حامد الحمداني 27/8/2008
لم يشهد تاريخ الحكم الملكي في العراق شخصية سياسية لعبت دوراً خطيراً في تاريخ العراق خلال تلك الحقبة الممتدة من عام 1921 ولغاية قيام ثورة الرابع عشر من تموز 1958 كشخصية [نوري السعيد] فقد كان السعيد يتمتع بثقة كبرى ومنزلة خاصة لدى بريطانيا، وقد كانت بريطانيا تعتبره رجل المهمات الخاصة والكبرى للمصالح البريطانية في العراق وسائر منطقة الشرق الأوسط ، وكما هو معروف لدى المؤرخين والمتتبعين للسياسة البريطانية أن كل وزارة كانت تشكل في العهد الملكي تمر عبر السفارة البريطانية في بغداد، وينبغي أن تنال شخصياتها رضا وقبول السفير البريطاني.
كانت بريطانيا، تلك الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس آنذاك، قد احتلت العراق عام 1915 أبان الحرب العالمية الأولى وأخضعته لانتدابها، واضطرت على أثر اندلاع ثورة العشرين إلى إقامة ما سمته بالحكم الوطني، لكنها في واقع الأمر كانت تهيمن على مقدرات العراق السياسية والاقتصادية والعسكرية وسائر الشؤون الأخرى، وكانت كلما كان لديها مهمة خطيرة تشير على الملك فيصل الأول، ومن بعده الملك غازي، ثم الوصي على عرش العراق عبد الإله بعد مقتل الملك غازي، وانتهاءً بالملك فيصل الثاني إلى وجوب تكليف نوري السعيد بتأليف الوزارة العراقية الذي تعتمد عليه كل الاعتماد بأداء المهمة المطلوب تنفيذها، ولذلك كانت لنوري السعيد حصة الأسد في تلك المرحلة حيث شكل أربعة عشر وزارة، وهو رقم قياسي لم تحققه أي شخصية سياسية عراقية خلال تلك الحقبة من تاريخ العراق التي دامت 37عاماً.
ففي 23 آذار شكل نوري السعيد وزارته الأولى التي استمرت في الحكم حتى 19 تشرين الأول 1930.
وفي 19 تشرين الأول عام 1931شكل وزارته الثانية، واستمرت في الحكم حتى 27 تشرين الأول 1932 .
وفي 25 كانون الأول 1938 شكل وزارته الثالثة، واستمرت في الحكم حتى 6 نيسان 1939. . وفي 6 نيسان 1939 شكل وزارته الرابعة على أثر مقتل الملك غازي وتولي عبد الإله وصاية العرش بسبب صغر سن الملك فيصل الثاني آنذاك
واستمرت في الحكم حتى18 شباط 1940.
وفي 22 شباط 1940 شكل السعيد وزارته الخامسة، واستمرت في الحكم حتى 31 آذار 1940 .
وفي 9 تشرين الأول 1941 شكل وزارته السادسة، واستمرت في الحكم حتى3 تشرين الأول 1942.
وفي 8 تشرين الأول 1942 شكل وزارته السابعة، واستمرت في الحكم حتى 19 كانون الأول 1943.
وفي 25 كانون الأول 1943 شكل وزارته الثامنة، واستمرت في الحكم حتى 19 نيسان 1944 .
وفي 21 تشرين الثاني 1946 شكل وزارته التاسعة، واستمرت في الحكم حتى 19 نيسان 1944 .
وفي 6 كانون الثاني 1949 شكل وزارته العاشرة، واستمرت في الحكم حتى 9 كانون الأول 1949 .
وفي 15 أيلول 1950 شكل وزارته الحادية عشرة، واستمرت في الحكم حتى 10 تموز 1952.
وفي 3 آب 1954 شكل وزارته الثانية عشرة، واستمرت في الحكم حتى 17 كانون الأول 1957.
وفي 17 كانون الأول 1957 شكل السعيد وزارته الثالثة عشرة، واستمرت في الحكم حتى 8 حزيران 1957.
وفي 3 آذار 1958 شكل وزارته الرابعة عشرة، واستمرت في الحكم حتى 14 مايس 1958.
وفي 19 أيار 1958 شكل السعيد وزارة حكومة الاتحاد الهاشمي المقام بين العراق والمملكة الأردنية الهاشمية، واستمرت في الحكم حتى قيام ثورة الرابع عشر من تموز 1958 التي أطاحت بالنظام الملكي في العراق وبالاتحاد الهاشمي الذي أقيم على عجل رداً على قيام الوحدة السورية المصرية، وتكوين[الجمهورية العربية المتحدة].
و بالإضافة إلى تأليفه أربعة عشر وزارة في تلك الحقبة فإنه كان قد شارك كوزير للدفاع أو الخارجية في عشرة وزارات أخرى، فقد شغل وزارة الدفاع في حكومة صهره[جعفر العسكري] بتاريخ 22 تشرين الثاني 1923
و في 1 تشرين الثاني 1924 شغل منصب وزير الدفاع في وزارة صهره جعفر العسكري الثانية.
وفي 21 نيسان 1926 حاول الملك فيصل الأول إسناد منصب رئيس الوزراء إلى نوري السعيد لأول مرة، إلا أن السيد [عبد المحسن السعدون] ٍالذي كان يسيطر أعضاء حزبه على البرلمان أبلغ الملك فيصل أن أعضاء حزبه لا يستطيعون منح ثقتهم لنوري السعيد، مما اضطر الملك إلى تكليف السيد [ توفيق السويدي] بتأليف الوزارة بدلاً من نوري السعيد. (3)
وفي 18 تشرين الثاني 1929 شغل نوري السعيد منصب وزير الدفاع في وزارة السيد [ ناجي السويدي ] التي أعقبت وزارة السيد عبد المحسن السعدون الذي انتحر في 13 تشرين الثاني من نفس العام .
وفي 20 آذار 1933 شغل نوري السعيد وزارة الخارجية في وزارة السيد [رشيد عالي الكيلاني ] .
وفي 9 أيلول 1933 شغل نوري السعيد وزارة الخارجية في وزارة [رشيد عالي الكيلاني]الثانية في أعقاب وفاة الملك فيصل الأول، وتسلم الملك غازي زمام الحكم.
وفي 9 تشرين الثاني شغل السعيد وزارة الخارجية، ووكالة وزارة الدفاع في وزارة السيد [ جميل المدفعي ] الأولى.
وفي 25 آب 1934 شغل السعيد وزارة الخارجية في وزارة السيد [جميل المدفعي ] الثانية.
وفي 29 كانون الثاني 1953 شغل السعيد وزارة الدفاع في وزارة السيد [جميل المدفعي] الثالثة .
لقد لعب نوري السعيد خلال سنوات حكمه دوراً خطيراً في حياة البلاد، وكان سيفاً مسلطاً على رقاب الشعب العراقي حيث استهان بالدستور العراقي، وسلب منه كل الحقوق والحريات التي تمس حياة المواطنين، والتي نص عليها ذلك الدستور، ومنها حرية التنظيم الحزبي والنقابي وحرية الصحافة والنشر، وسائر المنظمات الديمقراطية والجمعيات وحتى النوادي العامة، وتلاعب في انتخابات مجلس النواب، وتزوير إرادة الناخبين باستمرار لضمان الإتيان ببرلمان ينفذ إرادته ومخططاته، وعمد مرات عديدة إلى حل المجلس النيابي واستغلال الوضع بإصدار المراسيم المنافية لنصوص الدستور، والمقيدة لحقوق وحريات المواطنين، وأعلن الأحكام العرفية لمرات عديدة ولفترات طويلة، ومارس حكماً قمعياً في حالات عديدة انتفض فيها الشعب العراقي احتجاجاً على سياسات الحكومات المتعاقبة، كما حدث بعد مقتل[ بكر صدقي] الذي قاد انقلاباً عسكرياً عام 1936، وتنكيله برجالات الانقلاب كان من بينهم رئيس الوزراء حكمت سليمان والعديد من الوزراء وكبار شخصيات الدولة، ومارس تلك السياسة الانتقامية بعد أحداث 2 أيار 1941 عندما قام رشيد عالي الكيلاني بحركته الانقلابية بمساعدة العقداء الأربعة[ قادة الجيش] والذين كان قد استخدمهم نوري السعيد نفسه عندما دبر انقلاباً على وزارة[ يسين الهاشمي] وقد نكل السعيد بالعقداء الأربعة حيث تم إعدامهم وعلق جثثهم في ساحات بغداد بعد أن احتل البريطانيون العراق من جديد واسقطوا حكومة الكيلاني، كما نكل بالعديد من الشخصيات السياسية التي اتهمها بالمشاركة في حركة الكيلاني الانقلابية وأودعهم السجون، ونفى البعض منهم .
كما مارس سياسته الإرهابية تجاه الشعب العراقي أبان وثبة كانون المجيدة عام 1948، ووثبة تشرين المجيدة عام 1952، وانتفاضة الشعب عام 1956 أبان العدوان الثلاثي على مصر الشقيقة واحتجاجاً على مواقفه من ذلك العدوان، وشماتته بالرئيس المصري جمال عبد الناصر.
ورغم كل المذكرات التي كان قد رفعها إلى الوصي عبد الإله كل من السيد كامل الجادرجي رئيس الحزب الوطني الديمقراطي، والسيد محمد مهدي كبة رئيس حزب الاستقلال حول السياسة المعادية لمصالح الشعب والوطن التي يتبعها نوري السعيد، والتي تهدد مصير الكيان العراقي لما تسببه من تراكم للسخط الشعبي، إلا أن عبد الإله صم آذانه عن سماع تلك النصائح، وأوغل في معاداة القوى السياسية الوطنية حتى وصل الأمر إلى إعدام قادة الحزب الشيوعي يوسف سلمان [ فهد ] وزكي بسيم [حازم ] ومحمد حسين الشبيبي [ باسم]عام 1949 ،وملأ السجون بخيرة الوطنيين الساعين إلى حرية واستقلال العراق الحقيقي، وأغلق كافة الصحف والمجلات، وألغى جميع الأحزاب والجمعيات والنوادي وانتهى به المطاف إلى الحكم على السيد كامل الجادرجي بالسجن والنفاذ إمعاناً باضطهاد الشعب وقواه السياسية الوطنية، وكان هذا السلوك المعادي للديمقراطية، وحقوق الإنسان الذي مارسه الثنائي نوري السعيد وعبد الإله عاملاً حاسماً في انفجار الغضب الشعبي، والعناصر الوطنية في قواتنا المسلحة في ثورة الرابع عشر من تموز 1958 بقيادة الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم، وكانت ثورة خاطفة أنهت النظام الملكي خلال ساعات، وأعلنت قيام النظام الجمهوري.
وقبل الولوج في صلب الدور الذي لعبه نوري السعيد وإجراءاته المنافية للدستور،واضطهاده لحقوق وحريات الشعب العراقي،لا بد وأن نقدم نبذة عن حياته بادئ ذي بدء،وعلاقته بالملك فيصل الأول وبالبريطانيين، وصعود نجمه بين سائر الشخصيات السياسية التي لعبت دوراً بارزاً في تلك المرحلة .
من هو نوري السعيد؟ . ولد نوري السعيد عام 1888ميلادية في بغداد، من عائلة من الطبقة الوسطى (1) ،حيث كان والده يعمل مدققاً في إحدى الدوائر في العهد العثماني، وهو من الطائفة السنية، وقد درس السعيد في الأكاديمية العسكرية في اسطنبول، وتخرج برتبة ملازم في الجيش العثماني، كما درس في كلية الأركان وتخرج منها، وانظم إلى مجموعة الضباط [الشريفيين] الذين التحقوا بالثورة العربية ضد الحكم العثماني بزعامة الملك [حسين بن علي] ملك الحجاز عام 1916، كما انضم العديد من الضباط الآخرين إلى الملك فيصل الأول عندما تولى عرش سوريا لفترة وجيزة، حيث قدر عددهم آنذاك بحوالي 300 ضابط ومدني واحد هو السيد [رستم حيدر] وهو مدير مدرسة سابق من بعلبك في لبنان.
لكن القوات الفرنسية أسقطت نظام حكم الملك فيصل وطردته من سوريا، وقرر البريطانيون فيما بعد تنصيبه ملكاً على العراق، وقد رافقه الضباط الشريفيون عند انتقاله إلى العراق، وكان من بينهم [نوري السعيد ] و [جعفر العسكري ] و[علي جودت الأيوبي ] و[جميل المدفعي] و[ياسين الهاشمي] وأخيه [ طه الهاشمي ] و [تحسين العسكري ] و[ شاكر الوادي] و[علي جودت الأيوبي]، وقد شغل هؤلاء جميعاً مناصب عليا في الدولة العراقية من بينها رئاسة الوزارات، واتخذ الملك فيصل ابن الحسين السيد [رستم حيدر ] سكرتيراً خاصاً له وأمين أسراره، ورافقه حتى وفاته وتقلد العديد من المناصب على عهده كان أهمها رئاسة الديوان الملكي ووزارة المالية.
ورغم أن هذه المجموعة من الضباط الشريفيين كانوا من الطبقة الوسطى الدنيا، باستثناء عدد قليل منهم، لكنهم بمرور الزمن قد تملكوا الأراضي الزراعية من الدولة، وبذلك أصبحوا من طبقة الملاكين وكونوا لهم روابط قوية مع عائلات الطبقة العليا في المجتمع. (2)
لقد كان واضحاً لكل المؤرخين والمتتبعين أن الأمير فيصل لم يكن له حضاً في حكم العراق لولا الدعم البريطاني، ومجموعة الضباط الشريفيين، فقد كان هناك العديد من الشخصيات العراقية التي كانت ترى نفسها أحق من الملك فيصل في حكم العراق، وكان من أبرزهم السيد [عبد الرحمن النقيب] والسيد [ طالب النقيب ]ً الذي أعلن صراحة أنه أحق من فيصل [الغريب] في حكم العراق، وقد اتخذ المندوب السامي قراراً بنفي السيد طالب النقيب إلى سيلان في 16 نيسان 1921، بعد أن وجد أنه يمثل خطورة كبيرة على المشروع البريطاني بتنصيب الأمير فيصل ابن الحسين بن علي ملكاً على العراق.(3)
كان الملك فيصل أكثر اعتماداً على نوري السعيد من أي من الضباط الشريفيين الأوائل، حيث كلفه في بادئ الأمر مهمة بناء جهازي الشرطة والأمن، وبوأه منصب مدير الشرطة العام، وقد عمل السعيد جهده لتعيين أصدقائه ومناصريه من الضباط الشريفيين الأوائل في المناصب الحساسة بهذا الجهاز.(4)
كما عين الملك فيصل نوري السعيد نائباً للقائد العام للقوات المسلحة عندما باشر في تكوين الجيش العراقي، حيث يكون الملك عادة هو القائد الأعلى للقوات المسلحة بموجب الفقرة الثامنة من المادة 26 من الدستور. كما أشغل السعيد كما أسلفنا وزارة الدفاع في أغلب الوزارات، وكان بحكم منصبه كنائب للقائد العام مشرفاً على عمل وزارة الدفاع في كافة الوزارات التي لم يكن يشغل فيها الوزارة المذكورة، وقد حرص السعيد على جمع أكبر عدد من الضباط الشريفيين القدامى في الجيش الوليد، وبوأهم أعلى المناصب فيه بحيث وصل عددهم إلى 12ً من أصل 19 من الضباط ذوي الرتب العالية.(5) .
لقد مكنت هذه المناصب نوري السعيد من زيادة وتعاظم نفوذه السياسي في البلاد لدرجة أوصلت العديد من الشخصيات السياسية إلى القناعة من أن نوري السعيد قد أصبح من العسير اقتلاعه، فقد كان يتميز بعلاقاته الواسعة، واختلاطه برجال المجتمع، وإخلاصه لأصدقائه، وكان يتميز بالحيوية والنشاط، فقد وصفه السيد [توفيق السويدي ] بأنه شخص واسع الحيلة، يقضاً بشكل غير معتاد استطاع بدهائه أن يصبح في منتصف العشرينات اليد الطولى للملك فيصل عملياً. (6)
كما شبهه السيد[ طالب مشتاق] بكرة الثلج التي تكبر وتكبر باستمرار، أي يكبر نفوذه باستمرار، وكان السياسيون يخشون أحابيله ومؤامراته، حيث كان لا يتوانى عن القيام بأي عمل إذا كان ذلك العمل يحقق طموحه السياسي، ويوصله إلى أرفع مراكز السلطة لدرجة جعلت منافسيه من السياسيين يخشونه، ويشعرون منه بالرعب، فقد كان باستطاعته أن يدبر بكل سهولة اغتيال معارضيه، فقد دبر عملية اغتيال السيد[ توفيق الخالدي] وزير الداخلية في 25 شباط 1924، وكان للخالدي ميولاً معادية لدور الضباط الشريفيين، وسعى لتقليص دورهم في إدارة أمور البلاد، وقد تم اغتياله على يد شخصين من أزلام نوري السعيد هما كل من [ شاكر القرةغلي] و[ عبد الله سرية ] بتحريض منه شخصياً، وقيل أن الملك فيصل وجعفر العسكري كانت لهم يد في عملية الاغتيال بدعوى أن توفيق الخالدي كان من أنصار النظام الجمهوري.
لكن الحقيقة أن اشتراك الملك فيصل مشكوك بها، وقد تم حشر اسم الملك من أجل طمس أسم المدبر الحقيقي للاغتيال نوري السعيد. (7)
كما أن الشكوك كانت تدور حول وفاة الملك فيصل في سويسرا في 7 أيلول 1933، واختفاء مذكراته فور وفاته، فقد ثارت الشكوك حول وفاته، وكان هناك شك أن السبب الحقيقي للوفاة هو التسمم، وأن لنوري السعيد يد فيها، وقيل أن الإنكليز هم الذين كانوا وراء العملية، فقد كانوا قد أرسلوا إليه الإنذار تلو الإنذار في الفترة الأخيرة بسبب أحداث ثورة الآشوريين، وأسلوب قمعها الوحشي على يد بكر صدقي. (8)
وكانت السفارة البريطانية في سويسرا قد رفعت تقريراً يشير إلى بعض الشكوك في سبب موت الملك،وجاء في التقرير:
[ إن الموت يمكن أن يكون نتيجة التسمم بعد اختلافه مع السيدة التي كانت لها علاقة حب به!!،أو التحريض من قبل الوكلاء السياسيين].(9)
وكان نوري السعيد و رستم حيدر ملازمين للملك حين وفاته، ومما يعزز هذا الشك هو فتور العلاقة الذي حصل بين الملك فيصل ونوري السعيد في السنة الأخيرة من حكمه، على الرغم من العلاقة الحميمة التي ربطتهما ببعضهما في الفترة الماضية لدرجة أن لقاءاتهما كانت قد تباعدت، وأخذت تقل تدريجياً عن المعتاد حتى وصل الأمر بنوري السعيد إلى أن يسرَّ في أذن مسؤول كبير في وزارة الخارجية البريطانية عام 1933بقوله :
{ لن اعد أتحمل مرة أخرى مسؤولية رئاسة الوزارة طالما بقي الملك فيصل على عرش العراق}. (10)
أما ملابسات قضية مقتل الملك غازي فإن كل الدلائل كانت تشير إلى عملية اغتيال مدبرة من قبل البريطانيين، وأن من خطط لتنفيذها كل من نوري السعيد وعبد الإله، كما سيرد ذلك في حينه فيما بعد. استمر نجم نوري السعيد بالصعود حتى تبوأ منصب رئيس الوزراء لأول مرة بتاريخ 23 آذار 1930، بإيعاز من السفارة البريطانية لكي ينفذ لهم أخطر مهمة ناءَ بحملها الآخرين من رجال السياسة، إلا وهي توقيع معاهدة عام 1930 التي ربطت العراق بعجلة الإمبريالية البريطانية لزمن طويل، وسأتناول هذه المعاهدة والإجراءات التي اتخذها نوري السعيد في وزارته الأولى، وردود الفعل التي أحدثتها لدى الرأي العام العراقي بوجه عام، ورجالات الدولة البارزين بوجه خاص في الحلقة الثانية . حامد الحمداني – مفكر حر
التوثيق:
توثيق الحلقة الأولى
(1) لعراق ـ الكتاب الأول ـ ص 356 ـ حنا بطاطو .
(2) نفس المصدر السابق .
(3)تاريخ الوزارات العراقية ـ الجزء الأول ـ ص 38 ـ عبد الرزاق الحسني
(4)العراق ـ الجزء الأول ـ ص 369 ـ حنا بطاطو .
(5)نفس المصدر السابق .
(6)المصدر السابق ـ ص370
(7) تاريخ الوزارات العراقية ـ ج1 ـ ص 196 ـ عبد الرزاق الحسني
(8)نفس المصدر ـ ص 310
(9)نفس المصدر ـ الجزء الثالث ـ ص 309 . الحسني.
(10)العراق ـ ج1 ـ ص 372 ـ حنا بطاطو