قياس الامم تؤشره عدة مواقع ومنها الآداب والفنون ، والموسيقى هي إحدى مراحل رقي الامم .
لكونها ليست فقط هي نغما وإنما حضور فكري وحضاري واجتماعي وذوقي ، الأذن والآنامل هي أدوات وآلية بالإضافة للحس المرهف والإبداع ، وهذه هي خصلة للشعوب القديمة والحديثة ، وهي مؤشرات لرقي تلك الامم ، والتي عندما تشوه صورتها ، ترسمها الموسيقى من جديد .
استمعوا وانصتوا لقد بدأت الأوركسترا بالعزف من قيثارة المعبد إلى عود الشرق الجميل إلى إيقاع الراقصين ، تلك حكاية لسفينة النغم والذوق والانامل ، اسمعوا ما قاله التاريخ .
الموسيقى في عصر ما قبل التاريخ
تقع شبه الجزيرة العربية ما بين مصر والعراق، وقد كانت مركزا تجاريا في العالم القديم وأساسا للحضارة منذ ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد. وقد كشفت الآثار عن وجود ممالك عربية قديمة في جنوب شبه الجزيرة ذات مدنيات خاصة وحضارات عريقة.
يقول الدكتور فريتس هومل: ” لقد عثرنا في بلاد العرب الجنوبية على آثار مزدهرة في زمن قديم جدا”، ويسرت الأبحاث بعد ذلك هذا العالم أن يحدد قائلا: ” لا بد أن مدينة بلاد العرب الجنوبية بآلهتها ومحارق بخورها ونقوشها وقلاعها وحصونها كانت مزدهرة في بداية الألف السنة الأولى قبل الميلاد. إلا أن أصل العرب ومدى علاقتهم بالشعوب السامية الأخرى لم يزل حتى الآن موضع جدل بين علماء الأجناس.
ولا تشهد الآثار وحدها على عظمة هذه المدنيات، بل النقوش البابلية والأشورية والسماوية، والمؤلفون القدامى أيضا، إذ يعترفون بالدور الذي قامت به بلاد العرب في توجيه الثقافات الأشورية والبابلية.
ومع ذلك لم يصل إلينا شيء عن موسيقى الأقدمين، ولكن تم الإهتداء إلى أول أثر للموسيقى العربية في القرن السابع قبل الميلاد على أحد نقوش بانيبال. إذ يذكر أن الأسرى العرب كانوا يقضون وقتهم في الغناء والموسيقى، وهم يشتغلون لسادتهم الأشوريين، مما أطرب الأشوريين لدرجة جعلتهم يسألونهم المزيد.
ويعترف العالم الموسيقي بيتر كروسلي هولاند أنه قامت حضارة عربية كبيرة خلال الألف السنة قبل الميلاد، وقد استطاعت هذه الحضارة النامية أن تؤثر تأثيرا مباشرا على الشعوب المجاورة وأهمها سكان بلاد با بين النهرين والإغريق والعبريين. ومما يدل على هذا التأثير في رأي كروسلي، هو أن بعض أساء الآلات الموسيقية العربية يستخدم في هذه البلاد بصورة بتثبت سابق صلتها بالإسم العربي. ومن ذلك كلمة “طبلة” بالعربية وهو اسم الآلة الإيقاعية المعروفة لدينا والتي تستخدم على نطاق شعبي شاسع في بلادنا. ومما يدل على عراقة أصلها أن اسم هذه الآلة باللغة العبرية تيبيلا وبلغة أهل بابل وأشور تابولا. وكذلك كلمة تف في الآرامية العبرية تعود إلى كلمة دف في العربية. ومن الواضح أن المزمار العبري المسمى زمر هو الزمر العربي. وهكذا حدث الاشتقاق لكل هذه المسميات من الاسم العربي الأصيل. ولا عجب في ذلك فإن للعرب أثرهم الواضح في جميع الميادين.
وتدل جميع الظواهر على أن الموسيقى العربية القديمة استخدمت في الأغراض ذاتها التي كانت تستخدم فيها موسيقى الطقوس الدينية. ومن هذه الأغراض التغني بالشعر والاشتغال بالسحر. ولا شك أن الدراسات الدقيقة للآثار القديمة في بلاد ما بين النهرين قد تمخضت عنها نتائج باهرة تعكس الصورة التي كانت عليها الموسيقى العربية في عصر ما قبل التاريخ. لكن تلك الحضارة العربية القديمة اندثرت مع التدهور السياسي والاقتصادي الذي أصاب الممالك العربية وصارت الهجرات أمرا مألوفا يوميا. فهجرت المدن العظمى وتركت للخراب، مع ذلك لم يصب العقم بلاد العرب بل سخر الله له الدين الإسلامي لتزدهر من جديد ويعيد مجدها السابق ولكن في صورة أفضل ومفهوم أوضح.
لا شك أن الموسيقى هي أقدر الفنون على خدمة الإنسان، وهي أرقى أنواع منشطات الحياة والصحة النفسية والعضوية، فالصحة النفسية والعضوية هي تناسق الشيء مع كل شيء الخلية مع الخلايا، والروح مع الأرواح، والإنسان مع الكون، كما تتناسق النغمة مع النغمات، والآلة مع الآلات .
إن قضايا الموسيقى تستمد أهميتها من أهمية الموسيقى ذاتها، كفن يعتبره أفلاطون أرفع الفنون وأرقاها، لأن الإيقاع والتوافق في يقينه يؤثران في النفس الباطنة، والحياة الانفعالية للإنسان ، بما ينعكس أثره على أعضاء الجسم وأجهزته.
وإذا عادت بنا عجلة التاريخ إلى الوراء، فيجب أن نذكر – ولا ننسى أبداً – الطبيب الحاذق والفنان البارع، المصري القديم ” أمحتب” الذي كان أول من استخدم الموسيقى في العلاج والذي انشأ أول معهد طبي في التاريخ للعلاج بالذبذبات الموسيقية .
لقد أثبت العلم الحديث أن ذبذبات الموسيقى تؤثر تأثيراً مباشراً على الجهاز العصبي، إذ يمكن لكل ذبذبة أو أكثر أن تؤثر على جزء ما بالمخ ، خاص بعصب ما ، فتخدره بالقدر الذي يتيح له فرصة الاسترخاء، واستجماع الإرادة، للتغلب على مسببات الألم ، فيبدأ الجسم في تنشيط المضادات الطبيعية والإفرازات الداخلية التي تساعد الجهاز المناعي وغيره على التغلب على مصدر الداء ومكانه .
لو أن في كل أسرة عربية فرداً واحداً يعزف على آلة، لاستطاعت كل أسرة أن تحل مشاكلها وتنطلق، لأن الموسيقى تحل لنا مشاكلنا النفسية، وبالتالي مشاكلنا الصحية العضوية. بل لقد اقتحمت الموسيقى المجال الاقتصادي وساعدت على زيادة الإنتاج.
إن الموسيقى الرفيعة من عالمية وعربية تشكل كالكتاب والفن والمسرح، الغذاء الروحي للشعوب، وبالتالي فهي ليست ترفاً بل “ضرورة” تكاد تكون مادية يتعين أن توفرها كل دولة لكل فرد، وأن تبدأ في تقديمها له منذ الطفولة وطوال حياته حتى نهاية مرحلة العمر.
.
=
الموسيقى والطب النفسي****
إن شخصية الإنسان وسماتها والمؤثرات التي تشكلها لها تركيباتها العصابية والنفسية والسيكوباتية ونماذج الشخصيات التي تتفرع منها، كالشخصية العاجزة الواهنة، والشخصية العصابية الأنطوائية، والشخصية الدورية، والشخصية غير المتزنة انفعالياً، والشخصية البارانوية، والشخصية السلبية العدوانية، والشخصية النفاسية الفردية والهيستريائية والشخصية السيكوباتية.
وهناك أهمية للصوت والغناء و الموسيقى في بناء روح الإنسان منذ الطفولة عبر الحوار المفهوم وغير المفهوم، بالمشاهر بين الطفل ووالدته مؤكداً أن الخيط الرفيع الذي يربط الطفل بالأم يتجلى بالموسيقى الموجودة في صوت الأم .
ولذلك فالأطفال الذين يترعرعون في أحضان المربيات، ويدخلون إلى دور الحضانة باكراً جداً قبل البلوغ إلى حد الإشباع من حنان الأم، والموسيقى الموجودة في حواراتها ونبرات صوتها يتعرضون للإصابة بأمراض نفسية في المستقبل، وكذلك بالنسبة للمراهق الذي يحاول البحث عن نفسه من خلال حوارات مفتوحة مع ذويه وأصدقائه، مما يجعله بحاجة إلى الموسيقى الداخلية من جهة أحلام اليقظة، والى الموسيقى الموجودة في حوارات الإنسانية من جهة ثانية، وهنا تظهر حاجة المراهق إلى الموسيقى وحسب تكوين شخصيته يتحدد نوعها.
====================================
التخت الشرقي ***
كان لابد للفرقة الموسيقية من مرافقة المغني مع بقية المرددين، وإن مهمة الفرقة الموسيقية هي العزف الآلي، حيث تعزف المقدمة الموسيقية قبل الغناء وتسمى اصطلاحاً بالدولاب وذلك للتمهيد إلى سيطرة المقام أي النغم الذي سيبدأ منه الغناء، وترافق الفرقة الموسيقية المغني بالعزف الموسيقي أثناء غنائه، فتساعده وتزيد في قوة الأداء ورسوخ التأثير.
وتوجد جمل موسيقية خاصة تسمى اللازمات ومفردها لازمة وهي تعزف وحدها دون مرافقة الغناء وذلك في مواضع متنوعة ومتعددة ضمن العمل الموسيقي، فمنها ما يعزف لتكملة المعنى اللحني أو الموسيقي الذي يأتي بعد عبارة لحنية غنائية، أو أن تكون بمثابة تمهيد لجملة لحنية غنائية تجيء بعدها، أي أنها تهيء الاتصال بين شطرة غنائية وأخرى، أو بين جملة لحنية وجملة ثانية، وهي أيضاً تمهد للدخول في الغناء أو بعد الانتهاء من غناء المذهب، وأيضاً قبيل المباشرة في القفلة الغنائية النهائية تكون هذه اللازمات الموسيقية الآلية قصيرة المدة، ولا يستحسن إطالتها، وقد يلجأ بعض العازفين إلى عزف لحن المذهب بكامله بعد الانتهاء من غنائه .
ويمكن للفرقة الموسيقية أيضاً إعادة بعض الجمل اللحنية بطريقة العزف الآلي، بالإضافة إلى عزف جمل التهيئة وذلك من قبيل الزيادة في التطريب ولإطالة المدة التي يستغرقها الأداء بصورة عامة .
ويتألف التخت الشرقي من الآلات التالية القانون والعود والناي والدف وقد تمت إضافة آلة الكمان إليه لقدرتها على عزف أرباع الأصوات المستخدمة في الموسيقى الشرقية كما تمت إضافة آلة التشيللو والعزف عليها بطريقة النقر وذلك لتغطية مجال الأصوات الغليظة وإضفاء الأثر الجميل على الإيقاع الريتم للجمل الموسيقية، ولكن مع دخول الآلات الكهربائية بدأ تراجع التخت الشرقي حتى أننا لم نعد نراه منذ قرابة العشرين عاماَ .
إحتياجات الشخصيات للموسيقى بحسب طبائعها …***
إن الشخصيات العصابية بحاجة أكثر للموسيقى من الشخصيات النفاسية، فالشخص العصابي قلق وكئيب ومضطرب وموسوس، ولذلك فهو بحاجة إلى الموسيقى كوسيلة لتخفيف قلقه والتخلص من خوفه ومسح حزنه عن طريق الدخول إلى عالم البكاء .
أما الشخصيات النفاسية فهي تحتاج في بعض الأحيان إلى الموسيقى الهادئة جداً والكلاسيكية، لكي تستطيع التعايش مع الموسيقى الداخلية النابعة من الحوار الذاتي والتفكير الإنطوائي .
والمريض الكئيب الإرتكاسي يفضل دوماً الموسيقى الحزينة للتخلص من العذاب الروحي عبر التفكير بالانتحار .
والكلام عن المريض لايمنعنا من التفكير بالإنسان السوي، فعلم النفس يقول بصراحة : إن الإنسان اليوم وأكثر من الأمس القريب بحاجة إلى الموسيقى على أن تكون مدروسة، تمر من قنوات رقابية اختصاصية لكي لاتحول الموسيقى الإنسان المعاصر إلى وحش مفترس بلباس الحضارة الاستهلاكية المصطنعة .
فعن طريق الموسيقى يشعر الإنسان بوجوده، حيث يمكن اعتبار الموسيقى طريقاً إلى الحوار مع الذات وإعطاء قيمه من خلال ” الأنا ” إلى ” الأنا الأعلى “، ومن ثم إلى عالم العقل الباطن “اللاوعي “، “الهوى” .
فالكلام يمكن تسجيله في الذاكرة، بينما الموسيقى تخترق حاجز الذاكرة الفردية لتصل إلى مناطق تسجيله في الذاكرة الجماعية .
إن الإنسان البدائي ما زال موجوداً في العقل الباطن، وفي اللاوعي الجماعي، وما زال يعيش بوحشيته، هذه الوحشية ما زالت قابعة في داخلنا، ويمكن عن طريق الموسيقى التخفيف منها وتحويلها إلى طاقة إبداعية مفيدة .
ولا ننسى أن للموسيقى أيضاً تأثيراً مغايراً، فيمكن أن تقلق الإنسان وتنقله إلى عالم الاضطرابات السلوكية، ويمكن أن تشعل فيه قنديل النشوة والكآبة الإبداعية ويتحول نور القنديل إلى إنتاج إبداعي يحرك فينا كل المشاعر الإنسانية.
إن المدارس النفسية تتحدث اليوم عن توظيف الموسيقى في عملية تثقيف السيكوباتي، وذلك لتخفيف العدوانية الداخلية وتحويلها إلى طاقة خلاقة في مجالات مختلفة، مثل: الرياضة والسباحة وتسلق الجبال والدخول في حياة المغامرات الهادفة لخير البشرية.
كما أن للموسيقى عاملاً من عوامل تخلخل الخجل والانطواء وتخفيف الانفعالات والرفع من قدرة الإنسان الواهن وزيادة طاقته.
ماذا تعني الموسيقى ؟! ومن هو واضعها***
هذه الصناعة هي تلحين الأشعار الموزونة بتقطيع الأصوات على نسب منتظمة معروفة يوقع على كل صوت منها توقيعاً عند قطعه فيكون نغمة، ثم تؤلف تلك النغمة بعضها إلى بعض على نسب متعارفة فيلذ سماعها لأجل ذلك التناسب. وما يحدث عنه من الكيفية في تلك الأصوات، وذلك أنه تبين في علم الموسيقى أن الأصوات تتناسب فيكون صوت نصف صوت وربع آخر وخمس آخر وجزء من أحد عشر من آخر. واختلاف في هذه النسب عند تأديتها إلى السمع يخرجها من البساطة إلى التركيب ، وليس كل تركيب منها ملذوذاً عند السماع بل تراكيب خاصة هي التي حصرها أهل علم الموسيقى وتكلموا عليها.
ويعني علم النغم ما موضوعه الصوت من حيث تركيبه مستلذاً مناسباً ونسب الإيقاع على الآلات المخصوصة مثل الأرغر، يعني ذات الشعب .
وهذا العلم خمسة أصناف :
v الأول : معرفة النقرات وكيفية تآلف الأصوات منها، وهي كالأسباب والأوتاد في علم العروض .
v الثاني : علم الإيقاع، وهو تنـزيل الأصوات والنغمات على الآلات وطرق الضرب .
v الثالث : علم النسبة، وهو معرفة أن البم مثلاً إذا كان ستين طاقاً يكون المثنى ثمانية وأربعين وأن السدس للثلث في الشد الأعظم على دستام الوسطى والسبابة وأن الرست مثلاً ينفع من الماليخوليا الكائنة عن البلغم إلى غير ذلك .
v الرابع : علم تفكيك الدائرة وبيان ما بين المقلمات من النسب، مثل الركبى والرمل .
v الخامس : علم التلحين، وهو رد الموشحات والأشعار الرقيقة إلى نغمة مخصوصة بطريق مخصوص والقاعدة فيه راجعة إلى العروض في الحقيقة .
من هو واضع هذا الفن العظيم ؟ !
اتفق الجمهور على أن واضع هذا الفن أولاً هو فيثاغورس من تلامذة سليمان عليه السلام وكان قد رأى في المنام ثلاثة أيام متوالية أن شخصاً يقول له قم واذهب إلى ساحل البحر الفلاني ، وحصّل هناك علماً غريباً. فذهب من غد كل ليلة من الليالي إليه فلم ير أحداً فيه، وعلم أنها رؤيا ليست مما يؤخذ جداً فانعكس، وكان هناك جمع من الحدادين يضربون المطارق على التناسب فتأمل ثم رجع وقصد أنواع مناسبات بين الأصوات، ولما حصل له ما قصده بتفكر كثير وفيض إلهامي ، صنع آلة وشد عليها إبرسيماً وأنشد شعراً في التوحيد وترغيب الخلق في أمور الآخرة فأعرض بذلك كثير من الخلائق عن الدنيا، وصارت تلك الآلة معززة بين الحكماء .
وبعد مدة قليلة صار حكيماً محققاً بالغاً في الرياضة بصفاء جوهره، واصلاً إلى مأوى الأرواح وسعة السموات .
وكان يقول : (إني أسمع نغمات شهية وألحان بهية من الحركات الفلكية وتمكنت تلك النغمات في خيالي وضميري). فوضع قواعد هذا العلم، وأضاف بعده الحكماء مخترعا تهم إلى ما وضعه إلى أن انتهت النوبة إلى أرسطاطاليس، فتفكر أرسطو فوضع الارغنون وهو آلة لليونانيين تعمل من ثلاثة زقاق كبار من جلود الجواميس يضم بعضها إلى بعض، ويركب على رأس الزق الأوسط زق كبير آخر، ثم يركب على هذه الزقاق أنابيب لها ثقب على نسب معلومة تخرج منها أصوات طيبة مطربة على حسب استعمال المستعمل .
وكان غرضهم من استخراج قواعد هذا الفن تأنيس الأرواح والنفوس الناطقة إلى عالم القدس ، لا مجرد اللهو والطرب، فإن النفس قد يظهر فيها باستماع واسطة حُسن التأليف وتناسب النغمات بسط، فتذكر مصاحبة النفوس العالية ومجاورة العالم العلوي، وتسمع هذا النداء وهو: (ارجعي أيتها النفس الغريقة في الأجسام المدلهمة في فجور الطبع إلى العقول الروحانية والذخائر النورانية والأماكن الفلسية في مقعد صدق عند مليك مقتدر)
كيف تعمل الموسيقى ؟ !***
سؤال بدأ الفيزيولوجيون الآن بالإجابة عليه ، أو بالأحرى العمل على إجابته . التأثيرات الفيزيولوجية والفيزيائية التي نحصل عليها من مجموعة التغيرات الكيميائية في الدماغ ليس فقط في قسم التفكير، بل في الجهة المسؤولة عن التنفس والعاطفة والإحساس، والقسم المسؤول عن السيطرة على دقات القلب .
هناك نظرية تقول : أن الموسيقى تجعل الدماغ ينتج مواد كيميائية تسمى Endrophines تفرز من الجهاز البصري في الدماغ Hypothalamus . وهذه تخفض الكثافة في الدماغ التي تشعر بالألم ، وهناك شيء واحد يجمع عليه كل المعالجين ، هو أن المجال يحتاج إلى دراسات وأبحاث كثيرة. أما الحقيقة التي أعلنها فريق من علماء جامعة” أوهايو الأمريكية ” هي أن العدائين يبذلون جهداً أقل أثناء العدو إذا مارسوا تلك الرياضة على أنغام الموسيقى… تجربة هامة أكدت هذه الحقيقة، حيث وضع العلماء (سماعات) تنقل الموسيقى لآذان عدد من أجريت عليهم التجارب، بينما مارس البعض الآخر الرياضة بدون موسيقا.
وكانت النتائج واضحة، وتشير إلى أن الغدد النخامية للعدائين أثناء سماع الموسيقى، كانت تفرز كمية أكبر من مادة اسمها (الاندورفين) Endorphine. وهي مادة تفرزها مراكز معينة في المخ عند بذل جهد كبير، أو الشعور بألم، الأمر الذي يشير إلى أن إحساسهم بالتعب أثناء الجري، كان أقل من الفريق الثاني الذي لم يستمع إلى الموسيقى أثناء ممارسته للجري، بل أكثر من هذا فقد أكد فريق من المزارعين أن إنتاج أبقارهم من الحليب، يزيد بشكل واضح، إذا تمت عملية الحلب على أنغام الموسيقى !!
من عجائب تأثير الموسيقى***
لقد كان الفارابي موسيقياً بارعاً بتأثير الموسيقى على النفس البشرية، حيث يروي لنا (ابن خلكان) في كتابه (وفيات الأعيان) أن الآلة المسماة بالقانون هي من وضع الفارابي، وأنه أول من ركبها هذا التركيب.
ويحكي لنا هذه الحادثة الطريفة العجيبة، وهي أن الفارابي كان ذات يوم في مجلس سيف الدولة الحمداني وكان مجلسه مجمع الفضلاء في جميع المعارف فأدخل عليه وهو بزي الأتراك. وكان ذلك زيه دائماً، فقال له سيف الدولة: “هل لك في أن تأكل؟ فقال: لا، فقال: فهل تشرب؟ فقال: لا، فقال: فهل تسمع؟ فقال: نعم، فأمر سيف الدولة بإحضار القيان، فحضر كل ماهر في هذه الصناعة بأنواع الملاهي، فلم يحرك أحد منهم آلته إلا وعابه أبو نصر ( الفارابي ) وقال له: أخطأت، فقال له سيف الدولة: وهل تحسن في هذه الصناعة شيئاً؟ فقال: نعم، ثم أخرج من وسطه خريطة ففتحها واخرج منها عيداناً وركبها، ثم لعب بها، فضحك منها كل من كان في المجلس، ثم فكها وركبها تركيباً آخر وضرب بها فبكى كل من في المجلس، ثم فكها وغير تركيبها وحركها فنام كل من في المجلس حتى البواب، فتركهم نياماً وخرج”.
الموسيقى وتأثيرها على الإنتاج :
درست التأثيرات الموسيقية على وظائف الجسم وأجهزته المختلفة، وقام ببحث التجربة رجال عديدون مثل (دوجل ووندت وغيرهما) إذ قام برسم وتخطيط كفاءة العضلات. وقد أثبت تخطيط رسم العضلات أن سماع الموسيقى المناسبة يزيد من نشاط العضلات ويرفع كفاءتها ، مما يرفع بالتالي كفاءة مجموعة النشاطات لدى الفرد، وهذا ينعكس بالطبع إيجابياً على مردود الإنتاج.
لقد أدخلت الموسيقى إلى أحد المصانع خلال تجربة جرت نهاراً، وأخرى جرت ليلاً، وانتهت إلى أن الإنتاج وصل إلى الذروة عندما أدخلت الموسيقى بنسبة 12% من وقت العمل فقط، أما في تجربة الليل فقد وصل الإنتاج إلى الذروة عندما أدخلت الموسيقى بنسبة 50% من وقت العمل.