المدنيون الأبرياء في كل سوريا يموتون. وهم بالنسبة للوطن كأسنان المشط متساوون في الحقوق والواجبات، وعلى راس حقوقهم حق الحياة الكريمة كأحرار.
منذ أيام كان الدور على مدنيي إدلب والمعرة وريف حلب ليطالهم القتل الموجه أساساً لإستهداف الإرهابيين …
***********
نبكيهم كما بكينا على كل مدني بريء في بلادي من درعا وريفها إلى القنيطرة وريفها إلى السويداء وريفها، إلى دمشق المدينة والغوطة، إلى حلب المدينة بجانبيها إلى ريف حلب بجانبيه، إلى حمص وريفها إلى حماه وريفها، إلى طرطوس وريفها وإدلب وريفها واللاذقية وريفها، ثم إلى الرقة الأسيرة ودير الزور وريفها الأسير والحسكة وقسم من ريفها الأسير.
نعم نبكيهم لأن ما يجمعهم هو حجم المأساة التي عصفت ببلادنا، وتوحد بينهم المظلومية ولا يفرقهم دين أو دنيا. كلهم أبناء سوريا العميقة فلا تطأوا على جروحهم الطاهرة …
***********
نظرت إلى المرآة، فرأيت جريحاً بريئاً يئنُّ مضرجاً بدمائه …
قلت له: كنت أظن هذا أنا في المرآة! من أنتَ؟
قال: أنا مدني من إدلب، مزقني القصف منذ أيام، وأنا داخل دُكّاني.
هذه ليست مرآتي، فأتيت بثانية ونظرت إليها فرأيت طفلةً تموت !
من أنتِ قلت لها مستغرباً؟
قالت: أنا من المعرة، قصفني الظالمون.
أعطوني مرآةً ثالثة، ما الذي يجري؟
وإلى الثالثة أنظر فأرى امرأةً عجوز من ريف حلب تلفظ أنفاسها الأخيرة.
ما تفعلين هنا؟ قالت أُذَكِّرُكَ بالمجزرة!
*********
مرآة كل سوري صارت تظهر له هذه المرة إخوته في ادلب والمعرة وريف حلب يموتون.
بدوا كلهم غير مقاتلين وحتماً غير تكفيريين.
أين الإرهابيين التكفيريين إذاً؟ قيل لي: في مغاورهم يسرحون ومع إمائهم يلهون. ربما قضى منهم إثنان أو ثلاثة على الأكثر مقابل مئة من المدنيين الأبرياء، وبضعة عسكريين من الجيش الحر.
************
لماذا يُقْتَلُ شعبنا، ألا يكفيه ما يعانيه؟
غداً سينتقم التكفيريون من المدنيين أيضاً في حلب والفوعة وغيرها ! وسيموت مزيد من الأبرياء. ويصبح الجرح الإجتماعي غائراً أكثر وتتعذر مداواته أكثر.
عاودت النظر إلى المرايا فلم أعد أَرَى أحداً، حتى نفسي!
مات الأهل الأبرياء وبقي الإرهابيون …
***********
أيها المجتمع السوري وحد صفوفك بعيداً عن نظريات التعصب والإستبداد البالية ومن أجل وطن للجميع.
سينحسر دعاة العنف والإرهاب والتسلط وتبزغ شمس الأمل، لكن تذكروا أنكم شعب واحد، متنوع الثقافات والمعتقدات ويسعى إلى دولة القانون والكرامة الإنسانية والمواطنة الحقة …
دولة لجميع السوريين.