لَا تَدَعِينِي أَغْرَقْ..
لَا تَدَعِي الشُجُونَ تَحْرِقُ بَاقَاتِ الزِنْبَقْ،
وَلَا تُهَدِّدِي رَوْنَقَ الصَبَاحْ،
وَتَرْحَلِي عَّنِي إِلَى غَيَاهِبِ النِسْيَانِ،
فَتَقْتُلِي حُبَّاً.. لِلْتَّوِ قَدْ أَشْرَقْ،
فِي رَبِيعِ العُمْرِ لَا تَتَسَاقَطُ أَوْرَاقُ الشَجَرْ،
وَلَا تَجِفُ فِي جَدَاوِلِهِ حُمْرَةُ الشِفَاهِ،
وَأَنَا أَقْسَمْتُ..
بِأَنِّي سِوَاكِ بَعْدَ اليَومِ لَنْ أَعْشَقْ،
فَلَا تَجُنِي جُنُونَ اَلأَسَدِ وَتَضْطَرِبِي،
وَتَأْخُذِي ذَاكَ القَرَارَ اَلأَحْمَقْ،
فَأَبْكِي أَنَا، وَتَنْدَمِي،
وَأَنْتِ تَعْرِفِينَ ثَورَةَ قَلْبِي..
صَاحِبَ اللَهِيبِ اَلأَزْرَقْ..
يَا وِشَاحَ قَلبِيَ العَتِيقْ،
يَا مَوْطِنِي، يَا قَلَمِي، يَا أَعَزَّ رَفِيقْ،
لَا تُمَزِّقِي شِرَاعَ القَدَرْ،
وَلَا تَتَوَعَّدِينِي بِطُولِ السَّهَرْ،
فَتُحْرِقِي قَلْبِي بِنَارٍ،
لَا تُطْفِئُهَا كُلُ بِحَارِ الدُّنْيَا،
وَلَا كُلُ مَوَاسِمِ المَطَرْ..
سَكَبْتُ دَمْعِي بِينَ يَدَيْكِ،
وَلِمَنْ غِيرُكِ تُذْرَفُ الدُمُوعْ..
يَا صَاحِبَةَ العُيونِ الحَزِينَة،
يَا وِجْدَانِي، يَا طَهَارَتِي، يَا أَحْلَامِي الثَمِينَة..
لَا تَدَعِينِي أَغْرَقْ..
أَلَا تَشْفَعُ لِي عِنْدَكِ شَجَرَةُ التُّوتِ التِي قَبَّلْتُكِ تَحْتَهَا،
وَتِلْكَ السَجَادَةِ الدِمَشْقِيَّةِ التِي حَضَنْتُكِ فَوْقَهَا،
وَلِقَائاَتُنَا المُعَطَّرَةُ بِأَحْلَامِ الحُرِيَّة،
وَمَشَاوِيرِنَا، وَقَهْقَهَتُنَا، وَدُمُوعُنَا،
وَهَمَسَاتُنَا الوَرْدِيَّة،
ألَا تَشْفَعُ الذِكْرَيَاتْ..
مَالَكِ تَتَحَدِّينَ الصَّبْرَ فِيَا،
وَتَتَحَدِّينَ فِيَا رَبِيعَ أزْهَارِي،
وَأَنَا العِشْقُ أَدْمَيتُ بِهِ مَعَالمَ القَدَرْ،
وَخَلَدْتُ بِهِ تَارِيخَ وَطَنِي،
وَخَلَّدْتُ سِيرَةَ اَلأَحْرَارِ،
وَقَتَلْتُ بِهِ جُبْنِي، وَقَتَلْتُ غَضَبِي،
وَسَحَقْتُ بِهِ أُسْطُورَةَ اَلأَشْرَارِ..
مَالَكِ تَقْرَعِينَ طُبُولَ الحَرْبِ فِي كُلِ لِقَاءْ،
أَ وَلَا تَعْلَمِينَ بِأَنِّي أَنَا المُنْتَصِرُ فِي مَعْرَكَةِ الوَدَاعْ،
وَإِنِّي أَنَا الفَائِزُ فِي كُلِّ شِدَّةٍ، وَفِي كُلِّ صِرَاعْ،
وَأَمْلِكُ جَمِيعَ وَسَائِلِ الحْرْبِ،
وَأَمْلِكُ جَمِيعَ وَسَائِلِ الدِفَاعْ،
أَ وَلَا تَعْلَمِينَ بِأَنِّي أَنَا المُنْتَصِرُ دَائِمَاً،
فِي حَلَبَاتِ العِشْقِ،
وَأَنَا المُنْتَصِرُ فِي كُلِّ نِزَاعْ،
وَإِنِّي قَائِدُ الثَّائِرَاتْ، وَ إِنِّي فَاتِنُ السَّاحِرَاتْ،
وَإِنِي الفَتَى المُطَاعْ..
أَ وَلَا تَعْلَمِينَ بِأَنِّي أَنَا الفَارِسُ المِغْوَارُ،
وَأَنَا سَيِّدُ بَنِي قَومِي، وَأَنَا الشَّاعِرُ الشُجَاعْ،
لَا تَدَعِينِي أَغْرَقْ..
لَا تُنَادِي جَيْشَكِ الذِي قُلوبَ الكَثِرِينَ قَدْ أَحْرَقْ،
وَتُحَطِّمِي مَجَادِفِي،
فَكِلَانَا لِلْحُبِّ جُنْدٌ، وَكِلَانَا عَلَى مَتْنِ الزَّوْرَقْ.
جان برو