في هجرتنا الأولى من الوطن بسبب اعتبارنا للاحتلال الأمريكي أنه (احتلال للعراق) ، الذي وافقت الولايات المتحدة على وصفه بأنه احتلال أمريكي للعراق… لكن قوات بيت الأسد التي شاركت كـ(كومبارس) في هذا الاحتلال مع العديد من أنظمة الاحتلال العربية لبلادها في الوطن العربي المحتل عربيا من قبل أنظمته، رفضوا أن يكون الاحتلال الأمريكي احتلالا … بل هو تحرير كما نشاهداليوم نتائجه الكرنفالية المخملية على العراق وسوريا، سيما بعد احتلال سوريا المعلن رسميا أسديا وإيرانيا وروسيا !!!
بعد توقيفنا لدى الأمن العسكري في اللاذقية ذكراه اليوم لمدة أربع وعشرين ساعة عندما شاركنا في جنازة المفكر السوري اليساري الديموقراطي (الياس مرقص) سنة1994، والذي لا يجدد ذكراه اليوم سوى المعارضة الرسمية الأخوانية القطرية مع ( الناشر المستثمر حسين العودات)، من خلال مركز مقام في قطر باسم (حرمون) يتعهده مقاول اليسار الفلسطيني (عزمي بشارة )، ومقاول اليمين السوري (البريطاني) أيمن أصفري …
لم تتوقف ضغوطات الأمن الأسدي بعدها على المستوى الشخصي بما فيها استدعاءات كل الجهات الأمنية ( الأمن العسكري والسياسي وأمن الدولة )، بل والضغط الأمني العائلي غلى أسرتي، في هذه الفترة تلقيت دعوة من جامعة عدن للمشاركة في ندوة فكرية، فلم أتردد بالاستجابة لها للخروج شخصيا وعائليا من هذا الحصار، وكانت مناسبة لي للتعاقد مع جامعة عدن وحل لمشكلة البطالة التي كنت أعيشهافي بلدي ( سوريا الأسد )، حيث بقيت أربع سنوات حتى قامت قوات اليمن الشمالي بحصار عدن واسقاطها بعد إعلان استقلالها ، فأخرجتنا من تحت الحصار قوات الأمم المتحدة إلى جيبوتي ومن ثم إلى القاهرة في اليوم الثاني بعد أن استضافنا الكامب الفرنسي لليلة في جيبوتي …..
في القاهرة بدأت إدارة فساد (مبارك ) بمساومتنا لسرقة ما يمكن سرقته مما تبقى من جيوبنا التي استنزفها الجوع بعد ثلاثة أيام من الارتحال والانتظار في المطار،و نحن الذين خرجنا مع عوائلنا و(عدن) محاصرة عسكريا لم نتمكن فيها من الحصول على تحويلاتنا أو رواتبنا، بل وبعضنا جائعون ، حيث لا نملك أن ننزل بفندق أو مطاعم المطارعلى حسابنا لمدة ثلاثة ايام كنا مرميين فيها في أروقة المطار ننام على الأرض نحن أساتذة الجامعة الخمسة السوريين الخمس، والجالية المهجرة الفلسطينية في عدن …
حاولنا أن نتصل بالسقارة السورية لكن دون جدوى، حاولنا الاتصال ببعض أصدقائنا من الكتاب المصريين لكن دون جدوى
، فلم يكن أمامنا سوى الانتظار جائعين على أراضي أروقة مطار القاهرة في (مصر مبارك ) التي أكدت لنا إدارتها أنها اتصلت بسفارة (سوريا الأسد) ، فاستبشرنا خيرا نحن والأخوة الفلسطينيين الذين تعودوا أن ينتظروا الكذبة البعثية الأسدية ( انتظار المدد من حافظ الأسد!!!) …
في اليوم الثالث نادى علينا ( اداريو مطار مبارك)،أنه علينا نحن اللاجئون السوريون والفلسطينيون أن نجتمع في القاعة (5) لتلقي معونات الإغاثة، فعبر الأخوة الفلسطينيون عن امتنانهم لنا كسوريين و (للدولة السورية الممانعة والمقاومة والصامدة المتصدية )، لكن المفاجأة التي عقدت ألسنتنا أن المعونات (ربطات الخبز والجبن والمعلبات ورجاجات المياه ) كان يحملها مندوبو ( دولة فلسطين ) التي لا أتذكر حينها إن كانوا ممثلي سفارة فلسطين أم ممثلي منظمة التحرير …!!!
قال لي العميد المصري الذي كنت أفاوضه باسمنا كسوريين وفلسطينيين، وكان مصريا وطنيا صميميا ككل أبناء شعب مصر في تضامنه المحب المستنكر سلوك ادارة مطاره نحونا كأشقاء عرب …وهويقسم لي أنه تحدث مع السفير السوري نفسه حول وضعنا كسوريين لاجئين في المطار ….
فلت له أن سوريا هي وطن للسوريين، وليس لديهم شعور وطني أنها دولة سوى عبر (المخابرات ) ، والمخابرات لا يمتلكون الحس الوطني بأنهم دولة تحمي وطن ، بل بأنهم عصابات تستولي على إقطاعية عائلية أسدية تحكمها إمارة علوية طائفية …ولذافإن اخوتنا االفسطينيين بمتلكون وجودا ووعيا بهذا الوجودالوطني بمثابته هوية وكينونة فلسطينية، في ظل دولة إسرائيل المحتلة لوطن وشعب هي تعترف بأنها دولة ومسؤولة عن شعب حتى ولوكان فلسطينيا عدوا، بينما الشعب السوري فقد هويته بمواطنته (السورية )، في ظل نظام سلطاني عائلي طائفي لا يعترف بالأوطان كهوية، مثله مثل ( داعش والقاهدة وحزب الله الإيراني )، ولا بالشعب كمجتمع ، بل بالعائلية والطائفية كرعية ،يحكمها رعاع حثالات كبيت الأسد ويتحالفون مع حثالات العالم من المافيات الروسية إلى الدجلين من الخمينية إلى البيكيكي العميلة الدولية المرتزقة التي يستأجرها اليوم الأمريكان قبل أن يصالحوا الأتراك ويسلمونهم لهم كإرهابيين …