هل زهران علوش أحد أعمدة الثورة السورية؟

abdelrahmansharafفي الواقع السوري المتعدد المكون من عرقيات دينية مختلفة. لا حظنا بأن كل مكون أفرز هيكلية سياسية وعسكرية بطريقة ما لمشاركته بالثورة السورية أو لقمع الثورة السورية
أما لأسقاط النظام أو للدفاع عن النظام أو للدفاع عن هذا المكون نفسه في تدهور الأوضاع على الأرض حفاظاً على بقائه وامنه بالظروف التي تخلقها الصراعات.
وكان في البداية تماشياً مع الحراك السلمي شُكل الجيش الحر الذي أنطلق بصوت وأهداف وطنية وكان يجمع مكونات مختلفة منشقة عن صفوف النظام حاملاً قضية إسقاط عصابة الأسد التي هي طائفية في تشكيلها للبلد ويقف في صفوفها من مختلف العرقيات الدينية تدافع عنه بالطرق المختلفة.
وعبر تسلسل الأحداث وكثرة الروايات والاصوات والصراع بين أبناء هذه البلد. دخل معظم السوريين في مأزق. وهذا المأزق هو عدم قدرتهم للتوفيق بين الانتماء للوطن وللثورة التي بدأت بمطالب الحرية والعدالة وتشكيل نظام علماني ديمقراطي، وبين الانتماء للعرقية والدين والمذهب والقائد على حساب الوطن الذي يجمعنا. وهذا الخلل في الانتماء جاء على مستوى شعبي بمكونات مختلفة وأطراف سياسية وعسكرية تشكلت بالطرق المختلفة تتصارع فيما بينها.
وهذا الخلل في الانتماء يعود لأسباب كثيرة داخلية في بنية المجتمع السوري خلال حكم نظام استبدادي وبأساليب وعوامل مارسها في البلاد منذ استلامه زمام الحكم وثروات البلاد المختلفة. أو لأسباب خارجية داعمه ومتدخلة في الحراك والوضع السوري بطرق مختلفة مادية وإعلامية وخطاب مؤثر بالخارج لسوريين أو غيرهم
زهران علوش كان يُقمع في سجون النظام وهو أحد الشخصيات التي أخُلي سبيلها خلال هذا الحراك السوري وأصبح من القيادات التي شُكلت داخل المكون السني ورفع شعار الإسلام واسس جيش الإسلام ليستقطب هذه البيئة للقتال في صفوفه ويزجهم للتحرك بمشاعر عقائدية أكثر من مشاعر عقلانية ووطنية تصب في هدف التغيير الحقيقي لدولة تعددية ونظام ديمقراطي علماني حر
بل ذهب أيضا لخطاب ديني في عمله الثوري ولممارسة التسلط والاستبداد في اعتقال الناشطين في حقوق الانسان وتخاذله في الكثير من الأحيان مع النظام ولم يكن بتعاون إيجابي مع الأطراف الأخرى التي تحمل شعار اسقاط النظام بل كان ولائه للملكة العربية السعودية وللشريعة أكثر من ولائه لمتطلبات التغيير والوطن، والتعاون الإيجابي مع الفصائل الاخرى. وهذا ما افرزه الإسلام السياسي باختلافات قياداته في الجانب العسكري والسياسي عبر الثور الثورة السورية وافرز معضله كبيرة للأقليات الأخرى وخدم نظام أكثر في زيادة سيطرته وتأييده من قبلَ الدول الخارجية لهٌ.
زهران علوش بالرغم من وجود بعض التصريحات له كمحاربته ورفضه لتنطيم الدولة الاسلامية وشعاره بإسقاط النظام. ولكنه فرض نفسه واوجد نفسه واوجدته السعودية ليس كقائد ثوري حقيقي مثل قادة الثورة الفرنسية والأميركية
بل كقائد لدين وشريعة يريد أن يفرضها على الناس بالطرق المختلفة مستغلاً بنية المجتمع السوري التي مُورس عليها الجهل والتغييب الفكري والثقافي. ومستفيداً من دعم السعودية له بالإمكانيات العسكرية والمادية ليكون ليس أحد الأصوات الوطنية السورية التي تطالب بدولة ديمقراطية عادلة بل ليكون أحد الأطراف المنقادة من الخارج واداة تساعد في تحقيق التوازنات السياسية والمصالح في المنطقة وسوريا.
وهذا ليس فقط وضع زهران علوش بالقيادات العسكرية والسياسية المتمركزة والمزجة كعبء علينا في الواقع السوري بل هو شأن معظم المليشيات التي تُقاد من قبل العديد من الأشخاص استغلالً لبنية المجتمع القديمة واجباراً بالطرق المختلفة لفئات الناس التي أصبحت خارجة عن إرادة الخيار الحقيقي لها وتحديد موقفها وهدفها. كالجولان والمحيسني والبغدادي والأسد كلهم قادة ميليشيات عسكرية وأدوات تفرض علينا لأجل تحقيق مصالح الخارج مستغلين الثورة التي بدأت بالحراك السلمي وبجيشها الحر لدولة ديمقراطية وعادلة تضم أطياف المجتمع السوري. فهؤلاء كلهم أعداء حقيقياً للثورة السورية والشعب السوري الذي ذاق الويلات والتشرد والقتل والجوع بأساليبهم وطرقهم المختلفة التي ينطلقون منها
فالذي يناضل باسم الثورة هو الذي لا ينتمي إلا للوطن وتحقيق أهداف محقة لأجلها ولكل مكوناتها بقيم ليست دينية وعقائدية وايديولوجيا تفرض على الاخر بل بقيم الإنسانية ومبادئ الدولة الديمقراطية والعلمانية الحرة.
فنحن ليسوا مناضلين لأجل لحظة نبرر لأجلها الكثير من الأخطاء والشوائب بل ناظرين إلى المستقبل وتكوينه لأجيالنا ووطننا السوري.
وما زلنا في مسيرة التخلص من هؤلاء القادة بعصاباتهم الداخلية والخارجية بالجناح السياسي والعسكري الذين جلبوا للثورة وللسوريين المعاناة والشقاء وعطلوا المسيرة نحو بناء دولة ديمقراطية عادلة حرة وتغيير حقيقي في البلاد وزيادة معاناة العباد.

About عبد الرحمن شرف

كاتب وناشط ديمقراطي سوري
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.