كان يبدو دائما أنه في المعسكر الإيماني القومي المتطرف هناك شعور بالالحاح الكبير. دائما كان النفتاليون والاريئيليون يحاولون اختصار العمليات وفرض الحقائق على الأرض وخلق الحصانة في وجه المعارضين في الداخل والخارج.
إنهم جنود أوفياء في جيش ايمان كبير يقوده الحاخامات الذين يحركهم المنطق الالهي حول انبعاث شعب إسرائيل في ارضه. هؤلاء لم يقبلوا أبدا قوانين الصهيونية العلمانية التي سعت إلى اقامة دولة يهودية ديمقراطية.
هؤلاء الحاخامات يؤمنون بأن الدولة ليست إلا مرحلة في عملية الانبعاث التاريخي التي لا يمكن منعها. هذه العملية ستؤدي إلى سيادة كاملة لشعب إسرائيل في بلاده، وفي نهاية المطاف إلى ازالة ما يسمونه قبة الصخرة وبناء الهيكل مكانها.
من كتاب حغاي سيغل «تاريخ الخلايا السرية اليهودية» نعرف أن الكاتب شبتاي بن دوف همس بأذن أحد اعضاء الخلايا السرية وهو يهودا عصيون، قائلا «اذا أردت فعل شيء يحل كل مشاكل إسرائيل، عليه القيام بهذا العمل». والعمل هو ازالة قبة الصخرة. بن دوف الذي كان من المؤثرين على فكر غوش ايمونيم كتب قبل العام 1967 أنه «عندما تكون إسرائيل الأبدية حقيقة… ستحدث عندنا صحوة تحرر الحرم من الذئاب المتوحشة وسيتم بناء مملكة إسرائيل».
أحد طلابه في حينه ذهب للتشاور حول مسألة ازالة قبة الصخرة مع الحاخام تسفي يهودا كوك، وأظهر له بحركة يد كيف يمكن محو القبة. وأجاب الحاخام اجابة متملصة، لكنه لم يقل أي شيء يمكن تفسيره كرفض للفكرة.
مرت سنون كثيرة، واعتقدنا جميعنا أن فكرة ازالة قبة الصخرة هي مسألة افراد منبوذين، لأن الموضوع لم يكن في اساس النقاش القومي، لكن برنامج العمل اليومي لم يهمل الايمان القوي في عملية الانبعاث. لا أعتقد أن جلعاد اردان واوفير ايكونس يعرفون أنهم يقومون بعمل ليس من اجلهم. إنهم يقومون بخطوات صغيرة لكنهم لا يرون الصورة كاملة. وعندما يسألون حول جوهر الترتيب المطلوب، يملأون فمهم بالماء. ليست لديهم اجابة على التناقض الذي سينشأ بين اليهودية والديمقراطية عند ضم المناطق.
يوجد للحاخام دوف ليئور تفسير، وكذلك لمؤيديه في الكنيست. إنهم يستخفون بالاستقامة السياسية وبأهمية الديمقراطية، وهم يؤمنون أن عملية انبعاث شعب إسرائيل في بلاده يجب أن تتم، وأننا طردنا من بلادنا لأننا تملصنا من إرث الاجيال.
عندها جاء دونالد ترامب، لقد جاء من عمق الواقع الأمريكي لبرامج الواقع، مع الايمان بأن الشعبوية هي واقعية، وبأن الكذب هو حقيقة. ولكن في المعسكر الايماني، ترامب هو رسول الله. رابين وشارون وبوش وأوباما أقاموا الحواجز في طريق الانبعاث، وترامب أُرسل لازالتها. الجميع يعرفون من هو ترامب، ولا أعتقد أنه يوجد شخص واحد غير محرج. لكن تأييده سيزداد لأن الحاخامات يعتقدون أنه سيؤثر على تشكيل صورة إسرائيل كما يريد الله.
ترامب لم يقل كلمته بعد. وليس معروفا إذا كان سيتجند مع القائلين «اليهود أولا»، «إسرائيل أولا». ليس واضحا إذا كان ترامب يؤمن باله آخر. ولكن مهم أن نفهم أن الشخصية الغريبة للرئيس المنتخب تملأ البطاريات لحركة واسعة تؤمن باقتراب الانبعاث وتقول الآن: «معاليه ادوميم أولا».
عوزي برعام – هآرتس 26/1/2017