موقف زعماء العراق ممن أتوا على طهور الدبابات الامريكية والبغال الإيرانية يثير العجب، فعندما كانت الحرب مستعرة بين حكومة ماعش وداعش، كانت القوات الامريكية توفر الغطاء الجوي للميليشيات الشيعية علاوة على المدفعية الثقيلة، ومع هذا فأن الحشد الشعبي تنكر للدور الأمريكي وأشاد بالدور الإيراني، بل ان النصر على داعش جير تماما لنظام ولاية الفقيه فقط، أما ضحايا الجيش العراقي والتحالف الدولي فهما ريشة في مهب الريح.
الأطرف منه ان قادة الحشد زعموا ان القوات الامريكية تساعد الدواعش ضدهم، لكن لنأخذ الحقيقة من وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون، فقد صرح في 13/2/2018 في كلمة القاها بمؤتمر للمانحين في الكويت انه ” تم تحرير اكثر من 98% من الاراضي العراقية من سيطرة التنظيم بجهود من التحالف الدولي”. من جهة أخرى أكد المتحدث باسم التحالف توماس فيل لوكالة الاناضول التركية في3/1/2018 إن “التحالف الدولي الذي يقاتل تنظيم داعش نفذ (14104) غارات على اهداف التنظيم في العراق بالفترة من أيلول 2014 وحتى كانون الاول 2017″. مضيفا أن ” هذا الرقم يشمل الغارات الجوية التي تقوم بها طائرات التحالف، بالإضافة إلى هجمات طائرات الهليكوبتر الحربية والطائرات بدون طيار والمدفعية البرية”.
المثير في الأمر ان قادة الحشد الشعبي يطالبون حكومة العبادي بإنسحاب القوات الأمريكية من العراق وإلا فإنها ستكون من أهدافهم القادمة، تناغما مع الموقف الأيراني الذي عبر عنه الناطق بإسم الخارجية الايرانية (بهرام قاسمي) بقوله” إن ايران ستقاتل الامريكان بشباب العراق وأمواله لخدمة مشروع الإمام خميني”. كلام صريح جدا فدماء العراقيين في خدمة مشروع الخميني المقبور. مع هذا لم نسمع أي رد من قبل وزارة الخارجية العراقية على هذين الأمرين. العجب ان الخارجية الأمريكية وسفارتها في العراق لم يستنكرا في يوم ما تلك البيانات والتصريحات العدائية والتهديدات التي يطلقها قادة الحشد ضد القوات الأمريكية، والأكثر عجبا ان رئيس الوزراء حيدر العبادي أيضا لم يستنكر صدور هذه التصريحات من قبل قادة يدعي انه زعيمهم ويأتمرون بإمرته، فهو كما يبدو للعيان غير قادر على إغلاق أفواههم مع إنهم تصريحاتهم تنصب في خدمة مصالح الجارة اللدود وليس العراق.
إنسجاما مع تصريحات الحشد طالب البرلمان العراقي العبادي بتحديد جدول لإنسحاب القوات الأجنبية من العراق، ولكن سبق أن صرح وزير الدفاع الامريكي (آشتون كارتر) بأن القوات الامريكية باقية في العراق لأجل غير مسمى، وأعادت وزارة الدفاع الامريكية هذا الكلام بأن” القوات الامريكية ستبقى في العراق لأكثر من (20) عاما، حسب التوقعات، وهي لا تحتاج الى تفويض من أحد”. فكيف سيوازن العبادي كفتي الميزان، واي كفة يرجح، الولايات المتحدة أم ايران؟
كما يبدو ان موقف الحشد الذي تبناه البرلمان حول إنسحاب القوات الامريكية من العراق جاء كدعاية إنتخابية مبكرة، والا كيف نفسر توقيت هذا المطلب مع قرب الإنتخابات، علما انه لا البرلمان ولا الحكومة العراقية ولا نظام الملالي الذي يحكم العراق فعليا قادرون على إجبار القوات الأمريكية على الإنسحاب من العراق، والحقيقة ان مطالبة قادة الحشد الشعبي بإنسحاب القوات الأمريكية علاوة على الدعاية الإنتخابية، والتوجيه الإيراني بهذا الصدد، فهم يرغبون أن تملا أيران الفراغ بعد إنسحاب القوات الأمريكية، بمعنى ان يتغير النفوذ الإيراني الحالي إلى إحتلال كامل للعراق.
بتأريخ 20/2/2018 فجر (حسن رحيم بور ازغدي) عضو المجلس الأعلى للثورة الثقافية قنبلة صوتية خلال مقابلة مع تلفاز (أفق الايراني) بينت حجم النفوذ الايراني في العراق، وان القرار العراقي مرهون تماما بالموقف الإيراني، حتى فيما يتعلق بالقضاء بقوله” إن جماعتنا في العراق قامت بشنق صدام حسين وليس الأمريكيين، امريكا كانت تريد حفظه إلا أن قوات الثورة الإسلامية أعدمت صدام”. مع أن القوات الأمريكية هي التي سلمت صدام حسين الى حلفاء إيران.
وفي طامة أخرى صرح أيضا” الحقيقة الجديدة هي ان خمسة او ستة بلدان في المنطقة خرجت من تحت سيطرة الامريكيين، ودخلت معسكر الثورة الإسلامية”! ولمن يتشتت فكره عن تسمية هذه الدول ويقول ربما لا يقصدنا نحن! فقد سَمى بور هذه الدول بكل صراحة وهي” العراق، سوريا، اليمن، لبنان، افغانستان”، وأضاف اليها غزة هذه المرة في نغمة جديدة. لكن هل إكتفى أزغدي بوقاحته؟
كلا! بالطبع!
في تحدي سافر لسيادة الدول التي ذُكرت أسهل ازغدي هذه المرة من فمه بالقول” لو تسمون هذا التوسع والتفكير بأنها إقامة امبراطورية واسعة! فلا نقاش على الإسم، نعم نريد إقامة إمبراطورية”. كالعادة التزمت الدول المقصودة بحديثه بالصمت أزاء هذه التصريحات الوقحة التي تمثل تدخل سافر في شؤون الدول الداخلية، وتتعارض مع المواثيق الدولية، ويفترض ان تقدم مذكرات إحتجاج الى وزارة الخارجية الإيرانية للحد من التمادي بإطلاق مثل هذه التصريحات العدائية، أو إيداعها كوثائق بخرق السيادة الى الأمم المتحدة.
لكن لماذا تتجاهل الدول المقصودة مثل هذه التصريحات على الرغم من إنها تشكل إهانة الى الأحزاب الموالية لولاية الفقيه، قبل أن تشكل إهانة لشعوب المنطقة وكرامتها؟
يمكن أن نعزو هذا الموقف المخزي الى الآتي:
1. أنها على يقين من أن ما قاله بور يمثل الحقيقة، وان نظام ولاية الفقيه عبر الأحزاب الموالية له في الدول المذكورة تساهم فعليا في بناء الامبراطورية الساسانية الحديثة، وفقا لما يسمى بـ (مشروع الإمام الخميني).
2. الخوف من البعبع الإيراني لأنها أضعف من تتحداه ولو قولا وليس فعلا، علاوة على سيطرة الأحزاب الموالية لإيران على مقدرات هذه البلدان.
3. الخشية من تفعيل الخلايا الإيرانية النائمة في تلك البلدان، وهذه من شأنها أن تحرق المنطقة إذا ما وجدت ايران الحاجة الى إيقاظها وتنشيطها.
لم يشذ عن الرد سوى النائب العراقي (حيدر الملا) القيادي في الجبهة العراقية للحوار الوطني، الذي استنكر تصريحات ازغدي بإعتبارها تمثل تطاول على السيادة العراقية ـ وهل بقيت سيادة للعراق يا ملا؟ ـ وطالب وزارة الخارجية العراقية بإتخاذ موقف واضح من التجاوزات الايرانية المتكررة.
كالعادة التزمت وزارة الخارجية الصمت، شأنها شأن رئيس الوزراء الهزيل والبرلمان العراقي الأهزل منه، بإستثناء صدور تعقيب شفاف، كأنه عتب من حبيب لحبيبته، أطلقه مسؤول في وزارة الخارجية بعد أن شهرهم حيدر الملا، جاء فيه ” أية تصريحات تصدر من أي طرف تشير إلى التدخل في الشأن العراقي أو الهيمنة على العراق مرفوضة. ولا توجد دولة تهيمن على العراق”.
لاحظ الآتي:
1. ان التصريح عام ولا يشير الى إسم الدولة.
2. وردت صيغة الرفض بدلا من صيغة الإستنكار والإحتجاج.
3. قوله لا توجد دولة تهيمن على العراق! أشبه بمن يضحك على نفسه، لأن العراق دولة مباحة وفيها قوات ومستشارين لأكثر من (60) دولة.
4. حجم التجاوزات على سيادة العراق من قبل الإيرانيين لا يتناسب مع هذا الرد العاطفي. بل ان صاحب التصريح العراقي لم يشر الى كلمة (سيادة العراق)، لأنه أدرى من غيره بواقع حال السيادة. فقد تجاهل التصريحات الإيرانية الحاد ضد العراق في تمويه واضح وأخذ الأيسر منها، مثلا تجاهل تصريح مستشار المرشد الإيراني الأعلى (على أكبر ولايتي) بأن النظام الإيراني هو الذي يقرر نتائج الإنتخابات المقبلة، وتصريح آخر بأن النظام الإيراني يرفض سيطرة العلمانيين والشيوعين على دفة الحكم في العراق. اليس هذا تدخل في الشأن العراقي؟ أم ان العراق صار ولاية تابعة الى إيران يا وزارة الخارجية العراقية؟
5. التصريح يتحدث عن أطراف وليس عن دول، بمعنى انه يبرأ الدول من تصريحات مسؤوليها، وهذا ما عبر عنه بعض قادة ميليشيات الحشد الشعبي والموالين لنظام ولاية الفقيه، بأن من يطلق التصريح يمثل نفسه وليس النظام، مع ان من يطلق التصريحات المسيئة للعراق وغيره هم في قمة الهرم السياسي في إيران.
لكن هذا الخروف الهاديء في وزارة الخارجية العراقية لم تشفع له مأمأته، فقادة الأحزاب الموالية لإيران في العراق والحشد الشعبي بالمرصاد لكل من يتجاوز على ولاية الفقيه، وهم متساهلون بنفس القدر مع كل إيراني يسيء الى العراق!
إن مشروع ولايه الفقيه بتأسيس امبراطورية ساسانية جديدة تتمثل بمشروع الخميني هو هدفهم الأول، وهذا ما جاء على لسان عملاء إيران في العراق مثل عمار الحكيم وهادي العامري وقيس الخزعلي وأوس الخفاجي وواثق البطاط وغيرهم من قادة الحشد الشعبي، وهو ما أكد عليه مؤخرا رئيس المجلس الأعلى الإسلامي (العراقي) العميل همام حمودي، فقد صرح خلال إجتماعه مع الهيئة العامة لهذا المجلس سيء السمعة بقوله” أساس المجلس الأعلى أساس معين، وتأسس منذ اليوم الأول على أساس التقوى والجهاد في تنفيذ مشروع الإمام الخميني”. مضيفا ” وقصدنا العودة الى الشهيد الصدر الذي أوصانا بالذوبان بالإمام الخميني، والعودة الى الإمام الخميني وتوجيهاته”. وختم إسهاله اللفظي بالقول” إن المجلس الأعلى يمثل اليوم مشروع الإمام الخميني الذي نُفذ في العراق”.
لذا فإن إيران لا تحتاج الى الدفاع عن مواقفها فقد أوكلت هذه المهمة الى عملائها في المنطقة، ووزارة الخارجية العراقي خجولة أشبه بالفتاة المخطوبة مع إيران، ولكنها بغي وقحة سليطة اللسان مع الدول العربية. ووزيرها المهووس مشغول بقمقمه وطلاسمه، وبهذه المناسبة نهدي له ما يتفق وإنشغاله مع زميله الدبلوماسي مارد القمقم بهذا الطلسم، قال شرف بن أسد المصري” اخبرك أيها النحوي أن البشر سابخروى شطبطاب المتفرقل، والمتقبقب من جانب الشرشنكل، والديوك تصل كنهيق زقازيق الصولجانات، والحرفرف الفرياح ببيض القرقنطق والزعربرجر احلبنبوا يا حيز من الطيز بحبح بشمردلو خاط الركبكو شاع الجبربر بجفر الترتاح بن يبسوشاح على لوي بن شمندوخ، على لسان القروان مازلوخ، أنك أكيت أرس برام المستلطخ بالشمردكند مخلوط، والزيبق بحبال الشمس مربوط، علعل بشعلعل، مات الكركندوس أدعوك في الوليمة، يا تيس، تش يا حمار يا بهمية، أعيذك بالزحواح، وأبخرك بحصى لبان المستراح، وارقيك برقوات مرقات قرقرات البطون، لتخلص من داء البرسام والجنون”. ( فوات الوفيات).
علي الكاش
١: مصيبة غالبية شعوبنا أنها تعشق جلاديها وناكحيها ، والا كيف يعقل أن تكون ذيلاً لكلب هرم متخلف ولى زمانه ؟
٢: أتعلم لماذا الامريكان لا يردون عليهم ، لانهم بكل بساطة يعدون لهم ولأسيادهم في ايران العشاء الأخير ؟