نيتشه في / هكذا تكلّم زرادشت ( 4 ) الأنا والذات !
رعد الحافظ
raad57dawood12@yahoo.com
أستمر في القراءة معكم , للفيلسوف الألماني فردريك نيتشه / في كتابه الاشهر / هكذا تكلّم زرادشت
*******
هذا العالم الناقص على الدوام , صورة لتناقض أبدي .
الصورة المنقوصة , الغبطة السكرى لمبدعهِ المنقوص , هكذا ترائى لي العالم ذات مرّة .
هكذا جنحتُ ب وهمي إذاً فيما وراء الإنسان , مثل كلّ دُعاة الماوراء . فيما وراء الإنسان حقاً !
ص 73
حقاً إنّهُ لمن الصعبِ إقامة الدليل على أيّ وجود . ومن الصعب حملهِ على الكلام .
أخبروني أيّها الإخوة , أليست أكثر الأشياء غرابة , هي تلك التي يقع إثباتها على أفضل وجه ؟
أجل هذهِ الأنا , وتناقض هذهِ الأنا وبلبلتها هي التي تتحدّث عن وجودها .
هذهِ الأنا المُبدعة المُريدة المُقيّمة ,التي هي مقياس حجم الأشياء وقيمتها .
على الدوام تظّل تتعلم كيف تتكلّم بصدق هذهِ الأنا .
وكلّما تعلمّت أكثر كلّما وجدت مزيداً من الكلمات وعبارات الإجلال للجسد والارض .
{ آه كم تدخل كلمات نيتشه هذه , وجداني }
نخوة جديدة علمتني أنايّ , وأنا بدوري اُعلّم البشر هذه النخوة !
لا تدّكوا رؤوسكم في رمل الأشياء السماوية بعد الآن .
بل إرفعوها ب حُريّة رؤوساً أرضية تبتدع معنى للأرض .
ص 75
أعرفهم جيداً أؤلئك الشبيهين بالآلهة , يُريدون أن يؤمن الناس بهم . وأن يكون الشّك خطيئة !
في الحقيقة هم لا يؤمنون بالعوالم الماورائية ولا بقطرات الدم المُخلصة .
بل إنّهم لايؤمنون بشيء أكثر من إيمانهم بالجسد .
وأنّ جسدهم الخاص لهو بالنسبة لهم الشيء في ذاته !
لكنّهُ شيء مريض بالنسبةِ لهم , بوّدهم لو يخرجوا من جلدتهم .
لذلك هم يستمعون الى الذين يكرزون للموت , ويكرزون بدورهم لعوالم الماوراء .
إستمعوا بالأحرى الى صوت الجسد المُعافى يا إخوتي . إنّهُ الصوت الأكثر صدقاً ونقاءً !
{ المترجم علي مصباح يكتب في حاشية له ما يلي : الصدق كفضيلة جديدة يُعلن عنها نيتشه مقابل الورع والتقوى وحبّ الخير والإستقامة الأخلاقية .
يقول / الصدق فضيلة جديدة لم تعرفها الفلسفة الأرسطية ولا الديانة المسيحية ……. الصدق شيء في طور الصيرورة بإمكاننا أن نُشجعهُ أو نثبطهُ
وذلك حسب مشاعرنا نحن }
{ نيتشه تبنى الصدق (خصوصاً مع النفس) كفضيلة جديدة يدعو ويتمسك بها } .
بأكثر صدق يتحدث الجسد المُعافى وبأكثر نقاءً .
هو الأكثر كمالاً , قائم الزاوية , إنّهُ يتكلّم بمعنى الارض , هكذا تكلّم زرادشت !
*********
ص 77 / عن المُستهينين بالجسد
يخاطبهم نيتشه على لسان زرادشت هكذا / للمُستهينين بالجَسَد اُريد أن أقول كلمتي :
ليس عليهم أن يتعلموا من جديد , ولا أن يعيدوا تعليم الآخرين .
بل فقط أن يقولوا وداعاً لجسدهم . وأن يصيروا بُكماً إذاً !
(( جسدٌ وروح أنا )) هكذا يتكلّم الطفل .
ولمَ لا ينبغي على الناس أن يتكلموا مثل الأطفال ؟
أداة لجسدكَ هو عقلك الصغير يا أخي , هذا الذي تُسميّهِ روحاً .
هو أداة صغيرة ولعبة لعقلكَ الكبير .
أدوات ولُعّب هما الحسّ والعقل , خلفهم تكمن الذات !
الذات هي الاُخرى تبحث بعيني الحواس وتصغي أيضاً بإذن وعقل .
على الدوام تصغي الذات وتَبحث , تُقارن , تُخضِع , تستولي , تُدمّر , تسود . وهي صاحبة السيادة على الأنا أيضاً .
وراء أفكاركَ ومشاعركَ يا أخي يقف سيّد ذو سطوة وسلطان وحكيم غير معروف إسمهُ الذات . جسدُكَ مأواه .. وجسدكَ هو !
تحياتي لكم
رعد الحافظ
30 أبريل 2012