و في العراق , تستمر الحياة !
رعد الحافظ
raad57dawood12@yahoo.com
قلتُ لصديقي آيار العراقي الذي إستضافني في عطلة (الپوسك PÅSK) , عيد القيامة / الفصح المجيد / الإيستر ( التسميّة ليست هي الأهم )
قلتُ لهُ : هل تدري كيف حلّ صديقنا العراقي / يعقوب إبراهامي ,ذلك الإشكال الطويل والحوار الساخن الذي دارَ بهدوء ( بيني وشامل )
ويدور ربّما بعصبيّة عراقيّة ( معروفة ) بين آخرين , حول هل كانت حرب عام 2003 حرب إحتلال / أم هي حرب تحرير العراق من صدّام ؟
كتب يعقوب يومها لنا :
لكي لاتضيّعوا مزيداً من جهودكم هباءً في التوصّل الى تسميّة الحدث , فأنا أقترح مايلي :
عمليّة الإحتلال الأمريكي للعراق ,قادت لتحريرهِ من صدّام !
ثم سألنا / هل تجدون في كلامي تناقض ؟ وأجاب نفسه / وماذا يعني ,الحياة نفسها مليئة بالتناقضات !
أسرعتُ بإجابتهِ ( وكان الحوار في مقالي الأخير ) / أنا موافق طبعاً , لأنّ مايهمني ليس التسميّة , بل فهم فلسفة الحدث ذاته .
هذهِ عمليّة ( حتميّة تاريخيّة ) , ما كان العراق ليتخلّص من طاغوتهِ بدونها !
لقد وصل الإحباط والإعياء الشعبي العام درجة خلال حُكم صدّام , لم نعد نتخيّل معها زوالهِ وأبنائهِ .
صار حالُنا كما في , خريف البطريرك / غابريل غارسيا ماركيز .
التسميّة التي ستسود مستقبلاً ستكون قرار شعبي عراقي بإمتياز . ولن تنفع معها كلّ الجدالات العقيمة والأدلجات البائسة .
مازال العراقيّون يسموّن حرب الخليج الأولى / طكّة بوش , يقصدون جورج بوش الأب / وطردهِ صُديماً من الكويت .
ذلك تُراث أو (تقليد ) عراقي Tradition بالتسميّات , يعود الى ماقبل الحرب العالميّة الأولى .
فثمّة طكّة العصمنلي , وطكّة الإنكليز . وطكّة تلد اُخرى , في زمن الجمهورية .
وربّما ستسمى هذهِ المُختلف عليها الآن , أهي تحرير أم إحتلال ؟ طكّة بوش الإبن . والناس تفهم منها زوال صدّام الى الأبد .
أو كما تقول الغالبيّة عن يوم 9 نيسان , هي ذكرى سقوط الصنم !
*************
خلال لعبنا (الطاولي ) نستمع لإلهام المدفعي يُنشد قصيدة نزار قباني
عيناكِ يا بغداد منذُ طفولتي … شمسانِ نائمتان في أهدابي
لا تُنكري وجهي فأنتِ حبيبتي … وورودُ مائدتي وكأسُ شرابي
إصغوا معي لو شئتم
http://www.youtube.com/watch?v=p0UkUvee8Ss&list=WL3FAC7BA4EF589BC2&index=3&feature=plpp_video
نرتشف من كأس النبيذ قليلاً , وأعود لأتذكر صديقنا إبراهامي وأصدقاءهِ الذين يكتب ويسأل عنهم ,ماذا جرى لهم ؟ بينما يستمر إلهام المدفعي
لا تظلمي وترَ الربابةَ في يدي … فالشوقُ أكبرُ من يدي وربابي
ماذا سأكتبُ عنكِ في كتبِ الهوى ؟ فهواكِ لا يكفيهِ ألفُ كتابِ
كلّ فكرة نتناولها , تُلخّص محنة العراق وشعبهِ قديماً وحديثاً .
مَنْ المسؤول إذن ؟
المؤامرة الأمريكيّة الصهيونيّة ؟ أم الجيران العرب والفرس والترك , أم عفاريت الجنّ الأزرق ؟
وهل التهديدات الأخيرة ( لمحمداوي ) لأكراد بغداد , التي كتب عنها د. عبد الخالق حسين مقالهِ الأخير , هي مؤامرة صهيونيّة ؟
لماذا نحنُ ملائكة الى هذا الحدّ لا نُغيّر ذرّة من خضوعنا وخنوعنا للمؤامرة الإمبرياليّة ؟
********
أعود لأسأل مُضيفي / هل أنتَ كشيوعي أصيل, مع أو ضدّ تحرير العراق من صدّام ؟
فيجيبني : وهل لعاقل أن يقف ضدّه ؟
أسألهُ / لكن المؤدلجين يلومون قيادتكم وكلّ مَن وافق على التعاون .
يُجيبني / حزبنا اليوم وقيادته واقعيّة , لاتعمل بالشعارات البائسة .
أنتقل بالسؤال لأخيهِ ( ياسر ) , وقد عاد بالأمس من العراق ويحمل لنا علبة مَنْ السما الموصليّة , كيف حال الناس هل هناك أملاً يُرتجى ؟
يقول :
الغالبية تحّب المالكي , فهو قوّي كفاية ليوفر لهم الأمن المطلوب
رغم الوقت الطويل الذي نحتاجه للإنتقال بين منطقة واُخرى بسبب إجراءات الأمن القوية
( يزدحمُ السير إنّهُ يزحف كتنين برّاق خامل / يقول ترانسترومر )
لكن غالبية الناس تشعر بالفارق الكبير عن عهد صدّام .
حتى الفساد ( وهو موجود بكثرة ) لكن الجميع يتحدث ويصرخ ويكتب ولا يخشى العاقبة .
*********
الخلاصة :
أعياد سعيدة للجميع مهما كانت التسميّة / قيامة أو فصح أو غيرها , المهم صادفت هذا العام تحرير العراق !
لأوّل مرّة بعد فترة كئيبة طويلة .. أتفائل ( أنا أحبّ التفاؤل والضحك , وأحبّ أضيف ) أشعر بعجلة العراق تبحث عن مسارها الصحيح .
لكن بالنسبة لي الأصل في كلّ السلبيات هي الثقافة الإجتماعيّة السائدة , والتشدّد والتطرّف والتعصّب الديني , والقومي ايضاً .
ويعود الأمر للعراقيين أنفسهم كي يُصلحوا حال العراق لو شاؤوا .
نعم أنا اليوم أظنّ … (( العُتمة تمضي مُضيئة )) , في العراق !
تحياتي لكم
رعد الحافظ
9 نيسان 2012