طلال عبدالله الخوري 26\4\2016 © مفكر حر
هناك فرق بين الاصلاح والترقيع, فالإصلاح يكون شاملاً سياسيا واقتصاديا وقضائياً, وهذه الاركان متكاملة لا تستطع ان تنجح باي منها منفرداً اذا لم يرافقه نجاحا موازيا في بقية الاركان, لان اي نقص وضعف باي منها سيؤثر سلبا على البقية وسينخر اي اصلاح ترقيعي يمكن تحقيقه منفرداً, هذا ما يقر به علم الاقتصاد والسياسية التي تدرس بهارفارد ارقى جامعات العالم, وهذا ايضا ما يعلمنا اياه تجارب التاريخ, فلو كان الترقيع ينجح لما انهار الاتحاد السوفييتي الجبار ومنظومة حلف وارسو التي وصلت بعلمها للفضاء وانتجت تكنولوجيا عسكرية علمية رفيعة نافست بها منتجات الغرب وتفوقت عليها احياناً, ولو كان الترقيع ينفع لنجحت الصين بالرغم من كل الطفرة الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية التي انجزتها فنظامها هش وسيفشل وينهار في نهاية الامر, ولنجح ايضا نظام الولي الفقيه جاركم بإيران فقد قاموا بكثير من العمل الترقيعي على الاقتصاد وتطوير العلوم, ولوكان الترقيع ينفع لما تخلت ملكة بريطانيا وهولندا وملك اسبانيا والدنمارك والنرويج عن عروشهم لكي تحكم الديمقراطية العلمانية وقوانين القضاء المستقل واقتصاد السوق التنافسي الحر, فهل انت اذكى من كل هؤلاء الملوك وحكام الاتحاد السوفييتي وايران والصين, لكي تكرر تجاربهم الترقيعية الفاشلة السابقة؟ فلماذا تقعون بنفس الحفرة التي وقع بها غيركم, واضطروا بعدها الى الاصلاح الشامل المبني على علم السياسة والاقتصاد؟
لقد نشرنا عدة مقالات اوضحنا بها الاصلاح الشامل الواجب اتباعة في السعودية سنضع روابطها في نهاية المقال ولكن فيما تبقى من السطور سنحاول ان بين لماذا خطة 2030 هي ترقيعية فاشلة.
استثمر ال سعود منذ وصولهم للحكم بشئ واحد لا شريك له هو الاسلمة, وانفقوا تريليونات الدولارات على نشر عقيدتهم الوهابية في الداخل والوطن العربي والعالم ظناً منهم بأن التحكم بعقيدة الناس سيؤمن لهم حكمهم ويديمه للابد, ووقع الملك المؤسس سعود معاهدة كوينسي مع روزفلت رئيس الولايات المتحدة الاميركية انذاك لكي تقوم اميركا بحماية عرشهم والسماح لهم بنشر الوهابية في العالم, مقابل استثماراميركا للنفط السعودي [1], ولكن بعد ان ضرب الارهاب الذي يتبنى الفكر الوهابي كل ارجاء المعمورة عمدت اميركا وكخطوة لمكافحة الارهاب [2] الى ضرب صناعة النفط وتخفيض الاسعار, مما ادى الى عجز في ميزانيات الكثير من الدول وعلى رأسها السعودية, وكان لا بد من عمل شئ ما لترقيع النزيف الحاصل في ميزانية السعودية وهذه هي مضمون خطة 2030 التي تباناها ولي العهد الامير محمد بن سلمان, والتي تعتمد على ايجاد موارد اضافية لم تستثمرها المملكة في السابق وتتبنى بعض الاصلاحات القضائية والسياسية الترقيعية ايضا والتي نلخصها بما يلي:
اولا زيادة الموارد المالية: وتعتمد هذه الخطة على الخصخصة وبيع اسهم في شركة ارامكو, استثمار الموراد الطبيعية من غير البترول, السياحة, تشغيل النساء, والاستفادة من اليد العاملة الوافدة, كل هذه الخطوات هي رائعة ومن المؤكد انها ستجلب كمية كبيرة من الدخل لخزينة الدولة, ولكن اذا لم يرافقها الاصلاح السياسي والقضائي فسيتم استنزافها ونخرها كما اوضحنا سابقا.
ثانيا: لقد رافق زيادة الموارد الاقتصادية السابقة بعض الاصلاحات السياسة ولكنها غير كافية وتبقى في مجال الترقيع وليس الاصلاح الشامل, مثل سياسة “الغرين كارد” التي تعطي حقوق للوافدين اكبر بكثير مما يحصولون عليه الان, ولكن هذا غير كافي على الاطلاق لان الاصلاح يجب ان يكون شامل بتبني نظام العلمانية الديمقراطية وفصل الدين عن الدولة وتبني القضاء المستقل واقتصاد السوق التنافسي الحر.
ثالثا : لقد رافق بعض الاصلاح الاقتصادي والسياسي بعض من الاصلاح القضائي ايضاً, وذلك بالتخلي عن نظام الشرطة الدينية او ما يعرف بجماعة الامر بالمعروف و النهي عن المنكر, ولكن ايضا هذا ترقيع وغير كاف, فاقصى ما يمكن ان تصل به السعودية بمثل هذه الاصلاحات هي ان تصل لمستوى الاصلاح الموجود عند جارتها الامارات العربية المتحدة, ولا نستغرب بان نرى قريبا شيوخ السعودية يفتون بشرعية فتح البارات والمراقص في مكة المكرمة من اجل تشجيع السياحة, وزيادة الموارد الاقتصادية, والشريعة كما قلنا حمالة اوجه وتأصيل مثل هذه الفتاوي سهل جداً, ولكن ايضا هذا غير كاف اذا لم يرافقه اصلاح قضائي وسياسي شامل ونتوقع حتى ان نظام الامارات بالرغم من الاصلاحات الجذرية الهامة في الاقتصاد والقضاء ولكن يبقى لديه نقص بالاصلاح السياسي الديمقراطي, وهذا كما قلنا ومن خلال التجارب التاريخية وعلم السياسة والاقتصاد سينخر كل هذه الاصلاحات وستصل بنهاية الامر الى الانهيار لانه لا بديل عن تكامل الاصلاحات في المجالات الثلاثة الاقتصادية والسياسية والقضائية. [3],[4][5]
مواضيع ذات صلة: [1] المعالم المستقبلية لإنقلاب خادم الحرمين الإسلام لم يعد الدين الصحيح [2] خادم الحرمين ضد الثورة السورية ومصالحه تلتقي مع الاسد وهذا الدليل [3] الفصام السعودي وتجربة اليابان وعبدالرحمن الراشد [4] رسالة الى خادم الحرمين الشريفين [5] جمال خاشقجي يكرر دعوتنا لخادم الحرمين بالتنحي عن الملك
خير الكلام … بعد التحية والسلام ؟
١: يقال أن الغبي هو من يكرر نفس العمل وفي نفس الصراف ويتوقع نتلئج مغايرة ، وهذا بالضبط ما يفعله حضرة الامير ؟
٢: قصة إسلام السعودية تشبه قصة تاجر يهودي سطى على أمواله أحد سلاطين الدولة العثمانية ، ففر بجلده وعاد إليها متخفياً ، وأخذ يشتري خيول وحمير الناس (بمجيديات ذهبية) ويبيعها لغيرهم ، ولما وصل أمره للسلطان تعجب من غباء هذا التاجر فقرر توكيل أشخاص للأتجار نيابة عنه ، وبعد أن شُح سوق الخيول والحمير حتى صارت عملة نادرة وغالية جداً ، وأخيراً بعد فوات الاوان إكتشفو أن تلك المجيديات التي تقاتلوا وتكالبوا عليها لم تكن إلا مجيديات مزيفة (مطلية بالذهب) وهذا ما إكتشفه سلاطين وتجار الاسلام أخيراً أن ما لديهم ليس إلا عملة مزيفة وبشهادة من إقتنوه ؟
٣: مايقوم به ولي العهد السعودي وباقي جوقة أمراء الخليج وخاصة في مصر وحتى السودان ليس حبا بالشعبين بل مكرهين ، لان القوى الكبرى الثلاث قررت تحجيم دور السعودية خاصة عالمياً ومن ثم القضاء عليها جغرافياً ، والسيسي يدرك جيداً أن الجزيرتين عائدين لمصر إن عاجلاً او أجلاً ، حيث رساميل وسندات ال سعود ستكون تعويضات لضحايا غزواتهم وحتى عگلهم ، وما تكالبهم على إنشاء التحالف الاسلامي السني إلا دليل على رعبهم ؟
٤: وأخيراً …؟
لقد قلتها منذ تولي الملك سلمان الحكم بانه سيكون أخر ملوك ال سعود لان شرورهم وإرهابهم قد أَذًى الشرق والغرب ، ولن يكون مصيرهم بافضل من مصير القذافي وبن علي وصدام والايام بيننا ، وبدليل إستجداء عون السيسي وبشير ، لان الوثوق بتركيا أردوغان كمن يثق بحفيد قاطع رأس جدهم الاول في إسطنبول أيام زمان ، سلام
برافو عليك