في كل ما نكتبه منذ ربع قرن ، ونحن ندعو إلى قيام (الدولة الليبرالية) دولة (الحق والقانون الحديثة ) أي الدولة (الحاف المقشرة من لحاء الغلاف الايديولوجي إن كان قوميا أو دينيا أو يساريا )، بما يشبه تقشير الجوزة عند هيغل… من أجل دولة (المواطنة) دولة الجميع بلا تمييز على أساس الهوية (القومية أو المذهبية أو الطبقية ) ….
وأن هذه الدولة هي الأبجدية الأولى لكل مشروع ايديولوجي أو فكري أو سياسي، فلا يعقل أن تقوم بأي طلاء أو ألوان أو زركشة أو تاسيس لفرش البناء دون إقامة هيكلته (-البنائية )، وهي اجتماعايا ومجتمعيا تعني بناء الهيكل الأساسي الدولة …
ولهذا وجدنا أن يلتف الجميع الوطني حول مشروع بناء الدولة القانونية الحديثة، قبل أي هوية لهذا البناء (هوية قومية أو دينية أو مذهبية أو ايديولوجية ) ….
لقد تمكن الحراك الثقافي الديموقراطي للربيع العربي أن يجعل من مشروع بناء دولة القانون والحقوق الحديثة الديموقراطية وفق الشكل الذي بنته وسبقنا إليه نموذج الدولة العالمية (الليرالية الحديثة) منذ ثلاثة قرون وليس قبل، حيث ليس هناك دولة (قانونوية حقوقية قائمة قبل ثلاثة ألى أربعة قرون ماضية )، بغض النظرعن سياساتها، حيث يستحيل أن تبني دولة قومية أو إسلامية أو اشتراكية ،قبل أن تبني الدولة ذاتها ….
حراك الربيع العربي هذا المنبثق من ضمير الله والكون والتاريخ انبثاقا كفيض طبيعي أو نوراني، انقضت عليه الأنظمة العربية بوحشية استثنائية ، كنا نعتقد أن الغرب الباني الأول لـ(الدولة الليبرالية الحديثة ) سيمنع هذه الوحوش من افتراس شعوبها ، قبل أن يتكشف لنا أن الغرب أنه لا يأبه لهذا الموضوع ايديولوجيا وتعبويا وتبشيريا، بل هو يفضل الف مرة نظام وحشي كنظام عصابات التشبيح الأسدي الطائفي، وخضوعه الاجرائي لإسرائيل ومصالح احتكارات الغرب النفطية والعسكرية، على إرادات الشعوب بالحرية والديموقراطية بوصفها صناعة غربية مثلها مثل أية سلعة انتجها الغرب …فهي لها ثمن يمكن أن تقدمها أنظمة عميلة، لكن ليس هناك شعوب تدفع هذا الثمن لأحد سوى لحريتها …وهذا ما فعله الربيع العربي، وفي ذروته الملحمة السورية …
إعلامنا الوحيد كربيع عربي ، كانت حناجر شبابنا التي راحت تذبح بالسكين (القاشوش )، وأقلامنا التي لم يبق لها مكانا سوى صفحات الفيسبوك بما فيه الإعلام المعارض منذ ما قبل الثورة (كأخبار الشرق ) التي راحت تتصرف سياسيا بنصوصنا وقد نوهنا من قبل لذلك …تفاءلنا بقناة الجزيرة والعربية، لكنا وجدناها في خدمة أجنداتها الرسمية ونظرة أنظمتها، لا شعوبها للربيع العربي ….
قناة الجزيرة قامت بمهمة صبغ الربيع العربي بطابع (إسلامجي أصولجي أخونجي )، وهذا كان منتهى طموح السياسة الغربية التي التقت مع التشبيح الطائفي الأسدي بأن هذا الربيع العربي ليس سوى حركات أصولية داعشية عنفية إرهابية لإضفاء الشرعية على الإرهاب الأسدي، ،مع أن الربيع هذا قام كحراك شعبي مدني من الشباب المثقف (التواصلي الاتصالي المعلوماتي تكنولوجيا ومعرفيا، أي ما بعد الايديولوجي كونيا وعالميا )…
ولهذا فمفكر الجزيرة (الأخونجي أحمد منصور) كان استخلاصه الوحيد (سياسيا) مما حصل معه في ألمانيا، قد كان تسخيرا الهيا في (خدمته أولا وفي خدمة الجزيرة ثانيا ، وفي خدمة قطر ثالثا ) على حد تعبيره….الح
ولا نعرف لماذا إذا كان الرجل والجزيرة وقطر من أصحاب المكرمات هذه عند الله، لماذا لا يطالب يناشد قوى عالم التسخير بالتخفيف من أثر البراميل على أطفالنا في سوريا …ولماذا عندما لم يسمح لنا بمطار أربيل الدخول إليها تنفيذا لأوامر المخابرات الأسدية السورية الإيرانية، وتركنا أربعا وعشرين ساعة نطير في الجو لنعود إلى باريس، لماذا لم تقم قوة تسخير(الجزيرة ) بالتدخل، رغم أننا كنا مدعوين رسميا من وزارة الثقافة في العاصمة أربيل التي لم تترك لنا حتى البقاء في المطار للصباح، رغم أن (مفكر الجزيرة وبطلها) حسب اعترافه –ربما لم ينتبه للتناقض في حديثه – أن المسؤولين في المطار الألماني سمحوا له بمغادرة المطار حيث يشاء لكنه رفض،لأنه كان يريد أن يحرج السيدة (ميركل) على حد تعبيره …..
أم أن التسخير الالهي حكر على الجزيرة، ومبعوثيها ….وقطر ….التي قادت إعلاميا معركة تحويل الربيع العربي من ثورة ديموقراطية شبابية كونية (ليبرالية ) حداثية ما بعد ايديولوجية….إلى ربيع أخونجي في ظل مناخ سياسي عالمي وشعبي،لا يميز بين تدرجات الخطاب الأصولي : ما بين الأخواني والداعشي الذي لم يعد تعرف تمييزاته حتى في عالمنا العربي والإسلامي … فالعالم يندد باي تطرف ديني كان…دون تحري هويته إن كان أخوانيا أو داعشيا أو نصرة أو جيش الشام أو جيش الإسلام …أوأو الخ ؟؟؟