Samir Seifan
سمير سعيفان فيسبوك
ضمن سعى النظام لترويج أن الصراع هو صراع على سورية، وليس نزوع شعبي للحرية والكرامة، يسعى لترويج دور النفط والغاز في الصراع على سورية. ويستخدم وسائل اعلام لبنانية كونها الأكثر براعة في الترويج. وسنوضح هنا القضيتين الرئيسيتين.
المسألة الأولى: وجود نفط وغاز مقابل السواحل السورية بكميات هائلة على أنها سبب رئيسي للصراع.
في الواقع نعم يوجد احتمالات مؤكد لوجود نفط وغاز مقابل الساحل السوري وقامت شركة سويدية بالمسح الأولي على حسابها عام 2007 على ما اذكر كي تبيعها للشركات التي ترغب بالاستثمار، وظهرت مؤشرات على وجود نفط وغاز، ولكن كميات المخزون غير معروفة، هل هي كميات تجارية، وهل هي كبيرة أم كبيرة جداً أم هائلة. وعادة لا تعرف كميات المخزون في أعماق البحر قبل أن يتم حفر عدة آبار استكشافية أولاً كي يقوم الخبراء بالتقدير للكميات وهذا لم يحدث بعد ولم تقم الحكومة السورية بحفر أية بئر لأن في البحر البئر يكلف نحو 150 مليون دولار تقريباً بينما البئر في اليابسة يكلف بين 15 – 30 مليون دولار تقريبا، ولكن سورية طرحت حقول النفط والغاز في السواحل المقابلة لسورية للمستثمرين الدوليين عدة مرات منذ نحو 6 سنوات ولكن لم تتقدم اي من الشركات العالمية للاستثمار في هذه الحقول من النفط والغاز، وكانت سورية مفتوحة وترحب بقوة بقدوم أية شركات لأن انتاج النفط والغاز من الحقول القديمة في الحسكة ودير الزور كان يتراجع بينما يتزايد الاستهلاك المحلي ويحرم الخزينة من فائض اساسي كانت بحاجة له، ولم توجد اكتشافات جديدة ذات أهمية في اليابسة السورية، وكان رامي مخلوف مستعد لتقديم كل شيء للشركات الراغبة، كما فعل مع شركة غولف ساندز البريطانية، وكما فعلوا مع شركة شل الهولندية عندما جاءت أواسط الخمسينات فوكيلها محمد مخلوف أبو رامي، مما يشير إلى أن الشركات الدولية لم تكن تأمل آنذاك بوجود مخزون تجاري كبير. وبالتالي ما يقال عن وجود مخزون يزيد عنما لدى الكويت وعن أنه هو السبب في الصراع على سورية هو مجرد تخرصات.
لكن بدء اسرائيل بالانتاج يرفع التوقعات، ولكن كميات المخزون لا يمكن تقديرها قبل حفر بئرين أو ثلاثة وهذه تحتاج لشركات عالمية كبرى بخبرات كبيرة في التنقيب عن النفط والغاز وانتاجها من البحر لأنه اصعب بكثير من اليابسة وأكثر كلفة.
قد يكون أحد أسباب هذا الترويج أيضاً اقناع الطائفة بفكرة الانفصال وأنه سيكون لديها موارد نفطية هائلة وهذا تقدير لا أكثر.
في الواقع هذا الاحتياطي هو لسورية ما بعد نظام الأسد ونأمل أن يكون بحجم مخزون الكويت مرتين.
المسألة الثانية: تروج تفسيرات بأن سبب الموقف الروسي تجاه النظام السوري يعود إلى خوف روسيا من أن النظام السياسي البديل للأسد سيقوم بالسماح بمرور الغاز القطري عبر الأراضي السورية باتجاه أوروبا منافساً للغاز الروسي وهذا يلحق ضرراً كبيراً بمصالح روسيا.
في الواقع يوجد الآن “خط الغاز العربي” الذي ينقل الغاز المصري من مصر عبر العريش إلى الأردن وسوريا ويمكن مده الى لبنان وتركيا. وهذا الخط اعتبر مشروع أولي على أمل إمكانية توسيعه لينقل الغاز من قطر والسعودية والعراق باتجاه أوروبا عابراً الأراضي السورية والتركية. ولكن لم يبدأ أي نقاش جدي حول هذا الموضوع حتى الآن. ولكن أوروبا وسوريا تهتمان بهذا الخط. وقد رحب نظام الأسد بهذا المرور وسعى إليه بكل قوة لأنه يقدم له عائدات مالية كبيرة هو بحاجة اليها ويمنح سوريا موقعاً جيوسياسياً هاماً جداً. ونظام بشار الأسد سعى بيديه وقدميه، ولم يكن يأبه للروس وموقفهم والروس يعرفون ذلك، من أجل هذا المرور ولكن المشروع لم يبدأ.
من جهة أخرى، روسيا ليس لديها أية مصالح نفطية في سورية وسورية لديها إنتاج صغير من النفط بلغ عام 2010 نحو 385 ألف برميل يومياً وهبط الآن بحدود 40% وهو لا يكفي الآن للاستهلاك المحلي. ولن يكون من السهل ارجاع الحقول التي اغلقت لسابق انتاجها.
كانت شركة واحدة روسية هي “شركة تاتنفت الروسية” تقوم بالتنقيب عن النفط والغاز في منطقة قريبة من الحدود العراقية لبضع سنوات ولكنها لم تكتشف أي نفط أو غاز وغادرت. كما كان يوجد شركة مقاولات روسية هي “شركة ستروي غاز” نفذت مشروع في منطقة غربي حمص وتنفذ مشروع آخر مقاولات وليس استثمار أو إنتاج. وهذه مصالح صغيرة.
مشروع عبور غاز قطر والسعودية والعراق إلى أوروبا هو مشروع كبير آخر سيبقى لسورية ما بعد نظام الأسد.
هذين المشروعين وغيرهما الكثير تشير إلى أنه لدى سورية ما يساعدها على إعادة البناء، ولكن أي من هذا لن يتحقق ما لم يتحقق الاستقرار في سورية ما بعد نظام الأسد، وعدم وجود فوضى، وأن تكون سورية خالية من أية مجموعات تستمر بحمل السلاح، وخالية من التطرف والاقصاء والانتقام، ويسودها فعلاً نظام ديمقراطي تعددي حقيقي بحيث تكون سورية لجميع ابنائها.