نبيل عودة
· استهجن ان حزبا شيوعيا عريقا وله تاريخه وفكره السياسي والأيديولوجي، يتصرف بحماقة حول قضية تخص المواطنين وليس علي سلام تحديدا.
· فن الممكن هو اختيار أسلوب النشاط المناسب في الزمن المحدد، وقواعد اتخاذ المواقف، التي تساهم برفع شأن التنظيم. هل حقا تصرفتم على أساس هذه المعادلة؟
· اول مبادي الماركسية تحقيق مكاسب للشعب. أنتم حققتم خسارة 7 مليون شيكل. هل هذا يبعث الفرح في نفوسكم؟ هل تعتبرونه انتصارا؟ ضد من؟ ضد علي سلام؟
· أحد قادة الجبهة البارزين في الوسط العربي، قال ان الجبهة في الناصرة بوضع فوضى وتسيب، وان التصويت ضد الميزانية كان انفلاتا مخجلا بلا ضوابط فكرية وسياسية.
· علق السيد سهيل دياب وهو نائب رئيس بلدية سابق وسكرتير سابق للحزب الشيوعي في الناصرة، على مقال لي بقوله: “علينا الانضمام في وحده قوية ونعمل مع الجهات الحكومية لوقف التدهور في كل محور ..” هل تقبل الجبهة هذه الدعوة للوحدة القوية؟ هل اسقاط الميزانية كان من اجل الوحدة القوية؟
أعود مرة أخرى لتصويت المعارضة في بلدية الناصرة ضد إقرار ميزانية البلدية للعام 2018. سأتناول الموضوع من زاويته الفكرية والسياسية.
الحديث بالأساس هنا عن مجموعة جبهة الناصرة الديموقراطية، والتابعين الذين فقدوا تفكيرهم المستقل وانجرفوا وراء موقف الجبهة. خاصة شباب التغيير الذين انشقوا عن الجبهة والحزب الشيوعي وينفذون نفس السياسات التي جعلتهم ينشقون. ليتهم يشرحون منطقهم المريض لجمهورهم، انا لست بحاجة لشرح من مقعدين سياسيا وفكريا.
تعالوا أولا نحدد واقع مجلس بلدية الناصرة.
في الانتخابات المعادة لرئاسة البلدية حصل رئيس البلدية علي سلام على 62% من أصوات الناخبين، وحصلت الجبهة وسائر التابعين لها في التصويت على نسبة38% من الأصوات. وبحساب بسيط علي سلام هو الأكثرية المطلقة، لأنه لو جرت انتخابات معادة للعضوية بنفس الوقت، لكان لدى علي سلام الآن 12 – 13 عضو في المجلس البلدي، وعندها أنتم (الجبهة وربعها) ستكونون مجرد تعبئة الكراسي ليكتمل الرقم الى 19 عضو بلدية .. عندها صوتوا واصرخوا كما يحلو لكم، وسنساعدكم بالتصفيق وأنتم تنشدون “بالطول بالعرض الجبهة تهز الأرض”-طبعا صفر على مقياس ريختر!!
اذن المنطق ان تأخذوا نسبة ال 62% من اهل الناصرة المؤيدين لعلي سلام بحسابكم السياسي، وحسابكم في النشاط البلدي، وعدا ذلك، تعلنون انكم فوضويون ومفلسون سياسيا.
استهجن ان حزبا شيوعيا عريقا وله تاريخه وفكره السياسي والأيديولوجي، يتصرف بحماقة حول قضية تخص المواطنين وليس علي سلام تحديدا .. وأنا شخصيا كتبت عن الحزب الشيوعي باعتزاز مئات الصفحات في سلسلة “يوميات نصراوي” المنشورة بتوسع في المواقع الالكترونية، طبعا لا ينشرون لنبيل عودة في صحافتهم، رغم ان ما كتبته هو تاريخ النضال المجيد للشيوعيين العرب، وهو تاريخي أيضا، لذلك اعتبره تراثا شعبيا لكل الجماهير العربية. كما يبدو ان حزبكم اليوم في مرحلة الشيخوخة المتقدمة، مصاب ربما بمرض النسيان، ان التصويت على ميزانية خدمات بلدية، يختلف جوهريا عن التصويت على ميزانية الحكومة. هناك اسقاطها أمر بالغ الأهمية، لأنها ميزانية حرب، ميزانية افقار الطبقات الفقيرة، ميزانية تمييز عنصري، ميزانية احتلال واستيطان وعدوان متواصل ضد الشعب الفلسطيني والعالم العربي.
كنت أتوقع ان يكون لدى بقايا الجبهة، وعيا سياسيا بعيدا عن الأحقاد الشخصية، للأسف هذا افتقده منذ وقت طويل جدا. الحزب الشيوعي وجبهته او ما تبقى منهما في الناصرة وسائر البلدات العربية، يحتاجون الى فهم مبادئ أولية وراء منهجهم في النشاط السياسي، وهو “فن الممكن في التخطيط السياسي” أي نفعل ما يمكننا بما لدينا .. وما لديكم هو صفر إذا لم يكن تحت الصفر. او “فن المستحيل” كما يروق لبعض الباحثين هذا الاصطلاح، من منطلق ان الساسة المعاصرين ينهجون في سياساتهم على طريق فن المستحيل، ولدينا نموذج إسرائيلي لا ضرورة لذكره.
فن الممكن هو اختيار أسلوب النشاط المناسب في الزمن المحدد، وقواعد اتخاذ المواقف، التي تساهم برفع شأن التنظيم. هل حقا تصرفتم على أساس هذه المعادلة؟
نجحتم بأفشال ميزانية 2018، وجرى حل المجلس البلدي، لكن رئيس البلدية باق ويواصل ادارة نشاط البلدية التطويري والخدماتي، حسب ميزانية 2017 التي هي اقل ب 7 مليون شيكل عن الميزانية التي اسقطتموها بغباء سياسي وحقد لا يليق بتنظيم له تاريخ نضالي لا أحد ينكره، رغم ان التحول جعله حزبا للصبيان الجاهلين لمبادئ الفكر السياسي النضالي الشيوعي ويدعون الماركسية وهم لا يعرفوا ألف باء الماركسية.
اول مبادي الماركسية تحقيق مكاسب للشعب. أنتم حققتم خسارة 7 مليون شيكل لمواطني الناصرة. هل هذا يبعث الفرح والفخر في نفوسكم؟ هل تعتبرونه انتصارا؟ ضد من؟ ضد علي سلام؟ علي سلام لم ولن يخسر من تصويتكم. سيواصل قيادة المجلس البلدي وبرامج التطوير، والجمهور يعي تماما ان تصويتكم كان تخريبا وضررا ضد مصالحه وحقوقه بميزانيات تساهم في تطوير الناصرة. ربما أنتم قدمتم هدية لعلي سلام بكشف محدودية عقولكم، محدودية فهمكم لإدارة سلطة محلية، محدودية فكركم السياسي ومحدودية فهمكم لألف باء الماركسية التي تتلفعون بها وأنتم أجهل خلق الله بها!!
ثاني مبادى الفكر السياسي الشيوعي هو البحث عن حلول فيها منطق، أي عبر التفاوض، فأنتم بهذه الحالة لا تفاوضون حكومة بنيامين نتنياهو، واليمين المتطرف، بل رئيس بلدية جاء من صفوف الجبهة، وانتصر عليها بعد ان حاولت الجبهة ان تتآمر عليه بطريقة مهينة. ليس هذا المطروح الآن، انما رئيس بلدية او مجلس محلي عربي يعمل ويطور ويغير بشكل ملموس وعميق جدا، فتنشطون في محاولة لعرقلة نشاطه. هل هذا هو دوركم الذي تفخرون به؟ دور التخريب والهدم؟ ام ارتكبتم بتصويتكم جريمة سياسية ستدفعون ثمنها قريبا؟
فكروا معي، واستشيروا رئيس بلدية الجبهة السابق، هل كان يرتكب مثل هذه الحماقة بإسقاط الميزانية؟ انا متأكد انه كان سيمتنع عن التصويت.
بتصويتكم كشفتم تفكيركم الصبياني الفاشل، لا منطق لديكم. الخدمات البلدية ليست للاحتلال والمستوطنين، بل لمدينة الناصرة وأهالي الناصرة بغض النظر عن ميولهم السياسية. أنتم صفعتم الجميع. الصفعة سنردها لكم اضعافا. أنتم تعرفون انه لا مستقبل لكم بالعودة لإدارة بلدية الناصرة. تصرفاتكم في المجلس البلدي لا يشرف أي عاقل، بل هو تصرف يليق به المثل “من قصر ديلك يا أزعر”!!.
علي سلام فاز بأكثرية مطلقة، الجبهة وقادتها رفضوا تهنأته، وفعلوا المستحيل لإسقاطه بحجج بضع اصوات، أخيرا تقرر إعادة الانتخابات وهو الحل المنطقي والقانوني، واثبت المواطنون ثقتهم بعلي سلام، كان على الجبهة ان تهنئ المنتصر وتتعاون معه. كنتم ستكسبون احتراما كبيرا. وتبنون الثقة من جديد مع ابن الجبهة الذي قدم 20 سنة من عمره في خدمتها وخدمة مواطني مدينة الناصرة. لكن من يعجز عن التفكير واستيعاب مضمون خطواته، يتصرف كما تصرفتم.
أحد قادة الجبهة البارزين في الوسط العربي، طلب ان لا أذكر اسمه قبل ان يتحدث معي، قال ان الجبهة في الناصرة بوضع فوضى وتسيب، وان التصويت ضد الميزانية كان انفلاتا مخجلا بلا ضوابط فكرية وسياسية، بل من منطلقات حقد أعمى، وهذا الحقد هو الد أعداء التنظيمات السياسية. وخاصة تنظيم “جبهوي ثوري ووطني” حسب تعريفه، “يحرص على مصالح العمال والجمهور العربي، يهمه مستقبل الناصرة المدينة الأهم بين البلدات العربية في إسرائيل، بغض النظر عمن يترأس بلديتها” كما قال.
علق السيد سهيل دياب وهو نائب رئيس بلدية سابق وسكرتير سابق للحزب الشيوعي في الناصرة، على مقال لي بقوله: “علينا الانضمام في وحده قوية ونعمل مع الجهات الحكومية لوقف التدهور في كل محور ..” هل تقبل الجبهة هذا الموقف الهام من قائد جبهوي وشيوعي؟ هل اسقاط الميزانية يحقق ما قاله سهيل دياب عن “الوحدة القوية”؟!
رفاق من أيام نشاطي الحزبي والإعلامي في الصحافة الحزبية والتثقيف الفكري والسياسي والنشاط التنظيمي، اتصلوا معي لأمرين، ان أخفف عن رفاقهم في الناصرة، وانهم مقتنعون ان اسقاط الميزانية خطأ سياسي كبير، لن يقدم الجبهة خطوة واحدة في نضالها لاستعادة مكانتها في الناصرة. ما فاجأني إني لم اسمع أي كلمة رفض او تنديد بموقفي، كما كان سائدا حتى قبل أسبوع. كل ما هناك، انتقاد رفاقي لطيف وأخلاقي و …”خذهم على قدر عقولهم” (هل هي روضة أطفال؟) و “لعلهم يعودون الى وعيهم”، سالت اين قياداتهم لتردهم للوعي؟ بعضهم قالوا انهم سيحاولون تغيير نهج الجبهة في الناصرة بالبحث في هيئاتهم الحزبية، نحو عقلانية سياسية، قلت للأسف “فات السبت…” ورغم ذلك أتمنى لكم النجاح بهذه المهمة المستحيلة حسب قناعتي ومعرفتي بواقع الحزب والجبهة.
بدل ذلك علمت ان عضو كنيست جبهوي، اتصل بوسائل اعلام عديدة مطالبا بعدم المبالغة بنشر مقالات ضد الجبهة وخاصة ما يكتبه احمد حازم ونبيل عودة .. وانا عادة اكتب بدون ان أستعمل تعابير جارحة، وراجعت مقالات الزميل احمد حازم ولم أجد آية كلمة خارج المنطق الإعلامي. يطرح موقفه ورأيه بمنتهى المنطق الإعلامي والتحليلي الأصيل.
هل تظنون انكم بهذا السلوب ستكسبون رضا الشارع؟ المنطق، او العودة الى الوعي يبدأ بان تعتذر الجبهة عن خطأها. إذا كانت تملك القدرة على النقد الذاتي وهو من أهم مبادئ الفكر الشيوعي إذا كانوا حقا يعرفون شيئا عن الشيوعية وفكرها.
للأسف لم احلم ان أرى نهاية الدور التاريخي لجبهة الناصرة!!
nabiloudeh@gmail.com