إختاروا بين طريقي العِلم والدين !
(مَنْ يكره أنْ يضحَك الناس على عقائدهِ ,ينبغي أن لا تكون له عقائد مُضحِكة) أحدهم !
مقدمة :
فيما تنشغلُ شعوبنا وحكوماتنا العربية والإسلاميّة ,بطريق الأديان والطائفيّة المُتجذّرة في أعماقها .وتتنامى في العقود الأخيرة نزعة التطرّف والتزمّت والكراهية والدوغمائية في عموم العالم الإسلامي .
ورغم كل ما قيل ويُقال عن نظرية المؤامرة الغربية على الإسلام .لكن الواقع يقول بأنّ (الثورة الإسلاميّة الشيعية الخُمينيّة) في نهاية سبعينات القرن الماضي ,دفعت بعد عقدين من الزمان (القاعدة) الإسلاميّة الوهابيّة الدموية ,الى تفريخِ أبنائها في شتى بقاع المنطقة ,من طالبان وداعش وجبهة النصرة في آسيا ,الى حركة الشباب و بوكوحرام في أفريقيا !
بينما على الجهة الأخرى ,مازال العالم الغربي (كعادتهِ معظم الوقت) مُنشغلاً بالطريق الثاني للحياة على ظهر كوكبنا الأزرق ,ألا وهو العِلم !
لذا (لو شئنا النهوض) فقد آن الاوان لتجاوز الخطاب الديني التقليدي وحتى السياسي والإجتماعي الذي لا يؤمن سوى بنظرية المؤامرة الكونية والسلطة الذكورية وتحييد المرأة وبعض الخرافات الأخرى .
فلنقف مع أنفسنا وقفة صريحة شجاعة باحثين عن بعض الأسباب !
***
هذا المقال يضم جزئين رئيسين :
في الجزء الأول : سألخص لكم ما اُسميه فكرة (الطاقة والحياة) ,من الموقع المُحترم (منظمة المجتمع العِلمي العربي) ومقرّه لندن .وسأضع لكم الروابط اللازمة !
في الجزء الثاني : سأقتبس من مقال د. كامل النجار بعنوان (لعنة آل سعود) أرقام معروفة من مصادرها العالميّة ,عن المصاريف الخُرافيّة من البترودولار لغرض نشر الفكر الوهابي في المنطقة والعالم أجمع !
فقط ليطلع القاريء العربي العادي على سُبل الصرف الرشيد (في الغرب)
مقابل الصرف الأحمق (في عالمنا الإسلامي) .لنفهم بعدها (واحداً على الأقلّ) من أسباب تقدّمهم .. وتخلّفنا !
***
الجزء الأوّل : الغرب والعِلم !
غالبيتنا سَمِعَ على الأقل عن محاولات وسعي الغرب في العقود الأخيرة لإستحداث طُرق بديلة للحصول على الطاقة .
ليس فقط كون الطاقة الإحفورية كالغاز والنفط وبعض المعادن (وهي موارد إقتصادية آيلة للنفاذ) وفي تناقص تدريجي وتوجد في مناطق محدودة في العالم .
إنّما (وهذا هو الأهمّ) السعي لإمتلاك الطاقة المُتجدّدة (النظيفة ,الخضراء ,الصديقة للبيئة) خصوصاً من الشمس والرياح ومياه البحار وحرارة باطن الأرض (هذه موارد إقتصادية غير قابلة للنفاذ على المدى المنظور) !
لأجلِ تقليل مخاطر تهديد المناخ , Climate Change Threats
والتي تشمل إتساع ثقب الاوزون المحيط بكوكبنا وإرتفاع درجة الحرارة على سطح الكوكب تدريجيّاً وذوبان الجليد المُتسارع الذي ستلحقه نتائج عديدة تبدأ بنقص مصادر المياه العذبة وتنتهي بالتأثير على المناطق السياحية للتزلج .حتى الشُعَبْ المرجانية سوف تتأثر بتهديد المناخ وذلك بسبب زيادة حموضة المياه نتيجة زيادة ذوبان CO2 الناتج من الصناعات والمواصلات والحرائق (وتنفس الكائنات الحيّة) ,في البحار والمُحيطات .
وبجملة واحدة يؤثر تهديد المناخ سلبيّاً على الحياة والإقتصاد والبيئة والإنسان ومستقبل كوكبنا عموماً !
لكن تبقى المشكلة الرئيسة التي تواجه أغلب طُرق البحث عن الطاقة البديلة ,هي إرتفاع تكلفتها الى حدٍّ كبير أحياناً !
***
الطاقةُ الزرقاء !
من الطرق الحديثة في مجال الطاقة البديلة هي التالية :
توفير الطاقة الكهربائية عن طريق تحليّة مياه البحر المالحة !
أي تحقيق هدفين مُهميّن في آنٍ معاً ,توفير مياه عذبة إضافةً الى الطاقة الكهربائية !
الفكرة تحدث كما يلي :
حينما يمتزج الماء المالح بنظيرهِ العذب في مَصبّات الأنهار ,يؤّدي ذلك الى حدوث عملية تفاعل كيمياوي ,يمكن تسخيرها لتوليد الكهرباء !
وهذا مُخطط توضيحي للعمليّة مع شرح موجز لها من الموقع المذكور آنفاً
نُشِرَ بتأريخ 5 نوفمبر 2014
ملاحظة بشأن المُخطط : السهم الأحمر (الضغط) سيأتي من ماء البحر نفسه ,في موضوعنا الحالي !
***
تمّ مؤخراً في مركز الأبحاث الأسموزية و تطبيقاتها
(CORA)
التابع لجامعة سري
(Surrey)
في إنكلترا
وبالتعاون مع شركة
(Modern Water plc)
إكتشاف مصدر جديد للطاقة النظيفة,إنّه (الطاقة التنافذية الأزموزيّة) !
الطاقة التنافذيّة تنتج عن الفرق في الضغط بين الماء المالح والماء العذب ,(وبسبب التغير التدريجي للتركيز) !
تتحرر هذه الطاقة من عملية مزج محلولين ,أحدهما واطئ التركيز والآخر عالي التركيز .كما في حالة مزج الماء العذب ذي الضغط التنافذي الواطئ مع ماء البحر ذو الضغط التنافذي العالي .
في منظومة قدرة تنافذيّة رياديّة ,يتّم تحويل الجهد التنافذي للماء المالح
الى ضغط هيدروليكي وبنسبة مئوية عالية !
هذا الضغط الهيدروليكي يمكن أن يُستخدم لتوليد القدرة الكهربائية بشكل
قدره مائية تنافذية ,أو
(HOP) Hydro Osmotic Power
ويمكن إتمام هذه العملية من خلال إستخدام محرك توربيني مائي وموّلد كهربائي !
كذلك يمكن إتمامها بصورة مباشرة من خلال أي منظومة إستخلاص طاقة
(ERS) (Energy Recovery System) ,
كمنظومة تبادل الضغط
PES
على سبيل المثال !
وأين يكمن السرّ في ذلك ؟
إنّ فرق الضغط في العملية التنافذيّة بين ماء البحر والماء العذب هو بحدود 27 بار(هذا الضغط مُكافئ لإرتفاع شلال مقدارهُ 270 متر) !
نظريّاً فإنّ كل متر مكعب من الماء العذب يُقذف إلى البحر ,يمكن أنْ يوّلد 0.7 كيلو واط ساعة من الكهرباء !
(هذا التقدير مبني على أساس أن ماء البحر يحوي 3.5% من الاملاح) لكن في حالة كون التركيز أعلى فإن الطاقة المنتجة قد تصل إلى 7 كيلو واط ساعة للمتر المكعب .وهذا يكافئ شلال إرتفاعه 2700 متر!!
ملاحظة :
عندما أشارَ عالم إسرائيلي يُدعى (سيدني لوِب) إلى إمكانية إستخدام هذه المواد في ما وصفهُ بمحطات توليد الطاقة عبر إستغلال خاصية التناضح
فقد كان يأمل في أن يؤدي ذلك إلى تسخير الطاقة الناجمة عن إمتزاج مياه نهر الأردن العذبة بمياه البحر الميت المالحة / الرابط الثاني !
***
إمكانيّات وتكاليف !
إنّ إمكانيات الطاقة التنافذيّة هائلة وغير محدودة لكن المشكلة في التكلفة !
فقبل خمسة أعوام بيّنت إحدى شركات القدرة النرويجية المُهتمة بالتخطيط
لإستثمار القدرة الازموزية ,بأنّ منظومة للقدرة التنافذيّة يُمكن أن تُنتِج طاقه كهربائية إقتصادية بمبلغ مقدارهُ 50 يورو للميكا واط ساعة .
(بالطبع هذا رقم مرتفع للتكلفة ) !
لكن يمكن زيادة إمكانيّات المنظومة وتقليل الكلفة من خلال تعشيقها مع مصدر طاقة مستديمة أخرى مثل الطاقة الشمسية أو الرياح أو الامواج !
في الرابط الأوّل سيجد القاريء المُهتم ,كلّ التفاصيل النظرية والعملية لهذه الطريقة المُبتكرة في توليد الطاقة الكهربائية !
لكن لمن لا وقت لديه لفتح الرابط ,أقول أنّ الحديث عن تكلفة هذه الطريقة هو المهم حاليّاً والعمل جارٍ بالطبع على تخفيضها تدريجيّاً !
عموماً اليوم في تقيم إقتصادي لمنظومة قدرة كهربائية ل 48 ميكا واط تستخدم الماء المالح المُركز الناتج عن منظومة تنافذ عكسي لماء البحر وجد أن كلفة الكهرباء المتولدة بحدود 28 يورو لكل ميكا واط ساعة !
(لاحظوا أنّها كانت قبل خمسة أعوام 50 يورو / ميكا واط ساعة) .
هذا الرقم أصبح من السهل مقارنته اليوم مع كلفة الكهرباء المتولدة من محطات اُخرى .فمثلاً :
في محطة كهرونوويّة تصل الكلفة لـ 29 يورو / ميكاواط ساعة .
في محطة فحم تصل الكلفة لـ 22 يورو / ميكاواط ساعة .
في محطة غاز طبيعي تصل الكلفة لـ 12 يورو / ميكا واط ساعة .
في محطة كهرومائية الكلفة 5 يورو / ميكا واط ساعة .
هذا يعني ببساطة أنّ كلفة إنتاج الطاقة الكهربائية بالطريقة التنافذية الأزموزيّة مازال مرتفعاً مقارنةً بباقي الطُرق ,إنّما ليس خارج المعقول . والعمل الحثيث لتخفيض التكلفة مازال مستمراً !
***
الجزء الثاني : مصاريف خرافيّة من البتروـ دولار !
نحنُ نعلم أنّ الأرقام (والصور) ,أبلغ من الكلام غالباً !
لذا سأكتفي في هذا الجزء بوضع بضعة أرقام ذات دلالة ومن مصادرها العالميّة ,من مقال د. كامل النجار (لعنة آل سعود) ,مع الرابط لمن يشاء الأطلاّع على التفاصيل المُمّلة !
1 / قبل إكتشاف النفط في الجزيرة العربية كانت إنكلترا قد تعاقدت مع الملك (عبد العزيز آل سعود) على دفع راتب له بمبلغ 5000 جنيه إسترليني ,مقابل تمثيل مصالحها في منطقة الشرق الأوسط !
2 / حتى بعد إكتشاف النفط في ثلاثينات القرن الماضي كانت أغلب مدخولاتهِ تذهب الى الشركات الأمريكيّة ممثلةً بشركة آرامكوـ الظهران !
3 / في تلك الفترة كان شعب المملكة السعودية يعتمد بشكل كبير على البواخر التي كانت تأتي من مصر والسودان محملة بالبضائع والخراف. وحتى كسوة الكعبة كانت تاتيهم سنوياً من سلطنة دارفور في غرب السودان ,ثم تولت مصر كسوتها بعد ذلك !
4 / تدريجيّاً إزدادت إيرادات النفط .وفي الخمسينات بزغ نجم الزعيم المصري جمال عبد الناصر ,فبدأت السعودية بإنفاق الأموال على الجماعات الإسلاميّة في مصر وباقي البلاد العربية لإنهاء حكمهِ !
5 / بعد موت عبد الناصر في عام 1970 عادَ الإخوان المسلمون من السعودية محملين بالبترودولارات لنشر الفكر الديني في ربوع مصر وغيرها ,كخير وسيلة للحفاظ على نظام آل سعود ولتعبيد الطريق لتمكين الإخوان من حكم مصر حتى تكون سنداً لآل سعود !
وكتطبيق عملي لهذه النظرية تفتّق ذهن الأمير محمد الفيصل (إبن الملك فيصل) عن فكرة إنشاء البنوك الإسلامية !
6 / في نهاية عام 2004 كان هناك 270 بنك إسلامي ,رأس مالها 260 بليون دولار !
(The General Council of Islamic Banks and Financial Institutions, Agence France Presse, April 25, 2004
نقلاً عن روبرت درايفوس / لعبة الشيطان)
7 / بلغت تحويلات الأموال من الجمعيات الخيريّة السعودية والخليجية إلى القاعدة في أفغانستان (بين عامي 1979 و 1989) أكثر من 600 مليون دولار ! (لاحظوا هذا الرقم لا يشمل المساعدات الحكوميّة) !
8 / أنفقت السعودية في العقدين الأخيرين مبلغ 87 بليون دولار لنشر المذهب الوهابي في جميع ربوع العالم ,حسب شهادة أحد الخبراء أمام الكونجرس الأمريكي في 26 يونيو 2003 !
***
الخلاصة :
(التخلّف ليسَ عُذراً)
Retardation is not an excuse
شعار غربي يميل للعِلم !
(المذاكرة ليست عُذرا للتخلّف عن صلاة الجماعة) / شعار إسلاموي يميل للكسل والنوم في العسل !
أعود للأرقام فهي وسيلتي الأولى في مقال اليوم !
عموم الدول الغربيّة تُخصّص جزءاً لا بأس به من ميزانيتها السنوية الضخمة لأغراض البحث العِلمي .فهذه المصاريف لن تذهب هباءً منثورا إنّما ستوّفر طرقاً جديدة للحصول على الطاقة البديلة (ناهيك عن صحّة وسعادة ورفاهية البشر) بكُلف أقلّ وأكثر أماناً للبيئة والإنسان !
رقم واحد في هذا المجال يكفي لتوضيح الصورة .
حيث أصدرت بريطانيا ميزانية أبحاث الإتحاد الاوربي الجديدة ,التي تُعرف بإسم مبادرة هورايزون (الأُفق) 2020 التي تبلغ 67 مليار جنيه إسترليني (ما يعادل 80 مليار يورو) .هذا يغطي الأبحاث العلمية خلال الأعوام السبعة المقبلة / الرابط الخامس !
ومن إسرائيل ذات النسبة الأعلى في العالم في الصرف على البحث العلمي (حوالي 5% من الناتج القومي),أيضاً سأذكر رقم واحد .
فهي تُنفق على البحث العلمي ضعف ما ينفق العالم العربي مجتمعاً !
بلغ مجموع الإنفاق الإسرائيلي على البحث العلمي (غير العسكري) ما يعادل حوالي 9 مليار دولار حسب معطيات 2008 !
لكن على الطرف الثاني ماذا نجد ؟
تنفق الدول العربية حوالي 0.2% من دخلها القومي على البحث العلمي.
بينما مصاريف السعودية (فقط) على دعم الإرهاب (أو نشر الفكر الوهابي حسب تسميتهم) تصل الى 100 مليار دولار !
بالطبع الضرر لا يقتصر على المليارات المُهدرة إنّما يتعدّاهُ كثيراً !
إذ كما نعلم ,غالباً ما ينقلب السحر على الساحر !
فالمليارات التي صرفتها السعودية الوهابيّة من أموال البترول لغرض نشر الوهابيّة وفكرها المتطرّف الإرهابي في المنطقة والعالم ,وبعدَ أن خرّبَ هذا الفكر دولاً عديدة من بينها العراق وسوريا وليبيا (والبقيّة تأتي),
يعود اليوم ليرتد عليها وعلى جزيرة العرب .بحيث نسمع الدواعش يعلنون وصولهم هناك .بل قاموا فعلاً بالعديد من العمليات الإنتحارية ضدّ مساجد شيعية ,آخرها في الكويت !
سؤالي الوحيد للقرّاء الأعزّاء :
هل مازال الخيار صعباً لديكم بين طريقي العِلم والأديان ؟؟؟
تحيّاتي لكم !
***
الروابط :
الأول :القدرة المُستخلصة من الماء المالح منظمة المجتمع العِلمي العربي
http://www.arsco.org/detailed/615002f1-900d-4f6f-839d-eb42a77384c0
الثاني :الطاقة الزرقاء /توليد كهرباء من مزج مياه عذبة بمالحة !
http://www.bbc.com/arabic/scienceandtech/2015/06/150615_vert_fut_blue_energy_by_mixing_water
الثالث :التغيّرات المناخيّة !
http://www.alhurra.com/content/focus-57-climate-change-in-usa/265639.html
الرابع : لعنة آل سعود/مقال د.كامل النجّار في 16 يونيو 2011
https://mufakerhur.org/?p=8416
الخامس : مشروع هورايزون 2020
http://www.bbc.com/arabic/worldnews/2014/02/140201_horizon_2020_budget
السادس :دراسة مقارنة بين إسرائيل والدول العربية ـ مركز الزيتونة !
http://www.alzaytouna.net/permalink/5421.html
رعد الحافظ
2 يوليو 2015