طلال عبدالله الخوري 20\12\2016 © مفكر حر
يجب ان يكون الأمر واضحا جلياً: لم يتغيير شئ على الإطلاق في سوريا منذ 6 سنوات, ولم ينتصر احد ولن ينتصر احد, لأن الطرف الوحيد القادر على حلحلة الوضع هي أميركا وفقط اميركا, (روسيا ايران تركيا والدول العربية لا محل لهم من الاعراب), ولن تحلل اميركا الوضع حتى يتراجع الروس عن طموحاتهم بأن يكونوا دولة عظمى ندية ومنافسة للغرب, فقد انفق الغرب تريليونات الدولارات على مدى اكثر من 70 عاماً من أجل حماية أمنهم القومي ضد غزوات الاتحاد السوفييتي العقائدية (الماركسية) والتجسسية, وثم من اجل جره الى الأنهيار عام 1990, وحتماً لا يردون ان يعود امام اعينهم وبمشاركتهم كقطب منافس يذيقهم الهوان في شؤون الأمن القومي الذي من ضمنه الان الأمن المعلوماتي على الشبكات العتكبوتية, اويحتل الدول ويتسبب في هز الاستقرار وضرب الاقتصاد, وهذا موضوع امن قومي لا يستطع اي رئيس اميركي انا يتهاون به ولن يتهاون به ان كان اوباما او ترامب اوغيرهما…فهذه من ثوابت السياسة الاميركية التي لا تتغيير ابداً.
اما من جهة روسيا فثوابتها القومية هي هز الاستقرار بالعالم ثم التلاعب بها واستغلالها حتى تقر لها اميركا والغرب بأنها دولة عظمى وتعترف بمصالحها القومية في العالم ندا لهم, ولن تقبل روسيا بأي امتيازات اقتصادية يرميها لها الغرب للتراجع عن سعيها بالحصول على سمة دولة عظمى, وقد حاول وزير خارجية الامارات العربية الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وبطلب من اميركا والغرب ان يغري الروس بكافة الحوافز الاقتصادية الممكنة عام 2012 وفشل, ثم حاول ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان وفشل, ثم حاول ملك السعودية شخصيا وفشل ايضاً, لان روسيا لا تهتم بالحوافز الاقتصادية وانما بسمة دولة عظمى ندية لأميركا والغرب, وعندها ستجني عشرات الاضعاف مما يعرض عليها من خلال ممارستها للابتزاز السياسي والبلطجة.
أما بالنسبة لأسرائيل فمن ثوابت سياستها ان لا تكون ايران موجودة في سوريا على حدودها لكي تقوم بالاستثمار بهز استقرار اسرائيل عبر منظمات ارهابية مثل حزب الله او حماس , وتقول صحيفة التايمز الأميركية إنه «لا يمكن السماح بانتصار إيران وحلفائها بسوريا »، وتؤكد أن هذا موقف الرئيس الأميركي الجديد «دونالد ترامب»، حيث تضم حكومته العديد من المحاربين المخضرمين المناهضين للتوسع لايراني، وستركز بالتالي على دق اسفين بين موسكو وطهران.
اما بالنسبة لإيران فثوابتها مشابة للثوابت الروسية وهي هز الاستقرا في المنطقة حتى يتم الاعتراف لها بأنها دولة اقليمية لها مصالحها في منطقة الشرق الاوسط, ومن اجل هذا تحرك جيوشها واساطيلها واذرعها كحزب الله والحوثيون من اجل هز استقرار سوريا ولبنان والعراق واليمن.
اما بالنسبة لتركيا فثوابتها هو عدم وجود دولة كردية معادية لها تهز استقرارها شمال سوريا, ومن اجل هذا الهدف فليس لديها اي مانع من هدر اي كمية من الدم السوري مهما عظمت, و من الواضح أن أردوغان يتخبط، ولم يعد يرى أن هناك ثورة سورية، وكل ما يشغله هو أن يمنع الأكراد، أعداء بلاده التاريخيين، من السيطرة على المناطق السورية المجاورة للأراضي التركية وخصوصاً مدينتي الباب ومنبج.
الأن, ما نعرفه عن دونالد ترامب الرئيس الاميركي القادم بأنه موالي جداً لإسرائيل حتى اكثر من نتنياهو والاسرائيليين ذاتهم, وسيقوم بتحقيق رغبات اسرائيل بحذافيرها في محاربة المشروع النووي الايراني ومحاربة توسع الولي الفقيه في الدول المجاورة لحدودها مثل لبنان وسوريا, كما اوضحنا,.. هذا من جهة , ولكن من جهة اخرى فان ترامب يريد ان يحظى بعلاقة جيدة مع روسيا وبوتين مقابل اظهار العداء للصين وتوسعاتها وطموحاتها الاقتصادية والتوسعية في شرق اسيا على حساب المصالح الاميركية.
الأن سأحاول من خلال كل هذه المعطيات للثوابت السياسية لمختلف الدول العالمية والاقليمية المؤثرة بالأزمة السورية ان اقوم ببلورة حل ممكن يمر من خلال كل هذه التناقضات, وهي مهمة شبه مستحيلة والله المستعان:
اذا كان دونالد ترامب يستطيع ان يقنع بوتين بالقبول بدعم اقتصادي اميركي كبير, والاكتفاء بمصالحه في سوريا والعراق على حساب المصالح الايرانية التي سيتم طردها من كل من سوريا والعراق ولبنان واليمن, وبعض المصالح في شرق اسيا على حساب الصين, مقابل ان يتخلى عن طموحاته في اوروبا والقرم للحفاظ على استقرار اوروبا؟؟ واقول واكرر ” اذا ” واضع تحتها خطين, فيمكن عندها اسقاط الاسد واستبداله بحكومة توافق وطني سوري وهنا يبدأ الحل في سوريا.
الخيار الأخر هو ان لا يقبل بوتين بعرض ترامب وعندها سيستمر الوضع كما هو: اي استنزاف لروسيا وحلفائها بسوريا لثلاثين سنة اخرى.