علي نريماني – كاتب و محلل ايراني
عقب لقاء وزيرالخارجية الامريكي بوزير الخارجية الروسي سرجئي لافروف والرئيس الروسي بوتين حول الأزمة في سوريا، دخلت التحولات الاقليمية مرحلة جديدة وأخذت منحى تصاعدياً. وهناك عدة عوامل تعطي أهمية لهذه الزيارة وتجعلها أهم من اللقاءات السياسية العادية.
1- هذه الزيارة كان لقاء بين أعلى المسؤولين بين أمريكا وروسيا منذ مجيء ترامب الى السلطة.
2- توجه تيلرسون مباشرة من مؤتمر وزراء خارجية مجموعة جي 8 في ايطاليا الى موسكو ومن الواضح انه كان يحمل رسالة من المؤتمر أيضا. انه كان قد قال في كلمة له في اليوم الثاني من اجتماعات جي 7: من الواضح للجميع أن فترة حكم أسرة الأسد وصلت الى النهاية حسب ما نقلته الاسوشيتدبرس في 11 ابريل.
3- وبما يعود الأمر الى نظام الملالي، فان هذه الزيارة لها أهمية خاصة، لأنه قال تيلرسون عشية زيارته لموسكو: على روسيا أن تختار اما الوقوف بجانب أمريكا والدول المتحالفة معها أو تدعم بشار الأسد والنظام الايراني وحزب الله.
4- توجه وزير الخارجية الأمريكي الى هذه الزيارة بعد حظيه باسناد سياسي قوي؛ انه اضافة الى الدعم الشامل من الدول الصناعية السبع الكبرى يحظى بدعم قوي للحزبين في مجلسي النواب والشيوخ وكذلك دعم شبه كامل من العالم خاصة الدول العربية في المنطقة وهذا كله جاء نتيجة القصف الأمريكي الصاروخي على نظام الأسد.
ووصفت السلطات الروسية قبل هذا اللقاء القصف الصاروخي الأمريكي بأنه غير مقبول وحذوا أنه يجب أن لا تتكرر هكذا حملات. ولكن عمليا تراجع موسكو عن مواقفها منهم الرئيس الروسي الذي كان قد أعلن في وقت سابق أنه لن يلتقي بتيلرسون، فالتقى به وتباحث معه لمدة ساعتين. كما ان الرئيس الروسي، قد نشط الاتفاق مع أمريكا بشأن سلامة الطيران في سماء سوريا والذي كانت قد جمدته، وأعلنت خلال زيارة تيلرسون التزامها به.
كل هذه الحالات تؤكد تراجع موسكو واتخاذ مواقف مرنة في المفاوضات التي فرضتها عزلة روسيا غير المسبوقة في الوقائع الأخيرة. وظهرت حالة من حالات العزلة السياسية الروسية في مجلس الأمن الدولي عند التصويت على مشروع ادانة القصف الكيماوي على خان شيخون. كون روسيا كانت الدولة الوحيدة التي صوت عليها سلبا واستخدمت حق الفيتو. حتى الصين امتنعت عن ذلك فيما كانت في المرات السابقة بجانب موسكو. كما ان روسيا تعرضت لهجوم شديد من قبل سفراء عدد من أعضاء مجلس الأمن الدولي منها سفير بريطانيا الذي خاطب السفير الروسي وقال انه من دواعي الخجل أن موسكو تدعم بشار الأسد. وحسب رأي المتتبعين فان مقدمي مشروع القرار كانوا يعلمون أن موسكو تستخدم حق الفيتو ولكنهم عمدوا الى طرحه للتصويت حتى يسجل حق النقض الروسي لكي تتعرض للضغط السياسي.
ولكن الخاسر الرئيس للوقائع الأخيرة ليس الروس، بل ملالي طهران. لأن الهدف الرئيس لتيلرسون من زيارته لموسكو، هو جعل النظام الايراني في عزلة وإبعاد روسيا من هذا النظام. لأنه يبدو أن الادارة الأمريكية الجديدة، وبعد تذبذبات، وجدت الأمر الحاسم في أزمة سوريا في عزل النظام الايراني. وأن الادارة تحظى بدعم موحد داخل الادارة وكذلك في الكونغرس حيث نرى ذلك في تصريحات السلطات الحكومية وكذلك نواب وأعضاء كبار في المجلسين.
وبشأن عزلة النظام اقليميا ووتيرته، كان موقف مقتدى الصدر في العراق الذي كان من الداعمين للأسد وكانت عناصره تقاتل بجانب مقاتلي حزب الشيطان اللبناني في سوريا له معنى خاص حيث قال حان وقت رحيل الأسد.
كما ان تصريح الرئيس الأمريكي الذي وصف بشار الأسد بالحيوان والقاتل والجلاد، يدعو الى التأمل. وقال ترامب أكثر من مرة أن بشار الأسد لا مكان له في سوريا ويجب أن يرحل! وحسب المراقبين عندما تأخذ التصريحات هكذا نبرة خاصة على لسان الرئيس الأمريكي، فهذا يعني أن العلاقة باتت غير رجعة.
ولكن ما يكفل بقاء واستمرار السياسة الحازمة تجاه نظام الأسد وحيال الداعم الرئيسي له أي النظام الايراني، هو الترحاب السياسي الواسع به داخليا وخارجيا. فهذه السياسة دخلت حيز التنفيذ بهجوم أمريكا على قاعدة الأسد الجوية. وهذه الحملة كمبادأة عسكرية، قد سيّرت قطارا سياسيا سيخلق استمرار حركته تداعيات خطيرة على نظام الملالي.
وفي ختام هذا المقال يمكننا ان نقول حان الوقت لبداية لنهاية نظام الملالي في سوريا و خلاص الشعب السوري من تدخلاته الشريرة باذن الله.