أن الانقلاب الذي حدث في مصر وبتخطيط وأوامر من الجنرال عبد الفتاح السيسي ليس اعتباطا، وليس صدفة، وليس تحديا لأمريكا. بل هي إشارات أميركية نقلها الخليجيون الى الجنرال السيسي الذي سبق وأن خدم في السعودية قنصلا عسكريا وطُلب منه ترجمتها الى انقلاب مدفوع الثمن من دول الخليج في مراهنة أميركية على ( المحور الوهابي السلفي) بدلا من ( المحور الإخواني) ليتسنى للسعودية قيادة المشروع العربي من خلال مصر العائدة من سطوة الإخوان والتي سترفع شعار العروبة ولكن هذه المرة ليس بأهداف قومية بل بإملاءات سعودية وخليجية تكون القبائل والوجهاء والتيارات العلمانية أساسا لها وكل دولة حسب تضاريسها الاجتماعية والسياسية!.
فنحن على أبواب مرحلة الانقلابات التصحيحية في الدول العربية وبإشارات أميركية واحتضان خليجي …وأن أول الدول التي سوف تدخل هذه المرحلة بعد مصر هي ( اليمن، وتونس، والعراق) ومن الجانب الآخر سيطال التغيير المرتب كل من ( البحرين، وعُمان) بعد دولة قطر في الخليج!.
فأن القبول الأميركي بانقلاب العسكر في مصر ليس حبا بالجيش المصري، وكذلك ليس كرها بالإخوان، بل لسد ثغرة كبيرة انتبهت لها أمريكا في وقت متأخر وهي صعود المشاريع الثلاثة المتصارعة في المنطقة وهي ( مشروع الدولة اليهودية، مشروع الدولة العثمانية، ومشروع الدولة الفارسية) وجميعها تريد قضم التركة العربية لصالحها . أي أن هناك صراعا قد بدأ على تقسيم هذه التركة، وفي هذه الحالة سوف تصبح فوضى تعجل بسقوط الولايات المتحدة في المنطقة، فسارعت واشنطن لإيقاف الطموح التركي وفرملة الطموح الإسرائيلي ومحاصرة الطموح الإيراني وذلك من خلال انتشال ( مشروع الدولة العربية) من خلال الأموال الخليجية وسطوة العسكر في مصر والتي من أجلها صار لزاما بقاء الرئيس الأسد بشرط قبول ( الأكراد، والدروز، والقبائل السنية) شركاء في السلطة في سوريا. فأعطيت الإشارات للجنرال السيسي ليباشر في تنفيذ انقلابه ليضع لبنة في مشروع ( الدولة العربية) العائدة بمقدمة مصرية ورعاية سعودية وخليجية، وهنا قطعت الطرق على تركيا وأيران من الولوج نحو مصر أو التحالف معها من خلال الإخوان!.
فيراد من انقلاب الجنرال عبد الفتاح السيسي بداية عهد لانقلابات قادمة في المنطقة بدعم خليجي ورضا أميركي ودعم شعبي ترتبه أمريكا والخليج.
وأن الجنرالات العراقيين ( جنرالات صدام) الذين فرضتهم الولايات المتحدة في مفاصل الدولة العراقية، وداخل مجلس الوزراء ،وداخل مفاصل المؤسسة العسكرية والأمنية والاستخبارية واستثنتهم من الاجتثاث والتحرش، وأعطتهم صلاحية وضع السياسات العسكرية والأمنية في العراق بوجود أمريكا وبغيابها الكاذب تحت شعار الانسحاب، وفرضت على رئيس الحكومة المالكي التعامل معهم وعدم التحرش بهم وبخططهم… ما هم إلا رجال أمريكا واستخباراتها في العراق . وأنهم يأخذون أوامرهم من السفارة الأميركية ،وهم جاهزون منذ لحظة تكليفهم بالمهام العسكرية والأمنية لساعة الصفر في العراق والتي ستقود الى تغيير معالم العملية السياسية في العراق مثلما حصل في مصر أخيرا .
وأن عملية السكوت الأميركي والغربي عن التقارير الخطيرة والمتعلقة بالفساد الخرافي الذي قام و يقوم به المسؤولون العراقيون وحاشياتهم وأقربائهم وأبنائهم، والسكوت عن الانتهاكات في مجال حقوق الإنسان، والاستحواذ على أملاك الدولة وثرواتها…. مقابل عدم التحرش برجال أمريكا في داخل المؤسسات العراقية وداخل مفاصل النظام السياسي في العراق وبمقدمتهم جنرالات صدام حسين من ” العسكريين والأمنيين والاستخباريين والاقتصاديين” الذين دللهم رئيس الحكومة نوري المالكي…. و الذين لا زالوا يعملون بحرية تامة وغطرسة ما بعدها غطرسة في العراق. بحيث فرضوا ما هو غير دستوري على الدستوري وجعلوه مقدسا في الملفات السياسية والعسكرية والأمنية والاستخبارية والاقتصادية… والمثال على ذلك هو ( تأسيس قيادة عملية بغداد غير الدستورية، والتي كان هدف تأسيسها لتحل محل المحتل الأميركي الذي قرر الانسحاب بالملابس العسكرية لكي تمارس سطوتها بالتنسيق مع واشنطن وسفارتها في العراق على جميع الوزارات المدنية والعسكرية والأمنية وصولا لحياة الناس وشؤونهم… وبإدارة مباشرة من جنرالات صدام من العسكريين والمدنيين الذين فرضتهم الولايات المتحدة في مكتب القائد العام للقوات المسلحة، وفي وزارتي الدفاع والداخلية، وفي داخل مستشارية الأمن القومي وفي داخل جهاز المخابرات وفروع المؤسسات الأمنية)!!
وها هم يقتربون من نقطة الصفر ليقوموا بانقلابهم في العراق. وعلى طريقة الجنرال المصري عبد الفتاح السيسي. فلقد توزعت الأدوار تماما ولم يلحق على إيقافها لا صاحب عمامة، ولا صاحب خواتم، ولا صاحب الجبهة المختومة، ولا صاحب ذقن، ولا صاحب صاية ولا صاحب أعكّال…..
فلم يبق إلا زمن قليل وسوف تسمعون بنبأ انقلابهم في بغداد ليتم طي صفحة الإسلام السياسي الذي دمر العراق وحياة العراقيين ليعود العراق ضمن لعبة جديدة أسمها ( العروبة والدولة العربية) ليصبح العراق جزأ من المخطط الأميركي –الخليجي!!..
وحينها سيعود الشيعة الى الوراء بسبعين عاما…
وسيحل محلهم الأقليات في العراق ضمن ترتيب سياسي جديد!!.
وهناك شخصيات عراقية ( سنية وشيعية) قد دخلت التدريب منذ فترة في أمريكا على أدارة مفاصل النظام الجديد وبأشراف من المؤسسات الأميركية!!