هنا في دمشق حيث اعتادت الشمس ككل صباح أن ترسل أولى أشعتها على وقع أنغام زقزقة عصافير التي لايعلو فوق أنغامها العذبة سوى صوت «فيروز» الذي يتسلل من النوافذ الشبه موصدة، باتت صباحات العاصمة تبدأ على وقع أنغام طائفية تستفز سامعها بكلماتها المليئة بالحقد والكراهية.
«المد العلوي تفجر» إحدى هذه الأغنيات التي تضعها قوات النظام المنتشرة في عموم دمشق على الحواجز وفي السيارات بصوت مرتفع، وغيرها من الأغاني التي عمد النظام مـــنذ بداية الحراك الثوري على نشرها، لكن في الآونة الأخيـــرة بات يعمد إلى رفع صوتها مسبباً الإزعاج للجميع، لكي يبحث عن تعابير الرفض على وجوه الشباب ليجد حجة باعتقالهم.
يقول حسان وهو أحد سكان حي العمارة، أن لا أحد منا تخفى عليه طائفية عناصر الأمن المتواجدة في دمشق وخاصة في الأحياء القديمة منها التي تكثر فيها عناصر المليشيات الشيعية، الذين كانوا يخفون طائفيتهم تحت شعارات الانسجام بين الطوائف المختلفة في سورية متهمين الشعب بالطائفية، لكن كلمات أغنياتهم التي باتوا يتغنون فيها بأعلى الاصوات لا تنم إلا عن حقد دفين يعلن طائفيتهم بأعلى صوت.
ويضيف «في الفترة الاخيرة لم تعد هذه الأغاني أو ما يدعونها بالأناشيد الواطنية حكراً على عناصر الحواجز فقط بل أضحت سيارات الأمن والشبيحة التي تجول في الحارات تضعها أيضا بأعلى صوت، ومن كلماتها «لن يسلم وهابي سلفي» و»عباسية لغة العسكر»، لتبرهن تبعيتهم لإيران وتأثرهم بعناصر الميلشيات الشيعية المقاتلة معهم.
من جهة أخرى، توضـــح لمى محاولات النظام الحثيثة لاستفزاز سكان حيها قائــلة «تكرر الموقف معي عدة مرات أن أستيـــقظ منتــصف الليل على أصوات الأغاني المزعجة، حيث يقوم بعض العناصر بنصب مكبرات للصوت على سياراتهم وتشغيل أغانيهم».
وتضيف بامتعاض، «بتنا نعلم بالجبهات التي يحقق فيها جيش النظام تقدما من خلال رصاصهم الطائش وأغانيهم التي يحلو لهم الرقص على أنغامها منتصف الليل».
في حين تؤكد هديل وهي من الطائفة العلوية، أن هذه الأغنيات التي باتت تتكرر طوال النهار على مسامع الجميع تشعرها بالتقزز «فالفن لايمكن أن يكون بهذه الدموية» بحسب تعبيرها.
فيما يبين حسان، أن بعض سكان العاصمة قد لجأوا لرفع صوت الأغاني المؤيدة عالياً في سياراتهم أو في المحلات التجارية أحياناً «لضمان سلامتهم» حسب وصفهم أو لتسهيل مرورهم عند الحواجز التي تعرقل حركة السير بشكل يحتاج الناس لمدة تتجاوز النصف ساعة في بعض الأحياء لعبورها.
وبحسب ناشطين، انتشرت الأغاني الطائفية بشكل واسع في عموم الأراضي السورية مع كل مناسبة لتمجيد صنائع الميليشـــيات الشـــيعية وقوات النظام لشن حرب نفسية على قوات المعارضة ومؤيديها من الشعب السوري كأغنية «احسم نصرك في يبرود» و»تابع سيرك فـــي دير الزور» التي أصدرها مؤخرا علي بركات الذي يعرف عن نفسه كمنشد ديني يدعم «انتصارات مقاتلي حزب الله» بحسب تعبيره.
وكان مدعي عام التمييز في المحكـــمة اللبنانية سمير حمود، اعتبر أغنيات علي بركات «فتنة» و»محرضة على الطائفية» وخاصة الأغنية الأخيرة التي أصدرها بعنوان «إرهابك يا السعودية»، مطالبا باستدعائه للمـــثول أمام القضاء، كـــما أكد أن أغنياته التي يصدرهــــا لدعم عمليات حزب الله تدعو للفتن المذهبية وتعمـــل على التحريض للإرهاب وتعكير علاقة لبنان بدول شقيــقة كسوريا والسعودية.
بسمة يوسف