تسربت انباء بعد رفع تشوركين ممثل روسيا في الامم المتحدة للفيتو ضد قرار ادانة النظام السوري, تفيد بأن مشادة كلامية حصلت بين تشوركين ووزير خارجية قطر, صرخ فيها تشوريكن مهدداُ الشيخ حمد بأن روسيا دولة عظمى, وبالرغم من انه قد تم نفي هذه التسريبات من قبل تشوركين, نحن نقول لتشوركين بأن الدولة العظمى لا تصرخ ابداُ وتدعي بأنها دولة عظمى, وانما الدول الاخرى هي التي تعاملها معاملة الدولة العظمى, والدول تثبت عظمتها من خلال اقتصادها وتقدمها العلمي, و حقوق الانسان فيها, وليس من خلال الصراخ… ققد صرخ قبلك وماتزال تصرخ الكثير من الدول بأنها عظمى مثل كوريا وايران و كوبا وصدام حسين والقذافي!؟
لقد أثبتنا سابقا بأن روسيا من حيث الاقتصاد والتكنولوجيا وحقوق الانسان ليست بدولة عظمى, وفي هذه المقالة سنقدم برهانا اخر على ذلك من خلال قانون السوق للعرض والطلب على المسألة السورية بين اميركا وروسيا.
في بداية الثورة السورية, قال اوباما ان على (المجرم) بشار الاسد الرحيل, فظنت روسيا بأنها فعلاُ دولة عظمى وتستطيع عن طريق عرقلة رحيل الاسد من ان تحصل على مكاسب من اميركا كسعر مغر من اجل عدم عرقلة رحيل الاسد, … فكان وزير الخارجية الروسي لافروف يبتسم على طاولة المفاوضات للأميركيين مطالباُ بالسعر, .. فكان رد الاميركيين في البداية نحن لا ندفع اثمان لاي شئ كان, وبضاعتكم فاسدة ولن ندفع ازائها اي شئ, وانتم ستخسرون اكثر منا في المستنقع السوري, … هذا كان في البداية, ولكن الآن مع الفترة الرئاسية الثانية لاوباما واعتماد جون كيري كوزير خارجية خلفا لكلينتون, فقد قلب كيري قانون العرض والطلب للمفاوضات بينه وبين لافروف, واصبح هو الذي يطالب لافروف بسعر ويقول له التالي: اذا سلمناكم (لروسيا) الملف السوري من بابه لمحرابه فماذا تدفعون لنا بالمقابل بالملفات الاخرى والتي تهمنا اكثر من سوريا مثل ايران والصين وكوريا والشمالية؟
برأينا هنا تأتي عبقرية الدبلوماسية الاميركية كدولة عظمى مقابل الدبلوماسية الوضيعة لدولة وضيعة مثل روسيا, وبالنتيجة النهائية الدولة العظمى ستحصل على كل ما تريد من دون الحاجة الى ان تدفع اي شئ, اما روسيا فلن تحصل الا على مزيد من الخسارة في كل النواحي, لانها تريد ان تساوم بخساسة على اي شئ لكي تحصل على مكاسب, وهي ليست في موضع دولة عظمى للقيام بذلك, فلن تحصل روسيا من المشكلة السورية الا مزيد من الخسارة الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية بينما اميركا ستحصل على كل ما تريده لا بل ستحصل على اكثر مما تريد و من دون اي ثمن.
هناك إشارات واضحة من أن واشنطن قد اوهمت روسيا بأنها وضعت الملف السوري في يد موسكو، على أن يحظى برعايتهما المشتركة، تماماً مثلما حصل في اليمن، عندما سُلمت القضية اليمنية إلى مجلس التعاون الخليجي ودعمت كل من واشنطن وموسكو مبادرته الناجحة التي انتهت بتسوية تاريخية من دون إراقة دماء, والتي بنهايتها امنت اميركا على كل مصالحها عن بعد وجعلت مجلس التعاون الخليجي يتوهم بأنه هو من فعل كل شئ.
ولكن اوهام عظمة روسيا الكبيرة على حساب الملف السوري, ستكون اكبر لان هناك عدة أطراف خارجية مؤثرة، فما تقبل به موسكو قد لا يناسب طهران، المتورطة بالسلاح والمال والرجال، والتي تريد اوهامها كدولة عظمى من دمج الحل السوري في سلة تفاوضية كاملة مع الغرب كما تفعل روسيا بالنسبة لمصالحها, هذا من جهة ومن جهة اخرى فان ما يؤيده العرب الداعمون للمعارضة السورية قد لا يلق قبول أطراف أخرى تحاول الوقوف في الوسط، مثل مصر وتركيا.
أما من ناحية الدول الاوروبية في مجال منافستها على قانون العرض والطلب على طاولة المفاوضات حول المسألة السورية , فأن الغرب لا يمانع من اطالة امد القتال، لتدمير سوريا من اجل بنائها من جديد وانعاش اقتصاد اوروبا المأزوم, ومن جهة اخرى من اجل استنزاف ايران ماليا وعسكريا ومعنويا، وتوريط ذراعها اللبنانية “حزب الله” في قتل السوريين ولجذب اكبر عدد ممكن من الجهاديين الى سوريا, ليسهل التحكم فيهم وفي حركتهم في نطاق جغرافي ضيق، بهدف التخلص منهم. راجعوا مقالنا:”هل سيتم إغراق الولي الفقيه بالمستنقع السوري؟“.
وفي الختام, عندما تتم المساومة بين الدول العظمى والصغرى مستخدمين مبدأ السوق للعرض والطلب , فأن الدول العظمى تحصل على كل ما تريد بأبخس الاثمان اما الدول الصغرى فتحصل على الفتات هذا اذا تم الرمي لها بالفتات.
هوامش: هل سيتم إغراق الولي الفقيه بالمستنقع السوري؟