قبل أسابيع معدودة..’دعيت لمشاهدة فيلما بعنوان “” إبن حرام “” , الفيلم من إخراج صحفيه بريطانية.. حملت كاميرتها وذهبت خصيصا إلى المغرب. لتصور قصتين من واقع المرأة والقضاء..
إحدى هاتين القصتين عن فتاه.. زوّجها أهلها وهي في السابعة عشر.. لإبن خالها الذي لم تراه.. كان يكفي ان يطلب الخال من أخته يد إبنتها.. لتوافق على الفور ظنا بأنها.. بذلك توفر لها الأمان والحماية!!!ا..وتم قراءة الفاتحة مع إحتفال حضره سكان القرية.. مع أخذ بعض الصور.. ورافقت العروس خالها إلى المدينة حيث يقطن الزوج.. لتفاجأ بأنه أخرس لا يتكلم.. مكثت معه بدون توثيق الزواج الذي تم بقراءة الفاتحه.. والإيجاب والقبول ( كان والده – خالها وكيله ) وحضور الشهود.. والإحتفال.. إغتصبها عنوة وبالإكراه التام حسب وصفها.. أمضت معه سنتين كان يعاملها فيها بقسوة لا يخلو فيها يوم من الضرب إضافة إلى إهانات والدته.. وبعد السنتين.. وحين حملت.. طردوها من البيت مشككين بحملها ’متهمينها بالفاحشة لتعود إلى بيت أهلها.. وأنجبت طفلة بلغت 7 سنوات حين تصوير الفيلم.. خلال سبع سنوات رفض الزوج الإعتراف بها.. بحيث لا تستطيع الحصول حتى على التطعيم ضد الأمراض.. ولا القبول بمدرسة.. وحين بدأت تصوير مأساتها الصحفية البريطانية.. تبنّت قضيتها إحدى الجمعيات النسائية.. وتابعتها حتى حصلت الأم على إعتراف القانون بنسبها من خلال إثبات صحة الزواج بالفاتحه.. للإعتراف الديني به.. رافضة الإعتراف من خلال فحص الحامض النووي حماية لسمعتها ولسمعة إبنتها… وأصرت على إجبار المشرّع من خلال تقديم الشهود الذين حضروا الفاتحه.. ومن الصور… على إثبات النسب.
لحسن الحظ لم يلفظها المجتمع هذه المرة لأنهم حضروا مراسيم الفاتحة.
هذه قصة واحدة من قصص مآسي مجتمعتنا.. وحقارة البعض من رجاله؟؟؟؟؟ وتخلي الحكومة عن حقوق شريحة كبيرة من مواطنيها.. المرأة الأم.. والأطفال الذين لا أهلية لهم بدون نسب.. ولا حتى وقاية صحية؟؟؟ كيف لمجتمع أن يتطور.. ومجتمعاتنا تلفظ شريحة مهما كانت نسبتها من أطفاله, وتحرمهم أبسط حقوقهم الإنسانية في التطعيم لوقايتهم من الأمراض وفي الدراسة!
مما سبق نجد بأن هناك بلبله في القانون ففي الوقت الذي ’يعترف فيه دينيا بمثل هذا الزواج.. يرفض القانون النظر فيه لأن غير موثّق.. غير عابىء بما سيتعرض له الطفل من رفض لحقوقه.. وعدم إعتراف الحكومة بأهليته.. وحرمانه حتى من التطعيم ضد الأمراض.. نا هيك عن إنتهاك جسد المرأة وحقوقها.
بالأمس وعلى برنامج “الله اعلم ” أفتى الدكتور على جمعه مفتي مصر السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف،، والمعروف بفتاويه وآراؤه المثيرة للجدل.. في محاولة أخرى أكثر إثارة….بأن عقد الزواج بدون ورقة أو مأذون.. حلال وشرعي 100%. مؤكدا أن للزواج في الشريعة الإسلامية أركانا يجب أن ’تستوفي , وهي أن يكون الزواج أمام إثنين من الشهود العدول, وأن تقول الزوجة ردآ على طلب الزوج “”زوّجتك نفسي “”.. وفي حال عدم وجود شهود فإنه يتعلق ثلاثة أيام لحين الإشهاد وإلا بطل؟؟؟؟ وأضاف بأنه من شروط الزواج أن يكون للزوجة وليآ؟؟؟ إلا إذا كانت بالغة وثيبا ( أرملة ) يمكنها أن تزوّج نفسها.
وكان الدكتور علي جمعة قد أفتى سابقا (عام 2007 ) بجواز عمليات ترقيع غشاء البكارة لأي سبب كان.
الدكتور جميل عبد الباقى عميد كلية الحقوق بجامعة عين شمس السابق وأستاذ القانون الجنائى بالكلية علّق على فتوى الدكتور، بأن الزواج دون ورقة أو مأذون حلال، قائلا: “إن العقد لا يستلزم أن يكون ورقة، فالعقد يعنى تلاقى الإيجاب مع القبول وينصبان على محل مشروع فى مقابل ثمن معين”. ″، أن هذا الزواج صحيح لكنه لا يثبت النسب، قائلا: “الكتابة للإثبات والعقد قد يكون شفويا”.. أي أنه أضاف أن يكون له ثمنا معينا؟؟؟
وفي محاولة لثني كل من ’تسوّل له نفسه القيام بذلك وإعادة الأمور إلى نصابها القانوني قال المفكر الإسلامي علي عبد الجواد إن “ولي الأمر وضع نظاما يضمن حقوق كلا الزوجين عن طريق تسجيل عقد الزواج بواسطة الدولة، وجعل المأذون هو ممثل الدولة في توثيق عقود الزواج والطلاق، فلا مجال ولا رخصة فى عدم اتباع العرف السائد”. مرة أخرى خلط المفكر الإسلامي بين القانون.. والعرف السائد حين ربطهما بنفس القوة.. للتشريع..
ثم اتفق معه رجب أبو مليح الباحث الشرعي الذي قال إن “توثيق عقود الزواج في هذا الوقت من الواجبات التي لا يجوز تركها بعد فساد الذمم، وتفكك المجتمع، وضعف مؤسسة الأسرة والعائلة على أبنائها”.
وأضاف أنه “يستطيع الرجل إذا لم يجد ما يثبت علاقته بزوجته أن يتنكر لهذه العلاقة، فرارا من الحقوق المالية، أو المعنوية، فلا تستطيع المرأة أن تثبت حقها في النفقة ولا نسب أبنائها ولا حتى الطلاق حتى تنكح زوجا غيره”.”وتستطيع المرأة أن تترك زوجها وتلتحق بغيره، فلا يملك الزوج ردها إلى بيت الزوجية، ولا مقاضاتها، حيث تزوجت بآخر وهي ما زالت زوجة له”.”التوثيق يؤدي لصيانة الحقوق المتبادلة بين الزوجين كحق المرأة في السكن والنفقة ومؤخر الصداق، وحق الأولاد في النسب، والبعد عن عقود النكاح الفاسدة”.”مثل هذه الزيجات التي تقوم بدون عقد أو بعقد عرفي وتحمل الطابع السري، لا تتناسب مع قدسية الزواج”..
وفي رأي آخر لعلماء من الأزهر أكدوا بجواز الزواج بدون عقد، شريطة إيجاد حل للأزمة القانونية التي ستواجهه، وأن “إتمام الزواج بلا توثيق، جائز شرعا، ولكنه سيواجه مشكلة قانونية أمام المحاكم المدنية”أي أنهم لم يشترطوا حتى كتابة عقد!
مالم يوضحه أي منهم بأن مثل هذا الزواج ما ’يعرف بالزواج العرفي.. وهو يجمع بين صفتي الزواج المعترف به دينيا لموافقة علماء الدين عليه لأنه مبني على الإيجاب والقبول.. أي أنه عقد رضا.. وفيه إثنين من الشهود.. وأن طلب السرية فيه خاص بالزوجين لأنه خوفا من الأهل.. أي أنه حلال دينيا…. صالح و’معترف به دينيا… أي ’مبارك أمام الله حتى وإن تم سريا وبدون توثيق!!! لأنه إستوفى أركانه من الإيجاب والقبول….. ولكنه دون سند قانوني.. أي غير محمي بالقوانين لأن رجال الدين أنفسهم يرفضونه فالقانون لا يعترف به ولكنه أيضا لا يحرمه..
سؤالي لكل منهم.. ألا يحل الزواج المدني كل هذه المشاكل.. بحيث يخضع كلاهما لقوة القانون في حفظ حقوقه.. وحفظ حقوق الطفل الذي قد يكون نتيجة لهذه العلاقة.. المحللة شرعا.. أي يباركها الله.. ولكنها ’محرمة قانونآ؟ وبهذا تتلاقى مصالح الجميع.. ألن يحل الزواج المدني عملية التوثيق بحيث يقفل باب المراوغه والتحايل المجتمعي الذي ’ينكر ويتنكّر للزواج العرفي ويرفض أي فتاة تقوم بعملية الترقيع؟
هل حللت فتوى الدكتور جمعه الرذيله.. أو فتحت بابا للحرية الجنسية التي يتوق لها كل الشباب؟؟؟ خاصة وأنها تتلاقى مع فتواه بجواز عملية ترقيع البكارة؟؟؟؟
هل في محاولته التوفيق بين قدرة الدين على التصالح مع العصر والتعايش مع الواقع أدخل الجميع في متاهة ما بين الحلال والحرام.. أم هي محاولة ’تخفي في طياتها إجبار المشرع على تعديل قوانينه بحيث ’تجبره على الإعتراف بالأطفال من مثل هذا الزواج.. تماما كما حدث في قضية رفض أحمد الفيشاوي الإعتراف بأبوته من زواجه العرفي.. وقضية الممثله زينه مع الممثل احمد عز والتي ينظر فيها القضاء حاليا لإثبات نسب الطفلين؟
.. في مجتمع لا زال يتخبط ما بين الواقع الأخلاقي والعقيدة الدينية والحصار الإقتصادي والإجتماعي حاول الدكتور جمعة حل أزمة شباب وفتيات يلجوأ لمثل هذه العقود الغير موثّقة حينما تصل الحاجة الفسيولوجية والإلحاح الجنسي وضغوط الغريزة إلى أبعد مدى. ولكنه فتح بابا جدليا واسعا أتمنى أن ينجح فيه فهناك وفي العشوائيات المصرية.. جيل جديد يلفظه المجتمع لفقره وترفضه الحكومه لأنه بلا نسب ’يقدر عدده بالملايين؟؟؟؟ وكثيرين مثلهم في بقية الدول العربية.
أنا لا أطالب هنا بالحرية الجنسية لأي طرف من الأطراف.. فهذا حق شخصي وقرارخاص ليس لأحد الحق في ’نصحه خاصة ومع معرفتنا بأهمية السمعة وأهمية النسب في الدين.. ولكني اتساءل هنا.. ما هو الهدف من هذه البلبلة.
أطرف تعليق على هذه البلبلة الفكرية جاء عبر تويتر الذي علّق.. “تحية حارة للشيخ علي جمعة، أثلجت قلبي، ربنا يخليك للقابضين على الجمر زي حالاتي (مثلي) في الغربة، اليوم تحررت روحي وتحرر جسدي” وتابع: “على بركة الشيطان سأنفذ ما قاله!
منظمة بصيره للحقوق الإنسانية
المصدر ايلاف