هل الرسول صلى الله عليه وسلم كان أميًّا لا يعرف القراءة والكتابة

Mohammed Lamsiah

سؤال من السيدة عائشة من الجزائر : “الأستاذ لمسيح هل الرسول صلى الله عليه وسلم كان أميًّا لا يعرف القراءة والكتابية كما هو معروف النبي الأمي؟”
سيدتي هذا السؤال طرح عدة مرات، ولا أتذكر هل رديت عليه أم لا؟ على كل حال أرد عليه من باب التسهيل.
سيدتي “النبي الأمّيِّ” كما جاء في سورة الأعراف: 157-158، ليس معناها الذي لا يعرف القراءة والكتابة، كما هو شائع. فكلمة “أمّيِّ” فيها تشديد على حرف الميم، مما يفيد وجود إدغام في حرف الميم؛ فالكلمة في الأصل “أممي”، وتعني من الأمم أو الشعوب . ولفهمها أكثر نعود للنص القرآني لسورة آل عمران: 20:”.. وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ…” وفي الآية: 75 ” وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ” إذا نفهم من خلال الآيتين أن الأمّيين ليسوا بأهل الكتاب، بمعنى ليسوا يهودًا ولا مسيحين، وهذا “النبي الأمّي” بُعث لأهله الأمّيين، أي لا لليهود ولا للمسيحين كما قلنا؛ حيث جاء في سورة الجمعة: 2 ” هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ “. والسؤال المطروح لماذا سُموا بالأمّيين؟
لأنهم لا يعلمون ما في داخل الكتاب المقدس لليهود والمسيحين، حيث جاء في سورة البقرة: 78 ” وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ “. كل ما يعرفوه هو مجرد ظن. هل ما قاله النص القرآني متداول عند اليهود والمسيحين؟ الجواب نعم
لأن اليهود يعتبرون كل من ليس منهم فهو أُممي: גּוֹי
(goi)
غوى وبالجمع גּוֹיִם
(goyyim)
غوييم انظر
The unedited full-text of the 1906 Jewish Encyclopedia
فأُممي أو جنتايل
Gentile
معناه ليس من اليهود ، كما جاء في سفر التثنية 15: 6 ” يُبَارِكُكَ الرَّبُّ إِلهُكَ كَمَا قَالَ لَكَ. فَتُقْرِضُ أُمَمًا كَثِيرَةً وَأَنْتَ لاَ تَقْتَرِضُ، وَتَتَسَلَّطُ عَلَى أُمَمٍ كَثِيرَةٍ وَهُمْ عَلَيْكَ لاَ يَتَسَلَّطُونَ. ” وكذلك سفر يشوع 23: 4 ” اُنْظُرُوا. قَدْ قَسَمْتُ لَكُمْ بِالْقُرْعَةِ هؤُلاَءِ الشُّعُوبَ الْبَاقِينَ مُلْكًا حَسَبَ أَسْبَاطِكُمْ، مِنَ الأُرْدُنِّ وَجَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّتِي قَرَضْتُهَا، وَالْبَحْرِ الْعَظِيمِ نَحْوَ غُرُوبِ الشَّمْسِ. ” وغيرهما من الشواهد.
أما عند المسيحين فنفس الشيء مَن ليس من المسيحين أو اليهود فهو أممي؛ حيث جاء في إنجيل متى 6: 7 ” وَحِينَمَا تُصَلُّونَ لاَ تُكَرِّرُوا الْكَلاَمَ بَاطِلاً كَالأُمَمِ، فَإِنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ بِكَثْرَةِ كَلاَمِهِمْ يُسْتَجَابُ لَهُمْ. “، وكذلك في الإصحاح العدد 23 ” فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا الأُمَمُ. لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ كُلِّهَا. ” وغيرهما
ومن هنا يمكن القول أن عبارة “النبي الأمّي” معناها أنه غير يهودي ولا مسيحي وليس معناها لا يعرف القراءة والكتابة، وقد يحتج أحد بالقول أن في سورة العنكبوت: 48 ” وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ” الجواب أن الآية جاءت بصيغة الماضي ” كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ ” وكذلك ” وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ” هذا كان في الماضي فالسؤال المطروح: فهل كان يتلو الكتاب وقت الرسالة؟ الجواب موجود في الآية التي ذكرناها من قبل في سورة الجمعة: 2 ” هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ…” أي يستطيع التلاوة.
وماذا عن الكتابة ” وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ “؟ الجواب هو هذا كان في الماضي أما الحاضر بعد الآية، فليس هناك ما ينفي قدرته على الكتابة، وخاصة أن هذا النفي في الماضي يُفيد عدم تلاوة وكتابة كتاب، والكتاب معناه مجموعة كراريس مع بعض، وهو في الأصل من كلمة قطلب: أي جمع وأخاط، ومنه جاءت كلمة كتيبة أي مجموعة من الجنود ، أو قطب الجرح أي أخاطه، فالكتاب معناه كما قلنا مجموعة كراريس جُمعت مع بعض ورُبطت بخيوط.
خلاصة القول أن “النبي الأمي” أي لا ينتمي لليهود ولا للمسيحيين، ولم يكن مؤلف كتاب، يعني كاتب بمفهومنا المعاصر. وشكرًا