هل شارفت الرأسمالية على نهايتها؟8 – 13 حوار سعید رهنما مع پیتر هیودیس*

peterhudus

پیتر هیودیس Peter Hudis

سعید رهنما: على الرغم من التكاليف والتضحيات الجمة، فقد أصاب الفشل كلاً من الستراتيجيات الثورية والستراتيجيات الاصلاحية التي اتبعها الاشتراكيون في مختلف بقاع العالم. وغالباً ما اضطر هؤلاء إلى تغيير مسارهم صوب السير على طريق الرأسمالية. من وجهة نظركم إلى أي حد يتحمل الاشتراكيون انفسهم وزر هذا الفشل، وما هي الدروس التي استخلصناها من هذه التجارب؟
پیتر هیودیس: أظن أن المانع الأصلي الذي وقف أمام تحقيق الأفق الاشتراكي في القرن الأخير من الناحية العملية، هم الاشتراكيون واليسار، وأظن أنهم هم المسؤولون إلى حد بعيد عن كل هذه الإخفاقات؛ والأهم من كل ذلك، هناك الإرث الستاليني الذي افقد الاشتراكية مصداقيتها في أعين عشرات الملايين من العمال في شتّى بقاع العالم. فالأنظمة الاستبدادية والشمولية التي تقمع الشعب لا يمكنها بأي شكل من الأشكال أن تعبّر عن الاشتراكية. إن الستالينية ليست قضية تاريخية فحسب، بل هي ظاهرة على اليسار أن يكافحها. وهنا يُطرح سؤال عن السبب في ظهور الستالينية وما هي الدروس التي نستخلصها من ذلك؟ من الواضح أن هناك عوامل موضوعية كتخلف الاتحاد السوفييتي أو الصين في فترة الثورة، إضافة إلى الضغوط التي مارستها الأمبريالية والقوى الخارجية التي حاولت قمع هذه الثورات وعوامل كثيرة أخرى. ولكن لا يقتصر الأمر على تلك العوامل، إذ أن هناك عوامل داخلية أدت إلى ظهور الستالينية. أعتقد أن هناك أربع قضايا أساسية يتحمل اليسار الثوري مسؤوليته في أزمة الاشتراكية. القضية الأولى هي العلاقة بين الاشتراكية والديمقراطية. إن عدم استطاعة فهم حقيقة عدم القدرة على بناء الاشتراكية بدون الاشتراكية الديمقراطية ألحقت أضراراً جسيمة بالحركة. ولهذا تجري الآن فعاليات واسعة من أجل إحياء تراث روزا لوكسمبورغ؛ فقد كانت من أبرز الماركسيين الذين شعروا بوقت مبكر في بداية القرن العشرين إنه كلما كان النظام شفافاً، فإنه يغدو ثورياً، وإن كل مسعى لقمع الديمقراطية، فلابد وأن يقف مانعاً أمام التحرك صوب بناء مجتمع اشتراكي. لقد كانت روزا لوكسمبورغ في عداد البلاشفة الذين وجهوا الانتقادات إلى الحزب، حزب لينين. فهي لم توجّه الانتقادات فقط في عام 1918، بل في وقت أبكر وفي عام 1908. وكانت على خلاف مع تروتسكي** الذي اعتبر في عام 1918 أن الديمقراطية ما هي إلاّ آلية مرهِقة من السهولة أن يلتف عليها الثوريون. أما العنصر الثاني الذي ألحق الضرر بالاشتراكية فهو مفهوم “الحتمية الارتقائية ذات البعد الواحد”
(One- Dimentional Evolutionary Determinism)
. هذا المفهوم الذي ورثناه من الاشتراكية والراديكالية التي انتشرت في القرن التاسع عشر، والتي تأثرت بالبراغماتية البرجوازية والدارونية الاجتماعية. ويقضي هذا المفهوم بوجوب أن يجتاز المجتمع مراحل مقررة سلفاً للوصول إلى المجتمع الاشتراكي، وهو غير ميسّر قي المجتمعات النامية إلاّ إذا قادت البرجوازية الوطنية مرحلة التنمية البرجوازية التي كانت مخربة. في القرن التاسع عشر وحتى في السنوات الأولى

trotsky bio book

ليون تروتسكي 1879 – 1940)

من القرن العشرين، كانت لهذه الفكرة قدر من الاعتبار، ولكن خلال معظم سنوات القرن العشرين أصبحت فكرة الثورة ذات المرحلتين عاملاً معرقلاً مهماً.
سعید رهنما: قبل التطرق إلى هذين العاملين، اشرتم إلى الإرث الستاليني، وقلتم يجب النظر إلى ما آلت إليه الستالينية. فإلى أي حد تتطابق الستالينية مع سياسات البلاشفة ولينين نفسه؟
پیتر هیودیس: هذه القضية معقدة جداً. أولاً أن لينين كان مفكراً مبدعاً، بالطبع ليس على مستوى ماركس إلاّ في ثلاثة ميادين: فنظريته عن الأمبرالية كانت رائعة، ثانياً دوره في العودة إلى هيغل في سنوات 1914-1915 عند تداعي الأممية الثانية، ثالثاً وجهات نظره التي عبّر عنها في مؤلفه “الدولة والثورة”، حيث أكد على عدم الاكتفاء بالاستيلاء على السلطة فحسب، بل يجب تحطيم أركان الدولة. ولكن بقدر ما يتعلق بالنظرية التنظيمية التي اشتهر بها، فأعتقد أنه كان صاحب نظرة جديدة. وكما أشارت رايا دونايفسكايا في كتابها “الماركسية والحرية” الصادر عام 1958، فإن دور لينين هو الاستفادة من سنن الاشتراكية الديمقراطية التي نص عليها برنامج أرفورت في عام 1891 وتطابقها مع ظروف روسيا. لقد أدرك لينين دور المرحلة الديمقراطية في مسار الثورة الاشتراكية. ولكن لينين شأنه في ذلك شأن الآخرين، لم ينظر إلى المرحلة الديمقراطية كجزء من المرحلة الاشتراكية، بل كمرحلة برجوازية ديمقراطية يجب على الدول النامية المرور بها قبل أن تصبح قادرة على إجراء المحتوى الاشتراكي في العملية الثورية، والتي سماها لينين بديكتاتورية العمال والفلاحين. إن مشكلتي مع لينين تتحدد في عمله بعد عام 1918، وبعد استلام السلطة من قبل البلاشفة. إنني من الذين يدعمون ثورة اكتوبر، وكذا الحال بالنسبة إلى روزا لوكسمبورغ التي أعلنت أن البلاشفة وحدهم من تمتع بالجرأة وبادروا إلى استغلال الأزمة كي يستلموا السلطة، وإن ثورة اكتوبر كثورة شباط هي ثورة مجيدة. ولكن أبرز الانتقادات التي وجهت إلى لينين هي: 1- أنه حل السوفيتات كأجهزة مستقلة لسلطة العمال؛2- فرض سلطة الحزب الواحد وأعلن الحظر على نشاط الأحزاب اليسارية الثورية إلى جانب الأحزاب البرجوازية؛ 3- وبفعل تدخل الدول الأمبريالية والمشاكل التي واجهتها روسيا، فقد أعتقد أنه من الممكن تأجيل تطبيق الديمقراطية والمشاركة المباشرة للعمال في الثورة. لقد زرعت هذه الخطوات البذور التي استطاع ستالين الاستفادة منها. أعتقد أن هناك رابطة مباشرة بين لينين وستالين في هذا الإطار. فلم يتنبأ لينين بهذا التطور في الأحداث ولم يهيئ أنصاره على مواجهة المخاطر التي تهدد الثورة من داخلها، إلاّ في الأيام الأخيرة من حياته، ولكن ذلك جاء متأخراً جداً. إن بعض عناصر سياسات لينين مهدت إلى صعود ستالين على سدة الحكم.
أود أن أشير إلى نقطة في معرض الدفاع عن لينين، هي أنه في أواخر حياته، وخلافاً للقسم الأعظم من الماركسيين الأرثودوكس، لم يكن لديه إدراك مرحلي ذي مسار واحد عن التاريخ. فلو دققنا في وثائق المؤتمر الثاني للأممية الثالثة،

أوتيس سلطانزاده
خاصة خطابه المتعلق بمناقشته في الكومنترن لكل من أوتيس سلطانزاده*** ومير سعيد سلطان غالييف**** في عام 1918، لوجدنا أنه بحث في إمكانية

ميرزا سعيد سلطان غالييف
انتقال بلد نامي إلى الأشتراكية، بل وإلى الشيوعية دون المرور بمرحلة التكامل الرأسمالي. وهذا يشكل تحول مهم مقارنة بالأفكار التي كان يحملها في بداية حياته، أي الفترة التي كان يحتفظ بآراء مشابهة لآراء جورجي بليخانوف*****، أي أن تستعد روسيا باجتياز مرحلة طويلة من التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الرأسمالية كي تنتقل إلى الاشتراكية.

جورجي بليخانوف 1856 – 1918
إذن في أواخر حياته، ومع متابعة التطورات في مسار الثورة، شرع لينين بإعادة النظر ببعض وجهات نظره. وأعتقد أنه وقع تحت تأثير مطالعاته لمؤلفات هيغل في سنوات 1914-1915. ولكن للاسف لم ينجز أبحاثه في الديالكتيك الهيغلي، وركّز على وجهة النظر النخبوية حول شكل تنظيم الحزب. وأعتقد أن هذه المعضلات ألحقت وتلحق الضرر حتى اليوم بالحركات الراديكالية.
سعید رهنما: كان من المستحسن أن يتوفر لدينا الوقت كي نخوض أكثر في الحديث عن هذا الموضوع ونقاط أخرى أشرت إليها حول وجهة نظر لينين حول الثورة ذات المرحلتين. فلدي أنا أيضاً بعض المشاكل حول نظرية الثورة ذات المرحلتين، ولكن عند تثمينكم لوجهة نظر لينين هذه، أعتقد أنه شخّص بشكل صحيح أن روسيا كانت متخلفة في ذلك الوقت وغير قادرة على التوجه مباشرة صوب الاشتراكية. وإضافة إلى ذلك أرى تفاوتاً كبيراً بين ثورة شباط وثورة اكتوبر. اتفق معكم حول ملاحظتكم على حل السوفيتات، كما يجب أن نأخذ بنظر الاعتبار أيضاً حل المجلس التأسيسي. كما ينبغي الإشارة إلى الدور المهم للينين في صياغة حزب للطبقة العاملة من طراز جديد. بالطبع وكما أشرتم بشكل صحيح، إن هذا الحزب كان نخبوياً. لقد قطعت كلامكم عن النقاط الأربع حول فشل التجربة الاشتراكية، أرجو العودة إلى النقطتين الباقيتين التي لم تتطرق إليهما؟
پیتر هیودیس: إن العاملين المهمين الأخيرين اللذين أديا إلى فشل التجربة الاشتراكيةهي : الأول يعود إلى الفترة التي سبقت عام 1920. أظن أن أي ماركسي أعقب ماركس لم يدرك أن الهدف من نقد ماركس هو ليس حذف التوزيع غير العادل للقيمة، أي الفارق بين قيمة المنتوج بيد العمال مقابل الأجور التي يحصل عليها العمال، بل هو في الواقع حذف انتاج القيمة. إن الثورة التي تسعى إلى مجرد التوزيع العادل للقيمة دون أن تقطع جذور العلاقات الاجتماعية التي تمهد لانتاج القيمة، محكوم عليها بالفشل. والعامل الآخر هي الفرضية المطلقة القائلة بأن على الماركسيين والاشتراكيين عدم رسم صورة للبديل الرأسمالي، أو الحديث عن المجتمع الجديد، بدعوى أن ماركس لم يرسم صورة للمشاريع الطوباوية. هذه الفكرة ألحقت الضرر بالحركة، لأنها جعلت الحركات الراديكالية لا تعلم ما ينبغي فعله بعد الاستيلاء على السلطة.
سعید رهنما: أود السؤال عن الموضوعة الثانية. فالثورة الاجتماعية الماركسية قائمة على “الحركة الواعية المستقلة للأكثرية الساحقة” خلافاً للثورة البلانكية للأقلية التي تقود الجماهير غير المستعدة، وهي عملية طويلة الأمد. من وجهة نظركم، كيف يمكن بل ما هو هذا الهدف، وما هي الشروط المستوفاة في هذه العملية؟
پیتر هیودیس: الثورة هي تغيير الظروف اليومية للحياة على أساس قطع جذور الشروط الأساسية للاغتراب. إن أية ثورة لا تطرح قضية الاغتراب، فهي لا تطرح المشاكل المتعلقة بوجود الاصطفاف الاجتماعي للرأسمالية. اعتقد أن ماركس في نقده لبلانكي، الذي كان يعتبره مناضلاً ثورياً وهو على حق بذلك، وجّه خطابه لبلانكي قائلاً له أنك غير قادر على تحقيق ثورة ظافرة دون أن تقطع جذور قانون القيمة وإذا لم تلعب الجماهير الساحقة، أكثرية جماهير العمال، دور المشارك الفعال فيها، وليس كمشاهدين منفعلين. ولهذا السبب، عارض ماركس المؤآمرة الثورية أو الثورة الفوقية، أو أي نوع آخر يفتقد إلى دعم الطبقة العاملة.
وعلى أي حال، إنني لا أعتقد بأن الماركسية هي مجرد نظرية الصراع الطبقي، رغم أن الصراع الطبقي هو جزء مهم للغاية من الماركسية. باعتقادي أن الماركسية هي فلسفة التحرر التي تخالف كل نوع من أنواع العلاقات الاجتماعية التي تسلب الإنسان إنسانيته وتضعه في زاوية الاغتراب، وإنها تسعى إلى جعل هذه العلاقات واضحة وتتسم بالشفافية النظرية. بالطبع أن ماركس عاش في فترة كانت الطبقة العاملة الصناعية تشكل القوة الأساسية، ولذا فقد ركز على الدور المحوري لهذه الطبقة. ولكن خلال كل القسم الأعظم من سنوات القرن العشرين، وخاصة في عقد الخمسينيات والستينيات الماضية، اتضح أن الطبقة العاملة لم تعد العنصر الوحيد في الثورة. الآن، وعلاوة على نضالات العمال، فإننا نشهد نضالات النساء والشباب ونضالات الأقليات القومية، والنضالات ضد التمييز العنصري وضد التسلط الأمبريالي، وفي إطار تاريخي محدد نشهد نضالات الفلاحين. ولهذا فإن محور اختلاف ماركس مع بلانكي يتسم اليوم بالمصداقية على غرار ما حدث قبل 150 سنة مضت. هذا بالرغم من أن ائتلاف القوى الاجتماعية التي يمكن أن تكون جزءاً من ثورة الأكثرية قد تغيير الآن بشكل أساسي. ولكنني أود التأكيد مجدداً على أن الماركسية هي ليست مجموعة من الاستنتاجات يمكن تطبيقها على أوضاع متفاوتة. فالماركسية هي ليست ضرب من أضراب العلوم التطبيقية، ولا أسلوب صوري؛ بل هي منهجية توضح إمكانية التغيير الاجتماعي من رحم الواقعيات في حالة التغيير. وكنموذج على ذلك، نشير إلى فرانتس فانون ******الذي دونت أخيراً كتاباً عنه، فهو لم يخرج عن إطار الماركسية الأرثودوكسية، ولم ينظر إلى البروليتاريا الصناعية في أفريقيا بمثابة قوة ثورية، بل نظر إلى الفلاحين والبروليتاريا الرثة والشباب وبحدود أقل إلى النساء. إنه نظر إلى هؤلاء، لأنهم يشكلون القسم الأعظم من السكان الذي يحاربون ضد السلطة الاستعمارية، فلم تشكل البروليتاريا في البلدان التي أجرى البحوث فيها سوى 3 إلى 4% من السكان. وباعتقادي، إن مثل هذا الموقف لا يجعل من فانون أقل ماركسية من الآخرين. إنه لو بادر وقال ببساطة إن الحركة العمالية في

فرانتس فانون 1925-1961
نيجريا والجزائر يجب أن تكون طليعة الثورة، فإنه في الظاهر طرح استنتاجاً ماركسياً، ولكن هذه الاستنتاجات الماركسية إذا ما تعاملت مع الواقعيات المتفاوتة، فإنها لا تنسجم مع المنهجية الماركسية. فالمنهجية الماركسية تقول تعالوا واخلقوا الديالكتيك من جديد بالاستناد إلى مجموعة من الواقعيات. لقد كان فانون وفياً للانتقادات التي وجهها ماركس إلى بلانكي، الذي أكد على أنه غير قادر على إجراء ثورة ظافرة دون الاستناد إلى القسم الأعظم من الجماهير المستَغلّة.
سعید رهنما: تأكيدكم على المنهج الماركسي يثير لديّ الاهتمام جداً. إنه يذكّرني بوجهة نظر لوكاش إلى حد ما حين قال أن المنهجية هي ميزة الماركسية، رغم إن جوهر اقتراحاته تثير التساؤلات. في الحقيقة إنّ أشارتكم إلى مكونات الثورة، النساء والشباب والأقليات القومية، تثدفعني إلى طرح سؤالين؛ كيف يمكن تحقيق هذه التحولات، وكيف يمكن جمع كل هذه القوى المتنوعة جنباً إلى جنب وتعبئتها كي تصبح مكونات فعالة في الثورة، وخاصة ذلك النوع من الثورة الذي يدور في ذهنكم، الثورة التي تهدف إلى إلغاء علاقات انتاج القيمة وإلغاء الاغتراب؟ فيما يتعلق بفانون وأفريقيا فالقضية أسهل، لأنها حركات تحرر شبيهة بعضها ببعض، حيث استطاع الزعماء أن يعبئوا الشعب حول هدف واحد قابل التحقيق، أي إخراج المستعمرين من بلادهم. والنقطة الثانية هي: عند الحديث عن كل هذه المكونات الجديدة للثورة، وعندما يصل الأمر إلى انتاج القيمة، فهل ستضطر إلى العودة من جديد إلى عامل العمل؟
پیتر هیودیس: في الواقع إنني لا أتفق مع قول لوكاش بأن المنهجية هي الميزة الوحيدة للماركسية؛ فالماركسية علاوة على ذلك تعرّف مجموعة من الأصول المعيارية حول كيفية تنظيم مجتمع حر بكل معنى الكلمة. بدون شك أن آثار ماركس قائمة على دور العمل في المجتمع، ولكن من أجل تذوق طعم الاغتراب، فليس بالضرورة حتماً أن نجرّب انتاج الرأسمالية الصناعية. فالبروليتاريا الصناعية اليوم في ظل الرأسمالية هي أقل حجماً من الناحية العددية، ولكن التحول إلى بروليتاريا هي اليوم أوسع في حياتنا الراهنة. ولعل أبرز مثال على ذلك هو الولايات المتحدة اليوم،حيث نواجه ما يطلق عليه بـ ” پریکاریا” (العمال غير الدائميين). فحتى في الجامعات، هناك 75% من الأساتذة والمدرسين يعملون بوقت جزئي، وليس لديهم فرصة كي يتحولوا إلى العمل الدائم. وهناك 10 إلى 15% من العاملين يعملون بعقود مؤقتة. ويتراجع عدد أساتذة الجامعة العاملين بشكل رسمي، ومن الممكن أن يتم إلغاء ذلك في السنوات الخمس عشرة أو العشرين القادمة. إن الكثير من العمال ينفصلون عن الظروف الموضوعية لانتاج المعرفة. وهذه نماذج متعددة من التحول إلى بروليتاريا في المرافق الاقتصادية. أما جوابي على سؤالكم فهو أنه لا يوجد أي طريق لتثوير الشعب. ولا يوجد أي طريق لحقن الوعي الثوري في أذهان الشعب. فوعي الشعب يتجذّر عبر تجربته، ونحن نعيش في مرحلة تاريخية حيث أصبح التوجه الثوري غير واضح خاصة في الدول الغربية الصناعية المتطورة. وليس لدينا جواب على الكثير من الأسئلة حول المعني الحقيقي للثورة في القرن الحادي والعشرين. إن ما نعرفه بالتأكيد أنه لابد من نوع من أنواع الثورة تخرجنا من الرأسمالية، وإن تكرار الأخطاء الي ارتكبناها خلال 150 سنة الماضية لا يحقق لنا ثورة ظافرة. فيجب على الثورة أن تستهدف العلاقات الاجتماعية الأساسية للسلطة الكامنة في انتاج القيمة. وليس هناك أي شك في أن انتاج القيمة له جذور في عملية العمل، وإن العلاقات الاجتماعية هي واسطة لتبيان شكل القيمة. لقد اتخذت حتى العلاقة بين النساء والرجال شكل القيمة، وكذا الحال بالنسبة للعلاقة بين المجاميع الأثنية. إن التحدي الأصلي أمام الراديكاليين هو كيفية تبيان ذلك وعرضه على الشعب الذي أصبح غائباً عن هذا الواقع وسيطر عليه الاضطراب، ولكنه لا يعرف سبب هذا الاضطراب.
سعید رهنما: أود أن نبحث بالتفصيل في نقطتين؛ الأولى هي أنه ليس هناك أي شك في أن الاصطفاف الاجتماعي الرأسمالي، فإن كل فرد وكل شيء يتأثر بعلاقات انتاج القيمة بشكل مباشر أو غير مباشر. ولكن ما هو غير واضح هو كيف تحولت كل هذه المجاميع المتنوعة إلى بروليتاريا، كما أشرتم إلى ذلك بشكل صحيح، وأصبحوا جزءاً من انتاج القيمة. النقطة الثانية تتعلق بحديثكم حول عدم إمكانية تثوير الشعب، وإن الشعب نفسه يصبح ثورياً. ألا يشبه ذلك أطروحات الماركسيين المستقلين
(Autonomist Marxists)
وأطروحات منظّرين من أمثال انطونيو نگري؟*******، علماً أنني على اطلاع بأنكم من منتقديهم.
پیتر هیودیس: فيما يتعلق بالسؤال الثاني، فكما تعلم أن هناك وجه مشترك فلسفي بين الماركسيين المستقلين وبين الماركسيين الإنسانيين الذي أنا جزء منهم. في الواقع أنه منذ البداية، كان مؤلَف “الماركسية والحرية” لرايا

انطونيو نگري 1933-!!!
دونايفسكايا مصدر إلهام لانطونيو نگري. ولكن بما أن الماركسيين المستقلين كانوا يميلون إلى جعل البعد الذاتي مثالياً وأعطوا له أهمية أكثر من النضال الفعلي، مما جعلني أوجه الانتقادات لهم. والأهم من كل ذلك، إنهم لم يدركوا أن الثورة المضادة تنشأ في رحم الثورة نفسها. ويبدو أن انطونيو نگري على اعتقاد بأن الشعب المتحمس سيتغلب على كل هذه الموانع التي تقف سداً أمام انطلاقتهم. إلاّ أن التاريخ يشير إلى أنه عندما لا تتحلى الحركة بالبصيرة أزاء مستقبلها، فإن ذلك لا يعني سوى فشلها. ومع ذلك هناك بعض أوجه التشابه. إنني أؤمن بالحركة الحماسية، كما أؤمن بدور التنظيم البالغ الأهمية، لأنني أؤمن بالدور الحيوي للنظرية الانتقادية. فإذا ما انغمر الشعب في النضالات اليومية، وكان يغلب عليه الاستياء من ظروف الاغتراب في حياتهم، فهل يعني ذلك إنهم أدركوا سبب استيائهم؟ وهل أنهم أدركوا أن الاشتراكية هي البديل لاستيائهم؟ فكما تعرفون جيداً، ففي الكثير من البلدان، ومن ضمنها هنا في الولايات المتحدة، جرّب الكثير من الأفراد الاغتراب، ولكنهم وخلافاً لمصالحهم يدلون بأصواتهم لصالح القوى الرجعية، لأنهم لايتمتعون نظرياً إلاّ بقدر محدود من الفهم للأسباب الحقيقية الكامنة وراء استيائهم. إذن إن هذا التنوع يؤدي بالقوة بهؤلاء للتحول إلى قوة ثورية كامنة موضوعياً، ولذا فإننا بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى مشاريع نظرية جذرية تبلور مختلف أشكال القمع والاغتراب كي يتم شرح جوهر استياء الشعب والبديل المقترح. إنني لا اعتقد بأن الشعب الذي يعاني من القهر يتحول إلى ثوري بشكل اتوماتيكي. وفي الحقيقة يروي لنا التاريخ أن الناس يفقدون أغلب الصفات الانسانية ويتقبلوا فقدانهم للوعي ويسلّطوا كل جام غضبهم بعضهم على البعض الآخر دون توجيه غضبهم صوب العدو الحقيقي. ولهذا نحن نقول إن الثورة مشكلة لا تُحَل. ومع ذلك، فإنني أعتقد أن أهم مشكلة تواجهنا اليوم، وحتى في الأماكن التي تنشط فيها الحركات الاشتراكية، مثل اليونان وأسبانيا أو فنزويلا، هي انعدام الوضوح حول جوهر البديل للرأسمالية، ولهذا فإن الشعب المستاء من النظام غير قادر على وضع يده على البديل. وأظن أن دور اليسار اليوم يختلف كل الاختلاف عن دوره في عهد ماركس أو عهد لينين أو منذ 50 سنة مضت. وأعتقد أن الدور الأساسي لليسار اليوم هو ملء الفراغ لتوضيح مفهوم البديل القابل للاستناد عليه في مواجهة الرأسمالية. فإذا لم يتحلى الشعب بالوعي حول البديل، فكيف يمكن أن نتوقع منه خوض النضال أو القيام بانتفاضة تطيح بالنظام الموجود.
سعید رهنما: إنني سعيد بتأكيدكم على ضرورة توضيح البديل للرأسمالية. ولهذا أشرع من هذا التأكيد، لأننا كنّا على الدوام نتحدث عن الاشتراكية والأزمة الرأسمالية دون أن يكون لدينا تصوراً واضحاً عن المجتمع الذي يعقب الرأسمالية. فالقضية لا تقتصر على مجرد الحديث عن جوهرهدفنا، بل كيف نتحرك صوبه، وأعتقد إن ذلك أكثر تعقيداً من القضية الأولى، وإن آليات بلوغه أكثر صعوبة. ويضاف إلى ذلك، كيف نرتفع بالوعي، وكيف نتعامل مع التنظيم، وكيف نعبأ القوى، وهي جملة من الأسئلة التي أطرحها. والآن أود السؤال عن مقولة أخرى. إن وجهة نظر ماركس هي ” أن عتلة الثورة هي العنف”، وقد استثنى من ذلك الدول التي تتمتع بـ”حق الاقتراع العام” حيث “يستطيع العمال الوصول إلى هدفهم بالطرق السلمية”. والآن تتمتع أكثرية ساحقة من الدول بهذا الحق، فإلى أي مدى يمكن للطريق السلمي أن يأخذ مساره؟
پیتر هیودیس: أظن إن هذا السؤال ينطوي على قضيتين. لا شك أن ماركس في أواخر عمره تحدث بعبارات عن إمكانية قيام الدولة الاشتراكية بدون اللجوء إلى الأساليب العنفية في بريطانيا والولايات المتحدة وهولندا. ولكنني أظن إن هذه القضية تبدو متفاوتة عندما نقول أن ماركس شعر بإمكانية بناء المجتمع الاشتراكي دون اللجوء إلى النضالات العنفية. إن الدولة التي تحدث عنها ماركس بشكل خاص والتي تتوفر فيها هذه الإمكانية والتي تتمتع بحق الاقتراع العام في ذلك الوقت هي الولايات المتحدة. لقد أكد ماركس على ذلك وهو يعلم كيف شنت الارستقراطية الجنوبية حرباً عنفية معادية للثورة وضد ابراهام لينكولن في الولايات المتحدة. لقد شعر ماركس أن الطبقة العاملة وفي حالات معينة تصل إلى السلطة عبر الوسائل غير العنفية والديمقراطية، ولكن إذا قام مُلاّك العبيد بثورة ردة عنفية، فماذا سيفعل الرأسماليون من أجل حماية حقوق ملكياتهم على قوى العمل وعلى أدوات الانتاج؟ إن ماركس لم يصاب بالوهم حول ردود فعل الثورة المضادة التي تسارع وتسعى إلى الوقوف بوجه أية حكومة اشتراكية ديمقراطية تتسلم زمام الأمور؛ وقال ماركس أنه من المحتمل أن تندلع حرب داخلية قد تدوم 10 أو 20 أو 30 أو 40 سنة. ولهذا أعتقد أن ماركس كان متردداً جداً حول إمكانية تحقيق الاشتراكية بالطرق السلمية. إن ما كان ماركس يسعى إليه، خلافاً للفوضويين، هو أن تتمرس حركات الطبقة العاملة في إدارة السلطة السياسية بحيث يصبح بإمكانها النضال ضد الثورة المضادة عبر تعبئة جماهير الشعب. ولقد أثبت التاريخ أن الحق كان معه. إنني لا أدافع عن العنف، ولكنني أظن أن البرجوازية لا تركع أبداً ولا تستسلم أمام برنامج اشتراكي لمجرد أن الشعب صوّت له. وهذا ما حدث في عهد سلفادور آليندي في تشيلي واليوم في فنزويلا، حتى لو لم تكن الحكومة اشتراكية بالفعل (الحكومة الفنزويلية كانت على الأكثر دولة رفاه اشتراكية ديمقراطية).
سعید رهنما: لكم كل الحق، ولا شك أن الرأسماليين والوسطاء لا يتزحزحون عن مواقعهم بسهولة، ويعمدون باللجوء إلى العنف. ولكن في ثورة ماركسية واقعية، كما أشرتم بوضوح إلى تحليل ماركس للحرب الأهلية الأمريكية، ينبغي تنظيم “جماهير الشعب” كي تخوض “الحرب ضد ثورة الردة”. والنقطة الأخرى هي موضوعة الاشتراكية في بلد واحد التي سأعود إلى طرحها لاحقاً. وأسمح لي الآن أن أتطرق إلى مسألة أخرى تتعلق بوجهة نظر ماركس حول استلام السلطة من قبل الاشتراكيين. فكما أشرت في مقالتي ، أن ماركس تحدث في جوابه على الاشتراكي الهولندي نوي فون هويس وقال” في النتيجة تستلم زمام السلطة بشكل فجائي، إثر انتصار شعبي، حكومة ليس لها أية مؤشرات اشتراكية”. إن وجهة النظر هذه تتطابق مع أشارتكم آنفاً. ولكن في الرسالة نفسها وعند الإشارة إلى كومونة باريس، نلاحظ تخلي ماركس عن وجهات نظره السابقة حول كومونة باريس، حيث يعلن أن الكومونة غير اشتراكية وعليهم “المصالحة” مع فرساي. وبعبارة أخرى انتقل ماركس من توجيه الانتقاد إلى الكومونة بسبب عدم تحطيمها جهاز الدولة، إلى توجيه الانتقاد لها بسبب عدم اعلانها الصلح مع الحكومة الفرنسية.
پیتر هیودیس:في هذه الرسالة التي لي علاقة بها، وغالباً ما أعود إليها، لا أجد أي تناقضاً فيها. ولا أظن أن ماركس أعاد النظر في موقفه تجاه كومونة باريس. ففي أوج دعمه للكومونة في عام 1871، أوضح ماركس أنه لا يعتبر الكومونة ثورة اشتراكية، فمن غير الممكن أقامة الاشتراكية في بلد واحد، ناهيك عن مدينة واحدة هي ياريس. لقد كان ماركس ينظر إلى محدوديات كومونة باريس التي بقيت محصورة في إطار مكان واحد ولم تنتشر إلى أماكن أخرى، وهذا ما حكم عليها بالفشل. ولم يتوقع كارل ماركس أن بإمكان الكومونة بذاتها أن تنتقل إلى الاشتراكية. فما فكّر به ماركس حول الكومونة هو أنها خلقت شكل غير دولتي في الوظيفة السياسية، نوع من ديكتاتورية البروليتاريا. وينبغي الانتباه إلى أن ماركس أعلن صراحة في “نقد برنامج غوته” أن ديكتاتورية البروليتاريا ليست مرحلة من مراحل الاشتراكية، بل هي شكل سياسي يبرز بين الرأسمالية والمرحلة الأولى من الاشتراكية أو الشيوعية، أي أنه نظام مازال تُنتج فيه القيمة، ومازالت الرأسمالية قائمة في مجمل علاقاتها، ولكن السلطة السياسية بيد الطبقة العاملة لأنها القوة المؤثرة في المجتمع. ومع إلغاء الطبقات، ستلغى أيضاً البروليتاريا، وهذا هو جوهر الاشتراكية.
سعید رهنما: إن هذا الجزء من الحديث يربطنا بسؤال آخر سننتقل إليه بعدئذ، وهنا أود أن أطرح نقطة حول اعتبار الاشتراكية والشيوعية شيء واحد. صحيح أن ماركس، كما أشرتم، استخدم اصطلاح ديكتاتورية البروليتاريا كـ”فترة انتقالية بين المجتمع الرأسمالي وبين المجتمع الشيوعي”، ولكن كما تعلمون وقد أشرتم إلى “المرحلة الأولى” و قسّمتم الأمل الشيوعي إلى مرحلتين، إلى جانب ” مرحلة الانتقال السياسي”، حيث تمسك الطبقة العاملة بزمام السلطة السياسية.
پیتر هیودیس: أشار ماركس صراحة إلى الشكل “السياسي” بين الرأسمالية القائمة والمجتمع الاشتراكي/الشيوعي المقبل. وإن ديكتاتورية البروليتاريا ليست مجتمعاً انتقالياً حسب ماركس. فلم أجد في مؤلفات ماركس أية إشارات حول المجتمع الانتقالي صوب الاشتراكية. لقد اعتقد ماركس بأن ديكتاتورية البروليتاريا هي مرحلة انتقالية وشكل سياسي، وليست مرحلة من مراحل الاشتراكية. وإن ديكتاتوريا البروليتاريا بحد ذاتها لا تخلق نظاماً سياسياً بديلاً. ولذا نظر ماركس إلى فترة ديكتاتورية البروليتاريا بمفهوم محدود جداً كما لاحظنا. بالطبع إن القضية تتحدد في أن استخدام هذا الاصطلاح غير مفيد الآن، لأن الماركسيين بعد ماركس استخدموا هذا الاصطلاح بشكل سيء؛ فلم تكن وجهة نظر ماركس حول ديكتاتوريا البروليتاريا كما يُعرف ويُفسر اليوم، أي السيطرة الاستبدادية للحكومة على المجتمع. فمفهوم ماركس له معنى مناقض أي الرقابة الحرة للمجتمع على الحكم!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*پیتر هیودیس (یودیس)، منظر واستاذ الفلسفه و العلوم الانسانیة في كلية اوکتان، و عضو المنظمة الأممية الماركسية الانسانية. له مؤلفات عديدة في ميدان الفلسفة الماركسية والهيغلية، ومن ضمنها 14 مجلد عن روزا لوكسمبورغ.
** ليون تروتسكي، اسمه الحقيقي ليف دافيدوفيتش برونشتاين) 1879 – 1940). ماركسي بارز وأحد زعماء ثورة أكتوبر في روسيا عام 1917 ، إضافة إلى كونه شخصية بارزة في الحركة الشيوعية العالمية في النصف الأول للقرن الماضي. وهو مؤسس التيار التروتسكي الشيوعي بصفته إحدى فصائل الشيوعية الذي يدعو إلى الثورة العالمية الدائمة. تسلم مفوضية الحرب ، وهو أيضاً مؤسس الجيش الأحمر ، كما أنه عضو المكتب السياسي في الحزب البلشفي إبان حكم لينين. كان له الأثر الفعال في القضاء على أعداء الثورة، عينه لينين مفوض العلاقات الخارجية عندما أسس حكومته البلشفية الأولى عام 1917، حيث يعتبره أفضل العقول في الحزب الشيوعي، وأقدر من لينين في بعض الأمور . فعملا جيداً مع بعضهما، وأعتقد أغلب الشعب الروسي أن تروتسكي سوف يخلف لينين في رئاسة الحزب ولكن ستالين كان ذا سلطة قوية أيضاً فانتصر في النهاية هازماً تروتسكي، وقتل في منفاه في المكسيك عام 1940. (ع.ح.)
***ولد آوتیس میکائیلیان (سلطانزاده) في عام 1860 في مراغه- ايران . والده سلطان امتهن النجارة ووالدته مسيحية. سلطانزاده درس 5 سنوات في مدارس مراغة، ثم توجه إلى أرمينيا لأسباب اقتصادية. درس في أحدى المدارس التابعة للكنيسة. وانخرط في سن الثامنة عشر في الحركة الاشتراكية الديمقراطية في القفقاس. وأصبح عضواً في جناخ البلاشفة للحزب الاشتراكي الديمقراطي العمالي الروسي. شارك في النشاطات العمالية، ونشط في بطرسبورغ أثناء اندلاع ثورة اكتوبر. يعد سلطانزاده من مؤسسي حزب العدالة في إيران، وتوجه إلى آسيا الوسطى لتشجيع العمال الإيرانيين بالانضمام إلى الجيش الأحمر. في حزيران عام 1920 عُقد المؤتمر الأول للحزب الشيوعي الإيراني في ميناء أنزلي الإيراني على بحر قزوين، وانتخب سلطانزاده كأول سكرتير للحزب. وشارك سلطانزاده في المؤتمر الثاني للكومنترن وانتخب عضواً في الهيئة التنفيذية. وبسبب الاختلافات الفكرية مع المسؤولين السوفيات ومع الحزب الشيوعي الآذربايجاني، أزيح سلطانزاده واثني عشر آخرون من قيادة الحزب الشيوعي الإيراني. وانتقل إلى موسكو ليصبح مستشار لينين في قضايا الشرق الأوسط في مفوضية الشؤون الخارجية السوفياتية. ثم انتخب من جديد في عام 1922 كممثل الحزب الشيوعي الايراني في الكومنترن. وفي تلك المرحلة وجهت انتقادات حادة في الكومنترن إلى سياسة الاتحاد السوفييتي بسبب حمايتها لرضا خان وتطابق سياسة الحزب الشيوعي الايراني مع هذه السياسة. ولذا أبعد سلطانزاده عن الكومنترن. في عام 1927 عين سلطانزاده كمستشار اقتصادي للحكومة السوفييتيه، وعمل على إنشاء المعهد المصرفي السوفييتي، وأصبح رئيس تحرير مجلة المصارف السوفييتية. ومع التغيير الذي طرأ على سياسة الكومنترن في عام 1927، عاد سلطانزاده إلى العمل في الحزب الشيوعي الإيراني.، وكان هدفه تأسيس “حكومة ديمقراطية للعمال والفلاحين” في إيران. وفي عام 1932 جرى حل الحزب بضغط من المسؤولين السوفيت، وتعرض سلطانزاده إلى الملاحقة والاعتقال شأنه في ذلك شأن الكثير من القادة والكوادر السوفييتية والأجنبية، ثم جرت تصفيته في الحملة الستالينية في الثلاثينيات. (ع.ح.)
****ميرزا سعيد سلطان غالييف شيوعي بشكيري- روسي. ولد في13 تموز عام 1892 في باشكيريا من عائلة فقيرة. تعلم في المكاتب الاسلامية ودرس القرآن والشريعة واللغة التاترية والعربية والروسية والتاريخ فيها. انخرط في النشاط السياسي خلال ثورة 1905 الروسية، وانتقل إلى باكو – آذربيجان حيث اطلع على الأفكار الثورية. درس في جامعة قازان، وتعرف على الأفكار الاشتراكية الديمقراطية. عمل في الصحافة السرية، وحضر مؤتمر مسلمي روسيا في موسكو بعد ثورة شباط عام 1917. انضم إلى البلاشفة، واختير بعد الثورة رئيس الوحدة العسكرية الاسلامية الروسية. حاول صبغ الماركسية بالصبغة الاسلامية بسبب تعرض المسلمين للاضطهاد القيصري.اعتقل في عام 1923 بتهمة توجهه الاسلامي، ثم أطلق سراحه. ولكن مع وفاة لينين فقد غالييف حاميه، واعتقل من جديد في عام 1928 . أطلق سراحه في عام 1934 ، ولكن أعتقل من جديد في عام 1937، بتهمة معاداته للاتحاد السوفييتي، ونفذ الحكم بالاعدام في عام 1940..
****** ولد جورجي بليخانوف في 29 نوفمبر 1856 – 30 مايو 1918، هو ثوري ومفكر روسي، مؤسس الحركة الديمقراطية الاجتماعية في روسيا ، ومنظر ماركسي بارز، و شخصية اجتماعية شهيرة. في البداية كان زعيما لمنظمة “الأرض و الحرية” (الشعبوية). و في عام 1880 كان قد هاجر من روسيا إلى فرنسا و بعد دراسته لمؤلفات ماركس و أنجلز ، أصبح متمسكا عن قناعة بالماركسية، و قد قامت جماعة “تحرير العلم” التي أسسها في سويسرا في 1883 التي قامت بدور واسع في انتشار الماركسية في روسيا. كما انه أسهم في تطوير النظرية الماركسية، وفي مواجهة الأيديولوجية “الشعبوية” و “الماركسية الشرعية” و الفلسفات الأخرى. في عام 1903 انضم إلى المناشفة (الأقلية) المعادية للينين، و عارض ثورة أكتوبر عام 1917 ، و مع ذلك فقد كان بليخانوف من أفضل من عرض الماركسية عرضا ممتازاً في مؤلفاته الرئيسية: “تطور النظرة الواحدية للتاريخ” 1895 ، “مقالات في تاريخ المادية” 1896 ، “دور الفرد في التاريخ” 1898، و كثير غيرها . لقد وضع بليخانوف، رغم بعض المنطلقات الفلسفية ، أساس التاريخ الماركسي للفكر الاجتماعي الروسي. و تعتبر مؤلفاته من أفضل المؤلفات شعبية و جاذبية في دراسة الماركسية.(ع.ح.)
****** ولد فرانتس فانون في 20 حزيران 1925، وتوفي في 6 كانون الأول عام 1961. كاتب فرنسي من أصول جزر المارتينيك، كاتب صحفي وطبيب نفساني وثوري. ويمكن أن نعده أحد المفكرين البارزين في القرن العشرين بسبب مكافحته للاستعمار الفرنسي وخاض في موضوعة علم النفس للمستعمرين. وكانت مؤلفاته مبعث إلهام للحركات التحررية لأكثر من أربعة عقود.(ع.ح.)
******* آنطونیو نگری ولد في ۱ آب ۱۹۳۳، فیلسوف مارکسي ما بعد الحداثة، استاذ العلوم السياسية في جامعة باريس وجامعة بادو في روما.

About عادل حبه

عادل محمد حسن عبد الهادي حبه ولد في بغداد في محلة صبابيغ الآل في جانب الرصافة في 12 أيلول عام 1938 ميلادي. في عام 1944 تلقى دراسته الإبتدائية، الصف الأول والثاني، في المدرسة الهاشمية التابعة للمدرسة الجعفرية، والواقعة قرب جامع المصلوب في محلة الصدرية في وسط بغداد. إنتقل الى المدرسة الجعفرية الإبتدائية - الصف الثالث، الواقعة في محلة صبابيغ الآل، وأكمل دراسته في هذه المدرسة حتى حصوله على بكالوريا الصف السادس الإبتدائي إنتقل إلى الدراسة المتوسطة، وأكملها في مدرسة الرصافة المتوسطة في محلة السنك في بغداد نشط ضمن فتيان محلته في منظمة أنصار السلام العراقية السرية، كما ساهم بنشاط في أتحاد الطلبة العراقي العام الذي كان ينشط بصورة سرية في ذلك العهد. أكمل الدراسة المتوسطة وإنتقل إلى الدراسة الثانوية في مدرسة الأعدادية المركزية، التي سرعان ما غادرها ليكمل دراسته الثانوية في الثانوية الشرقية في الكرادة الشرقية جنوب بغداد. في نهاية عام 1955 ترشح إلى عضوية الحزب الشيوعي العراقي وهو لم يبلغ بعد الثامنة عشر من عمره، وهو العمر الذي يحدده النظام الداخلي للحزب كشرط للعضوية فيه إعتقل في موقف السراي في بغداد أثناء مشاركته في الإضراب العام والمظاهرة التي نظمها الحزب الشيوعي العراقي للتضامن مع الشعب الجزائري وقادة جبهة التحرير الجزائرية، الذين أعتقلوا في الأجواء التونسية من قبل السلطات الفرنسية الإستعمارية في صيف عام 1956. دخل كلية الآداب والعلوم الكائنة في الأعظمية آنذاك، وشرع في تلقي دراسته في فرع الجيولوجيا في دورته الثالثة . أصبح مسؤولاً عن التنظيم السري لإتحاد الطلبة العراقي العام في كلية الآداب والعلوم ، إضافة إلى مسؤوليته عن منظمة الحزب الشيوعي العراقي الطلابية في الكلية ذاتها في أواخر عام 1956. كما تدرج في مهمته الحزبية ليصبح لاحقاً مسؤولاً عن تنظيمات الحزب الشيوعي في كليات بغداد آنذاك. شارك بنشاط في المظاهرات العاصفة التي إندلعت في سائر أنحاء العراق للتضامن مع الشعب المصري ضد العدوان الثلاثي الإسرائيلي- الفرنسي البريطاني بعد تأميم قناة السويس في عام 1956. بعد انتصار ثورة تموز عام 1958، ساهم بنشاط في إتحاد الطلبة العراقي العام الذي تحول إلى العمل العلني، وإنتخب رئيساً للإتحاد في كلية العلوم- جامعة بغداد، وعضواً في أول مؤتمر لإتحاد الطلبة العراقي العام في العهد الجمهوري، والذي تحول أسمه إلى إتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية. وفي نفس الوقت أصبح مسؤول التنظيم الطلابي للحزب الشيوعي العراقي في بغداد والذي شمل التنظيمات الطلابية في ثانويات بغداد وتنظيمات جامعة بغداد، التي أعلن عن تأسيسها بعد إنتصار الثورة مباشرة. أنهى دراسته الجامعية وحصل على شهادة البكالاريوس في الجيولوجيا في العام الدراسي 1959-1960. وعمل بعد التخرج مباشرة في دائرة التنقيب الجيولوجي التي كانت تابعة لوزارة الإقتصاد . حصل على بعثة دراسية لإكمال الدكتوراه في الجيولوجيا على نفقة وزارة التربية والتعليم العراقية في خريف عام 1960. تخلى عن البعثة نظراً لقرار الحزب بإيفاده إلى موسكو-الإتحاد السوفييتي للدراسة الإقتصادية والسياسية في أكاديمية العلوم الإجتماعية-المدرسة الحزبية العليا. وحصل على دبلوم الدولة العالي بدرجة تفوق بعد ثلاث سنوات من الدراسة هناك. بعد نكبة 8 شباط عام 1963، قرر الحزب إرساله إلى طهران – إيران لإدارة المحطة السرية التي أنشأها الحزب هناك لإدارة شؤون العراقيين الهاربين من جحيم إنقلاب شباط المشؤوم، والسعي لإحياء منظمات الحزب في داخل العراق بعد الضربات التي تلقاها الحزب إثر الإنقلاب. إعتقل في حزيران عام 1964 من قبل أجهزة الأمن الإيرانية مع خمسة من رفاقه بعد أن تعقبت أجهزة الأمن عبور المراسلين بخفية عبر الحدود العراقية الإيرانية. وتعرض الجميع إلى التعذيب في أقبية أجهزة الأمن الإيرانية. وأحيل الجميع إلى المحكمة العسكرية في طهران. وحكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات، إضافة إلى أحكام أخرى طالت رفاقه وتراوحت بين خمس سنوات وإلى سنتين، بتهمة العضوية في منظمة تروج للأفكار الإشتراكية. أنهى محكوميته في أيار عام 1971، وتم تحويله إلى السلطات العراقية عن طريق معبر المنذرية- خانقين في العراق. وإنتقل من سجن خانقين إلى سجن بعقوبة ثم موقف الأمن العامة في بغداد مقابل القصر الأبيض. وصادف تلك الفترة هجمة شرسة على الحزب الشيوعي، مما حدى بالحزب إلى الإبتعاد عن التدخل لإطلاق سراحه. وعمل الأهل على التوسط لدى المغدور محمد محجوب عضو القيادة القطرية لحزب البعث آنذاك، والذي صفي في عام 1979 من قبل صدام حسين، وتم خروجه من المعتقل. عادت صلته بالحزب وبشكل سري بعد خروجه من المعتقل. وعمل بعدئذ كجيولوجي في مديرية المياه الجوفية ولمدة سنتين. وشارك في بحوث حول الموازنة المائية في حوض بدره وجصان، إضافة إلى عمله في البحث عن مكامن المياه الجوفية والإشراف على حفر الآبار في مناطق متعددة من العراق . عمل مع رفاق آخرين من قيادة الحزب وفي سرية تامة على إعادة الحياة لمنظمة بغداد بعد الضربات الشديدة التي تلقتها المنظمة في عام 1971. وتراوحت مسؤولياته بين منظمات مدينة الثورة والطلبة وريف بغداد. أختير في نفس العام كمرشح لعضوية اللجنة المركزية للحزب إستقال من عمله في دائرة المياه الجوفية في خريف عام 1973، بعد أن كلفه الحزب بتمثيله في مجلة قضايا السلم والإشتراكية، المجلة الناطقة بإسم الأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية، في العاصمة الجيكوسلوفاكية براغ. وأصبح بعد فترة قليلة وفي المؤتمر الدوري للأحزاب الممثلة في المجلة عضواً في هيئة تحريرها. وخلال أربعة سنوات من العمل في هذا المجال ساهم في نشر عدد من المقالات فيها، والمساهمة في عدد من الندوات العلمية في براغ وعواصم أخرى. عاد إلى بغداد في خريف عام 1977، ليصبح أحد إثنين من ممثلي الحزب في الجبهة التي كانت قائمة مع حزب البعث، إلى جانب المرحوم الدكتور رحيم عجينة. وأختير إلى جانب ذلك لينسب عضواً في سكرتارية اللجنة المركزية ويصبح عضواً في لجنة العلاقات الدولية للحزب. في ظل الهجوم الشرس الذي تعرض له الحزب، تم إعتقاله مرتين، الأول بسبب مشاركته في تحرير مسودة التقرير المثير للجنة المركزية في آذار عام 1978 وتحت ذريعة اللقاء بأحد قادة الحزب الديمقراطي الأفغاني وأحد وزرائها( سلطان علي كشتمند) عند زيارته للعراق. أما الإعتقال الثاني فيتعلق بتهمة الصلة بالأحداث الإيرانية والثورة وبالمعارضين لحكم الشاه، هذه الثورة التي إندلعت ضد حكم الشاه بداية من عام 1978 والتي إنتهت بسقوط الشاه في شتاء عام 1979 والتي أثارت القلق لدي حكام العراق. إضطر إلى مغادرة البلاد في نهاية عام 1978 بقرار من الحزب تفادياً للحملة التي أشتدت ضد أعضاء الحزب وكوادره. وإستقر لفترة قصيرة في كل من دمشق واليمن الجنوبية، إلى أن إنتدبه الحزب لإدارة محطته في العاصمة الإيرانية طهران بعد إنتصار الثورة الشعبية الإيرانية في ربيع عام 1979. وخلال تلك الفترة تم تأمين الكثير من إحتياجات اللاجئين العراقيين في طهران أو في مدن إيرانية أخرى، إلى جانب تقديم العون لفصائل الإنصار الشيوعيين الذين شرعوا بالنشاط ضد الديكتاتورية على الأراضي العراقية وفي إقليم كردستان العراق. بعد قرابة السنة، وبعد تدهور الأوضاع الداخلية في إيران بسبب ممارسات المتطرفين الدينيين، تم إعتقاله لمدة سنة ونصف إلى أن تم إطلاق سراحه بفعل تدخل من قبل المرحوم حافظ الأسد والمرحوم ياسر عرفات، وتم تحويله إلى سوريا خلال الفترة من عام 1981 إلى 1991، تولى مسؤلية منظمة الحزب في سوريا واليمن وآخرها الإشراف على الإعلام المركزي للحزب وبضمنها جريدة طريق الشعب ومجلة الثقافة الجديدة. بعد الإنتفاضة الشعبية ضد الحكم الديكتاتوري في عام 1991، إنتقل إلى إقليم كردستان العراق. وفي بداية عام 1992، تسلل مع عدد من قادة الحزب وكوادره سراً إلى بغداد ضمن مسعى لإعادة الحياة إلى المنظمات الحزبية بعد الضربات المهلكة التي تلقتها خلال السنوات السابقة. وتسلم مسؤولية المنطقة الجنوبية حتى نهاية عام 1992، بعد أن تم إستدعائه وكوادر أخرى من قبل قيادة الحزب بعد أن أصبح الخطر يهدد وجود هذه الكوادر في بغداد والمناطق الأخرى. إضطر إلى مغادرة العراق في نهاية عام 1992، ولجأ إلى المملكة المتحدة بعد إصابته بمرض عضال. تفرغ في السنوات الأخيرة إلى العمل الصحفي. ونشر العديد من المقالات والدراسات في جريدة طريق الشعب العراقية والثقافة الجديدة العراقية والحياة اللبنانية والشرق الأوسط والبيان الإماراتية والنور السورية و"كار" الإيرانية ومجلة قضايا السلم والإشتراكية، وتناولت مختلف الشؤون العراقية والإيرانية وبلدان أوربا الشرقية. كتب عدد من المقالات بإسم حميد محمد لإعتبارات إحترازية أثناء فترات العمل السري. يجيد اللغات العربية والإنجليزية والروسية والفارسية. متزوج وله ولد (سلام) وبنت(ياسمين) وحفيدان(هدى وعلي).
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.