مصطفى راشد
ورد لنا عبر الإنترنت سؤال من الدكتور عبد الله النواف يقول فيه :- هل يجوز للاعبى المنتخبات العربية مصر والسعودية وتونس والمغرب لكرة القدم فى مونديال روسيا القادم الإفطار بنهار رمضان لو صادف موعد المباراة نهار رمضان علماً بأن هناك أحد المشايخ أفتى بتكفير وإهدار دم من يفطر منهم على قناة تن ؟
وللإجابة على هذا السؤال نقول :-
بداية بتوفيق من الله وإرشاده وسعياً للحق ورضوانه وطلباً للدعم من رسله وأحبائه نصلى ونسلم على كليم الله موسى عليه السلام، وكل المحبة والسلام لكلمة الله المسيح له المجد فى الأعالى، وكل السلام والتسليم على نبى الإسلام محمد ابن عبد الله كما نصلى ونسلم على سائر أنبياء الله لا نفرق بين أحداً منهم —– اما بعد———-
فهذا الأمر قد وضح القرآن الكريم حكمه بكل وضوح فى سورة البقرة الآية 183 بقوله تعالى (يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ) ص ق فالآية بها حكمان ينطبقان على لاعبى المتخبات بمونديال روسيا لكرة القدم الأول يعطيهم الحق فى الإفطار بشرط القضاء فى وقت آخر والحكم الثانى يعطيهم الحق فى الإفطار بشرط إطعام مسكين عن كل يوم يفطره ألاعب وله أن يختار إيهما – فقوله تعالى ( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) بها الحكم الأول حيث أن المسافر يحق له الإفطار وعليه القضاء حينما يعود لموطنه أو مكان إقامته إذا كان مسافراً بعيداً عن موقع إقامته فوق 40 كيلو متر والمسافة بين بلدان المنتخبات الأربعة تفوق هذه المسافة عشرات المرات — أما الحكم الثانى من الآية الذى يوضح قمة تيسير الشرع وهو بيان حكم الشخص العادى الطبيعى اى غير المريض والمسافر فى قوله تعالى ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) أى أن أى شخص سليم طبيعى لا يطيق الصيام يجوز له الإفطار وإطعام مسكين عن كل يوم لأن هذا هو الهدف الرئيسى من الصيام وهو أن يشعر الغنى بالفقير فيطعم المسكين الفقير وذلك مثل من قد يضره العطش فى الحر أو من يجعله الصيام عصبى أو من لا يستطيع إتمام عمله الذى كان يفعله فى الأيام العادية أو من يعمل بأعمال شاقة مثل الأفران والمعمار والطرق والمحاجر والمناجم والسائق والكمسارى وغيرها وايضا من يلعب مثل كرة القدم لما فيها من مشقة وإفراز نسبة كبيرة من العرق تحتاج للتعويض الفورى وإلا قد تودى بحياة الاعب وايضا لتحمل الاعب مسئولية أمة لتحقيق أمالها فيكون إطعام مسكين هى الغاية الأعلى للشارع بكفالة المسكين الفقير وحماية حياة الاعب وبدنه لأن
الحفاظ على حياة الإنسان هى الركن الأول فى الإسلام أما بالنسبة للحوار الذى صدر من أحد المشايخ على قناة تن بقوله أن من يفطر من لاعبى الفرق يكون كافراً ويُهدَر دمه فهذا شخص جاهل وقد باء هو بالكفر لأنه إستند لحديث مزور على سيدنا النبى (ص) مدعيا أنه قال : ” عُرَى الْإِسْلَامِ وَقَوَاعِدُ الدِّينِ ثَلَاثَةٌ عَلَيْهِنَّ أُسِّسَ الْإِسْلَامُ ، مَنْ تَرَكَ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً ، فَهُوَ بِهَا كَافِرٌ حَلَالُ الدَّمِ : شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ ) مع العلم أن هذا الحديث منقطع السند ومنفى المصدر أى أنه مزور على سيدنا النبى ومع ذلك يستند إليه هذا الشيخ الجاهل ليكفر ويحرض على قتل ألاعبين ومن يفعل مثلهم دون أن يهتز لهذا الشيخ جفن لأنه يعلم أن أحدا لن يحاسبه فالحساب فى وطننا لمن يريد نشر صحيح الإسلام المسالم السمح ومن يريد إظهار إنسانية الإسلام — وعلى كل مسئول أن يتحمل مسئوليته لأن سكوته عن ذلك هى مشاركة فى الإساءة لصورة الإسلام والساكت عن الحق شيطان أخرس .
هذا وعلى الله قصد السبيل وإبتغاء رضاه
الشيخ د- مصطفى راشد عالم أزهرى وأستاذ الشريعة الإسلامية
وعضو نقابة المحامين المصرية وإتحاد الكتاب الأفريقى الأسيوى
ورئيس منظمة الضمير العالمى لحقوق الإنسان