سؤال يُوجّه لي دائما، وعدة مرات خلال الأسبوع، عندما تركّز إدارة الرئيس أوباما بصورة خاصة على إنجاز حل دبلوماسي لأزمة إيران النووية؛ «هل تعتقد أنه لا تزال هناك ظروف قد تدعو أوباما إلى استخدام القوة العسكرية لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي؟ مع ملاحظة (اختر واحدة أو أكثر) أنه لم يفرض خطه الأحمر الخاص بالأسلحة الكيماوية مع سوريا، وهو حريص للغاية على أي نوع من الإنجاز المهم في الشرق الأوسط، لدرجة أنه مستعد لعقد صفقة سيئة مع الإيرانيين، وهو يتخلى عن حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط لصالح إيران.
الإجابة هي نعم، ما زلت أعتقد بوجود ظروف قد يستخدم فيها أوباما القوة لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي. وليس سرا أنه يفضل الحل الدبلوماسي (الذي أدى إليه نظام عقوبات معيق نظمه بمساعدة كبيرة من الكونغرس) لهذه المشكلة. وليس سرا أيضا أنه يعتقد أن ضربة عسكرية قد تؤدي إلى نتائج غير مقصودة، تضاعف في الواقع من الجهود الإيرانية لعبور خط النهاية في السباق النووي. لكن بالتأكيد هناك ظروف – اثنان منها تخطران بالبال على الفور – أعتقد أنه سيستخدم فيهما القوة لمنع الشرق الأوسط من السقوط في دوامة من الانتشار النووي المدمر.
الأولى، إن اكتُشف أن إيران بنت أو تبني مرفقا نوويا سريا فقد يثير ذلك ردا عسكريا من الولايات المتحدة. وهو سيناريو محتمل؛ إيران بنت أصلا مرفقين نوويين سريين اكتُشفا فيما بعد بواسطة منشقين إيرانيين، وبواسطة الغرب في ناتانز وفوردو. وأدى اكتشاف هذين المرفقين إلى تشديد العقوبات، لكنه لم يؤدِّ إلى عمل عسكري.
في هذه المرحلة المتأخرة، خاصة بعد وعد إيران بالتفاوض بحسن نية، سيثبت اكتشاف مثل هذا المرفق الثالث نهائيا وبشكل حاسم أن النظام مصمم على التسلل عبر خط النهاية النووي، وسيجبر ذلك أوباما على الرد في غالب الأحوال. لا أعتقد باحتمال أن إيران تبني مرفقا سريا كبيرا لتخصيب اليورانيوم داخل جبل، كما نجحت في ذلك في موقع فوردو قرب قُم، فالنظام يدرك أن اكتشاف مرفق سيكون كارثيا. لكن ذلك في إطار الممكن.
ثانيا، أعتقد مثل غاري سامور اختصاصي أوباما السابق في شؤون إيران النووية، أنه من المحتمل أكثر، محاولة النظام التسلل عبر خط النهاية أكثر من محاولة الاندفاع الواضح نحوه. فالاندفاع الواضح يعني إبعاد مفتشي الأسلحة الدوليين ودفعة واضحة لحد معقول نحو تخصيب اليورانيوم لمستويات الأسلحة. وبوسع إيران في تلك الحالة تحقيق ذلك خلال فترة زمنية قصيرة للغاية، لكني أعتقد أن بدء مثل هذا الاندفاع سيثير رد أوباما الفوري.
قد لا يواجه أوباما أحد هذين الاحتمالين؛ فالنظام الإيراني في الغالب أذكى من استفزازه سواء بالتسلل أو بالاندفاع. فقد ظل هدف النظام هو تجنب عبء العقوبات، مع الحفاظ على البنية التحتية للبرنامج النووي. ولكن إن شعر النظام بمقدرته على بلوغ العتبة النووية من دون عواقب عسكرية، فقد يغريه فعل ذلك أكثر.
قرر معظم العالم بناء على قرار أوباما في اللحظة الأخيرة بعدم شن هجوم على قوات بشار الأسد، ردا على الاستخدام الواسع للأسلحة الكيماوية ضد السوريين المدنيين، أنه لا سبيل لاستخدام أوباما القوة ضد مرافق إيران لأسلحة الدمار الشامل. هذا استقراء مؤسف، ويبدو أنه مما لم يفعله الإيرانيون.
يعتقد سامور أن النظام يفهم أوباما أفضل مما يفهمه بعض منتقديه المحليين، وقال لي: «لا أرى أن الإيرانيين استخلصوا من موضوع سوريا، أنهم يعتقدون بمقدرتهم على فعل كل شيء؛ فهم لم يدفعوا ببرنامجهم النووي إلى الأمام، بل تراجعوا به». كما يعتقد سامور أن المرشد الأعلى آية الله خامنئي «يحاول تجنب التصرفات التي يعتقد أنها ستثير هجوما أميركيا. فمن المعقول أن يتوقع أن إبعاد المفتشين الدوليين مثلا سيزيد من احتمال هجمات أميركية بدرجة كبيرة».
وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤخرا أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بدرجة نقاء 20 في المائة انخفض بدرجة كبيرة لأول مرة خلال أربعة أعوام. ولا يعني هذا أن الإيرانيين قرروا فجأة التخلي الشامل عن نشاطهم النووي، لكنه يعني، كما يرى سامور، أن لدى النظام فهما معقولا لـ«خطوط أوباما الحمراء».
مثلي مثل كثيرين تمنيت لو كان أوباما أشد باتجاه نظام الأسد، وأن يتصرف في وقت مبكر. لكن من الخطأ الافتراض بأنه إذا لم يقم بعمل ضد أحد التهديدات، فإنه لن يقوم بعمل ضد تهديد آخر، لا سيما تهديدا عرّفه بأنه «أكثر التحديات الأمنية الوطنية التي تواجهها الولايات المتحدة أهمية».
* خدمة «بلومبيرغ»
نقلا عن الشرق الاوسط