وزارات في المزاد العلني

iragisomeriحين كنا نبكي ونحن اطفال كانت امهاتنا تسكتنا بثلاثة وعود،تشتري لنا حلوى او شعر بنات ،او كف يخرسنا موقتا، او بمناداة الشرطي لياخذنا الى مكان ما.
وتتكرر هذه المواجهة كلما حنت علينا امهاتنا وتاخذنا معها للسوق.
ولكن يبدو ان ذلك اصبح من ورقات الماضي المهترىة وحل مكانها نموذج جديد عمره الان لايزيد على عشر سنوات.
في تشكيلة الحكومة السابقة وصل عدد الوزارات الى 42 وزارة،وضج الناس وسخر من كان بالخارج وضحك من كل قلبه من كان بالداخل.
ويبدو ان بعض المسوولين انذاك شعروا بشيء من الغيرة فقلصوا عددها الى 40 ثم الى 38 ثم الى 30.
واستقر الوضع بعد ذلك لمدة 4سنوات بعد ان تم اقناع من لم يحصل على حقيبة وزارية باعطاءه قطعة حلوى او عصا شعر بنات.
وحسبنا ان ناسنا الذين على ظهر المسوولية سيستفيدوا من هذه التجربة في تشكيلة الحكومة الحالية ،ولكن الذي اتضح انهم غرقوا بالجهل اكثر واصبحت التشكيلة الوزارية “خريط بخريط”.
احدهم يتصل به احد اصحابه ليلا ليقدم له التهاني بمناسبة تعيينه وزيرا وصاحبنا لا يعرف من الامر شىيءا
اخر يبيع وزارته بكذا مليون الى رفيقه في نفس الكتلة شرط ان يكون الامر سرا.
مجموعة من فطاحل السياسة يجتمعون في بيت احدهم ويجرون القرعة على الاشخاص الذين سيحملون الحقيبة الوزارية،وتعقب كل سحبة موجة من الضحك الهستيري.
هل من المعقول ان يتم تعيين 3 نواب لريس الجمهورية؟
واذا كان ريس الجمهورية لاشغل له ولا عمل قماذا سيفعل النواب الثلاثة ؟
اليس محيرا ان يقبل هولاء النواب بهذه الوظيفة “التنبلخانه”؟
الا يستحوا ان يجدوا ان عملهم الاساسي هو قراءة الصحف وحل الكلمات المتقاطعة؟.
واذا حاججتهم سيقولون لك :انها 4 سنوات ناخذ بها المقسوم ونعود الى بلاددنا الاصلية و”لامن شاف ولا من درى”.
مو صحيح شباب.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.