شاهدت الحوار ما بين الشيخ محمد فرحات رئيس الجامعة الوطنية الإسلامية.. والشيخ محمد عبد الله نصر خطيب التحرير.. والتي حاول فيها الشيخ نصر بكل الطرق إيصال وجهة نظر’متعقّله بأمور تخص التراث الإسلامى وما يجب أن ’ينقّى منه..وللأسف الشديد أن وجهة نظره تلك لم تصل بوضوح للمشاهد نظرآ لعلو صوت الشيخ فرحات الذي تعمّد مقاطعة الشيخ نصر لطمس فكرته وعدم إيصالها بوضوح للمشاهد!
بعدها تابعت ما ’كتب حول تصريحات الشيخ نصر….في مدى صحة كتاب صحيح البخاري..والدفاع المستميت من شيوخ آخرين للتأكيد بصحته 100% وأنه أصح كتاب بعد القرآن الكريم!! بدون حتى محاولة الحوار العقلاني للكثير من الأحاديث المسيئه فيه سواء للنبي أو للإسلام الموجودة… ما يحثني على محاولة تحليل بعضا مما جاء في الكتاب.. أننا بحاجة ماسة لفتح نافذة من النور والتنوير في هذه الظلمه الحالكة التي تمر بها المنطقة العربية.. وإعادة شيئا من الإحترام لدين يعتنقه ما يزيد على المليار إنسان من حقهم إحترام ديانتهم والحياة في النور.. ومن حق العالم عليهم أن لا يكونوا عبئا أمنيا عليه..
منذ أن بدأت البحث في الدين وفي الأديان إنتقلت من مرحلة الدفاع المستميت. إلى مرحلة إعمال العقل في كل ما أقرؤه وأن أضعه على طاولة التشريح متسلّحة بالموضوعية.. و النقد البنّاء.. خلالها قرأت العديد من الكتب.. ولأكثر من مرة قرأت كتاب جناية البخاري.. للكاتب زكريا اوزون.. والذي ’يخضع كتاب صحيح البخاري لأدوات البحث العلمي وأساليبه في تأكيد صحة ما جاء في الكتاب.. أو عدم مصداقيتة… وعليه فإن مقالتي تستند إلى مزيج من الأفكار التي جاءت في الكتاب.. ورأيي الشخصى في كيفية رفع القيم الإنسانية في حياتنا.. لأنها أهم ما يربطنا مع العالم في هذه الفترة الحالكة السواد….
لنعترف أولآ بأن النبي أكد عدة مرات.. “” ما أنا إلا بشر مثلكم وإنما يوحى إلي “”.. والوحي المقصود هنا هو النص القرآني.. وأنه لم يأمر خلال حياته بكتابة الأحاديث.. وأن الصحابة إختلفوا أيضا في جواز كتابتها , , وأكدوا بأن الرسالة هي القرآن… لنعترف أيضا بأن… لنعترف أيضا بأن 6236آية قرآنية نزلت خلال ما يزيد عن 15 سنة.. بينما يزداد الجدل في عدد الأحاديث التي كتبها ( نقلها) البخاري ما بين المليون و 250 ألف…. وضع منها في كتابه 7593 حديث.. ’نقّح منها 2762 حديث (إستبعاد الأحاديث المكرره ) خلال سنة ونصف فقط.. معنعنة عن بشر في بقاع مختلفه من الأرض.. ’معرّضين للخطأ والصواب….وأن الأحاديث ’بدأ في جمعها بعد وفاة النبي بحوالى 200 سنة….وأن البخاري عاش ما بين 194 وحتى 256 هجرية ؟؟؟؟؟ وهي كلها امور نعرفها ودرسناها ولكن ليس بدقة… ولا بموضوعية.. ولا بعقل نقدي.
يؤكد أوزون في كتابه على عدم مصداقية البخاري.. من خلال تناقض الأحاديث.. ومن خلال كره عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وآخرين من الصحابة لكتابة تلك الأحاديث بناء على طلب النبي.. ثم ينتقل إلى التساؤل حول مدى أهميتها.. خاصة وأنها ليست بوحي ’منزل وبالتالي لا يجب أن ’يؤخذ بها كمصدر للتشريع.. لعدم ’قدسيتها.. وأن الأحاديث التي ’يعتمد عليها في الأحكام وفي الفقه.. رواها الصحابة وبالتالي تخضع للخطأ البشري ومدى تقوى الرواة من الصحابة… وهو من أهم ما يناقشه الكاتب.. هو البحث في مصداقية الرواة الذين إستند إليهم.. وعلى رأسهم أبو هريرة… عائشة.. والعباس.. إلى جانب القضايا الأخرى المتعلقة بهذه الأحاديث ليثبت بمدى جناية البخاري على الأمة المسلمة وعلى الإسلام..
أبو هريرة.. وهو أكثر الصحابة رواة عن النبي وإن إلتقى النبي لفترة لم تزد عن السنة وتسعة أشهر.. خلالها كان فقيرا ’معدَ مآ.. منعه عمر بن الخطاب من رواية الحديث..خاصة مع علمه بسرقته لبيت المال حين ولاه على البحرين وإن حاول أبو هريرة الدفاع عن نفسه والإدعاء بأن أمواله كانت من التجاره ؟؟ إضافة إلى أن هناك من يعتقد بأن معلوماته إختلطت بمعلومات كعب الأحبار ( اليهودي الذي أسلم زمن عمر ) بحيث أختلطت الأحاديث التي رواها بين تأويلاته وتأويلات كعب.. فهل ’يؤتمن سارق ؟؟
عائشة… وهي الصغيرة التي تتباين الأقوال في عمرها حين زواج النبي بها.. وإمتلاء سيرتها بالخلاف مع كل من حولها.. بدءا من فصل نساء النبي إلى حزبين.. ثم خلافاتها مع عثمان بن عفّان.. وإن عادت للمطالبة بدمه والقول بانه مات مظلوما.. والأهم في سيرتها هو محاربتها لعلي بن أبي طالب في موقعة الجمل والتي تسببت بقتل الآلاف من المسلمين.. ربما كان هذا إنتقامها من علي بعد حادثة الإفك..وقوله للنبي “” لم ’يضيّق الله عليك والنساء سواها كثير “”؟؟؟؟ وإن تابت وإستغفرت وهي على فراش الموت.. وهي من نقلت جواز إرضاع الكبير ؟؟؟؟
عبد الله بن عباس.. والمعروف بحبر الأمه.. روى 1660 حديث ؟؟؟ وتتباين الروايات عنه.. فهناك من يعتقد بانه مات في عمر 11 سنة… ولكن كيف لإبن 11 سنة ان يتولى على البصرة ؟؟؟ ثم ’يتهم بسرقة بيت المال.. وقال عنه علي بن ابي طالب.. بانه يأكل حراما ويشرب حراما ؟؟؟؟
إضافة إلى وجود الكثير من المعلومات المتناقضة في كتاب البخاري.. بدءا بالتشكيك في آيات التنزيل فيما إذا كانت الآيات الأولى في سورة المدّثر التي ’تصّر السيده عائشه على أنها أولى آيات القرآن.. بينما كلنا تعلمنا بانها سورة إقرأ.. كذلك في ما هي آخر آية نزلت هل هي “”اليوم أكملت لكم دينكم “”.. أم وحسب إصرار البخاري سورة التوبة المعروفة ببراءة ؟؟؟ أيضا هناك معلومات عن النسخ في القرآن..وإختفاء آيات منه ؟؟؟ مثل آية الرجم والتي أصر عمر بن الخطاب على وجودها وأن النبي عمل بها.. بينما تقول إحدى زوجات النبي بأن الماعز أكلت تلك الآية ؟؟؟ إضافة إلى أن البخاري قام بتجسيد الله.. في نزوله على الأرض. وفي كشف ساقه..وهو الموضوع الذي ’يمنع المسلم أن يتفكّر فيه إطلاقا لأنه مأمور بالإيمان بدون أي تمثيل لصفات الله الجسدية..
البخاري يسيء إلى النبي حين يكتب عن القوة الجنسية للنبي ومحاولة إسناد ذلك لحقيقة علمية.. وهو ما لايمكن التحدث فيه علنا ؟؟ وحين يؤكد بتعارض آراء النبي مع ما جاء في القرآن.. فالقرآن يؤكد على “وجادلهم بالتي هي احسن ” بينما في كتاب البخاري يأمر النبي بالتصفية الجسدية لمعارضية… وبينما يؤكد النبي ان الهدف من الغزو نشر الدعوة وتوحيد قبائل الجزيرة العربية.. يؤكد البخاري بأنه كان غازيا همه جمع الغنائم من القتلى… والأهم حين ’يبين بأن النبي ’يناقض ما جاء في القرآن الذي يعترف باهل الكتاب “لكم دينكم ولي دين”.. بينما يكتب حديثا “” أمرت أن أقاتل الناس جميعا إلى أن يشهدوا…”” ثم “من بدّل دينه فاقتلوه “… مخالفا بذلك النص القرآني.. وأيضا في نصوص أخرى كما في موضوع الحمل لسبع سنوات بعد وفاة الزوج.. بينما يتأكد في القرآن بأربعة قروء (أشهر) وعشرة أيام.. وهي عدة المرأة للتأكد من عدم الحمل..
ولكن أسوأ ما شوّه به البخاري الإسلام والأحاديث.. وضع المرأة في الإسلام..!!! حيث ومن خلال تلك الأحاديث نجح في زرع عقدة النقص والدونية فيها.. لحد أنه ضمن إستكانتها وخضوعها.. وهو ما يتناقض مع روح الله في المساواة.. والرحمة.. والعدل..
سيدي وصديقي القارىء..
هدفي من كتابة هذه المعلومات ليس الدخول في معركة فقهية حول الأحاديث… بقدر ما هو الدخول في معركة نقدية.. الإنتصار فيها يجب أن يكون للعقل ولما يخدم مصلحة الإنسان والمجتمعات.. لأن لا أحد منا يستطيع توثيق تلك الحقبة وما جرى فيها.. لا احد يستطيع التأكيد على أن معلوماته هي الأصح.. لا أحد يستطيع العمل بقوانين صلحت قبل مئات السنين.. فمثلآ هل يمكن إعتماد أحكام الغزو والحروب عوضا عن الإتفاقيات الدولية في هذا الشأن ؟؟؟ هل من مصلحتنا العمل بقوانين تفتقر روح العدالة والمساواة.. هدفي هو الإعتراف بأن كل الأديان جاءت لخدمة مجتمعها في تلك الحقبة.. والإعتراف والتأكيد بأن الإسلام أخذ من اليهودية.. كما اخذت منها المسيحية.. ولا يمكن للدين السابق الإعتراف بالدين اللاحق.. أولا لعدم معرفته بالمستقبل. وإعترافه يعني إيمانه وإعتقاده بالدين الجديد.. ولكن كل هذه الأديان من المستحيل أن تخدم مجتمعاتنا وتحقق مصالحنا في هذه الحقبة. لأنها أصبحت ’مفرّقه لا ’مجمعه.. وأننا حين ندخل معركتها سنكون نحن البشر الخاسرون.. ولن ينتصر فيها ويبقى سوى رجال الدين كلهم.. لأنهم وظفوا الأديان ليتعيّشون منها..
إن رفض الأزهر لأفكار الشيخ.. وبدلآ من الدخول في مراجعة علمية نقدية للكتاب, ولبعض من مناهجه التي تحض على إزدرداء الأديان الأخرى.. أصدر بيانا ينهى فيه عن الدخول في مثل هذه الحوارات وإعتبار أن هذا الحوار مساس بالأمن القومي.. ما هو إلا لتبرير سيادته الدينية.. وإبقاء سلطتة في الفقه والتفاسير والتأويلات الفقهية وأسباب النزول.. وربما خوفا مما يترتب على هذا الحوار من تقوية المطالبه بفصل الدين عن الدولة.. وهو الأمل الوحيد الذي سي’رسخ للديمقراطية وللعدالة ولدولة القانون وهو ما يتوافق كليا مع مصلحة الإنسان المسلم.. والمسيحي.. وكل ’معتنقي الأديان في القرن الحادي والعشرون ؟؟؟
منظمة بصيرة للحقوق الإنسانية
المصدر ايلاف