ذر فضرب فخذي كما ضربت فخذك وقال: إني سألت رسول الله (ص) كما سألتني فضرب فخذي كما ضربت فخذك وقال: (صل الصلاة لوقتها) إلى آخر الحديث.
” قال ابن حزم: فلو كانت الفخذ عورة لما مسها رسول الله، من أبي ذر أصلا بيده المقدسة؟ ولو كانت الفخذ عورة عند أبي ذر، لما ضرب عليها بيده، وكذلك عبد الله بن الصامت وأبو العالية. وما يستحل لمسلم أن يضرب بيده على قبل إنسان، على الثياب ولا على حلقة دبر إنسان على الثياب، ولا على بدن امرأة أجنبية على الثياب، البتة… ثم ذكر ابن حزم بإسناده إلى حبير بن الحويرث، أنه نظر إلى فخذ أبي بكر وقد انكشفت، وأن أنس بن مالك أتى قس بن شماس، وقد حسر عن فخذيه.” (فقه السنة- ج1 ص126)
وباعتبار أن الإسلام ليس واضح المعالم (بالنسبة للمسلمين)، وفيه الكثير من الفروقات والاختلافات والاجتهادات، فهناك من رجح الجمع بين ما قيل واعتبار إنّ العورة قسمان عورة مخفّفة وهي الفخذان وعورة مثقلة وهي السوءتان، وأجاز من ثمّة كشف المخفّفة مع من تستلزم أنشطتهم كشفها وسترها في محاسن الأخلاق وأماكن تجمّع الناس. أمّا القول بأنّ الفخذ عورة مطلقا أو إنّه ليس بعورة مطلقا فلم يتفق عليه السادة حفظهم الله.

• القبل والدبر فقـط:
” اختلفوا في العورة ما هي؟ فقال ابن أبي ذئب: هي القبل والدبر فقط وهو قول أهل الظاهر وابن أبي عبلة والطبري لقوله تعالى: {لباسا يواري سوءاتكم} وقوله: {بدت لهما سوءاتهما} [الأعراف: 22] وقوله: {ليريهما سوءاتكم} [الأعراف: 27].” (تفسير اللباب لأبن عادل- ب26 ج7 ص307)
“…وعن أحمد ومالك فى رواية: العورة القبل والدبر فقط وبه قال أهل الظاهر وابن جرير والإصطخرى.” (فتح الباري- كتاب الصلاة)
“… أما عند مالك فتبطل الصلاة إذا انكشفت السوأتان وهما القبل والخصيتان وحلقة الدبر ولا تبطل إذا انكشف سواهما مما هو بين السرة والركبة” (فتاوى الأزهر- عورة المرأة في الصلاة- ج9 ص28)
” أن العورة السوأتان أي القبل والدبر فالواجب عند الامام أحمد سترهما فقط” (إعانة الطالبين- ج4 ص252)
” عن أحمد ومالك في رواية العورة السوأتان فقط” (فيض القدير- ج4 ص531)
” قال أبو حنيفة وقال قوم: العورة هما السوأتان فقط من الرجل” (بداية المجتهد- ج1 ص95)
“…وقال داود: العورة القبل والدبر فقط.” (فيض القدير- ج5 ص552).
من شروط الصلاة: “ستر العورة {وهي القبل والدبر للرجل} والمراد بالقبل: القضيب والأنثيان وبالدبر: المخرج لا الأليان” (الروضة البهية إمامية- ج1 ص135). القبل والدبر فقط وقت الصلاة !!!
” عن الزركشي قال: عورة الأمة: الفرجان كالرجل… قال الشيخ تقي الدين: لا يختلف المذهب أن ما بين السرة والركبة من الأمة عورة. قال: وقد حكى جماعة من أصحابنا: أن عورتها السوأتان فقط كالرواية في عورة الرجل.” (الإنصاف- باب ستر العورة- ج2 ص224)
من شروط صحة الصلاة بالإجماع ستر العورة، و حد العورة من الرجل: العورة التي يجب على الرجل سترها عند الصلاة، القبل والدبر، أما ما عداهما من الفخذ والسرة والركبة فقد اختلفت فيها وجهات النظر. وقيل عن عورة الصلاة في الخلوة: “إن المغلظة التي يندب سترها في الخلوة تختلف باختلاف الأشخاص فهي السوأتان بالنسبة للرجل وتزيد الأمة الأليتين والعانة وتزيد الحرة على ذلك بالظهر والبطن والفخذ. وعلى هذا فستر الظهر والبطن والفخذ في الخلوة مندوب في حق الحرة دون الرجل والأمة.” (حاشية الصاوي على الشرح الصغير- ستر العورة- ج1 ص480)
” عائشة لم تر بأسا بالتبان، للذين يرحلون هودجها، والتبان كرمان، سراويل صغير يستر العورة المغلظة” (أضواء البيان- ب27 ج5 ص117) و(صحيح البخاري- ج5 ص426).

• القبل فقـــط:
يجوز للرجل قبل شراء الجارية أن يمسها في جميع بدنها عدا (القبل) ويمكنه لمس عجيزتها أيضاً..!!
“….يحل له أن ينظر إلى كل شيء فهيا ما عدا فرجها.” (مصنف عبد الرزاق- ج7 ص287)
“… عن نافع أن ابن عمر كان يكشف عن ظهرها وبطنها وساقها ويضع يده على عجزها.” (مصنف عبد الرزاق- ج7 ص286)
ذهب الساق وخرجت الركبة وكذا السرة لم تعتبر عورة، تلاها عند البعض الفخذ ثم ذهب الدبر…. فلم يبقى غير القبل!! أي أنك لو ذهبت إلى منزل من منازل الصحابة ( رضوان الله عليهم) أيام العز والحضارة الإسلامية، وطرقت الباب فيجوز أن تفتح لك جارية عارية تماما كما خلقها الله تعالى جل جلاله، لكن يدها على قبلها فتعتبر محجبة، ويجوز لها شرعاً الظهور أمام العوام بالكيلوت فقط، وحسب ذلك يجوز النظر للصور ومشاهدة مشاهد الفيديو التي تظهر فيها الأثداء والسيقان والفخوذ بشرط أن تكون للجواري (أي ممكن لقنوات الجنس التلفزيونية أن تدرج بدل رمز القناة كلمة جواري فتكون حلال إسلامياً) لكن لذلك شرطان أولاً يجب أن لا يظهر القبل وثانياً يجب النظر بلا شهوة، أي ليس لكم أن تفعلوا كما فعل النبي حين مرت تلك المرأة في الشارع فاشتهاها كما ذُكِر في الحلقة السابقة “مرت بي فلانة، فوقع في قلبي شهوة النساء”.
ذٌكِر في تاريخ المستبصر- ج1 ص57: ” تبخر الجارية و تطيب و تعدل و شد وسطها بمئزر و أخذ المنادى بيدها و يدور بها في السوق و ينادي عليها و يحضر التجار الفجار يقلبون يدها و رجلها و ساقها و أفخاذها و سرتها و صدرها و نهدها. و يقلب ظهرها و يشبر عجزها و يقلب لسانها و أسنانها و شعرها ويبذل المجهود. و إن كانت عليها ثياب خلعها و قلب وأبصر و في أخر الأمر يقلب فرجها و جحرها معاينة من غير ستر و لا حجاب. فإذا قلب و رضي و اشترى الجارية تبقى عنده مدة عشرة أيام زائد و ناقص فإذا رعى و شبع ومل و تعب و قضى و طرء و انقطع وطره يقول زيد المشترى لعمرو البائع: بسم الله يا خواجا بيني و بينك شرع محمد بن عبد الله فيحضر عند الحاكم فيدعى عليه العيب.” يذكرنا هذا بزواج النبي محمد من زينب بعد أن قضى منها زيد وطراً {…فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا… الأحزاب 37}.
وذُكِرَ في شبكة القطيف الثقافية بمنتدى الحوار الإسلامي عن الصور العارية:” قصور الأمويين في الشام والفرات والأردن كلها تحتوي على حمامات فيها صور نساء عاريات وأوضاع مجامعة غاية في الدقة كما وصفها علماء الآثار وقد نُقل بعضها إلى أوربا وهي معروضة هناك كحمام الحلابات في الأردن الذي يقال انه اختفى قبل عشرين سنة وحمام قصر عمرة الذي يقال بأنه موجود فعلا الآن في الأردن وفيه صور نساء عاريات. وهذا كما ترون في زمن دولة إسلامية قريبة العهد من زمن الرسول. ولم تكن تلك الرسوم ناشئة عن فراغ و إنما هي نتيجة إفراز مدرسة فنية رعتها الدولة الأموية. وهذا يدل على شيئين الأول هو شهوانية ونزق رعاة تلك الدولة… والأمر الثاني هو عدم وجود الدليل عند الفقهاء في حينه على أن عورة الصورة هي عورة محترمة يجب غض النظر عنها فلذلك لم يشنع أحد على هذا الموضوع بينما تم التشنيع على أنواع الفجور والملاهي الباطلة والمستقبحة من بني أمية.”
وقد اهتم الشرع الإسلامي بعباد الله المسلمين وضرورة السمو بهم عالياً، وسن لهم قوانين مثلاً لتنبيههم على ضرورة عدم فتح الأحاديث والحوارات عند كشف العورات والتغوط:
” لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عوراتهما يتحدثان فإن اللّه يمقت على ذلك‏” (تفسير القرطبي- ج5 ص336) و(سنن أبي داوود – مسند أحمد- السنن الكبرى للبيهقي- كنز العمال…الخ)
” لا يقعد الرجلان على الغائط يتحدثان يرى كل منهما عورة صاحبه فإن الله يمقت على ذلك” (عون المعبود- ج1 ص19)
كل ذلك عن العورة ذكر في الفقه والشرع الإسلامي، لا أدري لماذا كُتُب العورة والحجاب الحديثة والمقالات الكثيرة لا تذكر أي شيء من ذلك! أليس هذا هو الإسلام؟! أم أن ذكر ذلك يدعو للخجل، وتقشعر له الأبدان؟
يقول الشاعر طانيوس عبده:

أذبت كل جامدٍ في وجهها…….. حتى الذي كان به من حمره
وصيرتك حجةً حتى غدت……..عاريةً لا تختشي معرَّه
تنزع كُم الثوب كي تبدي لمن…….. يهوى الجمالَ أبطها وشعره
ويحسد البطن بروز نهدها……..فتكشف الصّدر لحد الصره

يــتــبــع

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment

العبودية في الإسلام 6

سردار أحمد

الحلقة السادسة:
مهزلة اختلاف عورات النساء- الجزء الأول:
النساء في الإسلام لسن سواسية في موضوع العورة، أي عوراتهن مختلفة، ولهن ثلاث مراتب، فالعورة المفروضة على الجارية هي ليست كالعورة المفروضة على الحرة، والعورة المفروضة على الحرة ليست كالعورة المفروضة على زوجات النبي محمد (ما يسمى بأمهات المؤمنين)، حيث أن الإسلام فرق بين عوراتهن، فإذا سترت الجارية ما بين سرتها وركبتها فقد سترت عورتها (تحجبت)، والحرة إذا سترت كامل جسدها ما عدى الوجه والكفين فقد سترت عورتها، أما زوجات النبي فإن غطين كامل الجسد مع الوجه واليدين فقد غطين العورة، حيث فُسِر ذلك بأنهن فُضِلنَ على غيرهن من النساء، ولا أعرف ما وجه التفضيل في ذلك، ولماذا فُضِلن على غيرهن من النساء بالرغم من كثرة السلبيات في شخصهن حسب ما ذكره القرآن وذكرته الكتب الإسلامية. وهناك آيات أتت منددة بهن دون باقي النساء، وكذلك هناك أحاديث وقصص كثيرة من التراث الإسلامي، تثبت بأنهن كًن شاتمات، غيورات، ولم يحفظن سر لنبي، وان النبي أعتزلهن… الخ، “…والحجاب مختص بالحرائر دون الإماء كما كانت سنة المؤمنين في زمن النبي (ص) وخلفائه أن الحرة تحتجب والأمة تبرز…” (مجموع فتاوى ابن تيمية- ج3 ص371)

آيـة الحجاب (عند المخاطبة في المساكن):
تخصيص زوجات النبي أمهات المؤمنين بالحجب (دون الحرائر):
(( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِ مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا *الأحزاب 53 )) (مدنية)
مفهوم الحجاب في اللغة: هو المنع من الوصول، ومنه قيل للستر الذي يحول بين الشيئين: حجاب، لأنه يمنع الرؤية بينهما، وسمي حجاب المرأة حجاباً لأنه يمنع المشاهدة.
ونزلت آية الحجاب يوم زواجه بزينب بنت جحش (زوجة أبنه بالتبني) “عن أنس قال: كانت زينب تفخر على أزواج النبي (ص) تقول: زوجني الله من رسول الله (ص) ليس الناس، وأولم على خبزا ولحما، وفي أنزلت آية الحجاب. (كنز العمال- ج13 ص704)
“…بعد آية الحجاب لم يكن لأحد أن ينظر إلى امرأة من نساء رسول الله (ص) منتقبة كانت أو غير منتقبة {ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}… قوله: {ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا} نزلت في رجل من أصحاب النبي (ص) قال: لئن قبض رسول الله (ص) لأنحكن عائشة. قال مقاتل بنه سليمان: هو طلحة ابن عبيد الله فأخبر الله عز وجل- أن ذلك محرم وقال: {إن ذلكم كان عند الله عظيما}. وروى معمر عن الزهري أن العالية بنت ظبيان التي طلقها النبي (ص) تزوجت رجلا وولدت له وذلك قبل تحريم أزواج النبي (ص) على الناس.” (تفسير حقي- تفسير الخازن- تفسير اللباب- تفسير البغوي)
“…أن المراد بكون أزوجه (ص) أمهات المؤمنين هو حرمتهن عليهم، كحرمة الأم، واحترامهم لهن، كاحترام الأم الخ. واضح لا إشكال فيه، ويدل له قوله تعالى: {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من ورآء حجاب}، لأن الإنسان لا يسأل أمه الحقيقة من وراء حجاب” (أضواء البيان- ب6 ج6 ص335)
” قال ابن كثير في تفسيره: عن سفيان عن ابن عباس في قوله تعالى {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله} قال: نزلت في رجل هم أن يتزوج بعض نساء النبي (ص) بعده…وقال ابن كثير في تفسير الآية: {وأزواجه أمهاتهم} أي في الحرمة والاحترام والتوقير والإكرام والإعظام. ولكن لا تجوز الخلوة بهن.” (زوجات النبي- ج1 ص31)

(( إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا(54)لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا *الأحزاب55)) (مدنية)
” قوله: {إن تبدوا شيئا أو تخفوه} الآية نزلت فيمن أضمر نكاح عائشة بعد رسول الله (ص) وقيل: قال رجل من الصحابة ما بالنا نمنع الدخول على بنات أعمامنا فنزلت هذه الآية، ولما نزلت آية الحجاب قال الآباء والأقارب ونحن أيضا نكلمهن من وراء حجاب فأنزل الله- عز وجل – {لا جناح عليهن في آبآئهن ولا أبنآئهن ولا إخوانهن ولا أبنآء إخوانهن ولا أبنآء أخواتهن} أي لا إثم عليهن في ترك الاحتجاب عن هؤلاء {ولا نسائهن} قيل: أراد به نساء المسلمات حتى لا يجوز للكتبيات الدخول عليهن.” (تفسير اللباب لأبن عادل- ب53 ج13 ص105)
* * *
” حدثنا أبو بكرة قال: ثنا أبو عاصم قال: ثنا سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} قال: هو ما فوق الدرع، فأبيح للناس أن ينظروا إلى ما ليس بمحرم عليهم من النساء إلى وجوههن، وأكفهن، وحرم ذلك عليهم من أزواج النبي (ص) ، لما نزلت آية الحجاب ، ففضلن بذلك على سائر الناس.” ((شرح معاني الآثار- باب نظر العبد إلى شعور الحرائر- ج6 ص3)
” …عن أنس قال: {قال عمر: قلت يا رسول الله، يدخل عليك البر والفاجر، فلو حجبت أمهات المؤمنين ، فأنزل الله عز وجل آية الحجاب} . (شرح معاني الآثار- ج6 ص3)
” قال عمر بن الخطاب وافقت ربي في ثلاث، أو وافقني ربي في ثلاث… وقلت: يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب؟ فأنزل الله آية الحجاب” (تفسير ابن كثير- ب125 ج1 ص415)
“عن أنس بن مالك، قال: قال عمر بن الخطاب: قلت لرسول الله (ص): لو حجبت عن أمهات المؤمنين؛ فإنه يدخل عليك البر والفاجر، فنزلت آية الحجاب.” (تفسير الطبري- الباب53- ج20- ص312) وقيل نفس الكلام في: تفسير البغوي- صحيح البخاري- تهذيب الآثار للطبري- صحيح ابن حيان- المسند الجامع- فضائل الصحابة لأبن حنبل … الخ
“قال أبو بكر: فانتظمت الآية أحكاما، منها النهي عن دخول بيت رسول الله (ص) إلا بإذن وأنهم إذا أذن لهم لا يقعدون انتظارا لبلوغ الطعام ونضجه، وإذا أكلوا لا يقعدون للحديث.” (أحكام القرآن للجصاص- باب حجاب النساء- ج8 ص334).
“…وفيه دليل على أن نساء المؤمنين ليس عليهن من الحجاب ما يلزم أزواج النبي (ص)…” (فتح الباري لأبن حجر- الاستئذان- ج17 ص446)
“قال عمر بن الخطاب: وافقت ربي عز وجل في ثلاث، فقلت: يا رسول الله،… فلو أمرتهن أن يحتجبن، … ونزلت آية الحجاب، قال: واجتمع على رسول الله (ص) نساؤه في الغيرة، قال: فقلت: {عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن}، فنزلت كذلك.” (فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل- ج1 ص480)
فزوجات النبي هن المعنيات بالحجاب وليس باقي المسلمات، وقد تميزت زوجات النبي حيث قيل أنهن أمهات المؤمنين، طبعاً لسن أمهات المؤمنات، وقوله تعالى: {وأزواجه أمهاتهم} أي: في تحريم نكاحهن على التأبيد.
“… روى مسروق عن عائشة أن امرأة قالت: يا أماه، فقالت: لست لك بأم؛ إنما أنا أم رجالكم، فبان بهذا الحديث أن معنى الأمومة تحريم نكاحهن فقط.” (زاد المسير- ب5 ج5 ص122)
فقد نزل الوحي ليلة زواج النبي من زينب بنت جحش، حيث دعا محمد الكثير من أصحابه لوليمة أقامها بمناسبة ذلك الزواج. ولكن بعد العشاء طالت جلسة الضيوف، والنبي في قرارة نفسه كان يتمنى أن يغادر المدعوون ويُخلوا له الجو، لكن أصحاب محمد ما كانوا ليفهموا ويغادروا من تلقاء أنفسهم، بل على العكس فقد بدءوا يتهامزون ويتلامزون، خاصة أن المناسبة كانت زواجه من زوجة أبنه بالتبني، وسُمِع أحدهم يهمس ويقول لو مات محمد سأتزوج من زوجاته فلانة، فَهَمَ محمد بالقيام عسى أن يفهموا ويقوموا أيضاً ويغادروا، لكنهم لم يغادروا، فخرج النبي وعاد محملاً بآية الحجاب، حيث وضع حدا لجلوسهم ومنع الرجال من تبادل الحديث مباشرة مع زوجاته إلا من وراء الستار أو الحجاب، نعم ولما لا وقد بانَ الطمع بزوجاته، والآية مفصلة تفصيل لحالة شخصية: لا يدخلوا بيت النبي إلا للأكل فقط – إذا أكلوا ينصرفوا- فالنبي يريد أن ينصرفوا فيخجل من قول ذلك فيتدخل الله ويتوسط لحسم الموضوع، لإخلاء الجو للنبي- لعدم التحدث مع زوجاته- لعدم تزوج زوجاته من بعده!!!
نساء النبي وعمر والحجاب:
“… حسبت أنه قال على زينب، فقالت: يا ابن الخطاب، أما في رسول الله (ص) ما يعظ نساءه حتى تعظهن أنت؟ ” (تفسير الطبري- ب5 ج23 ص488)
فنساء النبي، أمهات المؤمنين، انزعجن من تدخل عمر بن الخطاب بينهن وبين بعلهن محمد، ونُصحَهٌ للنبي بان يحجب نساؤه (وكأنه غير راضٍ عن سلوك النبي وزوجاته)، لكن في النهاية بعد أن أحَسَ النبي بطمع المسلمين بزوجاته من بعده، أنزل الله آية تهديدية لأمهات المؤمنين وتضامنية مع عمر(عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن)، مما أضطرهن للسكوت.
((عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا * تحريم5))
” مر عمر برسول الله (ص) وهو وعائشة وهما يأكلان حيسا، فدعاه فوضع يده، مع أيديهما، فأصابت يده يد عائشة، فقال: أوه ، لو أطاع في هذه وصواحبها ما رأتهن أعين، قال: وذلك قبل آية الحجاب، قال: فنزلت آية الحجاب.” (مصنف ابن ابي شيبة- ج7 ص485) والواضح أن ذلك ليس فقط قبل آية الحجاب، بل قبل أن يبدأ البشر باختراع فكرة الصحن الخاص، والأكل كل واحد من صحنه، وتجاوز البشر مرحلة الأكل من نفس القصعة.
“…عن ثوبان، أنه جاء إلى النبي (ص) فقدم له طعاما، فقال النبي (ص) لعائشة: «واكلي ضيفك، فإن الضيف يستحي أن يأكل وحده»، وهذا إن صح فكأنه كان ذلك قبل نزول آية الحجاب، وفي إسناده نظر” (شعب الإيمان للبهيقي- ج20 ص118)
” فالحجاب أعم من الخمار ومن النقاب، وهما من مقوماته التي تتحقق بها حكمة التشريع وهى منع الفتنة بين الرجال والنساء” (فتاوى الأزهر- الفرق بين الخمار والنقاب- ج9 ص457) ممن كانت سوف تحدث الفتنة؟ من نساء النبي؟! أم من صحابته (رضي الله عنهم)؟!! ستر المؤمنات وجوههن وكفوفهن عن غير ذوى محارمهن سنه أما بالنسبة لزوجات النبي فهي فرض، خشية الفتنة!! قبل الحجاب كل تلك السنوات في مكة وبعدها المدينة، كيف كان يا ترى حال أمهات المؤمنين من مسألة الفتنة، حتى تذكرهن الله تعالى بآية وميزهن؟!
زوجات النبي (أمهات المؤمنين) فضِلن على غيرهن من المسلمات بزيادة القيود عليهن:
(( يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا(32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) الأحزاب)) (مدنية).
أما النبي فهو أيضاً فُضل على غيره المسلمين، لكن بعدم تقيده والتزامه بالقيود والالتزامات المفروضة على غيره:
(( يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا(50) الأحزاب)) (مدنية).
” والذي وضح لنا بالأدلة القوية أن من خصائص النبي (ص) جواز الخلوة بالأجنبية والنظر إليها…” (فتح الباري لأبن حجر- ضرب الدف في النكاح والوليمة- ج14 ص411)
” كان رسول الله (ص) يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها رسول الله (ص) فأطعمته وجعلت تفلي رأسه فنام رسول الله (ص)…” (صحيح البخاري- الدعاء بالجهاد والشهادة- ج9 ص352)
” … روى البخاري عن خالد بن ذكوان قال: قالت الربيع بنت معوذ: جاء النبي (ص) فدخل علي حتى دنا مني فجلس على فراشي كمجلسك مني. وروى الشيخان عن أنس- رضي الله تعالى عنه- ان رسول الله (ص) كان يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها رسول الله (ص) يوما فأطعمته، ثم جلست تفلي رأيه، فنام رسول الله (ص)…قال الحافظ أبو زرعة العراقي في شرح التقريب: ام حرام ليست محرما له “أي ليست من محارمه” (ص)…” (سبل الهدى والرشاد- ج10 ص444)
” أما هو (أي النبي محمد) فقد اختص بإباحة النظر إلى الأجنبيات والخلوة بهن وإردافهن على الدابة خلفه؛ لأنه مأمون لعصمته؛ وهذا هو الجواب الصحيح عن قصة أم حرام في دخوله عليها ونومه عندها وتفليتها رأسه ولم يكن بينهما محرمية ولا زوجية، وأما الجواب بأنها كانت محرمة من رضاع فرده الدمياطي بعدم ثبوته.” (حاشية البجيرمي على الخطيب- كتاب النكاح- ج10 ص69)
تـفـلـي رأسـه أي: تـخـرج منـه الـقـمـل…!!
” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في أصحابه، فدخل، ثم خرج، وقد اغتسل، فقلنا: يا رسول الله، قد كان شيء؟ قال: أجل، مرت بي فلانة، فوقع في قلبي شهوة النساء، فأتيت بعض أزواجي فأصبتها، فكذلك فافعلوا، فإنه من أماثل أعمالكم إتيان الحلال.” (المسند الجامع- ب8 ج38 ص442) و(السيرة النبوية لأبن كثير- ج4 ص638) و(مسند أحمد- ج36 ص462) و(البداية والنهاية- ج5 ص345)
” قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ مرت به امرأة ، فقام إلى أهله فخرج إلينا ورأسه يقطر ماء، فقلنا: يا رسول الله كأنه قد كان شيء؟ قال: « نعم، مرت فلانة فوقع في نفسي شهوة النساء، فقمت إلى بعض أهلي، وكذلك فافعلوا، فإنه من أماثل أعمالكم إتيان الحلال»” (مسند الشاميين للطبراني- ج6 ص179)
“… وفي لفظ: ” فدخل منزله ثم خرج إلينا قد اغتسل، قلنا نرى أنه قد كان شئ يا رسول الله، قال مرت فلانة فوقع في نفسي شهوة النساء فقمت إلى بعض أهلي فوضعت شهوتي فيها، وكذلك فافعلوا، فإنه لمن أماثل أعمالكم إتيان الحلال” (سبل الهدى والرشاد- ج9 ص44)
أين كان غض البصر، وأين كانت عصمة النبي، وأين كان النظر بلا شهوة؟؟!! أم أن التي مرت لم تكن زوجة أو بنت احد الصحابة بل كانت جارية، وإن كانت جارية هل كانت متزوجة أم لا؟؟!!
قيل ” تمنع المرأة الشابة من كشف الوجه بين رجال لا لأنه عورة بل لخوف الفتنة” (رد المحتار- ج3 ص257)، ماذا لو كانت دابة تثير شهوة المسلم، (“…وجب الغسل في الإيلاج في كل فرج، قبل أو دبر، من آدمي، أو بهيمة، حي أو ميت، لأنه فرج أشبه قبل المرأة…” الكافي في فقه الإمام احمد- باب ما يوجب غسله)، باعتبار أن المسلم دائرته التي يدور فيها الشبق الجنسي والكبت الجنسي{الجنس دنيا وآخرة}, هل تتحجب من اجل غرائزه، أم يتأدب هو ويصفي قلبه وفكره ولا يلاحق عورات مخلوقات الله ويتعلم كيف ينظر إلى القلوب لا إلى الفروج، يتعلم كيف ينظر نظرة محبة بعيدة عن الشهوانية. فرغم كل الإجراءات والاحتياطات والحجابات والستور الإسلامية تمر امرأة في الشارع ومحمد جالس مع أصحابه فتثيره هذه المرأة ويشتهيها، فيفارق صحابته ويذهب إلى زوجاته وبعد أن ينجز واجبه القومي والديني يرجع إلى أصحابه ويقول لهم افعلوا مثلي…ثم كيف ولماذا تميز بالانفراد بالنساء وهو الذي تثيره امرأة تمر في الشارع…. لكنهم لم يوضحوا لنا اسم اليمامة التي مرت أمامه وأثارت شهوته، وما كانت تلبسه تلك اليمامة، هل كانت بلباس البحر أم كانت محفوظة في كيس أسود.
” من خصائصه أنه عليه الصلاة والسلام يباح له إذا وهبته امرأة نفسها أن يتزوجها ويصح نكاحه عليها بمجرد الهبة من غير ذكر مهر ومن خصائصه عليه الصلاة والسلام أنه يتزوج بأكثر من أربع نسوة وغيره من الأنبياء مثله ومن خصائصه عليه الصلاة والسلام أن يعقد نكاحه أو نكاح غيره بلا مهر يدفعه لها ابتداء وانتهاء وبلا ولي من جهة المرأة وبلا شهود ومن خصائصه عليه الصلاة والسلام أن يعقد نكاحه في حال إحرامه بالحج أو بالعمرة أو في حال إحرام المرأة التي يريد نكاحها ومن خصائصه عليه الصلاة والسلام أنه لا يجب عليه أن يقسم بين زوجاته بل يباح له أن يفضل من شاء منهن على غيرها في المبيت والكسوة والنفقة واختص عليه الصلاة والسلام بإباحة المكث في المسجد جنبا ولا ينقض وضوءه بالنوم ولا باللمس في أحد الوجهين وهو الأصح.” (شرح مختصر خليل للخرشي- باب خصائص النبي- ج10 ص246)
يقول نزار قباني:
فشرفكم يا سيدي العزيز
يحاصر المرأة بالحراب..
وشرفكم، يا سيدي العزيز
يبايع الرجال أنبياء
ويطمر النساء في التراب..

* * *
آيـة الجلباب (في الأردية عند البروز من المساكن):
تخصيص نساء النبي، والحرائر بالجلباب (دون الإماء):
(( يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا *الأحزاب59)) (مدنية)
جلابيب جمع جلباب وهو الملاءة وهو الذي يسميه ابن مسعود وغيره الرداء ويسميه غيره الإزار وهو الإزار الكبير الذي يغطي للمرأة رأسها وسائر بدنها. وقد حكى أبو عبيد وغيره: أنها تدنيه من فوق رأسها فلا تظهر إلا عينها ومن جنسه النقاب.
أسباب نزول:
” لما كانت عادة العربيات التبذل, وكن يكشفن وجوههن كما تفعل الإماء… وكانت المرأة من نساء المؤمنين قبل نزول هذه الآية تتبرز للحاجة فيتعرض لها بعض الفجار. يظن أنها أمة, فتصيح به فيذهب, فشكوا ذلك إلى النبي (ص) ونزلت الآية بسبب ذلك.” (تفسير القرطبي- ب14 ج14 ص243)
” كان ناس من فساق أهل المدينة يخرجون بالليل حين يختلط الظلام إلى طرق المدينة، يتعرضون للنساء، وكانت مساكن أهل المدينة ضيقة، فإذا كان الليل خرج النساء إلى الطرق يقضين حاجتهن، فكان أولئك الفساق يبتغون ذلك منهن، فإذا رأوا امرأة عليها جلباب قالوا: هذه حرة، كفوا عنها. وإذا رأوا المرأة ليس عليها جلباب، قالوا: هذه أمة. فوثبوا إليها.” (تفسير ابن كثير-ب59 ج6 ص482)
“عن عائشة أن أزواج النبي (ص) كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع وهو صعيد أفيح، وكان عمر بن الخطاب يقول لرسول الله (ص): احجب نساءك، فلم يكن رسول الله (ص) يفعل، فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي (ص) ليلة من الليالي عشاء، وكانت امرأة طويلة، فناداها عمر بصوته الأعلى: قد عرفناك يا سودة…” (تفسير الطبري- ب53 ج20 ص315)
التفسير:
قوله: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْن} أي: إذا فعلن ذلك عرفن أنهن حرائر، لسن بإماء ولا عواهر،… وقال مجاهد: يتجلببن فيعلم أنهن حرائر، فلا يتعرض لهن فاسق بأذى ولا ريبة. وقوله: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} أي: لِما سَلَفَ في أيام الجاهلية حيث لم يكن عندهن علم بذلك. (تفسير ابن كثير- ب59 ج6 ص482)
” يقول الطبري: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص) يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين لا يتشبهن بالإماء في لباسهن إذا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن فكشفن شعورهن ووجوههن ولكن ليدنين عليهن من جلابيبهن لئلا يعرض لهن فاسق إذا علم أنهن حرائر بأذى من قول.” ( تفسير الطبري- ب59 ج20 ص324)
” قوله: {قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} الآية: دليل على أن الحجاب إنما أمر به الحرائر دون الإماء؛ لأنه خص أزواجه وبناته ولم يقل وما ملكت يمينك وإمائك وإماء أزواجك وبناتك ثم قال: {ونساء المؤمنين} والإماء لم يدخلن في نساء المؤمنين (تعليق:حتى لو كُن مسلمات) … وقوله: {الذين يظاهرون منكم من نسائهم} إنما أريد به الممهورات دون المملوكات فكذلك هذا فآية الجلابيب في الأردية عند البروز من المساكن وآية الحجاب عند المخاطبة في المساكن” (مجموع فتاوى أبن تيمية- تفسير قوله تعالى النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم- ج3 ص388)
” عن عائشة قالت: خرجت سودة بعد ما ضرب عليها الحجاب لتقضى حاجتها وكانت امرأة جسيمة تفرع النساء جسما لا تخفى على من يعرفها فرآها عمر بن الخطاب فقال يا سودة والله ما تخفين علينا فانظري كيف تخرجين. قالت فانكفأت راجعة ورسول الله (ص) في بيتي وإنه ليتعشى وفى يده عرق فدخلت فقالت يا رسول الله إني خرجت فقال لي عمر كذا وكذا. قالت فأوحى إليه ثم رفع عنه وإن العرق في يده ما وضعه فقال إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن. وفى رواية أبى بكر يفرع النساء جسمها. زاد أبو بكر فى حديثه فقال هشام يعنى البراز. (المسند الجامع- ب10 ج50 ص477)
فآية الحجاب عند المخاطبة في المساكن وهي خاصة بزوجات النبي، وآية الجلابيب في الأردية عند البروز من المساكن، والملاحظ من قول عائشة السابق أن آية الجلباب نزلت بعد آية الحجاب، وأجمع المفسرون كلهم على أن الحجاب (بالجلباب) جاء للتفريق بن المرأة الحرة والمملوكة فقط. وأن الأَمَة لا يجوز لها الحجاب بعكس الحرة، واتفقوا على أن هذه الآية إنما نزلت في ذلك.
الأمة تصلي بغير خمار: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو أسامة عن مجالد عن الشعبي عن مسروق قال: تصلي الأمة كما تخرج… حدثنا شريك عن أبي إسحاق إن علياً وشريحاً كانا يقولان تصلي الأمة كما تخرج ….. دخلت على عمر بن الخطاب أمة قد كان يعرفها لبعض المهاجرين أو الأنصار وعليها جلباب متقنعة به فسألها عُتِقتِ، قالت: لا، قال: فما بال الجلباب ضعيه عن رأسك إنما الجلباب على الحرائر من نساء المؤمنين فتلكأت فقام إليها بالدرة فضرب بها برأسها حتى ألقته عن رأسها. وحدثنا حفص عن مجالد عن الشعبي قال: سأله أبو هريرة كيف تصلي الأمة قال: تصلي كما تخرج. حدثنا هشيم عن خالد عن أبي قلابة قال: وكما سبق كان عمر بن الخطاب لا يدع في خلافته أمة تقنع قال: قال عمر: إنما القناع للحرائر لكيلا لا يؤذين.
أسأل المسلمين كيف يا ترى كانت ماريه القبطية تقضي حاجتها (باعتبار أنها لم تكن من أمهات المؤمنين- وكان يدخل عليها النبي بملك اليمين)، هل كانت تعمل بأصلها كجارية وملك يمين، وكان الفساق يتعرضوا لها عندما كانت تتبرز(حسب آية الجلباب)، أم أنها كانت تتشبه بالحرائر وهي ليست منهن!؟ وهل كانت تمشي في شِعَب مكة عارية النهدين (باعتبار أن عورة الجارية من السرة إلى الركبة كما سيمر معنا). القول أن محمد لم يضرب عليها الحجاب كما فعل مع صفية، لكن هناك رأي ضعيف يقول أنه رغم الدخول عليها بملك اليمين فقد ضرب عليها الحجاب، فإذا كان محمد فعلاً حجبها فقد خالف النبي آية الجلباب، وميز بين الجواري.
” يقول تعالى آمرا رسوله (ص) تسليما أن يأمر النساء المؤمنات المسلمات – خاصة أزواجه وبناته لشرفهن – بأن يدنين عليهم من جلابيبهن ليتميزن عن سمات نساء الجاهلية وسمات الإماء…” (تفسير ابن كثير- باب 59 ج6 ص481)
فالحجاب هو حصيلة التقاليد وحصيلة ذلك السلوك السيئ الذي كان يسود المجتمع المحمدي آنذاك، والآية تبدأ بنساء النبي (أمهات المؤمنين) وكأن المشكلة فيهن، وأكثر الشك فيهن، أو على الأقل لم تكنَّ معصومات عن الفاحشة كما يصوره البعض (( يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا…الأحزاب30))، (مدنية)
للشريعة المحمدية أفضال كبير على البشرية، ومن إنجازاته وأفضاله التي لا تُنسى انه ميّز الحرّة عن الأمة عند الخروج لقضاء حاجة, وترك الإسلام الجواري لقمة سائغة بيد المغتصبين من أهل قريش، بالله عليكم أهي رذيلة أم شريعة إلهية؟ تصورا تلك الأجواء المحيطة بالنبي وصحابته في تلك الأيام، (أيام العز والأصالة … والجهاد والفتوحات الإسلامية!!، الآن وبعد مرور كل هذه القرون لم تصل الحريات الجنسية للمرحلة التي كانت عليها أيام النبي محمد، فمظاهر التعري كانت موجودة في كل العهود الإسلامية، وسلوك مواطني محمد كان في قمة السلبية، أين كان الحياء العام في ذلك المتجمع الذي كان يتعرض للنساء وقت قضاءهن لحاجتهن!! في أرض يعتبرها المسلمون (أشرف) أرض، وفي مجتمع يعتبرونه (أشرف) مجتمع، مجتمع النبي صلعم) وصحابته (رضي الله عنهم)، وفي فترة يعتبرونها (اشرف) فترة من التاريخ الإسلامي، وقد أصبح ذلك التاريخ البداية (الشريفة) لانطلاقة للإسلام والمجتمع الإسلامي (الشريف) لهذه اللحظة.
أما التحريمات الإسلامية الحديثة وفتاوى الدجالين والأقلام والذقون والأبواق المأجورة، فهي لا تمت للإسلام بصلة سواء عند حديثهم عن الحجاب أو شكل اللباس، وفتاواهم ما هي إلا لتجميل صورة قبيحة، وبأسلوب أقبح، عسى أن لا يخرج الناس من كل ما هو قبيح شنيع، خدمة لمصالح سياسية.
* * *
(( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ *النور 31)) (مدنية)
تفسيرها:
” { وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ } يعني: الزينة الخفية التي لم يبح لهن كشفها في الصلاة ولا للأجانب، وهو ما عدا الوجه والكفين {إلا لبعولتهن…أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن} فيجوز لهؤلاء أن ينظروا إلى الزينة الباطنة، ولا ينظرون إلى ما بين السرة والركبة…” (تفسير البغوي- ب31 ج6 ص34)
” إلا لأزواجهن { أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ} فيجوز لهؤلاء أن ينظروا إلى الزينة الباطنة، ولا ينظروا إلى ما بين السرة والركبة إلا الزوج فإنه يجوز له أن ينظر على ما تقدم” (تفسير اللباب لأبن عادل- ب30 ج12 ص88)
” {أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} فيجوز لهم نظره إلا ما بين السرة والركبة فيحرم نظره لغير الأزواج…” (تفسير الجلالين- ب31 ج6 ص321)
” قوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} اختلفوا فيها، فقال قوم: عبد المرأة محرم لها، فيجوز له الدخول عليها إذا كان عفيفا، وأن ينظر إلى بدن مولاته إلا ما بين السرة والركبة، كالمحارم وهو ظاهر القرآن. وروي ذلك عن عائشة وأم سلمة، وروى ثابت عن أنس عن النبي (ص) أنه أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها، وعلى فاطمة ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها، وإذا غطت رجليها لم يبلغ رأسها، فلما رأى رسول الله (ص) ما تلقى قال: “إنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك”. وقال قوم: هو كالأجنبي معها، وهو قول سعيد بن المسيب، وقال: المراد من الآية الإماء دون العبيد. وعن ابن جريج أنه قال: أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أنه لا يحل لامرأة مسلمة أن تتجرد بين يدي امرأة مشركة إلا أن تكون تلك المرأة المشركة أمة لها” (تفسير البغوي- ب31 ج6 ص34)
قوله: { أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ }, قال: ” هو المخنث الذي لا يقوم زبه”. هكذا شرحها ولفظها وفسرها: (الطبري – ابن كثير– ابن أبي حاتم- الألوسي – فتح القدير – الدر المنثور – المغني)
” يُذكَر: أن أم سلمة بعثت إلى معلم الكتَّاب: ابعث إلي غلماناً ينفشون صوفاً، ولا تبعث إلي حراً” صحيح البخاري،… اشترطت أن لا يكون فيهم حر، وذلك لكي لا تقع في ما حرمه الله، فلو كشفت نفسها أمام الغلمان لا مشكلة، وهو مباح حسب الآية: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ}.
لكنها لم توضح هل كانت تريدهم مخصيين أم غير مخصيين، المخصيين الذين كانوا بالعادة يقومون بخدمة الجوامع، فشيخ الجامع (المسلم) له أن يتزوج أربعة نساء ويضاجع عدد غير محدد من الجواري، وخادم الجامع (المسلم) مخصي، يا لهذه العدالة الإلهية!! (الإسلام لم يأمر بخصاء العبيد، لكن لم تكن هناك أية مشكلة فيما إذا قام مسلم حر بخصاء مسلم عبد، كون العبيد أموال).
النبي محمد وصفية ومارية والحجاب:
” وقد قال الصحابة يوم قريظة حين تزوج النبي (ص) صفية بنت حيي: أهي إحدى ما ملكت يمينه أم هي إحدى أمهات المؤمنين؟ فقالوا: ننظر، فإذا حجبها فهي إحدى أمهات المؤمنين وإذا لم يحجبها فهي ما ملكت يمينه، فلما بنى بها ضرب عليها الحجاب، فعلموا أنها إحدى أمهات المؤمنين، ولذلك لم تكن مارية القبطية إحدى أمهات المؤمنين.” (التحرير والتنوير- ب6 ج11 ص203)
” فقائل يقول: سريته، وقائل يقول: امرأته، فلما كان عند الرحيل، قالوا: انظروا إلى رسول الله (ص) فإن حجبها فهي امرأته وإن لم يحجبها فهي سريته، فأخرجها رسول الله (ص) فحجبها…” (المعجم الكبير للطبراني- ب3 ج10 ص76)
عن صفية: “… قال فليس أحد من الناس ينظر إليه ولا إليها حتى قام رسول الله (ص) فسترها…” صحيح مسلم
” قال الشامي نظرها (ص) حتى عرف حسنها لأنها كانت أمة، ولو كانت حرة ما ملأ عينه منها لأنه لا يكره النظر إلى الإماء أو لأن مراده نكاحها…” (عيون المعبود- في بيع المكاتب إذا فسخت- ج8 ص459)

– قال الشاعر المعولي العماني:
نواعمُ أبدانٍ خرائدُ نُهّد كواعبُ غزلان بدورٌ لوامعُ
إذا قنعتْ قلنا بدورٌ تجَلْبَبَتْ وإن سفرتْ قلنا شموسٌ طوالِعُ

يـــتـــبــــــع

Posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر | Leave a comment