ورقة التوت

مشاغب آخر من مشاغبي اولاد الملحة،وهو مصور محترف،بعث بالبوم صور اسماه ورقة”التوت الى جميع معارفه.
هذا البوم لايسهب ولا يطنب ولا ينظّر في مياه الامطار التي اغرقت كل العوراق تقريبا بل اهدى هذه الصور التي تحمل التوت وورقته الى كل من يعنيه الامر ،أيهم فهم كثر، وطلب برجاء غاية في الادب ان يفكروا قليلا فيما آل اليه ناسنا هناك.
الصورة الاولى:
شاب وسيم لايتجاوز العشرين وجد في مشحوفه البلاستيكي خير وسيلة للتنقل المجاني بعيدا عن السيارات المفخخة وحين سألوه من أين اشتريته قال “طبعا من سوك مريدي”.
فهرع الشباب الى هناك ووجدوا ان السوق قد اصبح في خبر كان بعد ان غطس كله في الفيضانات ،المجارية منها والثقيلة، ولم يجدوا غير صورة سيء الصيت صلاح عبد الرزاق “طايفه” في المياه.
الصورة الثانية:
طفلة لاتتجاوز الثلاث سنوات تصرخ وتستغيث بالمارة بعد ان غطس نصفها في الطين ومن حسن حظها كان احد المارة طويلا فاستطاع نشلها من الوحل وهي مازالت تبكي وربما تندب حظها في هذا الزمن الاغبر.
الصورة الثالثة:
اويلي يابه.. مديرية المرور العامة وقد زحفت اليها اطنان من النفايات وزبالة القوم بينما اصر المراجعون على اكمال معاملات سياراتهم الا واحدا وهو كبير السن فقد احضر كرسيا ووضعه بين اكوام الزبالة وجلس عليه متفرجا على القوم.
الصورة الرابعة:
شاب تبرع بنقل القوم عبر “عربانته” الصغيرة من ضفة الى اخرى ومجانا.. احدى الفتيات وتبدو جامعية همست لزميلتها”شوفي ابو العربانة اشكد شريف وابن اوادم”.
الصورة الرابعة:
شاب في الثلاثين من عمره وجد فرصة سانحة للصيد امام بيته “الغركان” وقد استطاع ان يصيد من هذه الفيضانات سمكة من نوع “الشبوط” فيما غرقت بيوت التنك من حوله ولاندري هل يستطيع تنظيفها جيدا من الطين الذي غطاها من خياشيمها وحتى ذيلها(بالعافية خويه غداك اليوم شبوط بعيدا عن البطاقة التموينية).
الصورة الخامسة:
اما مجمع كليات سبع ابكار فقد تعلم الغوص في المياه الآسنة والطالبات والطلاب”سودة علي” يشكون امرهم لله الواحد القهار حتى ان احداهن قالت اتحداكم ان تجدوا قطرة مطر واحدة في المنطقة الخضراء.
الصورة السادسة:
انهار في كركوك احد افضل شوارعها والانكى من ذلك ان اسمه شارع القدس وحاله يصيح “واقدساه” ولكن لامجيب لمن ينادي فالكل اطرش “بصاية الدولار”.
الصورة السابعة:
اما الجامعة التكنولوجية فقد صارت “بح” وطالباته وطلابه اصطفوا محاذاة اليابسة وهي “متر ×متر” وهم يصيحون “اخذناها وبعد ما ننطيها”.
الصورة الاخيرة لكلب،اجلكم الله، تخيل نفسه قردا حيث ظل واقفا فوق مجموعة “تنكات” سقطت سهوا من بيت احد المواطنين.
فاصل الاجازات:حسنا فعل مجلس محافظة البصرة حين امر بتعطيل كافة الدوائر الحكومية ثلاثة ايام خصوصا وان غدا،يوم الثلاثاء، سيشهد مطرا لم يسقط مثله طيلة القرن الماضي.

محمد الرديني (مفكر حر)؟

كل عام وقصيدة “انشودة المطر” تحييكم.

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.