هل يجر “أردوغان” أنقرة إلى الوحل السوري؟.. عدنان عبدالرزاق
من كتاب “زمان الوصل”
آثرت تركيا الانفراد بالتعاطي مع “الملف السوري” بعد رفض الأسد الابن، لما رأته أنقرة مخرجاً لسوريا، يبعدها عن الخراب والاقتتال، فلعب رئيس الوزراء “رجب طيب أرضوغان” على الوتر الشعبي السوري وقدم للاجئين السوريين، مالم يقدمه الأشقاء والأصدقاء، واحتضن كل الحراك السياسي والمؤسسات الثورية واللقاءات، لتكون أنقرة من أهم أصحاب الحل ومن يقسّم كعكة الخراب السوري، إن لم تك صاحبة الحصة الأكبر فيها.
لكن تصميم موسكو وتراجع واشنطن، وخاصة بعد “قربان” تسليم السلاح الكيماوي، أبعد تركيا عن لعب دور صاحب الخيوط الرئيسية بالأزمة السورية، وخصوصاً بعد عدم سيطرتها على القرارات السياسية للقادة الموجودين وتنظيماتهم ومؤسساتهم على أرضها.
اليوم، وبعد قرار مجلس الأمن الذي لم تعارضه روسيا، ومن ثم اتخاذ قرار محاربة الدولة الإسلامية “داعش” تغيرت المعادلة لتعود تركيا للواجهة، صاحبة الحدود والجيش القوي والموقف المؤيد للثورة والمعادي للنظام السوري، إذ لا فصل للمعركة سوى بالبر ومن يمتلك الأرض يمتلك حتمية النصر.
ما طرح، ولم يزل، سؤالاً ملحاً، هل ستندفع تركيا لتغوص في الوحل، ولو بتأييد دولي وطلب كوردي ودعم من “الناتو” أم ستنتظر لتدخل قوية وبأقل الخسائر، مادام مفتاح الحل، شبه الوحيد معها.
أعتقد، لن توافق واشنطن، بسرعة على الأقل، على شروط أرضوغان الثلاثة، وخاصة “المنطقة الآمنة” قبل مشاركته بالتحالف والحرب البرية على الأقل، كي تقع تركيا بفخ الكورد وتضمن واشنطن، ولو تهيئة لأزمة تركية، ولئلا تعطي مجد الانتصار لتركيا ولأن الولايات المتحدة غير مقتنعة بضرورة سقوط الأسد…الآن على الأقل.
-لن يتسرع “العدالة والتنمية” ولو تحت الضغط الكوردي والوعود، بالدخول في سوريا، وبراً على وجه التحديد، ليس لأن “التحالف” لم يقبل بشروطه فقط، بل كي لا يعطي “العسكر” التركي نقطة قوة ليس مضطراً -بشدة– لإعطائها، فيذهب -ربما- بإنجازات حزبه ويعيد تاريخ العسكر والانقلابات.
-لن تسكت طهران على الدخول التركي ولو كان تحت مظلة التحالف ودعم الناتو، ليس لخوفها على النظام السوري من السقوط فقط، بل وكي لا تخسر نقطة أمام أنقرة تبعدها لسنوات ربما، عن “الوكالة الحصرية الأمريكية”.
-دخول تركيا بعد كل هذا الخلط والاختلاط، لا يمكن اعتباره نزهة، إن على مستوى الأكلاف والخسائر، أو على صعيد علاقاتها بجوارها، إيران وروسيا وتصعيد الخلافات معهما وخسارتهما كشركاء تجاريين، وخاصة بعد إغلاق البوابة السورية بوجهها، تجاه الشرق والغرب.
-هذا إن لم نأتِ على التصعيد والتجييش العربي تجاه تركيا، وأخص السعودية ومصر، بعد مواقفها الداعمة -بشروط- للإخوان المسلمين وتوطيد علاقتها بالدوحة.
وربما أسباب كثيرة أخرى اقتصادية واجتماعية تتعلق بالداخل التركي الذي يسعى قادته للاتحاد الأوروبي وبلوغ أنقرة المراتب الأولى عالمياً بحلول عام 2050 ويعملون بكل ما أوتوا لذلك.
لذا ربما يتأجل الأمل ببدء الحل الذي لابد أن يكون على الطاولة بحسب رأي “الكبار”، بعد التهيئة للبدائل والانتقال المرحلي لإسقاط الأسد.. وهو ما لم يقتنع به “أردوغان” ولم يأمن للنوايا وخطط الغرب بعد.