يحق لي،على ما اعتقد، ان اقتبس هذه الفقرة من كتاب( ميزوبوتاميا-موسوعة البيئة العراقية)التي اشرف على اعدادها مجموعة من الخبراء والعلماء العراقيين واخرجها الى النور سليم مطر.
ففي هذه الفقرة المعنونة “الى اجيال العراق القادمة” والتي وردت في مقال علي بابان وزير التخطيط الاسبق نجد مايلي:
(اغفروا لنا خطايانا بحقكم، اذ نورث لكم بيئة بلادنا المخربة،ضيعناالنفط اكبر ثروات ومكارم بيئتنا في حروب ومشاريع طائشة،تركنا انهارنا واهوارنا تجف ،وهوائنا يتلوث بالاشعة والسموم القاتلة ،ومزارعنا وبساتين نخيلنا الباسق تضمر،واثارنا واراضينا تصبح مقابر للقمامة والالغام والاسلحة الفتاكة،لكننا رغم كل هذا نملك كل الثقة والامل في خصب النهرين الخالدين وارواح اسلافنا صانعي الحضارات العظيمة هي التي ستبقى الى الابد تغذي شعلة الحياة والخلاص في الاجيال القادمة،فتموز مهما عطش ومات الا انه لن يكف عن الانبعاث من جديد حاملا الحياة والخصب والخضرة الى بيئتنا) انتهى النص.
قرات هذه العبارة اكثر من عشر مرات وكدت اصرخ:هل يفيد الاعتذار؟ هل نحن قوم يقبل بكلمة (متاسفين) بعد كل هذا الدمار الذي يحصل امام اعيننا؟.
دجلة والفرات ليسا نهرين لارواء البساتين والنخيل وروي عطش الفقراء،انهما هوية بلد بدونهما يصبح قرية في مهب الريح.
لو حدث لاحدكم ان نسي ان يحمل معه هويته المدنية ومر بسيارته على نقطة سيطرة هذه الايام وطلب منه بطاقة التعريف هل يكتفي رجل الامن بسماع كلمة اعتذار ويخلي حال سبيل صاحبنا ام يجرجره الى مخفر الشرطة ليتحقق تماما من هويته وانه ليس من جماعة (خيال الماتة).
هذا هو حال العراقيين الان فبدون دجلة والفرات،سيصبحون او اصبحوا بدون هوية وليس غريبا ان يقادوا من اذانهم الى اقرب مخفر للشرطة لتلقي العقاب.
الشعب سكت حين استعمل الايرانيون اراضيه لرمي الزبالة المخصبة والنفايات مختلفة الاشكال والانواع.
وتركيا مازالت ومنذ سنوات طويلة تبني السدود لتخنق ارض العراق اكثر فاكثر والشعب ساكت.
في مناجاة حميمة بين دجلة والفرات دار حوار صميمي ابكى كل فلاحي الاهوار ومزارعي القرنة والساكنين بالقرب من عيون كلي علي بيك.
الفرات:ماذا تتوقع ان يفعل الناس فيما هم غاطسون به.
دجلة:قبل ان اجيبك اود ان اذكر لك بعض الحقائق،فهذا الشعب تنطلي عليه بعض قصص التاريخ المزور،انه حتى لايجهد نفسه في معرفة الغث من السمين بل ترك الامور تسير باتجاهها دون ان يمد يده لتعديل اتجاهها فهاهم بعض المؤرخين ظلموا هولاكو حين ذكروا انه رمى الكتب في مياهي بينما الصحيح والادق انه رمى كل الكتب المتعفنة التي روج لها الخليفة الداعر المستعصم بالله ومنها دواوين الشعراء المنافقين وكتب واوراق دار الخزينة وكتب التاريخ التي مجدت بهذا الخليفة الذي كان يجد شخصه في سهر الليالي بمعاقرة الخمر وممارسة كل انواع الرذيلة واحتفظ هولاكو بالكتب الثمينة والتي مازالت مكتبات بلاد الكفار تعرضها في متاحفها وبيوتها الاثرية.
الفرات:ازيدك من الشعر بيت،مازالوا يدعون انهم صدروا الحضارة الى الغرب وكان لهم الفضل في تقدم بلدانها عبر نشر الثقافة والحضارة العربية والاسلامية.
دجلة:لم يستحوا من القول بانهم بناة حضارة بينما الذي بناها فعلا شعوب بلاد الكفار الذين وجدوا في هذه الكتب التي احتفظ بها هولاكو وغيرها من الكتب القيمة مايريدون بناءه لبلدانهم.
دجلة:نعم ليست العبرة في التشبث بالماضي بينما الاخرين يعيشون الحاضر ويستفيدون من كل خطوة يخطوها احدهم ان كان في الشرق او الغرب.
الفرات؛: اي…..ه يادجلة نحن محنطون ولعل اللات وهبل ومنى اكثر منا حركة.ولكنك لم تجبني على سؤالي
دجلة:بماذا اجيبك وانا ساموت من العطش.
الفرات: لقد تنبا احد الخبراء بان موتنا محقق في العام 2040.
دجلة:نعم لم يبق الا القليل.
الفرات : حتى ذلك الحين دعنا نعيش سوية فربما تعيد الاجيال المقبلة الحياة لنا.
دجلة :لست متشائما ولكننا نحتاج الى سنوات طويلة حتى نسترد عافيتنا.تواصل مع محمد الرديني فيسبوك