عطاء الله مهاجراني – الشرق الاوسط
العقيد هو الشخصية الرئيسية في رواية تحمل الاسم نفسه، من تأليف الروائي الإيراني الشهير محمود دولت آبادي، الذي يعرب عن دهشته دائما بقوله «لا ينبغي أن أندهش. لقد عايشت موقفا غريبا لا ينبغي أن يدهشني أي شيء بعده». وقال خامنئي إن جميع من يتحدثون عن انتخابات «حرة» يستخدمون كلمات العدو ويتبعون استراتيجيته.
لذا عندما قال أحمدي نجاد «سيكون الرئيس الإيراني مختارًا من الله»، لم أندهش لأن هذه الأمور باتت معتادة في إيران، فمثلا قال لآية الله جوادي آملي إنه شعر في الجمعية العامة للأمم المتحدة أثناء إلقائه خطابه بأن النور كان يحيط به، وأن انتباه قادة العالم الحاضرين كان مركزا عليه. ولم يندهش جوادي وقال «ما شاء الله» وابتسم.
إضافة إلى ذلك، أكد آية الله هاشمي رفسنجاني، رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، مرة أخرى أن الانتخابات الرئاسية ستكون حرة ونزيهة. وكانت كلماته مهمة وجاءت في الوقت المناسب.
وفي الوقت الذي يشير فيه رفسنجاني إلى أن الانتخابات تسير في طريقها المعتاد ولا يوجد أي جدل بشأنها، لا يبدو آية الله خامنئي سعيدا بتصريحاته، وسارع بالرد عليه. وقال خامنئي إن جميع من يتحدثون عن انتخابات «حرة» يستخدمون كلمات العدو ويتبعون استراتيجيته.
كان هذا بمثابة الضوء الأخضر لكل مؤيديه بالهجوم على هاشمي رفسنجاني والقول إنه أداة في يد الأعداء الذين ضللوه وخدعوه مثل الزبير بن العوام وغيره. ونشهد هذه الأيام بعض الأحداث أو التصريحات التي تثير الدهشة، لكن كما جاء في رواية «العقيد» تعلمنا ألا نندهش من أي شيء.
وحتى أكون أمينا، لقد أدهشني تصريح أحمدي نجاد. لماذا زعم أن الرئيس سيكون مختارا من الله؟ أعتقد أن هناك عددا من الأسباب التي دفعته إلى القول بمثل هذا الزعم غير المعقول.
أولا، بحسب نظرية ولاية الفقيه، يعتقد بعض علماء الشيعة، بمن فيهم آية الله الخميني، زعيم الثورة الإيرانية وواضع النظرية، أن ولاية الفقيه مثل النبي أو الإمام.
بمعنى آخر، إنهم يعتقدون أن الله هو من يختار الحاكم. وقال أول رئيس لمجلس خبراء القيادة، آية الله مشكيني «الزعيم، الولي الفقيه، مختار من الله ونحن الخبراء سنجده ونكتشفه. نحن لا نعين الولي الفقيه، بل مهمتنا الأساسية هي العثور عليه». واستنادا إلى هذا التفسير، قيل إن علينا طاعة الولي الفقيه من دون أي شكوك ولا حتى في قلوبنا وعقولنا. إنهم يعتقدون أن علينا أن نثق في الولي الفقيه لأنه على الطريق المستقيم؛ طريق النبي والله. ويشير مؤيدو هذه الفكرة أحيانا إلى الآية القرآنية التالية لتدعيم وجهة نظرهم: «ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفسهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا» (النساء 65).
ثانيا، عندما بدأ البرلمان في دورته السابعة، قال آية الله مشكيني، رئيس مجلس خبراء القيادة، إن كل أعضاء البرلمان لا بد أن يحظوا بموافقة إمام الزمان. وقال إن الإمام المهدي يلقي نظرة على أسماء أعضاء البرلمان ويدعمهم جميعا.
وكما تعرفون، طبقا لنظرية الإمامة عند الشيعة، لا يزال الإمام المهدي على قيد الحياة لكنه مختبئ.
ثالثا، بعد انتخاب أحمدي نجاد رئيسا للمرة الأولى، قال آية الله مصباح يزدي، الذي كان أستاذ أحمدي نجاد في تلك الأيام، إن هذه الحكومة هي حكومة الإمام المهدي، وإن أحدهم رأى في منامه أنه يقابل الإمام المهدي، ونصحه الإمام بالتصويت لأحمدي نجاد. الآن هو الوقت المناسب لاستخدام أحمدي نجاد هذه القاعدة الذهبية.
إذا كان الله هو الذي يختار الولي الفقيه، يتم اختيار الرئيس بالطريقة نفسها. مع ذلك تغير المناخ السياسي في إيران تماما، ومن الصعب جدا العثور على شخص بين المحافظين لا يزال يدعم أحمدي نجاد.
ويحاول الجميع إيجاد أعذار لتوضيح أنه لا يدعم أحمدي نجاد. على سبيل المثال، انتقد آية الله مصباح أحمدي نجاد بكلمات قاسية، وقال لتلاميذه المقربين «ينبغي أن تكونوا واعين هذه المرة ولا تسمحوا لشخص انتهازي كاذب بتضليلكم».
ويواجه الجميع حاليا كذبا وخداعا جديدا في ظل زعم أحمدي نجاد أن الرئيس الجديد سيكون مختارا من الله. وما هذا إلا ثمرة شجرة فاسدة.
للمفكر والفيلسوف والعالم الإيراني العظيم آية الله حائري يزدي كتاب شهير بعنوان «الحكمة والحكومة»، أورد فيه أدلة من الفلسفة والمنطق والقرآن على أن الآراء التي تقول بوجود أصل إلهي في نظام الحكم آراء غير معقولة ولا مقبولة.
للأسف تم منع هذا الكتاب في إيران، وتم تدمير كل النسخ قبل تداوله. بمعنى آخر، عندما نزعم أن أصل ومصدر الحكم من الله، فمثل الوجه الآخر لهذه العملة يزعم الحاكم أنه مصطفى من الله.