هل الأخوان المسلمون يرتقون إلى مستوى النقد الذاتي … بعد كل هذه الألام والدماء والضحايا والدمار ؟؟؟؟ (الحلقة الرابعة
)
طالبنا الأخوان المسلمين عندما انقضوا بعد الثورة على الاستيلاء التمثيلي على المعارضة بعد الثورة، أن ينقدوا أنفسهم على رفعهم شعار (تعليق المعارضة وتجميدها) قبل الثورة، من أجل توحيد الجهود مع النظام في المعركة ضد إسرائيل على حد تعبيرهم، خاصة بعد العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث اعتبروا (أن ما بعد غزة ليس كما قبلها )، ليعودوا بسذاجة لا تقل انتهازية عن مواقف أحزاب (الجبهة التقدمية ) التي انضوت تحت راية انقلاب الطاغية الأسد الأب (الجيفة الملعونة الروح شعبيا ) الذي سوّق انقلابه (الطائفي)، بأنه وطني مقاوم معادي للإمبريالية وإسرائيل ضد شعبه اللاوطني العميل… فتوجه بتدمير سوريا على يد الأب في (حماة) الثمانينيات من القرن الماضي، واستكمله ابنه المعتوه في تدمير سوريا، ولقد شاركهم في هذا الموقف المكتشف لوطنية النظام ومقاومته حلفاؤهم الشيوعيون (المكتب السياسي)، الذين سجنوا عشرات السنين مجانا وعبثا، حيث اكتشفوا أن رفاقهم (الشيوعيين البكداشيين ) أكثر عقلانية منهم في اكتشاف وطنية ومقاومة النظام ،فلم يسجنوا، بل حصلوا على الوازارات وعضوية مجلس ( الدمى التهريجي ) وعلى سيارات المرسيدس مع السمعة الوطنية الممانعة والمقاومة مع محور التحالف الطائفي بقيادة إيران الصفوية قوميا باسم التشيع دينيا…
الأخوان هجموا للإستيلاء على تمثيل المعارضة بعد الثورة، استنادا لموازين اقليمية خارجية ( تركية –خليجية )، وليس لموازين قوى الثورة، دون أن يهتم أحد منهم برأي مئات آلاف القتلى من الشهداء والمساجين الذين يموتون تحت التعذيب والجوع بعشرات الألاف في السجون…
وكان من نتائج تسلطهم على الثورة، الوقوع في فخ العصابات الأسدية في (عسكرة الثورة ) ، ونقلها من ساحة المجتمع المدني والأهلي، إلى ساحة السلطة العسكرية والأمنية، بالتزامن مع رفع شعار (الجهاد) ، الذي نقل فضاء الثورة المدنية الشبابية من روحها السلمية إلى روح المواجهة العسكرية (الدينية )…
ولقد نبهنا الأخوان وشبابهم يومها إلى أن (الجهاد) هو التعبير الرمزي عن الحروب الدينية المحكومة بثنائية ( الكفر / لإيمان )، لكن ثورة شعبنا محكومة بجدلية ( الاستبداد / الحرية )، لكن ما كان منهم إلا أنهم راحوا يردون علينا بطريقة سجالية سطحية ظفروية ، قائلين: شكلوا كتائبكم العلمية …مفسرين أن المعركة بين الاستبداد والحرية، هي معركة (العلمانيين ) وليس الإسلاميين الذين معركتهم هي حرب ( جهادية بين الدين والكفر )، مما فتح الباب على التنافس (الجهادي) ، ومن ثم من هو الأشد إخلاصا للجهاد في سبيل الله …فظهرت داعش كمحصلة نهائية لهذا النهج في التفكير، بوصف داعش هي الأكثر تشددا وإخلاصا لشرع الله ( الجهادي)، وصدقا معه وفق التأسيس الأخواني …
حيث هذا الفضاء الطقسي الميثي الهوسي الهذياني سيوحد العالم خلف ( العصابة الأسدية البربرية الهمجية المتوحشة) بوصفها منقذة العلمانية والحضارة والحداثة …بعد عملية طويلة من اختراقات الفصائل المقاومة ومساومتها عبر الفساد المالي على دينها وضميرها لتساهم بذلك بصناعة صورة العدو ( الهمجي) المناسب للهمجية الأسدية، لتضيع الصورة بين القاتل والمقتول والضحية والجلاد…ومن ثم تساوي الثورة أخلاقيا مع الماافيات الطائفية الشيعيىة لفصائل التشبيح الإيراني ومشتقاته الطائفية العميلة في لبنان والعراق …
وذلك عندما شجعوا تكوين الجماعات الممولة التابعة لهم، على حساب الجيش الحر الأكثر إعدادا قتاليا وتنظييميا واعتدالا في منسوب وعيه الوطني والديني، ومن ثم تهميشه عسكريا من قبل الأخوان ، لتتم عملية انتزاع كل المكتسبات العسكرية التي حققها الجيش الحر على الأرض بهزائم متوالية قادتها بعده الفصائل التي نظمها الأخوان ..
والجموح الشهوي الشبقي للسلطة دفعهم لاحتلال المجتمع المدني والأهلي عبر ما سموه (محاكم شرعية ) ، ففتحوا الأبواب مشرعة ، أمام (جاهلية داعش والقاعدة )، ليشيعوا أجواء من الخوف والرعب، أصبح الرعب الأسدي مزحة أمام هول هذه المحاكم الكابوسية البدائية لجهاديين صغار مراهقين تتحكم بمنظورهم للمجتمع والحياة غرائزهم الجنسية المكبوتة …وقد أسس الأخوان لهذا المنهج ، عندما اختصروا الشرع الإلهي في منظومة أحكام ترى كل مشكلات المجتمع كامنة في (جسد المرأة العورة ) ، مشكلة بمصفوفتها الفقهية، للأساس الشرعي لمنظور داعش المكبوت جنسيا واجتماعيا وعقليا وسلوكيا ونفسيا .
…
هل سيتمكن الأخوان من قراءة ملاحظاتنا هذه …ويعيدوا النظر في منظومتهم بكليتها التي قال لهم العالم صرحة أخيرا، أنها لا يعوّل عليها لقيام شرق أوسط آمن ومستقر، وذلك من خلال التأييد العالمي لإسقاط نظامهم ولو عبر العسكر في مصر رغم أن ذلك لا يسر الغرب المدعي مشروع الدمقرطة ….مما يقطع الأمل نهائيا بممكنات قبول العالم بمشروع أخواني بغض النظر عن درجة نبل الموقف تخطت عمر الثمانين الأخلاقي لهذا العالم ،الذي يبدو أنه حسم أمره نحو سيناريو عالم عربي يمكن أن يقوده الإسلاميون بالرفض القاطع.. بعد أن لم يظهروا من الأبوة السياسية الحكيمة ( حتى التقليدية البطركية)، نحو الاحتضان الأبوي لمجتمعاتها، ومن ثم لكل القوى السياسية الجديدة، بالقياس لحركة الأخوان التي تجاوز عمرها الثمانين مصريا …