خيبة الأمل بالنخبة الحاكمة, تدفعنا لمحاولة فهم تصرفات الساسة المثيرة للريبة, لان بعضها غريب لا ينتمي لروح الرحمة, وبعضها الأخر متلبس بأكثر من وجه, ما بين الخبث والتشريع, ويتبين أن عدم الوضوح مقصود, فنستشعر أن هناك قصد خفي من حكام الخضراء, لما وراء ضبابية قراراتهم, والتي تنتقل من اليمين الى اليسار, من ناحية الشدة أو الرحمة, انه ممارسة فرض الإرادة, واستلاب قوة الجماهير, وإدامة سطوتهم على الكراسي, وهنا سأركز على قضية زيادة الاستقطاع الحكومي من 3% الى 3.8%, التي فجع بها الشعب العراقي أخيرا.
بعض المسائل المحيرة نجد أجوبتها داخل فلم, فأحيانا ينجح القائمون على صنعة السينما, في إيصال أفكار عميقة للمتلقي, لأنهم يخاطبون وعي الإنسان, ويهتمون بطرح الأفكار وليس الابتذال, واستفسارنا تمت الإجابة عنه في فلم!
فلم يوميات الروم
( THE RUM DIARY),
يتطرق الفلم لقصة الصحفي بول كيمبت (الممثل جون ديب), الذي يسافر الى جزيرة بورتوريكو بالكاريبي, للتحرير والكتابة لصالح إحدى الصحف المحلية, وهناك يتعرف على رجل الأعمال وله ارتباط بالساسة, وهو ساندرون ( الممثل أرون ريكهارت), فيدور نقاش بين الصديقين حول المكر السياسي والخبث, البعيد عن الإنسانية والعدل, فيقول رجل الأعمال عندما نريد فرض ضريبة مقدارها 5%, فأننا نعلن انه سيتم فرض 10% ضريبة, فتحصل ردود فعل عنيفة, ثم تحصل نقاشات فنعرض أننا سنخفضها الى 7% , فيستمر النقاش لكن بحدة اقل من أول الأمر, فنتنازل نحن ونعلن من تلقاء أنفسنا أننا جعلناها 5%, فيفرح الشعب ويعتقد انه ربح معركة, ونحن نحصل على ما أردناه من أول الأمر.
أنها احد أهم دروس ميكافيلي في كتابه الأمير, والذي أصبح منهج للطغاة والمستبدين الذين كل همهم استمرار سطوتهم على السلطة.
الفلم يفسر ما حدث في بغداد أخيرا, بشان الاستقطاع سيء الصيت, حيث لعبوا مع الشعب نفس اللعبة, والحقيقة حصلوا على نفس النتائج, وتم زيادة الاستقطاع مع صمت جماهيري وأعلامي, فدليل نجاح مخططهم الخبيث هو سكوت الجمهور عن الاعتراض, باعتبار توهمهم من أنهم نجحوا في تخفيض النسبة, عبر الضغط الفيسبوكي الذي مارسوه, وجف حبر أقلام الكتاب, فرحين بالنتيجة.
أما الساسة فهم من ضحك كثيرا خلف الأبواب المغلقة, لأنهم حققوا ما خططوا له, ويبدو أنهم ماضين بشكل حثيث لعملية تحطيم أرادة المجتمع, وتسفيه وعي الجماهير, عبر فن الضبابية الذي درسوه جيدا.
ختاما نقول, أننا ليس أمام كيانات سياسية تؤمن بالقيم والأخلاق, بل أمام جماعات تؤمن فقط بمصلحتها, وهذه الجماعات تفهم أن الجماهير مجرد قوة عاملة عندها, أي فكرة السادة والعبيد, ولن تعمل النخبة الحكمة اتجاه الجماهير, الا على دوام طاعة العبيد “الجماهير بحسب نظرة الساسة”, واستمرارهم في أداء أعمالهم.
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهرانبقلم مفكر حر
- #خامنئي يتخبط في مستنقع الهزيمة الفاضحة في #سوريابقلم مفكر حر
- العد التنازلي والمصير المتوقع لنظام الكهنة في #إيران؛ رأس الأفعى في إيران؟بقلم مفكر حر
- #ملالي_طهران وحُلم إمبراطورية #ولاية_الفقيه في المنطقة؟بقلم مفكر حر
- بصيص ضوء على كتاب موجز تاريخ الأدب الآشوري الحديثبقلم آدم دانيال هومه
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمسبقلم آدم دانيال هومه
- المرأة العراقية لا يختزل دورها بثلة من الفاشينيستاتبقلم مفكر حر
- أفكار شاردة من هنا هناك/60بقلم مفكر حر
- اصل الحياةبقلم صباح ابراهيم
- سوء الظّن و كارثة الحكم على المظاهر…بقلم مفكر حر
- مشاعل الطهارة والخلاصبقلم آدم دانيال هومه
- كلمة #السفير_البابوي خلال اللقاء الذي جمع #رؤوساء_الطوائف_المسيحية مع #المبعوث_الأممي.بقلم مفكر حر
- #تركيا تُسقِط #الأسد؛ وتقطع أذرع #الملالي في #سوريا و #لبنان…!!! وماذا بعدك يا سوريا؟بقلم مفكر حر
- نشاط #الموساد_الإسرائيلي في #إيرانبقلم صباح ابراهيم
- #الثورة_السورية وضرورات المرحلةبقلم مفكر حر
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- الميلاد آتٍبقلم مفكر حر
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهران
أحدث التعليقات
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر