تعاني الأقليات في العالم الإسلامي الكثير من التمييز الديني.. ويتعرض العديد من أبنائها إلى حرمان من التعليم وتمييز ممنهج في فرص العمل المتاحه إضافة إلى رفض مجتمعي لوجودهم.. برغم التأكيد على أن حرية العقيدة مكفولة؟؟؟. وغيرها من الحقوق المفروض فيها الحرية والعدل والمساواة في دساتير تلك الدول..
فعلى سبيل المثال.. ومنذ قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.. قتل مئات البهائيين وتم إعتقال الآلاف منهم… ولا يزال وحتى هذه اللحظه 115 بهائيا مسجونا لمجرد إيمانهم بالدين البهائي.
إضافة إلى حرمانهم من التعليم الجامعي.. والتضييق عليهم في حياتهم اليومية وكسب قوتهم البومي.. ولكن الأشد ألمآ أنهم يمنعون من دفن موتاهم وفقا لشعائرهم الدينية.. وكثيرا ما تتعرض مقابرهم للهدم والتدنيس!!
المثير للدهشة.. وآمل أن تكون للتفاؤل أيضا.. أنه و إثر الإعلان من عدد من رجال الدين في العالم الإسلامي.. عن تبنيهم لقراءة جديدة لمبادىء وتعاليم الدين الإسلامي.. قراءة تتبنى موقفا إيجابيا تأخذ بروح الدين وترى بأن القرآن الكريم يوصي بتعايش الأديان.. بل ويرحب به..
وبناء عليها قام رجل الدين الإيراني البارز آية الله معصومي طهراني والذي كثيرا ما عبر في مناسبات عدة عن قلقة من الإضطهاد الذي تتعرض له الأقليات وخاصة البهائيين نتيجة للتعصب الديني الأعمى بمبادرة جريئة وغير مسبوقة تعتبر الأولى من نوعها في دولة عرفت بالتشدد الديني، بتقديم لوحة فنية مزخرفة يتوسطها رمز معروف للبهائيين بالإسم الأعظم وهو الرمز الذي يوضح العلاقة بين الله الخالق ورسله وخلقه.. في آية مقتبسه من الكتاب الأقدس وهو الأثر الأهم لرسول الدين البهائي “بهاء الله”.
“” عاشروا مع الأديان بالروح والريحان.. ليجدوا منكم عرف الرحمن.. إياكم أن تأخذكم حمية الجاهلية بين البرية.. كل بدء من الله يعود إليه ومرجع العالمين “”
ولقد لقيت هذه البادرة الكثير من التقدير حيث عبرت الممثلة الرسمية للجامعة البهائية لدى الأمم المتحدة السيدة “باني دوجال ” بأن هذه المبادرة المرحب بها جديرة بالإهتمام في ضوء ما تتعرض له الجامعة البهائية من إضطهاد مستمر ومنهجي من قبل الجمهورية الإسلامية.. ولكنها تعتبر تطورا يبعث على الأمل وينتظر أن تكون لها إنعكاسات إيجابية تجاه تعايش الشعوب..
مما لا شك فيه بأن ما قام به السيد آية الله طهراني حادثة فردية جديرة بالإحترام والتقدير..خاصة وأن الدولة الإيرانية الحالية تقوم بجهود حقيقية من أجل التقريب بين المذاهب وتضييق شقة الخلاف، لتكون منحصرة في القضايا الفرعية التي لا تمس جوهر العقيدة. ولكن ما أتمناه ليس فقط أن تحتفظ اللوحة في بيت العدل الأعظم… ولكن أن تترجم بجهود السيد آية الله طهراني إلى سياسة حقيقية تتبناها الدولة الإيرانية للتعديل وربما التغيير في أنظمة التعليم يرتبط بالحقوق العالمية للإنسان للترويج لثقافة التعايش في مجتمع وتراث وتقاليد وقيم أصبحت تمثل عائقا كبيرا يصطدم مع ثقافة السلام وثقافة التعايش بين الأديان….فربما تكون مثلا تحتذي به بقية الدول الإسلامية خاصة في ظل الأحداث الدامية التي يتعرض لها معتنقوا الأديان الأخرى في هذه الدول….. فلا أحد منها يمتلك الحقيقة المطلقة والقاسم المشترك الأعظم بين كل هذه الأديان..
“”كل بدء من الله ويعود إليه.. إنه لمبدء الخلق ومرجع العالمين “”.
– منظمة بصيرة للحقوق الإنسانية