وداعا بيادر خير

رحل عنّا فؤاد سالم،ولانعتقد ان احدا من العراقيين او منطقة الخليج لايعرفه.
الرائع فيه انه ظل محافظا على مبادئه وحبه لوطنه، هذا الوطن الذي تنكر فيه المسؤولين عنه وتركوه يعاني من امراض عديدة لسنوات طويلة، ولم يشفع له اول اوبريت اسماه “بيادر خير” والذي تألق فيه في اغنية”ياعشكنا” مع شوقية العطار.
كان هذا الاوبريت اول عمل فني له في البصرة ،اذا لم تخني الذاكرة، وكان الموعد الذي تعرفت فيه عليه.
بعد انتهاء عرض هذا الاوبريت دخلت خلسة الى خلف المسرح وصافحته وعانقته بدمعتين من فرط السعادة.
ومنذ ذلك الحين وحتى يوم امس الاول،حين رحل عنا، كانت علاقتنا تمتد الى اكثر من 30 سنة.
لماذا تدير الحكومات العربية ظهرها لمبدعيها؟.
جميلة بوحيرد لم تزل لاتستطيع ان تسدد فاتورة البقالة.
وديع الصافي صرخ ذات يوم بوجه حسني مبارك:ارجوك امنحني اللجوء الى مصر فاني اكاد اموت جوعا في لبنان.
صباح باعت ملابسها بالمزاد العلني لتسد رمقها.
اخرون ولدوا بصمت وغادروا بصمت.
اسمحوا لي ان ادعو بالصحة الى محمد سعيد الصكار، هذا الرجل الذي يرقد الان في احد المشافي الباريسية.
لااجيد الرثاء ولا اجيد الصلاة ولا اريد ان اتخذ من صديقي الرائع فؤاد سالم موضوعا للحديث، ولكن يجب ان اتحدث عن ذكريات رائعة معه.
كانت الكويت اول من احتضنته ومنها انطلق الى العالم العربي والتقينا بعد ذلك في امارة الشارقة بعد ابعدوه من هناك،وهناك كان سعيدا ولم اعرف سعادته الا بعد دقائق حين عرفت انه انتهى من تلحين اغنية”امي” التي كان فخورا بها.
وسمعتها زوجته “أم حسن “ولكنها قالت بعد الانتهاء من عزف العود و”الدندنة”:فؤاد تعودت على اسماعي اغنياتك الجديدة ولكن خالفت هذه القاعدة هذه المرة.
ضحك بجلجلة وكانت له ابتسامة رائعة جدا وكاد ان يقول:انت الغالية.
كل الذي يعشق وطنه غال.
وكل الذي يسرق دماء شعبه خائن بامتياز.
فاصل “سامحوني”:معذرة للشباب ولكني اطلب منهم سماع اغنية “ياعشكنا” ليعرفوا كيف ان الانسان يحب وطنه.

محمد الرديني (مفكر حر)؟

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.