قصة من نوع آخر
المرأة في بلاد الشام – تحفة نادرة –
كنت أردد أحيانا مع الآخرين دون تعمق المثل الدارج:
‘ يلي بدو يعيش عيشة هنية، ياخد واحدة شامية’.
وكنت دائماً أتساءل لماذا حظيت المرأة الشامية بهذا القدر من الشعبية، حتى قررْتُ في يوم من الأيام إجراء تمرين لطيف، أدعي بأن أحداً لم يقم به قبلي.
قمت بدراسة 50 حالة زواج لفتيات من معارفي أو أعرف عنهن. تزوجن وفق الضوابط الشرعية -عندما لزم الأمر- من أوروبيين (غير عرب)، وهن من أوساط اجتماعية متباينة ومن مذاهب وأديان مختلفة. أجريت الدراسة بعد مضيٍ عشر سنوات على الأقل على زواجهن (الحقيقة، أني اضطررت للانتظار ثلاث سنوات تقريباً من أجل الحصول على كامل النتائج).
تبين لي من هذه العينة الإحصائية أن نسبة نجاح الزواج وعدم حصول طلاق وصلت الى %94، وهي نسبة لا نحصل عليها في زيجات بلادنا أو في زيجات أي مكان آخر.
تعجبت من النتيجة وتابعت التمحيص فاكتشفت أيضاً أن الزوجة، في معظم الحالات، تدير المنزل العائلي بإقتدار وتترك لزوجها القرارات الثانوية فقط ( تفاصيل عمله، من ينتخب..الخ).
بدأت أحلل فقلت في نفسي، إن أي سيدة من هذه السيدات، قد خرجت من المجتمع الشرقي وهي متعودة على ‘صلف الرجال’ وتدربت على مراعاة الرجل لكي تتجنب ردود أفعاله الذكورية! ولكي تحصل على ما تريد بأسلوب المداورة المقترن بلطف هي وحدها تعرف سره.
وتخيلت بعدها ما ستفعله مع رجل أوروبي، معتاد أكثر على المساواة مع النساء وغير معتاد على التغنيج والدلال. تخيلتها تحضر له القهوة في الصباح وتقول له ‘تفضل حبيبي تقبرني، تسلملي هالفتلة’، وتظهر الإعجاب بأي فكرة تصدر عنه حتى لو كانت سخيفة. الرجل طبعاً يُسٓخسِخ وترتخي مفاصِله ويتعلق بها الى أبعد حد، تاركاً لها تدريجياً قيادة دفة الأسرة.
رغم ذلك فهي لا تكذب عليه بل تمارس نفاقاً من النوع المحبب. ولهذا ينجح الزواج بامتياز.
بعد ذلك حاولت تكرار التجربة بالنسبة للرجال الذين تزوجوا اوروبيات او أميريكيات وذهبوا معهن للعيش في بلادهن. ورغم أن العينة كانت أصغر، إلا أن النتائج كانت مأسوية حيث لم تتجاوز نسبة نجاح الزواج آل %25.
النتيجة البديهية لهذه الدراسة هي أن النساء في بلاد الشام، تحفة نادرة، ولا تحتجن الى أي تحسين مواصفات في حال قررن الزواج بأجانب. وبلغة الاقتصاد فهن مهيئات تماماً للعولمة والتكيف مع المجتمعات المتطورة.
أما رجالنا فهم على ما يبدو، غير قابلين للتصدير إطلاقاً ويستحسن أن لا يغيروا محيطهم (ربما زرعت أمهاتهم في نفوسهم النزعة الذكورية المفرطة).
في كل الأحوال فإني أرفع قبعتي لنساء وطني وأردد بتعمق هذه المرة ‘ يلي بدو يعيش عيشة هنية، ياخد واحدة شامية’.