انثرها عقد ياسَمين
زهير دعيم
ثبّت قدميَّ يا سيّدي فوق المُرتفعات.
قُدْ خطواتي في مسارات الحقِّ الى الينابيع الثّرّة، وشذّبني من أشواكي وحسكي وأعشابي، واعصرْ ثمري في دنّك، خمرةً مُنعشة يستعذبها كلُّ مَن حولي، فيشيروا الى السماء قائلين : من هناك!
فأنا بدونِكَ يا سيّدي يبابٌ وأوراق خريف تطير في مهبِّ الرّيح، وبدون حُبّك وحنانك آلة تُفرِّخ الشّرّ وتلد الخطيئة.
فمعك وبكُ أرفع الانسان في داخلي الى فوق ، أرفعه بقدرتك “من طين الحمأة” الى مصافّ الأحبّاء، فأروح- وأنا المُطالب بالتواضع- أروح احلّق فرحًا وشَمَمًا ، فأنا ابن مُدلّل عند الإله الذي كوَّنَ الكون بكلمة ، ولوّنه بكلمة وغرّده سيمفونية حُبٍّ سرمديّ.
كنت في الماضي أخاف المرتفعات والشواهق ، فما عُدت وأنت معي أخشى شيئًا ، فكلّ شيء برفقتك وبعونك وروحك تقزّمَ ….
ما عُدْتُ أخشى شيئًا، وكيف أخشى والطبيعة الخلابة تحكي عنك، وطيور السّماء ترنّم لك ، والزنابق والرياحين تحمل عطرَ أنفاسِك؟!
نعم كيف أخاف وأنا لك ومنك ومعك؟
قويّ أنا بقوّتك يا صانع المُعجزات …ثابت أنا على صخرتك، ومحمول في يوم الضّيق على كفيْكَ..
بتُّّ لا اخشى شيئًا ، فالموت أضحى رُقادًا ، والضّيق غدا تنقية وتطهيرًا من الشوائب ، أمّا الاغنيات فانقلبت بقدرتك الى ترنيمات تشقّ العنان بخورًا .
عشقت فيروز وما زلت ، واليوم غدت تسبيحاتها وغزلها فيك هي الأحلى والأروع.، وذُبتُ هوىً بالصّافي واليوم غدا مزمور يرتله هذا العملاق اجمل الاغنيات، فاسمك يا الهي حلو ؛ حلو بحروفه ومذاقه ووقعه ورؤياه ، حُلو بأثره وعمقه وأبعاده وحنانه وجبروته…
حلوٌ أنت يا يسوع !
حلو يا مَن تُمسك بيميني فوق المُرتفعات وتروح تشجعني: أنا معك لا تخف تهمس ، حلِّقْ ، أنثرِ البشارة غير هَيّابٍ، أنثرها لؤلؤًا وعقودَ ياسّمين…
انثرها في الوديان والتلال والروابي والصحراء وفوق المرتفعات..
انثرها ولا تجامل احدًا ..انثرها ، ففي نثرها حياةٌ، وفي عُمقها شَبَعٌ..
أنثرها وأنا معك.