هل فعلا حكم الأخونجي #أردوغان لتركيا “إسلامي حداثوي” يمكن ان يكون قدوة لنا في سوريا؟
طلال الخوري نشرها سنة 2019
هناك الكثير من الكتاب اليساريين اللذين يروجون لنظام حكم رجب طيب أردوغان في تركيا المدعوم من جماعة الإخوان على أنه نظام إسلامي حداثوي ديمقراطي ناجح, يمكن اعتباره قدوة لنظام حكم إسلامي حداثوي مشابه في سوريا بعد إسقاط الأسد…
كاتب هذا المقال اعجب بهذه الفكرة في بداية الثورة السورية وروج لها بمقالاته, لسبب واحد هو أنها كات مدعومة من الحكومة الأميركية في عهد باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون, وكانت بالنسبة لي الحكومة الأمريكية هي الضامنة لهم بأن لا يلعبوا بذيلهم بعد وصولهم للحكم دمقراطيا لمرة واحدة, ثم يقلبون الحكم لنظام ثيوقراطي ديني استبدادي فاشل كما هو الحال في ايران … وهذا هو بالضبط ما يحاولون فعله الآن في تركيا وسوريا, وقبله في مصر أيام حكم مرسي وفي تونس عندما استلم الغنوشي الحكومة هناك!! وقد كشفتهم الحكومة الأمريكية آنذاك وانقلبت عليهم بعد أن اكتشفت زيفهم, فأعطت الضوء الأخضر للسعودية والإمارات لكي ينقلبوا عليه في كل من مصر وتونس وسوريا وليبيا واليمن, وهذا ما نراه الآن من صراع على أرض الواقع, وقد كتبت مقالا وافيا عن هذا الموضوع كان بعنوان :”مغامرة اردوغان الجلبية الاخونجية ستؤدي الى تقسيم سوريا لا محالة”
من هنا نريد أن نقول لمن يروج للتجربة الاردوغانية, بأن هذه التجربة فاشلة وتحمل بذور فنائها بداخلها… وهي بالواقع عبارة عن محاولة من جماعة الاخوان لسرقة تركيا العلمانية وانجازاتها لعشرات السنين, كما حاولوا سرقة الثورة المصرية والتونسية والسورية والليبية واليمنية …. ومن أجل هذا الهدف, فقد قامت جماعة الإخوان بإستثمار مليارات الدولارات في مدينة إسطنبول عندما كان أردوغان عمدتها من اجل الترويج له, مما أحدث فقاعة اقتصادية وهمية لا تمت بصلة للاقتصاد الحقيقي, كان آخرها بناء مطار اسطنبول الأكبر في العالم من أجل دعم اقتصاد حكم أردوغان … وذلك بهدف سرقة انجازات الدولة التركية العلمانية وسرقة ثمرة الدعم الاقتصادي الذي تلقته من جراء تحالفها مع اميركا والناتو .. وقد اكتشفوا بالبنك المركزي التركي مئات مليارات الدولارات غير معروف مصدرها, والجميع تكهن بانها من أموال جماعة الإخوان بهدف غسيلها عن طريق ضخها بالاقتصاد التركي … واكبر دليل على أن ما حدث بعهد أردوغان مجرد فقاعة, هو انهيار الليرة التركية بعد مجرد تغريدة من ترامب على تويتر …
الآن, الفقاعة الاقتصادية الوهمية انتهى مفعولها, وشاهدنا كيف خسر أردوغان انتخابات مدينة اسطنبول …
إذا من هنا نرى بأن اردوغان مدين لجماعة الاخوان بكل انجازاته السياسية والاقتصادية وهو اسير لهم .. هدفهم النهائي هو تحويل تركيا الى دولة ولي فقيه سني مماثلة لدولة الفقيه الشيعي في ايران .. وخلال اجتماعاتهم مع إدارة أوباما ووزيرة خارجيته آنذاك كلينتون كانوا يقولون لهم بالفم الملآن :” لقد قبلتم بدولة دينية شيعية في ايران ويجب ان تقبلوا بواحدة سنية في تركيا” …
الكتاب اليساريون ( طبعا إلى جانب كتاب الإخوان) اللذين ينسبون الإنجازات الاقتصادية في تركيا لأردوغان ويعتبرونه بأنه “إسلاموي حداثوي” هم حتما جانبوا الصواب … لأن فكرة الاسلاموي الحداثوي مجرد خرافة …
لقد طلب كاتب هذا المقال شخصيا من قيادات الاخوان اكثر من مرة (موثقة لدي) بأن يقبلوا بدستور لسوريا مشابه لتركيا ونظام حكم في سوريا مشابه لتركيا لكي نسعى بتلميعهم لدى الغرب ولدى الشعب السوري علنا نصل لحل ونجنب شعبنا كل هذا القتل والتهجير والدمار .. فكان ردهم الرفض القاطع, وهذا يؤكد بانهم يريدون ان يجعلوا تركيا وسوريا ومصر وتونس وليبيا واليمن والخليج وبقية الدول العربية مثل حكم الولي الفقيه في ايران, وليس لديهم أي نية باي اسلام حداثوي يحلمون به