ياظالمني

iraqbigestthiefحين يبكي الرجال،وهو امر بعيد الاحتمال في هذا الزمن الاغبر،فانهم بذلك يؤكدون ان الدموع لاتذرف الا في اوقات شديدة الوطأة ، فهم مثلا يبكون اذا وجدوا ان حسابهم المصرفي قد تقلص كثيرا بسبب ادمان الزوجات على ” شم الهوا” خارج البلد اكثر من 200 مرة بالسنة،ويبكون ايضا اذا وصلتهم رسالة تحذيرية من وزارة المالية الموقرة بضرورة التخلي عن الوظائف الاضافية التي يتقاضون منها رواتب خيالية،وهم يبكون اذا اطلق عليهم اسم الفضائيين.
ولكنهم يبكون بحرقة اشد اذا تقلص عدد رجال حماياتهم فيهرعوا الى الفضائيات ليروهم كيف تخبوا مشاعر الوطنية في هذا البلد الذي يتنكر اهلوه الى الشخصيات الوطنية.
ومن هؤلاء الباكين،ايتها السيدات والسادة،اسامة النجيفي الذي حمل علبة المناديل الورقية في سيارته المصفحة تسبقه 20 سيارة مماثلة الى اقرب قناة فضائية ليشكوهم همه والمحنة التي وصل اليها.
ويقول لهم: كنت رئيسا للبرلمان وكان عدد حمايتي 200 رجل فقط،اما الان وانا نائب رئيس الجمهورية فقد تقلص العدد الى 100 فقط فهل هذا عدل،ثم لماذا يتحامل علينا مثال الالوسي ليقول ان عدد حمايتنا انا والمالكي لايقل عن 1200 رجل.
انها والله عملية تسقيط واضحة،اما يكفيهم مافعلته حينما ترأست البرلمان وكان الارق يلازمني ثلاث سنوات وثلاثة اشهر وخمسة ايام وانا طريح الهم افكر في احوال شعبي وكيف يمكن الوصول بهم الى عيش رغيد،اما يكفي اني وطدت علاقة العوراق العظيم ببرلمانات العالم حيث حصلنا على الاسناد والدعم غير المحدود.
نعم خويه اسامة،كل ماقلته صحيح،فقد كنت احد رواد حفظ الملفات في الادراج،اما حفظت مشروع قانون البنى التحتية،الم يكن عهدك عهد اقرار تقاعد البرلمانيين واصدار جوازات سفر دبلوماسية لهم ولعائلاتهم ومن ضمنهم الطفل الرضيع،اما كان عهدك هو عهد التغاضي عن ممارسات الحكومة السابقة في اطلاق النار على المتظاهرين.
ونسألك بعد ذلك كم عدد الذين اغتيلوا بكواتم الصوت وانت تنام قرير العين بين احضان عائلتك،وكم عدد المجاري التي طفحت واغرقت المئات من بيوت الناس وانت شامخ في قصرك الذي لايضاهيه حجما الا قصر رستم باشا في ساحة الميدان في اسطنبول.
كثيرة هي الجراح التي نزفت في عهدك،وما جرح فضائيي البرلمان الا واحد منها.
ماعلينا،خلينا بالمهم.
يحرسك الان بشهادتك 100 رجل حماية،الا ترى ان هذا العدد يفوق عدد رجال حماية اوباما ب 25 مرة.
كنت رئيسا للبرلمان وشفطت من خزينة الدولة رواتب 200 رجل حماية لمدة اربع سنوات (يعني 200 مليون بالشهر ضرب 36 شهر وعندك الحساب)وياريت سويت شي تفيد بي البلد وكلًنا ميخالف الرجل محاصر من اربعة حيطان…حائط الشيعة وهم ماشاء الله 30 او 40 كتلة وحائط السنة الذي يمد اليك يد ” الضرة” لتتعارك مع حايط الايزيدون والفيليون والتركمان ويأتي بعد ذلك حائط كردستان المختص بالتلصص على انفاسك.
ولكنك الان نائب لرئيس الجمهورية وهو منصب كما تعرف منحوه لك من اجل عيونك فقط فلماذا اردت رواتب 100 رجل حماية؟.
شنو انت،( كرايندايزر) لو ام اربع واربعين.
هم قبلنا،بس نريد نعد كم سيارة تشيل هؤلاء الحماية.
كل سيارة حسب مصدر تصنيعها تشيل خمسة مع السائق،يعني من تطلع في جولة تفقدية تطلع وياك 20 سيارة مصفحة ومضللة.
وهاي السيارات مولانا تحتاج الى بترول وصيانة مستمرة وتنظيف بالشامبو،وهذه كلها دولارات،مو، لو انا غلطان؟.
كنا نتوقع منك ان تتنازل قليلا بعد ان منحوك هذا المنصب السني وتترك الحماية وتعلن ان منصبك فخري وليس هناك من يفكر باغتيالك،ولكنك خويه ماتكدر تترك شعورك وانت وسط هاي السيارات باضويتها البراقة تخترق الشوارع لتصل الى مواعيدك ” الرسمية” في الوقت المحدد.
جدتي من عرفت اللي انت بيه كالت لجارتها( شلي على ابن الناس غير المروة) ولكن ابن ابنها الرضيع طلب ان يسمع اغنية ام كلثوم… ياظالمني.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.