كثر الحديث في الاونة الاخيرة تكهناً حول كيف سيحكم الجنرال “سيسي” مصر؟
فمنهم من يقول بانه سيختار النموذج الناصري! حيث بدأ الشعب يؤلهه كما فعل سابقاً لعبدالناصر!؟ والذين يدعمون هذا التكهن يستندون على زيارته لديكتاتور موسكو بوتين؟ وهذا النموذج اثبت فشله في روسيا واوروبا الشرقية وقبلها في مصر وسوريا, فلا ندري لماذا يجرب الناس المجرب والذي تم لفظه ومات فشلاً !؟
ومنهم من يتوقع بأن يأخذ بتجربة بينوشيه الناجحة في تشيلي؟ او التجربة الاقتصادية التركية الناجحة؟
بالرغم من اننا اثبتنا في أكثر من مقالة بأن السيسي لن يأخذ بأي من التجارب الناجحة السابقة, وانه سيكون استبدادياً وفاسداً بشكل أسوء من سلفه الديكتاتور حسني مبارك, وسيكون اقتصادياً أسوء من سلفه الاخونجي الفاشي “محمد مرسي” ولكن سنحاول في هذه المقالة دراسة التجربتين الناجحتين لكل من تركيا وتشيلي لنقارنها مع ما يفعله الجنرال السيسي لنرى فيما إذا كان لديه النية باتباع أي من التجارب الناجحة؟
في البداية نحن نشفق على الشعب المصري المؤمن الطيب والذي يحلم بمجئ “نبي” لديه قدرات إلهية خارقة لكي ينقذهم من فقرهم وبؤسهم, ومن شدة طيبته يتخيل واهماً بأن السيسي هو ذلك ” النبي” وبدأ يؤلهه ويعبده, مع ان السيسي يذلهم ويهينهم ويعاملهم بإستعلاء وكأنه فعلاً نبي مرسل, ويهددهم بالبوليس (باستخدام القوة) إذا خرجوا عن طاعته وتظاهروا ضده, ويقول لهم” انتو تعرفوا ايه يعني البوليس ينزل الشارع؟ ده خطير جداً جداً”!؟
لو اي مسؤول ببلد متحضر هدد الشعب بهذه الطريقة المهينة لسقط من منصبه مباشرة, ولكن الشعب المصري الطيب حمال الاسية ولكن الى حين, ريثما يصحى الشعب المصري من حلمه واوهامه ويكتشف بأن زمن الانبياء قد ولى من غير رجعة.
ما هي التجربة التشيلية ومثيلتها التركية:
هي باختصار تطبيق قوانين اقتصاد السوق الحر التنافسي, التي تدرس بكل الجامعات الراقية في العالم, وتشجيع الاستثمار والتنافس وبالتالي خلق الفرص وتوظيف الناس ورفع مستوى دخل الفرد, ولكي نصدق بأنه فعلاً يريد السير في هذا الطريق فيجب عليه ان يقوم بالخطوات التالية:
أولا استصدار القوانين الاقتصاد للسوق التنافسي الحر.
ثانياً: خصخصة المؤسسات الاقتصادية الاحتكارية العسكرية والحكومية وتحويلها من الاقتصاد الاحتكاري الفاشل الذي يرهق كاهل الشعب المصري الى الاقتصاد التنافسي الحر الذي يسير بمصر الى الازدهار والرفاهية
ثالثاً: استصدار قوانين القضاء العادل المستقل, وترسيخ الحرية والديمقراطية التي تجلب الاستقرار لمصر وترفع من وثوقية المستثمرين بالقوانين المصرية من اجل تشجيعهم على استثمار اموالهم بالمشاريع الاقتصادية المصرية.
ولكن للأسف, الى الآن لم يقم السيسي بأي خطوة من الخطوات السابقة او يتجه باتجاهها, ولكن على العكس نرى ان كل الخطوات التي قام بها الى الآن تصب بعكس اتجاه التجربتين الناجحتين لتشيلي وتركيا, ونذكر منها:
أولاً: الانقلاب على حكومة الاخوان عندما حاولت تخليص العسكر من بعض احتكاراتهم في قناة السويس.
ثانياً: سلق طبخة “الدستور المصري” والمهين لمصر والذي به تقنين لديكتاتورية السيسي والعسكر واستمرار احتكارهم لاقتصاد مصر.
ثالثا: زيادة الرواتب بقرار سياسي وليس عن طريق آلية السوق التنافسي, وبعدها تمثيلية استقالة رئيس الحكومة واستبداله بدمية اخرى من نفس النوع التي يحركها السيسي بسبابته, ففي التجارب الاقتصادية الناجحة لا يمكن ان تزيد الرواتب بقرار سياسي من اجل تمرير اجندات سياسية معينة, ولو كان هذا يصح لاصدرت كل الدول مثل هذه القرارات واغدقت على شعوبها الرواتب السخية لكي يعيشوا من دون ان ينتجوا!؟, ولكن في الدول الناجحة, السوق هو الذي يقرر الراتب عن طريق “قانون: العرض والطلب” وهو القانون الذهبي للسوق الحر التنافسي.
لقد حاول زعماء مصر السابقون, مثل السادات ومبارك, بايهام العالم بأنهم يصلحون الاقتصاد المصري, مثل سياسة “الانفتاح” بعهد السادات, ولكن من دون المساس بهيكل الدولة الريعية والاقتصاد الموجه الذي تركه عبدالناصر والذي فيه تحتكر الدولة والعسكر والمقربين واصحاب الذوات للاقتصاد، مما ادى الى ظهور محتكرين من «القطط السمان» , كما يحب الشعب المصري ان يسميهم, والذين يتمتعون بالرخاء وحدهم بعيداً من الغالبية الفقيرة.
أما حسني مبارك فقد كان حاوياً أكثر, حيث اوهم الناس بأنه يطبق نظرية «اقتصاد الانسياب من أعلى إلى أسفل»
Trickle Down Economy
وهي نظرية اقتصادية معروفة لتشجيع الاستثمار, وقد تبناها بقوة الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان الذي كان يشجع على خفض الضرائب على الأغنياء، وإعطاء حوافز لرجال الأعمال من آجل ان يزيدوا من حجم استثماراتهم ومشاريعهم بالسوق, وبهذه الطريقة تزداد فرص العمل وبهذه الطريقة تعم الفائدة على جميع الناس وهذا هو المقصود بالانسياب من اعلى الى اسفل.
ولكن اخفى حسني مبارك عن شعبه بان هذه النظرية يمكن تطبيقها فقط عندما يكون الاقتصاد التنافسي الحر, وحيث تكون قوانين البلد الاقتصادية تدعم السوق الحر, اما في الاقتصاد الاحتكاري كما في مصر فلا يوجد تنافس, فيأخذ المحتكر الدعم المالي من قوت الشعب ويكدسه بحسابه البنكي في الخارج فتخسر مصر مرتين: الاولى بسرقة مال الشعب المصري, والثانية بتهريب هذا المال للخارج وعدم تدويره في الاقتصاد المصري, مما أدى في النهاية الى فشل التنمية في مصر وازدياد حالة الناس سوءاً.
من الواضح أن نظام السيسي الان يتجنب الخوص بأهم مشكلة في مصر وهي الاقتصاد، ويفضل الهاء الشعب بمناقشة اي قضيه غيرها، مثل الخوض في نظرية المؤامرات الكونية على مصر (كما يفعل المجرم بشار الاسد)، او الخروج بخزعبلات “سيسية” (من السيسي) لاختراع جهاز ثوري لمعالجة امراض الأيدز والكبد الوبائي, كل هذا من اجل الهاء الشعب وتخديره “وتنويمه على نظرية تأليه البطل الخارق “سيسي..
من هنا نرى بان ليس لدي السيسي اي نية للنهوض بمصر فهو باحسن الاحوال سيكون
اكثر استبدادية من سلفه حسني مبارك
اسوء اقتصاديا من سلفه مرسي
وسيكون دمويا من طراز بشار الاسد وصدام حسين ومعمر القذافي فهذه سمة تميز كل الطغاة العرب
هذه الحقيقة التي يجب على الشعب المصري ان يواجهها لكي يصحى فزمن النبوات قد ولى من غير رجعة.