لماذا يزداد تخلفنا

كامل النجار

الطفل يؤلد وعقله صفحة بيضاء خالية من الحروف والأفكار. والداه ثم مجتمعه يسطرون السطور الأولى في تلك الصفحة البيضاء، فيتعلم الطفل الكلام ثن المعتقد ثم، في الغالب، الحرفة التي يعمل بها أبوه. وتستمر حياته بنفس منوال حياة أبيه، إلا إذا كان محظوظاً وعاش في بيئة تتيح له الدراسة في مدارس نظامية.
العرب، طوال تاريخهم المعروف، اعتمدوا على نقل خبراتهم شفهياً، ولم يهتموا بتعلم الكتابة إطلاقاً، رغم أن جيرانهم في سومر وفي فارس وبيزنطة وفي ممالك اليمن قبل الميلاد، تعلموا الكتابة وأرخوا لملوكهم وحروبهم ومعتقداتهم. وعندما جاء الإسلام كان حامل رايته أمياً، كما زعم هو بنفسه في القرآن، وكان عدد الذين يكتبون لا يتعدى أصابع اليدين والرجلين (وكان بعض اليهود قد علم كتابة العربية وكان يعلم الصبيان بالمدينة في الزمن الأول فجاء الإسلام وفي الأوس والخزرج عدة يكتبون‏، وهم سعد بن عبادة بن دليم والمنذر بن عمرو وأبي بن كعب وزيد بن ثابت فكان يكتب العربية والعبرانية ورافع بن مالك وأسيد بن حضير وسعد بن الربيع وأوس ابن خولى وعبد الله بن أبي المنافق‏.)‏ ( فتوح البلدان، البلاذري ص 535). والبقية أميون
واستمر تناقل الدين الجديد شفهياً حتى منتصف القرن الثاني الهجري لدرجة أن الإمام مالك بن أنس لم يكتب حرفاً واحداً من “المدونة الكبرى” وإنما اعتمد على الدروس الشفهية فقط، وكتب تلميذه عبد الرحمن بن القاسم المدونة ونقلها عنه الإمام سحنون بن سعيد التنوخي. فحتى كبار فقهاء الإسلام ربما لم يكونوا يعرفون القراءة والكتابة وإنما اعتمدوا على السماع من شيوخهم.
مثل هؤلاء الشيوخ هم الذين قادوا أمة الإسلام التي يتفاخر قرآنهم بأن الله (أرسل في الأميين رسولاً) أمياً مثلهم. وما زالت الأمية في خير أمة أخرجت للناس تتعدي الأربعين في المئة في الرجال، والسبعين بالمئة في النساء. وماذا عن قادتنا السياسيين والدينيين حتى اليوم؟ القادة الدينيون، أي الشيوخ، أصبحوا من حملة الألقاب الأكاديمية مثل “دكتور” و “بروفسور” في الشريعة (تشبهاً بالكفار الذين منعهم دينهم عن التشبه بهم). ولكن هؤلاء الدكاترة والبروفسورات لم يدرسوا شيئاً خارج نطاق القرآن والسنة والفقه. فهم أميون بالنسبة للعلوم الطبيعية والفلسفة، وبذلك ما زال فهمهم للكون ولنظرية التطور فهماً طفولياً أمياً جعل كبير علماء المملكة العربية السعودية الأسبق، الشيخ عبد العزيز بن باز يجزم “أن من يقول بأن الأرض كروية وتدور حول الشمس فقد افترى على الله الكذب، فالله يقول إن الشمس تجري لمستقر لها، وبذلك أصبح ناكراً لما هو معروف من الدين بالضرورة، ويجب توبته، وإن لم يتب، يجب قتله.” فإذا كان الأعمى يقود فاقد البصر، ماذا نتوقع من خط سيرهما معاً؟
فإذا كان بن باز يؤكد في القرن العشرين إن الأرض مسطحة والشمس تدور حولها، نجد في أوربا في القرن الثامن عشر، رجال دين مسيحيين برعوا في الهندسة والرياضيات وعلم الفلك والجلوجيا والفيزياء، وكان لطروحاتهم في تلك العلوم أثرٌ كبير في ظهور النظريات العلمية التي قدمت العلم خطوات عملاقة، رغم تصلب الكنيسة الكاثوليكية في محاربة العلم. والفضل يرجع لرجال الدين هؤلاء في تعايش العلم مع الدين في القرن الثامن عشر، ثم ترجيح كفة العلم في القرن التاسع عشر وما بعده، وتقدم أوربا خطوات جبارة في ظرف زمني وجيز، في حين نجد رجال الدين الإسلامي مستمرين في تجهيل العامة ومنعهم من اقتناء العلوم الحقيقية، وبيعهم بدلاً عنها سراب الجهل والغيب والحور العين. والحكمة الأزلية تقول “فاقد الشيء لا يعطيه”. فليس هناك رجل دين إسلامي واحد برع في الفيزياء أو الرياضيات أو الكيمياء، وهي الأساس لفهم الكون والإنسان.
من رجال الدين المسيحي الذين أفادوا العلوم الطبيعية حتى قبل القرن الثامن عشر، نجد:
– روبرت كروسيستي
 Robert Grosseteste (1175-1253)
. ولد هذا الرجل في أسرة فقيرة ودرس علوم اللاهوت، وأصبح فيما بعد أسقف مدينة لنكولن، ومحاضراً في جامعة أكسفورد. ولكن كل منجزاته الدينية تضمحل أمام سمعته كأحد أكثر الرجال علماً في زمانه، فقد حاز على الماجستير في الرياضيات والبصريات والعلوم الطبيعية
science
 لدرجة أنه غطى على منجزات تلميذه المشهور روجر بيكون، ويقول مؤرخو العلوم الطبيعية أن روبرت هذا كان رائد الحركة العلمية في أكسفورد، التي ما زالت تميز جامعة أكسفورد على الجامعات البريطانية الأخرى. من منجزات روبرت هذا: “تعليقات على فيزياء أرسطو” و “نقد التقويم الروماني القديم
Julian Calendar
 مما أدى إلى تغيير ذلك التقويم بالتقويم الحالي تحت البابا جريجوري الثالث عشر. وقدم كذلك دراسات في البصريات، والموسيقى والرياضيات.
– الأسقف إجنازيو دانتي (1536-1586). ولد هذا الرجل في إيطاليا، في مدينة بيروجيا
Perugia
 ودرس اللاهوت في جامعتها، وانضم إلى المجموعة الدينية
The Dominicans
 في عام 1555. وكانت له هوايات عديدة منها علم الفلك، الرياضيات، البصريات، الهندسة المعمارية، الهندسة المدنية، علم السوائل
 Hydraulics
، وعلم الخرائط. في عام 1574 أثبت أن الأيكونوكس
 Equinox
أي اليوم الذي يتساوى فيه طول الليل مع طول النهار، يجب أن يكون أحد عشر يوماً قبل موعده في التقويم الجريجوري. وأشتهر أكثر بالخرائط التي رسمها للمدن الإيطالية، وقد كلفه البابا بايوس الخامس
Pius V
 و البابا جريجوري الثالث عشر برسم خرائط أهم المدن الإيطالية.
– القس مارين مورسينى
Marin Mersenne (1588-1648)
. صديق وزميل ديكارت في الدراسة. عُين قساً عام 1612. واشتهر شهرة واسعة في دوائر علماء الرياضيات، وسموا الأعداد التي لا تقبل القسمة إلا على نفسها أو الرقم 1
Prime numbers
باسمه. وجادل بحماس عن قوة عقل الإنسان
 Human reasoning.
 وكان يراسل ديكارت وتوماس هوبس وباسكال. وكان يعقد اجتماعات دورية لأغلب العلماء الأوربيين. وتبرع بجسده للبحوث العلمية.
– جين فيلكس بكارد
Jean-Felix Picard
. حاز على لقب مؤسس علم الفلك في فرنسا. أصبح هذا القس أول شخص في أوربا يقيس حجم كوكب الأرض في عام 1669. وقد حسب أن قطر الأرض هو 6326 كيلومترات، وقد أثبتت الآلات الحديثة أن مقاساته تختلف عن المقاسات الحقيقية بنسبة 0.44%. وقد استفاد إسحق نيوتن من مقاساته في حساب الجاذبية الأرضية. وكان من مؤسسي الأكاديمية الفرنسية. وقد سموا أحد الأودية في القمر باسمه، وكذلك المسلسل التلفزيوني
 Star Trek.
– جريجور مانديل
Gregor Mendel (1822-1884)
. هذا القس النمساوي هو أبو علم الجينات بدون منازع، وقد أجرى تجاربه على نبات البسلة Pea pods. وقد عرف وقتها أن بعض الجينات الوراثية مهيمنة
 Dominant
 وبعضها متنحي
recessive.
 وقد تعرفنا على كل الأمراض الوراثية واحتمالات إصابة المواليد بها من دراسات القس مانديل.
– القس آرمند ديفيد (1826-1900). هذا القس بدأ حياته العملية مبشراً في الصين، وكان مغرماً بعلم الحيوان
zoology
و علم النباتات
Botany
 وعلم الجلوجيا. وقد اشتهر لدرحة أن الحكومة الفرنسية طلبت منه إرسال عينات من النباتات التي درسها إلى باريس. وعند رجوعه إلى باريس في عام 1888 قدم محاضرة في المؤتمر العالمي للعلماء الكاثوليك.
– القس يوليوس نيولاند
Julius Nieuwland (1878-1936).
 القس نيولاد ولد بأمريكا من أبوين من بلجيكا، ودرس علم الكيمياء بجامعة نوتردام، وعُين قساً عام 1903. وحصل على دراسات عليا في علم النبات وفي الكيمياء. وعُين أستاذاً في علم النبات بجامعة نوتردام. وقد كان أول من أخترع المطاط
الصناعي
 neoprene.
 يُستعمل هذا المطاط في تغليف أسلاك الكهرباء وأسلاك التلفونات، وفي سقوف بعض المنازل. وقد حاز على عدة جوائز علمية
– القس جورج لاميتى
Georges Lemaitre (1894-1966).
 هذا القس البلجيكي كان عالماً في الرياضيات وعلم الفيزياء. وبعد أن عُين قساً انضم إلى جامعة كمبردح بإنكلترا ودرس العلوم الطبيعية، وتخصص في علم الفلك، وفي نظرية النسبية لآنشتاين. وتأكد له أن العالم متحرك وفي حركة اتساع، وأن كل المادة والطاقة كانت متركزة في نقطة واحدة. وهزأ العلماء وقتها بنظريته وسموها
Big Bang
كنوع من السخرية بها.وعندما قدم محاضرته عن بداية العالم صفق له أنيشتاين الذي كان حاضراً بالاجتماع. والآن أصبحت بج بانج هي النظرية المقبولة عالمياً.
– القس ستانلي جاكي
Stanley Jaki
 ولد في المجر عام 1924 وما زال حياً. عينه البابا جون بول الثاني في عام 1990 في الأكاديمية البابوية. نال درجة الدكتوراة في
Nuclear Physics.
 ويجيد خمس لغات، وألف ثلاثين كتاباً. وقال “إن العلم لا ينمو إلا في محيط مسيحي”.
هذه مجرد نبذة عن بعض رجال الدين المسيحي في أوربا منذ القرن الثامن عشر الميلادي وما قبله، وبهم تقدم العلم خطوات حثيثة. فماذا يقابلهم في “علماء” خير أمةٍ أُخرجت للناس؟
“علماء” الأزهر شغلوا أنفسهم بفقه الولاء والبراء والحيض والنفاس حتى سماهم الخميني ” علماء الحيض والمرحاض”. والقليل منهم الذي حاز على درجة علمية مثل د. زغلول النجار، استعمل درجته العلمية للكذب على العامة بما أسماه “الإعجاز العلمي في القرآن”. وقد كون الأزهر “مجمع البحوث العلمية” الذي تخصص في مصادرة الكتب التي تنتقد الإسلام أو الصحابة، بدل أن يبحث في العلوم. وأفتى أن الفلسفة تنكر ما هو معروف من الدين بالضرورة، ومنعوا تدريس الفلسفة بالمعاهد الأزهرية. وأفتوا كذلك أن الصليب يسيء إلى مشاعر المسلمين. واعترضوا على توحيد الأذان في مصر لأن ذلك يختلف عن السنة النبوية الشريفة. ولم نقرأ أي بحث علمي لهذا المجمع البحثي الشهير، بل قرأنا الكثير عن محاربته للعلم وسعيه لتكيم الأفواه، فقد طالب شيخ الأزهر السابق طنطاوي بجلد الصحفيين الذين ينتقدون الأزهر أو الرئيس مبارك . وفي نفس الوقت أجازوا رسالة دكتوراة لطالب أزهري عنوانها “رسالة الكفران” كفّر صاحبها مجلة روز اليوسف والسيدة التي أنشأتها، فاطمة اليوسف. وقال الدكتور فرحات المنجي لمحرري روز اليوسف: ” أعيب عليكم الحرية الزائدة عن اللازم التى تصطدم بثوابت العقيدة فأنتم المجلة الوحيدة التى أخذت موقفا ضد الدين!! وأضاف: لا حرية فى ثوابت الدين”. وقد أفاق مجلس البحوث الأزهري الموقر من نومه عندما علم باستيراد غشاء البكارة الصناعي الذي أنتجته الصين إلى مصر، فأصدر بيانا يؤيد (مطالبة الدكتور عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية بتطبيق حد الحرابة (القتل) علي من يقوم باستيراده باعتباره يمثل مفسدة في الأرض ويبيح الرذيلة.) أما الدكتورة آمنة نصير الأستاذ بجامعة الأزهر، فقد قالت: ” أنا لا أدري إلي أي مرحلة وصلت قيم المجتمع، وأعني أثمن قيمة التي ترتبط بالفتاة وعفافها وحياتها النظيفة التي تربت داخل أسرة تحوطها بالقيم والثقافة المعتدلة حتي تصل إلي بيت زوجها وهذا هو المضمون. أما وأن يحدث في مسألة عفافها تلاعب فهذا هو الغش والخداع، وهي كارثة أن يفقد الرجال الثقة في البنات”.) (إيلاف 4 أكتوبر 2009).
وفي نيجيريا هناك جماعة دينية سياسية إرهابية اسمها جماعة «بوكو حرام»، التي تعني باللغة السواحلية «التعليم الغربي حرام»، واشتبكوا مع السلطات الحكومية عدة مرات مما أدى ألى قتل العشرات من أنصارها بينهم نائب قائدهم. وبدأت الاشتباكات في ولاية بوتشي بعد اعتقال أعضاء في الجماعة، وامتدت إلى ثلاث ولايات أخرى، وأُحرقت الجماعة مراكز شرطة وكنائس وسجون (الشرق الأوسط 1 أغسطس 2009).
وفي ماليزيا، الدولة التي بعتد بها الإسلاميون لتقدمها الاقتصادي وديمقراطيتها، رغم قولهم إن الحاكمية لله فقط، ففي هذه الدولة التي يكون المسلمون فيها ستين بالمئة، أصر “علماؤها” على منع غير المسلمين من استعمال كلمة “الله” لانها تخص إله الإسلام فقط، ونسوا أن الكلمة هي “إله” معرفة بالألف واللام، وكان العرب يستعملونها في شعرهم قبل ظهور الإسلام بعشرات السنين. وقد ذكر القرآن هذه الحقيقة.
وفي باكستان وأفغانستان يصر “علماء” المسلمين على تحريم تعليم البنات لأن رسول الإسلام قال “لا تسكنوهن الغرف ولا تعلموهن القراءة والكتابة”. فالمرأة ناقصة عقل ودين، وإن أردنا أن نعلمها لنزيد في رجاحة عقلها، يحرق الفقهاء مدارس البنات حتى لا تتعلم.
أما في مملكة الوهابية، ومهبط الوحي الجبريلي، فإن العلوم الحديثة لا تدخل في قاموس “العلماء” من دكاترة وبروفسيرات. فمثلاً عندما ادعى شاهدان من البدو أنهم رءوا هلال رمضان، وقال أهل الفلك أن الهلال لا يمكن أن يكون قد ظهر تلك الليلة، أجابهم مفتي المملكة بأن سوًغ (قبول شهادة الشاهدين اللذين شهدا برؤية هلال ذي الحجة سنة 1425هـ بأنهم “ليسوا أطفالا وأنهم لا يخفى عليهم حال القمر لأنهم أهل رعي وإبل”). فشهادة اثنين من البدو أقسموا على المصحف، تفوق شهادة علماء الفلك، لأن البدو أهل أبل ورعي. وقد صدق عمر بن الخطاب حينما قال “لا يصلح للعرب إلا ما يصلح لإبلهم”.
وأما المفتي الحالي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ فقد نصح الذين يقولون أن الخسوف والكسوف ظواهر كونية، بأن يتوبوا إلى الله، فقد (ردّ سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ على من يقولون ان كسوف الشمس وخسوف القمر ،ظواهر كونية ولا علاقة لها بالذنوب والخطايا ، وقال: إنها تنعقد سببا للعذاب،وأنها تكسف على المسلم والكافر ،وأنهم يعلمون موعد الكسوف والخسوف بدقة.. واكد سماحته ان هذه أخطاء يقع فيها هؤلاء المتقوّلون بذلك لان الكسوف والخسوف آيتان من ايات الله يخوّف بهما عباده ، وقال سماحة المفتي العام : إن من يقولون بان الكسوف والخسوف ظواهر كونية مخالفون لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وطالب من يقولون ذلك ويكتبون باقلامهم هذه الاراء والافكار ان يتوبوا الى الله عز وجل ، ويتبعوا سنة رسول الله.)
سُئل الشيخ السعودي أبن العثيمين: مر الرسول بحلقتين من الناس، واحد حلقة ذكر، والأخرى حلقة علم، فجلس مع حلقة العلم، فهل يجوز الجلوس في حلقات الذكر؟ فكان رده: (هذا الحديث لا أعلم صحته ولا أظنه يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن الاجتماع على العلم لاشك أنه من أفضل الأعمال لأن العلم نوع من الجهاد في سبيل الله فإن الدين إنما قام بالعلم والبيان والقتال لمن نابذه وعارضه ولم يخضع لأحكامه وأما الذكر فإن الاجتماع أيضاً على الذكر لا بأس به ولكنه ليس الاجتماع الذي يفعله بعض الصوفية يجتمعون جميعاً ويذكرون الله تعالى بصوت واحد أو ما أشبه ذلك إنما لو يجتمعوا على قراءة القرآن أو ما أشبه هذا مثل أن يقرأ أحد والآخرون ينصتون له ثم يديرون القراءة بينهم فهذا ليس فيه بأس ولا حرج فيه.) (فتاوى الشيخ ابن العثيمين). فالدين قام بالعلم الشرعي وقتال من نابذه ولم يخضع لأحكامه، وتُعتبر العلوم الدينية جهاد في سبيل الله.
وقد أفتى الشيخ السعودي الكبير محسن العبيكان بجواز التداوي بالسحر، ولما هاجمه بعض شيوخهم، رد بالآتي: ( أن عددا من الأئمة والفقهاء أباحوا حل السحر من قبل ساحر منهم سعيد بن المسيب والحسن البصري والإمام احمد وابن الجوزي والإمام البخاري ونص عليه عدد من فقهاء الحنابلة في كتبهم المعتمدة التي يفتي بها ويحكم بها القضاة في السعودية.( (شفاف الشرق، 8 يوليو 2006).
أما “علماء” باكستان وبنغلاديش والسودان والصومال، فحدث عنهم ولا حرج. فهل بعد هذا نستغرب لماذا يزداد تخلفنا كلما ازدادت الأمم تقدماً؟ وما أصدق مقولة القس ستانلي جاكي عندما قال إن العلوم لا تنمو إلا في محيط مسيحي. وأنا لا أحاول بهذا المقال الدفاع عن المسيحية، فأنا رجلٌ لا ديني، ولكن إحقاق الحق واجب علينا. فالمجتمعات العربية برمجها رجال الدين الجهلاء بأن تجتر ماضيها وتتغذى عليه كما يجتر البعير طعامه من معدته وقت الحاجة. وقانون نيوتن للحركة يقول إن كل جسم يتحرك في خط مستقيم إلى أن تتدخل قوة أخرى لتوقفه أو تغير اتجاه مساره. ونحن للأسف يقودنا رجال دين ليس بمقدورهم تغيير مسارنا لأنهم لا يملكون المقومات العلمية لذلك.
وقبل أن يرد علينا الإسلاميون بأمجاد العلوم الإسلامية في الدولة العباسية، نقول لهؤلاء إن الذين برعوا في العلوم الطبيعية لم يكونوا من رجالات الدين، والقليل من رجالات الدين الذين حاولوا الخوض في الفلسفة أو ماهية الوجود، كفّرهم شيوخ الدين من أمثال حجة الإسلام الغزالي ورموهم بالإلحاد وحرقوا كتبهم، حتى عباس بن فرناس الذي حاول الطيران بأجنحة من صوف الطير، ودق عنقه ومات، لم يسلم من تكفيرهم. وأغلب الذين نجحوا في العلوم الطبيعية فعلوا ذلك لأنهم ينحدرون من حضارات غنية بالعلم مثل فارس وبيزنطة، ولم ينجحوا لأنهم كانوا مسلمين، بل لأن ترجمة التراث اليوناني إلى العربية أتاحت لهم الفرصة ليبحثوا في العلوم الطبيعية.

بعض هذه المعلومات منقولة بتصرف من المصادر الآتية:
Catholic Answers
http://en.wikipedia.org.wiki/George_Lema
– Bill Bryson: A Short History of Nearly Everything

كامل النجار (مفكر حر)؟

About كامل النجار

طبيب عربي يعملل استشاري جراحة بإنكلترا. من هواة البحث في الأديان ومقارنتها بعضها البعض وعرضها على العقل لمعرفة مدى فائدتها أو ضررها على البشرية كان في صباه من جماعة الإخوان المسلمين حتى نهاية المرحلة الجامعية ثم هاجر إلى إنكلترا وعاشر "أهل الكتاب" وزالت الغشاوة عن عينيه وتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود من حقيقة الميثالوجيا الدينية الهدف الوحيد من كتاباتي هو تبيان الحقيقة لغيري من مغسولي الدماغ الذين ما زالوا في المرحلة التي مررت بها وتخطيتها عندما كنت شاباً يافعاً
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.