ايلاف
يدرس أوباما شنّ حرب الكترونية على نظام الأسد من خلال توفير خدمة “واي فاي” طويلة المدى تصل إلى عشرات الكيلومترات، فيكون بذلك وفر حرية الاتصال والتواصل للمعارضة المعتدلة، بعد محاولات عدة نفذها النظام لقطع الانترنت في سوريا.
فقد السوريون قبل أيام اتصالهم بالانترنت للمرة الثانية في غضون شهر. وادّعى نظام الرئيس بشار الأسد أن عطلًا فنيًا أصاب الشبكة، لكن الأدلة المتاحة تشير إلى محاولة متعمّدة من النظام للحدّ من قدرة المعارضة على التواصل والاتصال مع الداخل والعالم الخارجي.
في وقت يدرس صانعو السياسة الأميركية اتخاذ إجراءات إضافية لتشديد الضغط على الأسد ومساعدة فصائل المعارضة المعتدلة، فإن مراقبين اقترحوا على إدارة أوباما أن تفكر في شنّ حملة عسكرية الكترونية، تؤمّن للسوريين حرية الاتصال على الانترنت. ويؤكد المراقبون أن مثل هذه الحملة تخدم المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه تؤكد التزامها بحرية الانترنت.
“واي فاي” بعيد المدى
من خلال قيادة الحرب الالكترونية، التي أنشأها الجيش الأميركي حديثًا، تستطيع الولايات المتحدة أن توفر “ملاذات آمنة رقمية” للمعارضة، على غرار الملاذات الآمنة للاجئين على الأرض باستخدام تكنولوجيات “واي فاي” للمسافات الطويلة على امتداد الحدود السورية، وفي المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، بالتنسيق مع فصائل معتدلة، كما تقترح صحيفة نيويورك تايمز، مشيرة إلى أن المنصات التي تتيح إرسال إشارات “واي فاي” لمسافات تصل إلى 100 كلم موجودة فعلًا في مناطق من جنوب آسيا وأسواق ريفية أخرى.
وبإيجاد نقاط مؤمَّنة لاستخدام الانترنت، تستطيع فصائل المعارضة أن تربط شبكاتها الأرضية واللاسلكية بشبكات مجموعات، تتفق معها في الرؤية والتفكير.
سيمكنها هذا من الوصول إلى مناطق أعمق في سوريا، ووضع الانترنت في متناول قطاعات واسعة من السوريين. وستكون الولايات المتحدة قادرة على مراقبة هذه الشبكات، وبذلك التوثق من أن العناصر المعتدلة في المعارضة هي المستفيد الرئيس منها، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.
يمكن اتخاذ إجراءات لاحقة لمواجهة أجهزة النظام التي تراقب اتصالات المعارضة في إطار البنية التحتية القائمة لقطاع الاتصالات.
مواجهة عن بعد
ويمكن تحقيق هذا كله من دون الحاجة إلى إرسال جندي أميركي واحد. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن المستشار السابق للأمن الالكتروني في إدارة أوباما كريس فينان أن خبراء قيادة الحرب الالكترونية في الجيش الأميركي يستطيعون أن يراقبوا هذه الشبكات الخاضعة لسيطرة المعارضة من بعيد لمواجهة أية محاولة تقوم بها أجهزة النظام، بهدف التشويش عليها، مع تدريب عناصر من فصائل المعارضة المعتدلة على تشغيل اتصالاتها الرقمية الخاصة وحمايتها.
تعتبر مصر مثالًا على ما يمكن أن تفعله الانترنت إذا توافرت إمكانية استخدامها بصورة مضمونة. فعندما حاول السلفيون بسط سيطرتهم، من خلال الدعاية باستخدام الإعلام التقليدي، انبرى لهم طبيب قلب، تحوّل إلى معلق سياسي ساخر، اسمه باسم يوسف، عبر بث أشرطة على يوتيوب، تفضح مواقفهم وتفند دعاواهم. وأصبح برنامج باسم يوسف اليوم من أكثر البرامج شعبية في مصر.
ويسلط مثال مصر الضوء على الدور الذي يمكن أن تقوم به مثل هذه الاستراتيجية الالكترونية في سوريا بعد الأسد. فحملة الكترونية حسنة التخطيط يمكن أن تسهم بقسط كبير في تقوية المعارضة وإضعاف نظام الأسد وإشاعة أفكار حرية التعبير والتجمع والمساعدة على إيجاد بيئة استراتيجية في المنطقة لسنوات مقبلة، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.