يا معشر الأعراب عودوا إلى خيامكم و إبلكم : هنا تونس

saymamazoghiسيماء المزوغي
هم من السعودية و قطر ومن بعض الممالك المجاورة.. على صحراء قاحلة شحيحة كانوا يسكنون .. كانوا قوماً حفاة عراة يئدون بناتهم ويقتلون صغارهم عند وقوع مجاعة ما و كان الرجل منهم يرث حتى زوجات أبيه، وكان إذا سافر يُقيّد زوجاته إلى شجرة حتى يرجع من سفره.
كانوا مفكّكين مبعثرين يُغيرون على بعضهم البعض .. كانوا لا يُؤتمنون على أماناتهم ولا على أعراضهم .. كان القويّ منهم ينهش الضعيف .. يعلنون الحرب لأجل ناقة ويُورّثون هذه الحرب للأجيال المتلاحقة ..
كانوا يُمثّلون بجثث أعدائهم ويُعلّقون الرؤوس على مداخل مدنهم .. كانوا يلبسون ما رثّ وما بليّ .. كانوا يجلسون على التراب ويتّخذونه نمارق ويتبرّزون عليه وينظّفون به عوراتهم ..
كانوا لا يعرفون لا قراءة ولا كتابة يتناقلون ما يقرضون من الشّعر شفوياً .. كانوا يُصَعلِكون شعرائهم ويُحلّون دمائهم ويحرّمون الحب ويقرنون بينه وبين الإثم والخطيئة .
كان الرجل منهم يجمع كبار قومه أدباً ونسباً ليطأوا زوجته حتى تلد له ولداً يكون وارثاً لكل صفات الجمال والكمال التي يحملها أولئك الرجال ..
كانوا قطّاعا للطرق سلاّبين نهّابين ..يعتبرون العمل مهانة واستصغارا لذلك يوكلون الأعمال من فلاحة وحدادة وحياكة للعبيد والجواري ..
جاءهم محمد إبن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) علمهم حتى نتف الإبط من شدة جهلهم وتخلفهم ..
أتستغربون بعد هذا أن يختن الرجل ابنته ويجلب صديقه حتى ترضعه زوجته بعدما يفاخذ صغيرته؟
لم يُنجبوا أبطالاً فقد كان إبن خلدون من تونس وكان إبن الجزار من القيروان وكان الفارابي من بلاد ما وراء النهرين وكان الرازي وإبن المقفع من بلاد فارس وكان سيبويه من البصرة وكان إبن سيناء من بخارى وكان الغزالي من نيسابور وكان النووي من سورية …
ربما كان بينهم أدباء وشعراء فطاحل لكنهم اُتّهموا من قبل هؤلاء الأعراب بالزندقة وبالإلحاد وبالشذوذ .. فحتى إذا أنجبت أرضهم القاحلة اِستثناء كفّروه أو قتلوه ..
كان هذا دأبهم؛ لو حدّثتهم عن النساء لقالوا لك: جواري وختان واِرضاع الكبير ومفاخذة الصغير وبكر وعذرية ومثنى وثلاث ورباع ومتبرجة تبرج الجاهلية وعورة وما ملكت أيمانهم … وهل يجوز النكاح قبل البلوغ …
ثم يقولون هذا رجس من عمل الشيطان ولا يجتنبونه .. أسَرُهم مفكّكة تملؤها الصراعات والمظالم…
الجنس في كلامهم وفي وعيهم وفي لا وعيهم في مدارسهم وفي ملابسهم وفي هواتفم وفي حواسبهم .. يزْنون مع عشيقاتهم ثم يرجمنهن بالحجارة ..
ولا يكتفون بهذا بل يمزجون الجنس بلحاهم وبأفكارهم ويحاولون تصدير كبتهم عبر فتاوى شيوخهم المهوسون به ..
عندما كانوا ينسجون أساطيرهم بوادي الجن، وضع أجدادنا العظماء أول دستور في البشرية .. كان أجدادي يسكنون القصور ويشربون الخمور في أواني الفضة والذهب كانوا يشيّدون المعابد والمسارح ويلتقون فيها للتٌسامر وتبادل المعارف وإقامة الألعاب والمسابقات والمناظرات الفكرية .. كانوا يبنون المكاتب قبل المطابخ .. كانت روما أعتى الإمبراطوريات تَرهَبُهم وتغار من تقدّم القرطاجين ومن اِنفتاحهم ..
لو كتبت بحراً من الكلمات لما وصفت حضارة أجدادي ..
يا معشر الأعراب هيا عودوا إلى خيامكم وإبلكم واِنكحوا ما لذّ وطاب من جواريكم وغلمانكم واِبتعدوا عن أرضنا وشمسنا وبحرنا فأوطاننا أطهر من أن يدنّسها أمثالكم.
……………………………..
يا معشر الأعراب عودوا إلى خيامكم وإبلكم هنا تونس 2

الإهداء: إلى من كانت أغنامه ترعى في هضبة نجد

“اليوم أعيد فتح تونس من جديد ” قالها داعية وهابي في أرض الخضراء وأفلت دون حساب، قالها ومضى، قالها دون أن يدرك أن أجدادي يراقبونه، من عليسة إلى حنبعل إلى القديس أوغستين إلى دهيا الأوراسية(الكاهنة) إلى الإمام سحنون إلى ابن الجزار إلى ابن رشيق إلى ابن خلدون إلى حسن الحصري إلى خير الدين باشا إلى السيدة المنوبية إلى عزيزة عثمانة إلى الطاهر الحداد إلى أبي القاسم الشابي إلى الطاهر بن عاشور إلى توحيدة بالشيخ إلى بشيرة بن مراد إلى الحبيب بورقيبة إلى فرحات حشاد ..والقائمة لا ولن تنتهي . راقبوه أجدادي بدمعة وابتسامة، دمعة لأجل تراب طاهرة دنستها نعال أقوام يتحدثون عن الفتح ولم يفتحوا في حياتهم كتابا، كما قال الدمشقي نزار قباني، وبابتسامة ساخرة عندما سمع فتواهم المضحكة المبكية التي لم ينفتح عليها عقل إلى الآن..
يتحدثون عن الفتح وشيوخهم من منبر الكعبة تكفّر من يقول بدوران الأرض، يتحدثون عن الفتح وأحد شيوخهم المؤمنين المخلصين قتل ابنته وعمرها لم يتجاوز 6 سنوات لأنه شك في سلوكها، يتحدثون عن الفتح ومريضهم يتلقف بول البعير من منبعه حتى يشفى من علته، ولن يشفى، لأن الداء في العقول وفي القلوب فزادهم الله مرضا على مرض.. .
“اليوم أعيد فتح تونس من جديد “، لو تحدثت على حضارة أجدادي وعلى ثورة أحفادهم لجفّت الأقلام

ولما أنجزنا وأنصفنا، ثورة حيّرت سباتكم وأسقطت عقالكم من على رؤوسكم، ثورة أردتم أن تدفنوها بسيل فتواكم التي تخدّر العقول وتسدّ منافذ النور عنها.
“اليوم أعيد فتح تونس من جديد ” يتحدثون عن الفتح وهم من هدم بيت الرسول الأكرم بل وقريته الصغيرة بما حملت من بيوت الصحابة وأهل البيت، وبنوا عليها غرف النوم والاستحمام، قوم لم يتصالحوا مع ماضيهم فكيف يقبلون الأخر؟
“اليوم أعيد فتح تونس من جديد ” وأيتام فلسطين يتضورون جوعا وألما وقهرا وحرمانا وظلما وهم يراقبونهم من بعيد على أريكة لويس السادس عشر ومن شاشة 3د ، ومن سيارة الهامر يستمعون إلى وين الملايين فتجيب بطونهم هنا نايمين .
“اليوم أعيد فتح تونس من جديد ” وشيوخهم تفتي بضرورة نكاح اللاجئات السوريات دون رضاهن، بل خاتمة الفتاوى أنهم أقروا بجواز اللواط من أجل الجهاد في سبيل الله، وبعد الانتهاء من العملية أي فعل اللواط استغفر ربك فذنبك مغفور
سيكمل الأحرار ثورتهم وستفتح هضبة نجد بالعلوم والفنون من جديد..
فعودوا إلى أرضكم بالحجاز لأكل الضباب ورعي الغنم (الشاعر المتوكلي معجم الأدباء)

*كاتبة وصحفية وناشطة حقوقية تونسية

This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

One Response to يا معشر الأعراب عودوا إلى خيامكم و إبلكم : هنا تونس

  1. س . السندي says:

    خير الكلام … بعد التحية والسلام ؟

    ١: الكلام سهل في عالم الأحلام ، والجدوى في الأفعال وليس فيما تكتبه الاقلام ، فقولي عن أجدادك وهى الحقيقة ما تشائين فن وفكر وحضارة وجريمة أن تقارن حضارتكم حضارة الاقزام ، فهاتي لنا وللأجيال ما يستحق الذكر ويمجد تونس وشعبها ومن رحلوا من العظام ؟

    ٢: هل تقوى تونس الحبيبة اليوم على الوقوف في وجه الصعاليك الجدد وإستمرار الانتفاضة ضد رعاة الإبل والمعيز والأغنام ، نرجو أن تستفيق تونس والجزائر والمغرب وكل الأمازيغ في الشرق والغرب مع الكورد الذي لقنوا الدواعش درساً لن ينسوه بقية الأعوام ؟

    ٣: وأخيراً …؟
    صدقيني سبب كل هذا البلاء والطاعون هو محمد بن أمنة وصحبه الصعاليك ، فكفانا تزيف الحقيقة وهى للحق شريك ، فكيف يستقيم الظل والعود أعود ، فهل العلة في الشمس أم في العود الطليق ، سلام ؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.