طلال عبدالله الخوري 7\2\2017 © مفكر حر
نحن نحاول في كل مرة ينطق بها صناع القرار في العالم, بكلمة واحدة تخص الثورة السورية, أو يمكن ان يكون لها اي أثر على مجريات الأحداث فيها, بالقيام بقرأتها وتحليلها والتنبؤ بالأحداث القادمة من خلالها.
منذ الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب, وهو يتودد لموسكو ويدافع عن بوتين, ويريد ان يبني معه علاقات ودية, ويعده حتى برفع العقوبات الاقتصادية عن روسيا التي أدمت موارده بشكل كبير! ومن المعروف بأن لا شئ مجاني في السياسة, فعندما يعطوك شئ فهم يريدون مقابل له, فما الثمن الذي يريده ترامب من روسيا البوتينية لقاء ذلك؟
قلنا سابقاً بأن من أولويات السياسة الأميركية والإسرائيلية هو إخراج إيران من دول جوار إسرائيل, لأنها تستخدم اوراقها التي استثمرتها في حزب الله وحماس لكي تحصل على مكاسب اقتصادية و تنازلات سياسية من أميركا واسرائيل, وهي الآن تتمدد في سوريا أيضا, مما يعطيها المزيد من الأوراق لكي تبتزهم بها, وحتماً لا تستطع ان تقوم بذلك من دون تحييد موسكو في مجلس الأمن سياسيا, وعلى الأرض عسكريا, وهذا هو السبب الوحيد لتودد ترامب لبوتين, ولا يوجد اي سبب آخر, .. والسؤال الذي نرفعه في هذه السطور هو : “هل سيتمكن ترامب من تحييد موسكو للإستفراد بإيران؟”.
من وجهة نظر موسكو فإن إيران أهم حليف استراتيجي لها في منطقة الشرق الأوسط للدفع بملفاتها مع الغرب للإعتراف بها كقوة عظمى ندية لأميركا, وقد مكنتها إيران من استخدام أوراقها في لبنان وسوريا وفلسطين والعراق واليمن والبحرين لابتزاز الغرب,.. ومن المؤكد لها أن فقدانها للورقة الإيرانية يعني بشكل اتوماتيكي خسارة المنافسة مع الغرب, ودفن مشروع بوتين بإعادة أمجاد الاتحاد السوفييتي وحلف وارسو تحت زعامته من جديد … ويصعب على كاتب المقال أن يصدق بأن بوتين سيوافق على التفريط بإيران مهما كانت المغريات من الرئيس الأميركي دونالد ترامب,.. فعلى سبيل المثال عندما وافقت موسكو على إيقاف الطموحات النووية الإيرانية وساهمت بالاتفاق النووي بين إيران والغرب, مقابل بعض المصالح الإقتصادية, هي بالواقع خسرت ورقة كبيرة جداً كانت تناور بها!! ولهذا السبب نحن على العكس نعتقد بأن بوتين سيستميت بالمحافظة على إيران وأوراقها المختلفة بالمنطقة بمقدار حرصه على ورقة بشار الأسد في سوريا, لا بل حتى أكثر.
من وجهة نظر واشنطن فإن موسكو وطهران يستنزفان مواردهما المادية والعسكرية في المستنقع السوري منذ 6 سنوات وهما تخسران في كل يوم, ولا يبدو ان هناك نهاية لهذا المستنقع, فهو كفيل على استنزافهما لعشرات السنين من دون ان يؤثر بأي شئ يذكر على أميركا وإسرائيل, ويعتقد ترامب بأنه اذا قدم لموسكو بعض الوعود الاقتصادية برفع العقوبات عنها, فهو يمكن ان يضمن حيادها سياسيا وعسكريا للاستفراد بإيران وإخراجها من سوريا ولبنان وفلسطين والعراق واليمن والبحرين… والقضاء على برنامجها النووي نهائيا (ربما بضربة عسكرية لمفاعلاتها النووية), وهذا من المؤكد سيؤدي الى انهيار نظام ولاية الفقيه في ايران.
كاتب المقال يتوقع ان نرى على الأرض احدى السيناريوهين التاليين:
الأول: ان لا تقبل روسيا بالمغريات الإقتصادية من دونالد ترامب, (وهو الأرجح) وبهذه الحالة سنرى بأن ترامب سيستمر بسياسة سلفه أوباما, وهي بإغراق روسيا وإيران أكثر وأكثر بالمستنقع السوري, و حتما سيزيد من المساعدات العسكرية والاستخباراتية للمعارضة السورية لكي لا تنهار وتحافظ على قدراتها في استنزاف كل من روسيا وايران.. ويمكن ان تستمر هذه الحالة لسنين كثيرة قادمة, وربما ايضا ان يتم تسخير العامل التركي والكردي بشتى الطرق لزيادة عملية الاغراق لكل من روسيا وايران.
الثاني هو ان تقبل روسيا بإغراءات ترامب وعندها سيتم اخراج ايران من سوريا وسيستسلم بوتين وينكفئ ضمن حدود بلاده, وسيودع احلامه البائسة, وعندها سينهار نظام المجرم بشار الأسد من تلقائه. .. لهذا السبب نحن ننصح المعارضة السورية السياسية والعسكرية على الإستماتة للتقرب من إدارة ترامب وعقد معها صفقة تحفظ المصالح الوطنية السورية مقابل المساهمة بالمشروع الاميركي ضد مشاريع الولي الفقيه الشريرة.
١: في البداية ستظهر موسكو صعوبة في التفريط بملالي إيران ، وهذه الخطوة هى من ضمن الخطة بين ترامب وبوتين لدفعها لمزيد من الاستنزاف ومن ثم الارتماء أكثر في حضن الدب الروسي ، وجاهل من يعتقد أنه عندما يجوع لا يأكل الا الحم الحرام ؟
٢: الخطورة في الملف الإيراني هى إدراكها أن لا مزاح مع السيد ترامب وان أحلى خياراتها غدا مراً كالعلقم ؟
٣: جاهل من يعتقد أن خطورة إيران على أمريكا هى أكثر من خطورتها على موسكو ؟
٤: تصريحات السيد ترامب هى القشة التي ستقصم ظهر البعير الخامنئي خاصة في الملف السوري ، حيث سيتم إخراجها منها وهى الممنونة ، حيث لايجتمع ثوران في حلبة النظام السوري ؟
٥: ليس لدى الروس من خيارات سوى التفريط بنظام الملالي لأسباب ثلاث ، الاول تخلصهم من نظام إسلامي متخلف وبغيظ عالمياً ومحليا وحتى إيرانياً لا يقل خطورة عن الوهابية السعودية ومجاناً ، ثانيا لتبيض وجه موسكو في سوريا والمنطقة والعالم والانفراد بسوريا الاسد ، وثالثاً التخلص من النظام الإيراني قدر لا مفر منه ، ورقة الغرب القوية والخطرة هى اقوميات والإثنيات الغير فارسية والمقهورة ؟
وأخيراً …؟
نظام الملالي وخامنئيه ليسوا بأغنى وأقوى وأذكى وأدهى من نظام بن علي والقذافي وعبدالله صالح وصدام ، وكيف كان مصيرهم إما لمزبلة التاريخ للإعدام ، والاسد المسكين سيتركونه لعيش أخر أيامه قبل الانتقام ، سلام ؟
شكرا للزميل المتألق سرسبندار السندي لمروره العطر والتعليق وإغناء المادة