لنفهم مبدأ التطوّر أولاً !

10

رعد الحافظ

رعد الحافظ

لنفهم مبدأ التطوّر أولاً ! 

لا يمكن أن يكون في البيولوجيا أيّ شيء معقول إلاّ في ضوء التطوّر !
(عالم الوراثة الروسي ,ثيودوسيوس دوبزانسكي)

مقدمة :
لأجلِ فهم نظرية التطوّر التي أصبحت الحقيقة العلمية المركزية الأولى لجميع العلوم في هذا العصر ,أختصر واُبسّط لكم هذا الجزء من كتاب المباديء ل ناتالي أنجير .ويخّص الحديث عن التطوّر ودلائلهِ .
***
ليس من المهم أن تؤمن بوجود كائن أعلى ,أو تفضّل الإكتفاء بفريق فتيات رونيت للغناء .
ليس من المهم مايكونه القرص الذي تدخله في الوحدة العقلية التي تحمل عنوان (الربّ) !
لن يتأثّر أيّاً من هذا عندما عندما تُدرِك مايكونه المبدأ الموجود في الأساس من الحياة الدنيوية ,وفي تشابكها معاً كلّها .
هذه الحياة التي نراها من حولنا , الحياة التي نُسميها الحياة الخاصة بناNeanderthal
قد تطوّرت من أشكال حياة سابقة لها !
وتلك بدورها قد إنحدرت من أنواع لأسلاف قبلها .
لقد تطوّرت الأنواع الأكثر حداثة من الأنواع الأكثر قِدَماً بواسطة
القوّة الجبّارة للإنتخاب الطبيعي !
هذهِ قوّة يكاد يكون لها مداها وبراعتها في كلّ زمان ومكان .
لدرجة أنّها ليست بحاجة الى أيّ تأهيل أو إضافة أو ثقل للموازنة أو إعتذار .
التطوّر بالإنتخاب الطبيعي يُعرَف أيضاً التطوّر الدارويني أو الداروينيّة !
وهو الذي يُفسّر الحياة على الأرض بكلّ كيانها الكامل العنيف .
كلّ مافيها حاليّاً من 30 (أو ربّما 100 مليون) نوع , وما إنقرض منها , وما سيكتشف لاحقاً ,كلّه خاضع لهذا المبدأ …التطوّر !
التطوّر لدى غالبية البايولوجيين هو جزء من تعريف الحياة
و كما يوّضح أحد الباحثين :
ما الحياة ؟ إنّها مايؤكل ومايتناسل ومايكون ليّناً .. وما يتطوّر !!!

(تلخيص من كتاب المباديء,ناتالي أنجير,فصل 6 ,البايولوجيا التطوريّة)
***
وإليكم هذا الإعتراف بأهميّة مبدأ التطوّر من خارج سرب البايولوجيين !
يقول روبرت جيف (الفيزيائي في معهد
MMT)

[ يجب على الناس أن يُفكروا في الفيزياء بإعتبارها مصدر القوانين الأساسيّة للعِلم !
إلاّ أنّ هناك قانوناً أساسيّاً واحداً يأتي لنا من علوم الحياة !
إنّه قانون عميق يتصّف بكلّ الإنتشار والشمول ,كأيّ شيء في الهيكل المُقدّس للفيزياء .إنّهُ قانون التطوّر بالإنتخاب الطبيعي !
وهو مبدأ مُطلق للطبيعة , يعمل في كلّ مكان .إنّهُ مبدأ مُذهل ,إلاّ أنّ التطوّر يُبخَسْ قدره .وأكثر ما أتألّم له أنّهُ يتعرّض دوماً للهجوم ! ]
***
ص 251
واصلَ (دافيد ويك) لثلاثين سنة تدريس مُقرّر من المستوى الرفيع عن التطوّر في جامعة كاليفورنيا في بيركلي . وهو يقول :
[الأدلّة على نظرية التطوّر صلبة صلابة الصخر ,ولايمكن مهاجمتها !]
ويضيف موّضحاً :
[أينما نظرتَ الى أبحاث الدواء ,تجد من الأرجح أنّها تُختبر أولاً على حيوانات المعمل ,قبل الموافقة على إستخدامها للبشر .
وأنتَ قد تؤمن (مثل التكوينيين) بأنّ عُمر الأرض 6 آلاف عام فقط .
وأنّ كلّ مخلوق وضعَ فيها بما هو عليه كما وضعهُ الربّ وقتها .
مع ذلك سوف تشعر بأمان أكثر عندما تعرف أنّ حيوان التجارب الذي ضُحّيّ بهِ من أجلكَ كان من الفئران ,وليس عنكبوتاً أو قوقعاً !
يقول ويك : لماذا نجري التجارب على الفئران أكثر ممّا على العناكب ؟
إلاّ إذا كان السبب هو أنّنا نفهم بالسليقة أنّ الفئران تشبهنا أكثر من العناكب ! فهل يمكن أن يكون لذلك علاقة بالتطوّر ؟ ] !
ويختتم ويك بالقول :
[ لابّدَ أن يكون المرء في حالة عمى مُطلق ,كي لايرى التطوّر ,في كلّ شيء ممّا نفعلهُ ! ]
***
العالم البايولوجي د. ريتشارد داوكنز ,أشهر من نار على علم .
يقول في لقاء مع مُحقق صحفي في برنامج صالون دوت كوم مايلي :
[ كثيراً مايُقال ,كون التطوّر حدثَ في الماضي ولم نره نحن حين حدوثهِ فلا دليل مباشر عليه .هذا بالطبع هُراء !
أمر التطوّر يشبه أن يأتي مُخبر الشرطة الى مشهد الجريمة .وبالطبع سيأتي بعد إرتكابها . لكنّه سيعمل على إكتشاف ما لابّد أن يكون قد حدثَ ,بأن ينظر الى ماتبقى هناك من مفاتيح اللغز .
مفاتيح اللغز في قصّة التطوّر موجودة ببلاين مُضاعفة ! ]
ثمّ يضيف داوكنز مايلي :
[ هناك مفاتيح نتوّصل إليها من طريقة توزيع الجينات في كلّ مملكة الحيوان والنبات .وكذلك من التحاليل التفصيلية التي تُقارن بين محصول واسع من الخصائص الفيزيائية والبيوكيميائية .
مايوجد من توزيع للأنواع فوق الجُزُر والقارات في العالم كلّه ,هو بالضبط مانتوّقعهُ عندما يكون التطوّر حقيقة .
توزيع الحفريات في المكان والزمان هو أيضاً ما نتوقعهُ عندما يكون التطوّر حقيقة .
هناك ملايين من الحقائق تُشير كلّها الى الإتجاه نفسه !
ولا توجد أيّ دلائل تُشير الى الإتجاه المُعاكس ,أيّ فكرة الخلق الذكي !
***
ص 260
تُعتبر الداروينية ,الرياضة القومية الدموية في الولايات المتحدة !
ومن بين أحد أهمّ أسباب مهاجمتها ,هو ما يدور من مجادلات ومُماحكات عنيفة بين علماء البايولوجيا التطوريّة أنفسهم بشأن بعض التفاصيل !
ذلك النوع من المجادلات الذي يُعّد في معظم فروع المعرفة الأخرى
أمراً عاديّاً يهتم به المتنافسون وأفراد قائمة بريدهم الإلكتروني .
إنّما في حالة الداروينية ,فإنّ الجميع يريد المشاركة في النسخ الكاربونية لبريدها الإلكتروني !
***
لكن مهما كان عراك علماء التطور واضحاً حول التفاصيل ,فإنّهم لا يختلفون ولا يتجادلون البتّه حول حقيقة التطوّر !!!
***
ص 260 الى ص 269 / الحديث يدور عن دلائل نظرية التطوّر !
نظرية التطوّر لم يَعُد تسميتها (( نظرية )) يُمثل الواقع على الأرض .
كونها صارت الحقيقة العلمية المركزية الأولى لعلم البايولوجي ,و باقي العلوم !
وإذا كان لدى أيّ إنسان أدنى شكّ في صدق هذهِ (الحقيقة)
فما عليه إلاّ أن يُراقب تأثير المبيدات الحشرية ,على الحشرات !
حيث سيجد أنّ أيّ نوع جديد ومهما كان تأثيره قويّاً قاتلاً في البداية
إلاّ أن الحشرات بعد بضعة مواسم ستجد الحلّ المناسب لمجابهة ذلك المُبيد . بل التعايش معهُ والإستفادة منهُ في زيادة حجمها غالباً !
***
ص 270 / الحديث عن الحفريّات !
بالطبع تبقى (الحفريّات) التي إكتشفها العلماء من أعظم دلائل التطوّر .
لكن هناك مشكلة في إكتشاف الحفرية !
فبعد أن تقضي الحفرية زمن طويل يمتد مابين عشرات آلاف الى ملايين السنين وهي تتحجّر بصبرٍ وجَلَدْ تحت الأرض .
لا بّدّ لها من أن تُناضل لشّق طريقها ثانيةً الى سطح الأرض !
وإذا كان لسجل الحفرية أن يُقرأ ,فلابدّ لها من أن تجد السبيل الى الركوب فوق لوح حرفٍ يرتفع .أو أن تبرز فوق الجانب المكشوف لتل أو جبل .
أو لابدّ أن تكون فوق هضبة رسوبية تُنحَتْ بجهدٍ شاق بالرياح أو المياه .
لتكشف عن شيء من عدّة طبقات ,كأنّها شطيرة محشوة بلحم من صخر,
أي كوليمة حفرية !
يقوم علماء (الباليونتولوجيا) بمعظم صيدهم (بحثهم) فوق جوانب التلال ,
وفي أخاديد الوديان العميقة .
حيث تؤّدي تواطؤات عارضة بين الجيولوجيا والأحوال الجوية الى العمل في خدمة ترسيبات قديمة ,لمحات من الماضي البعيد تكون فيه معظم الأرض مدفونة بعيداً أسفل التربة !
وصعوبة أو سهولة تحديد عمر الحفريات يختلف حسب طبيعة المكان .
وعموماً فالعلماء يحدّدون بدقة أكبر تأريخ الحفريات عندما تكون أقلّ عمراً من 55 ألف سنة !
ويستخدمون في عملهم هذا نوعين من الكربون .. 12 .. و.. 14
الذين مازالا يتلكآن داخل بقايا الكائن !
لكن في حالة تقدير أعمار الحفريات الأقدم من ذلك يركز العلماء على النظر الى الحجر الذي يؤوي العظام , حيث ستحوي غالباً مايُسمى بالنظائر المُشعّة وهي نسخ غير مستقرة من العغناصر الذرية , مثل اليورانيوم 238 , البوتاسيوم 40 , الروبيديوم 87 !
***
الخلاصة :
لايكفينا كي نفهم تفاصيل حياتنا وطبيعة أجسامنا ومشاكلنا الصحيّة وحتى أذواقنا وحواسنا ومشاعرنا وغرائزنا وتعاملنا مع بعضنا ,وصولاً الى فهم نظام هذا الكون الفسيح حولنا .
لايكفينا أن نجلس القرفصاء ونقول : دعوا أمور الخلق للخالق !
في بلادنا البائسة ,وفي أحسن الاحوال نسمع (علماء الحيض) أمثال زغلول النجار يقولون التالي :
حسناً لنشتغل بالجزئيّات ونترك الكليّات لأنّها من إختصاص الله وحده .
الأمور لا تُقاس هكذا !
فالجزئيات مرتبطة بالكليّات الى درجة واضحة لنعلم أنّ تكوين ذرة التراب في حديقتنا ,وأكبر كوكب في هذا الكون (الشمس) هي ذاتها !
والعلم إكتشف وربط حتى بين السلوك الحضاري للشعوب مع طبيعة الجو ونوع الغذاء والعادات الإجتماعية والثقافية .. الخ
فكيف سنتقدم خطوة من دون القراءة العلمية ؟
ثمّ أنّ (علمائنا الأعلام) أنفسهم يهرولون ,أقصد يطيرون بطائرات الكُفّار الى أحدث المستشفيات الغربية في أوربا وأمريكا عند شعورهم بمرضٍ خطير . فلماذا علينا تصديقهم في هرائهم الدائم الذي أوصلنا الى قاع الجدول في سلّم الحضارة الإنسانية ؟
لكي نتطوّر ,علينا أن نفهم نظرية التطوّر أولاً ونتقبّلها كحقيقة مركزية أولى في العلم !

تحياتي لكم
رعد الحافظ
22 سبتمبر 2014

About رعد الحافظ

محاسب وكاتب عراقي ليبرالي من مواليد 1957 أعيش في السويد منذُ عام 2001 و عملتُ في مجالات مختلفة لي أكثر من 400 مقال عن أوضاع بلداننا البائسة أعرض وأناقش وأنقد فيها سلبياتنا الإجتماعية والنفسية والدينية والسياسية وكلّ أنواع السلبيات والتناقضات في شخصية العربي والمسلم في محاولة مخلصة للنهوض عبر مواجهة النفس , بدل الأوهام و الخيال .. وطمر الروؤس في الرمال !
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.