المرجعية العليا في النجف الأشرف أوصتنا باستبدال الوجوه وانتخاب الأفضل والانزه
لم أنسى ذلك اليوم الذي أقام فيه الدكتور عدنان الباججي اجتماعا موسعا لشخصيات أطراف المعارضة العراقية في لندن قبل الدخول الامريكي للعراق، وكان عدد المشاركين بحدود 600 شخصية، وقد وجهت لي الدعوة حينها، كنت قد طرحت سؤالا ً للذين اعتلوا منصة هذه الندوة، كان الحديث منصبا حول الديمقراطية التي يجب ان تمنح للعراقيين مابعد السقوط سؤالي كان ( هل الشعب العراقي مهيء الان ان يطبق مفهوم الديمقراطية بعد ان ترك صدام له إرثا ضاربا في الجذور من الديكتاتورية المقيتة التي حكمت الفرد العراقي بالحديد والنار عقود من الزمن، فلا اعتقد ان
الابتداء بالانتخابات ستكون هي الوسيلة المثلى لتطبيق الديمقراطية، لابد من التدرج في الديمقراطية في مثل هكذا بلدان عبر الممارسات المؤسساتية الصحيحة اولاً ومؤسسات المجتمع المدني ثم الأخذ بصناديق الاقتراع وإلا ستولد الانتخابات فوضى من الاقتتال والتناحر بين الكتل توصل البلد الى المجهول ).
أيدني في هذا الرأي النائب السيد محمود عثمان، كان جالسا وقال في النص أؤيد السيدة البحراني على ما ذكرته.
الان بعد عشر سنوات من التغيير، هل استطاعت الانتخابات العراقية في زمن الديمقراطية المفاجئة ان تحقق للعراقيين ما فقدوه،
طالما أفكر كيف تحولت صورة العراق منذ ان تولى حزب البعث السلطة، أساس اللبنة الاولى للخراب مروراَ الى حكومات العراق المتعاقبة بعد السقوط.
العراق بلد الحضارات الاولى، بلد اول من سن القوانين التشريعية!!!! بلد حمورابي، يعصرني الم شديد وأسرح بعيدا بعد الزمن البعيد، أسال نفسي هل العراق الان يمتلك مواصفات دولة!!!! أقول نعم يمتلك سلطات تشريعية و تنفيذية وقضائية، و له دستور!!!!! كتب على عجل وفي غفلة من الزمن وفرض عليه فرضا، دستور يهيء الى تقسيمه الى ثلاث كانتونات متناحرة، دستور قيه الكثير من المطبات والألغام!!!!! العراق يمتلك قوات أمنية وجيش كبير يصل تعداده فوق المليون، لكن لاندري هل هو ذاك الجيش الذي تأسس في 6 كانون الثاني عام 1921 , عراق يمتلك من الكتل ومن المرشحين والمرشحات ما طاب لك وماحلى، رؤساء هذه الكتل كلهم لم يتنازلوا بمنصب اقل من رئيس الوزراء وإلا ستكون الدماء هي اللغة الاخرى في النيل منه، هذا هو المشهد العراقي،
اشهد انه يمتلك كل تلك العناوين البراقة التي تسمى بالسلطات،!!!! لكن وباحرف كبيرة من كلمة ( لكن ) هل معنى ان هذه المسميات تكفي ان تشعرني بالفخر والاعتزاز كوني انتمي اليه وان تجعلني ان اتباهى به امام العالم، وأثبت امام المجتمع الدولي ان العراق يمتلك دولة!!!!!،فإذا كان كذلك!!!! فما هي مواصفات هذه الدولة؟!!! هل هي دولة فاشلة، او غير فاشلة،؟ الحكومة في بغداد ليست اسلامية بالمعنى المتعارف عليه ولا هي علمانية ايضا بالمعنى المتعارف عليه، ولا هي حكومة دستورية تحترم الدستور الذي كتب لها، ولا هي حكومة تكنوقراط، ولا هي حكومة شراكة وطنية، ولا هي حكومة اغلبية، ولا هي حكومة قوية استطاعت ان تقضي على الارهاب، وان تجلب الامن والاستقرار، ولا هي حكومة قدمت الخدمات حتى البسيطة منها الى شعبها، ولا استطاعت ان تقلم أظافر مفسديها، بل في كثير من الأحيان ساعدت على هروبهم، وكافئتهم بالتقاعد، والأغرب من كل ذلك هي تتهيء للاتفاق مع ممول كيان متهم بصفقة فساد جهاز كشف المتفجرات، السونار، الذي يأخذ من الاردن مقراً له.
أعود مرة اخرى وأكرر هل هذه الحكومة، استطاعت بمستشاريها المقربين من سلطة رئيس الوزراء ان تقنع دول الجوار في كل من السعودية وقطر وتركيا ان تتعاون معها في ملف الارهاب القادم من أراضيها ًوهل استطاعت هذه الحكومة ان تتحكم باستقلال قرارها دون ان تحول العراق الى حديقة خلفية للتدخل الايراني.
لكن باالمقابل هي أيضاً ليست حكومة ضعيفة، فالنجيفي رئيس البرلمان يستطيع ان يعطل القوانين التشريعية كيفما يشاء، وهو يهدد ويتوعد، ويتمسك بأزمة الفلوجة كهدف في الانتخابات الحالية ويعتبرها كقميص عثمان والنجيفي عراّب
تقسيم العراق ويطالب بإقليم خاص للمناطق الغربية اضافة الى اقليم نينوى، بالمقابل الكثير من رؤساء الكتل الشيعية أيضاً ينضم اليهم الكثير من النواب يطالبون بأحقية اقليم البصرة، والجنوب والوسط.
اما المالكي رئيس الوزراء، رئيس اعلى سلطة بالبلد، احتكر لنفسه كل السلطات الامنية والدفاعية اضافة الى تحكمه بميزانية البنك المركزي كيفما يشاء، ويقول وباعترافه انه المسؤول الاول للسلطة التنفيذية في الدولة، انفرد المالكي بآرائه واحاط نفسه بثلة من الحزب الواحد، مجموعة من الأصدقاء والانسباء والأقرباء أهداهم المالكي ألقاب المستشارين، هولاء ثلة من الفاسدين تعوزهم الخبرة والولاء والاستقامة، اما الأكراد فهم السلطة العليا في البلد الممزق والمنهكة كامل قواه، البارازاني يعرف من اين يؤكل الكتف، سياسته المتبعة هي استغلال الأزمات و الثغرات الضعيفة الحاصلة في بغداد لتحقيق المكاسب الاكثر، يطالب الان بالانفصال ويطمئن منتخبيه ان الانفصال مسالة وقت لاغير، البارازاني يتصرف بصلاحيات كونفدرالية وليس الفيدرالية المثبته بالدستور، حقوق الأكراد كقومية لا احد ينكرها من جميع المكونات، ولا اعتقد ان هناك اثنين يختلفان في العراق بالرغبة في انفصال الاكراد والتخلص من أوجاع الرأس المستمرة، لكن ضمن أقاليمهم الثلاث، من دون تجاوز الخطوط الحمراء، هذه هي الحالة في مايسمى العراق الجديد، عراق يأن بالجروح المثقلة بالدماء.
فما اسم العراق وما هو احسن توصيف له؟ فهل يحق لي ولغيري ان يسمي العراق( دولة )؟؟؟؟؟؟؟!!!!!، ام غير ذلك؟؟؟؟ حسب اعتقادي ان افضل توصيف للعراق هو دولة كوّنت مؤسساتها وسط غابة من المفترسين.
العراق رغم امتلاكه كل تلك المقومات لكنه بلد يقوده ارهاب قذر وفساد قذر وضغائن قذرة وتسقيطات بمستوى قذر وصلت بين الكتل الى حد كسر العظم وتشويه السمعة، كما حصل للنائب النزيه صباح الساعدي الذي أغري باستلام 360 مليون دولار مقابل سكوته على الفساد الحاصل في وزارة التجارة، لكنه ابى ان يكون سلعة رخيصة لبيع الوطن.
تحت هذه المواصفات وما يجري في العراق تجرى اشرس عملية انتخابية برلمانية عرفها التاريخ العراقي، انتخابات اقل ما يصفها المواطن العراقي البسيط بان نتائجها ستكون محفوفة بدماء العراقيين سلفا،
قراءتي للمشهد الانتخابي ان العراق مقبل على التقسيم، وكما أراد له المستر بايدن، ومسألة التقسيم مسالة وقت لاغير،
قبل التقسيم سيتجه العراق نحو الأسوء من الخراب في بنيته الاجتماعية خصوصاً وهذا هو المشهد الذي خطط له وأتمنى ان أكون مخطئة.
داعش قامت باستعراض عسكري في ابو غريب و بأسلحة الجيش العراقي التي استولت عليها اثناء المعارك، نقول ماذا لو استطاعت ان تصل الى بغداد،، ماذا لو استطاعت ان تسيطر على حزام بغداد قبل الانتخابات، داعش الان تستعمل أسلوب مميز ومتوحش في استعمال المياه والسيطرة على سد الثرثار وغلق وفتح بواباته وبحسب ماتشتهي، ليتم غرق سدة الهندية وتهدد بالمناطق الجنوبية واخرى في الانبار، ماذا لو استطاعت ان تسمم المياه قبل الانتخابات، نعم لا احد ينكر ان الهجمة شرسة على العراق وهناك دول تختفي وراء دعم الارهابيين، لكن في راي عندما تعجز الحكومة من الحلول ومن التقدم في دحر الارهاب وملفات الفساد، عليها ان تعترف وان تسلم الامر الى المقتدرين، فالشعب لايمكن ان يكون هو ضحية وحصان طروادة دائماً.
في قضية الانتخابات لم نلمس من رؤساء الكتل الكبيرة طرح واضح لبرامج عمل بقدر ما هي مهتمة بتوصيف شكل الحكومة المقبلة بعد الانتخابات وكيف ستؤثر هذه التحالفات على المناصب. اختلفت التسميات مابين حكومة شراكة الأقوياء التي يطالب بها السيد عمار الحكيم والنجيفي، او حكومة اغلبية التي تطرحها كتلة دولة القانون، السيد الجعفري يقول ان العراق مصنع قادة لايمكن له ان يختزل بقائمة واحدة، المعنى انه يتجه برأيه نحو الشراكة، لكن لاندري ما نوع هذه الشراكة التي يطالب بها السيد الجعفري ومع من ستكون هذه الشراكة، المعنى انها ستبقى غامضة حتى اعلان النتائج.
يبدو من المشهد الانتخابي في العراق ان الكتل الكبيرة، المسماة بصقور الكتل ابتداءا من كتلة التيار الصدري الأحرار وكتلة علاوي أئتلاف الوطنية وكتلة متحدون بقيادة النجيفي كلها تتفق وتتحد برفضها بمنح المالكي ولاية ثالثة، حتى ان النجيفي في خطابه امام مشجعيه في حملته الانتخابية أعلن امام أنصاره ان الإعلان عن تولي المالكي لولاية ثالثة يعني المزيد من المذابح والمجازر، عبارات واضحة لمستقبل العراق الدامي بافصح الكلمات،!!!!!!! اما الدكتور أياد علاوي صرح من على قناة الميادين انه لن يسمح بولاية ثالثة للمالكي حتى وان حصلت دولة القانون على الاغلبية من الأصوات الانتخابية، في حين تصف كتلة الصدريين المالكي بالدكتاتور ولن تسمح له بالوصول الى السلطة مرة اخرى، اما كتلة الأكراد فموقفها معروف مسبقا من المالكي وما يعتبرونه شخصيا حجر الزاوية امام طموحاتهم وإمام اتفاقيات عقود النفط المخالفة للشروط ورواتب ألبيشمركة، حتى انهم استطاعوا ان يعطلوا الإقرار بميزانية العراق البالغة 150مليار دولار لهذا العام، كما وبشكل ملفت للتساؤلات الزيارة الغريبة التي قام بها السيد نيجرفان رئيس وزراء كردستان الى تركيا واجتماعية مع اوردكان رئيس وزراء تركيا في يوم 20 من نيسان قبل عشرة ايام من الانتخابات، ماذا تعني هذه الزيارة في هذا الوقت؟، لا اجد تفسير غير انها تصب في مصالح الإقليم على حساب المركز الذي يشهد توترا مع تركيا. وتعبر عن تحدي الإقليم لحكومة المالكي.
المواطن العراقي الذي يختزن قلبه نزيفا من الجراحات المثقلة بالهموم، اقسم لاتهمه كل هذه التسميات حتى ولا نوع التحالفات، ويعتبر ان كل تلك التسميات تنحصر في تسمية حكومة مناصب، أولى متطلباته الامن، والعيش بكرامة امام الشعوب الباقية، حكومة لا توفر الغطاء لهروب الارهابيين والمفسدين وأصحاب مافيات الصفقات الوهمية
العراق يعد ثاني اكبر بلد نفطي في العالم لكن المواطن العراقي يعيش ضجيج المولدات الصاخبة، العراق يستورد أكثر من 50 بالمائة من احتياجاته للطاقة الكهربائية من ايران وتركيا،وقد نشرت مجلة الايكونوميست البريطانية في تقرير نشرته إن “كمية الغاز الطبيعي المهدور المحروق المصاحب للنفط الخام المنتج في أبار البصرة، تقدر سنويا بحوالي 12 مليار متر مكعب وهي كميات تفوق الاستهلاك السنوي لدولة النمسا بأكملها”. هذا الغاز المحروق يسبب خسارة قدرها نصف ترليون دولار سنويا.
اعترف السيد المالكي بفشل وزارة الكهرباء والطاقة وقال ان هناك خلل وغباء في إدارة الطاقة والكهرباء، لكن بعد ان اكتشف الخلل نستغرب لماذا لم يغير الأغبياء بالكفؤين، ولماذا لم يستمع المالكي لنصيحة الخبراء من الوطنيين في مجال الطاقة، بل استمر في إحالة العقود الى شركات مفلسة أساسا ً والأخرى وهمية لم تمتلك اي سمعة او شهرة او حتى اسم في عالم الشركات.
تعتبر وزارة الكهرباء من اكثر وزارات العراق فسادا، تكلف هذه الوزارة العراق خسارة قيمتها 40 مليار دولار سنويا نتيجة سوء الاستعمال والفساد.
ان ارقام الفساد الحاصلة في العراق مابين عام 2006 حتى عام 2014 وصلت الى ارقام مخيفة و مذهلة جداً حيث كشفت هيئة النزاهة أن الأموال المهربة والمتواجدة في الدول المراد استرجاعها بلغت ترليوناً و14 مليون دولارا من قبل مافيات تهريب الاموال اضافة الى وجود اكثر من 600 مشروع معطل سحبت استحقاقاته المالية من الدولة مسبقا قبل البدء في المشروع ثم تركه في مراحله الاولى،
هناك تقرير صدر عن المركز العالمي للدراسات التنموية في لندن، من احتمال افلاس العراق خلال ثلاثة اعوام بسبب عجز الموازنة، كما تشيربعض التقارير من ان العمليات العسكرية في الانبار تكلف العراق يومياً 7 ملايين دولار وبحسب التقرير اذا تجاوز العجز مبلغ 50 مليار دولار فإن العراق سيكون عرضة لخطر الإفلاس في عام 2017. وسيكون العراق عاجزاً عن دفع رواتب الموظفين.
ميزانية العراق لعام 2014 بلغت 150 مليار دولار، اي تعادل ميزانية اربع دول اخرى لكن النتيجة تحولت بغداد التي تغنّى بها الشعراء يوما ما الى أسوء عاصمة في العالم، حالها حال مُدن في تشاد وإفريقيا الوسطى، 6 ملايين من العراقيين يعيشون تحت خط الفقر.
هذا هو حالنا في العراق، فلا نريد من المرشحين في القوائم التي بلغ تعدادها 277 كيانا التعدي على وعي الناس ومشاعرهم بحفنة من الأكاذيب المؤقتة التي يزاولونها اثناء حملاتهم الدعائية الشبيهة كبيع السلع من على شاشات العرض تصطحبها الابتسامات الخادعة مع توزيع البطانيات، ثمان سنين لم نشهد افتتاح اي من المشاريع الخدمية في العراق، وتعطلت الحياة في بغداد، ويتحدى المواطن العراقي أمانة بغداد من افتتاح مشروع واحد لها في بغداد، بغداد مدينة أنقاض ومدينة سكن الصفائح ومدينة أكوام المزابل. بغداد تغرق في كل وجبة من الأمطار.
الان عندما لم يبقى لهذه الحكومة اكثر من عشرة ايام نسمع من السيد المالكي
او غيره حركاتهم المكوكية بين المحافظات، ويعلن المالكي في الوقت الضائع من عمر حكومته الباقية بإعلان عن بعض المشاريع في كربلاء التي هي بمثابة حبر على ورق،
ويهدد بعدم السماح بتقسيم العراق، لا ادري باي قوة يهدد المالكي، ودستور حكومته يشجع على التقسيم والانفصال، لماذا لم يستطع المالكي بتغيير فقرات الدستور قبل انتهاء الثمان سنوات، الشعب العراقي أصابه القرف والملل في تسويق الكلمات المغرية للمشاعر.
نطالب مرشحين تعتليهم النزاهة والكفاءة والحرص على وطنية العراق، نريد مرشحين يعيدون قراءة وكتابة الدستور ومعالجة مطباته والغامه الكثيرة، وان يفعّلوا عشرات القوانين المعطلة وان لاتكون سوقاً للابتزاز السياسي، نريد مرشحين قادرين على جلب الأمان والاستقرار لشوارع العراق، نريد مرشحين لايعطلوا موازنة الشعب، نريد مرشحين
لايقر ون لأنفسهم الرواتب الخيالية وإلغاء قانون التقاعد الخاص لهم ولأصحاب المناصب العليا، وأخيرا نريد مرشحين قادرين على استرداد اموال العراق المهربة، وإحالة المفسدين الى محاكم القضاء، شرط ان لا يكون قضاءًا مسيّساً.
المرجعيات العليا في النجف الأشرف حذّرت هذه المرة بشدة من عدم استغلال رموزها الدينية في الانتخابات، وطالبت المواطن بانتخاب الأفضل والانزه و بتغيير الوجوه، وانا بدوري أخاطب كل المرجعيات الرشيدة، أدلّونا يرحمكم الله من هو الأفضل لإنقاذ العراق الذي دفن قبل أربعين عاماً. نتمنى ان تحصل المعجزة في هذه
الانتخابات، رافعين ايديا لله ندعوه أن يحمي العراق والعراقيين