عبد القادر أنيس
دفعني لكتابة هذه المقالة ما أثاره مطلب إلغاء عقوبة الإعدام في الجزائر من طرف جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان والتعبئة العامة التي قوبل بها هذا المطلب من طرف الأحزاب الإسلامية (حركة مجتمع السلم و حركة النهضة) وجمعية (العلماء) المسلمين الجزائريين والمجلس الإسلامي الأعلى (مؤسسة دينية رسمية).
ما أود التطرق إليه في هذه المقال هو حجم التقية والنفاق في مختلف تصريحات صناع هذه المهزلة:
الحقوقي فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان (مؤسسة رسمية تابعة لرئاسة الجمهورية) في مؤتمر دولي عقد بجنيف السويسرية حول إلغاء عقوبة الإعدام في العالم، تحدث باسم الجزائر عن “دعم مساعي الأمم المتحدة لإلغاء عقوبة الإعدام من منظومة التشريع الدولي”.
يجب أن ألفت انتباه القارئ أن المراد حصرا بـ”الأحوال الشخصية” هو التشريع الإسلامي الخاص بالمرأة في الأسرة: الزواج، الطلاق، الميراث وغيره، وفيه تحصر المرأة في وضعية دونية مخجلة رغم كل الجهود للتحايل على النص الأصلي الذي وضع قبل 14 قرنا. كلمة فاروق قسنطيني أبرزت مرة أخرى مدى النفاق الذي يمارسه الإسلاميون بجبن. فهم مثلا لا يستطيعون تحدي الرئيس ومطالبته بتطبيق الشريعة ويفضلون التخندق وراء مناوشات جانبية جبانة من حين إلى آخر ليوهموا الناس أنهم حماة الإسلام والمدافعون عن المواطن ضد أي مساس بسلامته رغم أنهم لطالما برروا عمليات التقتيل التي قامت بها الجماعات الإسلامية المسلحة باسم شبهة الجهاد وإقامة الدولة الإسلامية كما قال بوجرة سلطاني وعبد الله جاب الله (رئيسان لحزبين إسلاميين).
وأضاف فاروق قسنطيني “شاركت في ملتقى جنيف حول إلغاء عقوبة الإعدام ونقلت موافقة الحكومة الجزائرية من حيث المبدأ على إلغاء هذه العقوبة بعدما صارت المطالبة بها ذات بعد دولي وليس محليا”.
ورأى فاروق قسنطيني أن “المجتمع المدني في الجزائر مدعو لمواصلة النضال لإقناع الجزائريين بضرورة إلغاء هذه العقوبة التي لم تطبق في البلاد منذ عام 1992 تاريخ تنفيذ آخر إعدام في حق مفجري مطار الجزائر الدولي”. رغم مئات الأحكام بالإعدام التي نطقت بها المحاكم.
فاروق قسنطيني عُيِّن على رأس هذه الهيئة الحكومية بقرار جمهوري، ولهذا فإننا يمكن أن نرى في تصريحاته مقدمات لاتخاذ قرارات من طرف الحكومة الجزائرية أو على الأقل جس نبض الرأي العام الجزائري قبل الإقدام على قرارات يمكن أن تكون محل أخذ ورد.
الهجمات المتزامنة التي قام بها الإسلاميون في الدوائر الرسمية والمستقلة دفعت فاروق قسنطيني إلى التراجع عن تصريحاته بطريقة ملتوية، ملتفا على ما صرح به سابقا في مناسبات مختلفة فالتزم خطابا منافقا آخر من قبيل: “نحن مع إلغاء عقوبة الإعدام”، وشتان بين “نحن مع …” وبين “لقد قررت الجزائر…”.
الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان على لسان مؤسسها علي يحيى عبد النور رأت أن تبريرات الجزائر لعقوبة الإعدام واهية. كما رأت أن التبرير الديني لا سند واقعيا له بالنظر إلى أنه “ليس هناك تراجع كبير في عدد الجرائم المقترفة منذ اعتماد عقوبة الإعدام”.
وهو رأي حصيف لولا أن صاحبه طالما ضايق الحكومة سابقا في الداخل وفي المحافل الدولية، باسم حقوق الإنسان، عندما كانت الدولة تكاد تنهار وهي تشن حربا شرسة ضد الجماعات الإرهابية ونصب نفسه مدافعا عن قادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ الذين تسبب تطرفهم في كل هذه الكارثة بسبب خطاب متطرف تكفيري دفع بآلاف الشبان إلى الانخراط في الإرهاب باسم الجهاد.
لويزة حنون زعيمة حزب العمال (تروتسكي)، كانت أول من يدلي بدلوه من بين الأحزاب، فدعت إلى إلغاء عقوبة الإعدام وردت على المعارضين للإلغاء من الإسلاميين بأن الإعدام ليس خصوصية إسلامية، وهو معمول به في دول غربية كثيرة، مثل الولايات المتحدة، مذكرة بلجوء الاستعمار الفرنسي إلى الإعدام بشكل واسع في حق المناضلين الجزائريين.
لويزة حنون ليست بريئة هي الأخرى كما قد يتوهم البعض بسبب خطابها الديماغوجي. لقد دافعت هذه المرأة عن الجبهة الإسلامية وعن حقها في حكم البلاد رغم أنها كانت تنادي بالدولة الإسلامية وبتطبيق الشريعة التي لا أخالها تجهل أن من ضمن بنودها عقوبة الإعدام (القصاص).
هي إذن مسرحية مضحكة مبكية لاستغفال الناس، سرعان ما تنتهي فصولها. الراجح أن الجميع يمثلها بهدف استمالة أصوات الإسلاميين، كل حسب الزاوية التي ينظر منها للفريسة.
ما أثار غضب الإسلاميين (المفتعل طبعا) كان وصف لويزة حنون للإعدام بالطريقة الوحشية (رغم أنها كانت دائما تتجنب وصف تقتيل الإرهابيين الإسلاميين للناس بالوحشية التي يجب مقاومتها)، ملمحة إلى ضرورة انتهاج سياسة تفصل بين الدين والدولة حسب مبدأ: “العبادة لله وحده والسياسة للجميع”. هل نسيت هذه السيدة التروتكسية أنها دافعت مدة عشر سنوات عن حق الإسلاميين في حكم البلاد وإقامة دولتهم الدينية لا لشيء إلا لأن الشعب اختارهم عن بلهنية وانتحار جماعي؟
وعبرت عن مساندتها لفاروق قسنطيني في “مسعاه بالشجاع”، وذكّرت بأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أعلن عن مساندته لفكرة إلغاء الإعدام في 2003 متهمة الجهات الدينية بتعطيل المسعى.
هذا من جهة (أنصار) إلغاء هذه العقوبة أما موقف مناهضي إلغائها فيمكن تلخيصه في مواقف التيارات الإسلامية داخل وخارج الحكومة. عدا ذلك فقد التزمت مختلف الأحزاب والجمعيات صمت القبور في انتظار أن تأتيها الأوامر من فوق أو أن تركب القطار حالما ينطلق.
أبرز هذه المواقف نفاقا نلمسها لدى المؤسسات والأحزاب الدينية التي دافعت في السابق عن الإرهابيين الأصوليين القتلة وأيدت الرئيس في مسعاه لتحقيق المصالحة الوطنية عبر إصدار عفو عام عن التائبين مهما ارتكبوا من جرائم.
أبوجرة سلطاني، وهو وزير سابق في الحكومة الجزائرية وعضو فاعل في التحالف الرئاسي الراهن ويرأس حزبا إسلاميا هو حركة مجتمع السلم (حمس) يبز الجميع في مدى النفاق وهو يلجأ بدون حياء إلى الكيل بمكيالين في التعامل مع جرائم القتل التي حكمت فيها المحاكم الجزائرية بالإعدام على المجرمين من كل شاكلة. فهو في الوقت الذي يعارض فيه إلغاء العقوبة على الجرائم الفردية نراه، وهو يتحدث عن الجرائم الجماعية (الإرهاب) عن عمد وسبق إصرار وتبرير ديني من طرف مختلف مشايخ الإسلام الأصولي بإن مجرمي الجماعات الإرهابية التي ارتكبت أبشع الجرائم في حق الناس وكان سلاحها المفضل هو الذبح، يقول بضرورة: “محاكمة هؤلاء التائبين محاكمة مدنية ومن ثمة إحالتهم على تأهيل تربوي وسياسي ومدني لأنهم قتلوا الناس بشبهة سياسية أو شرعية وهي شبهة الجهاد”.
نعم، يقول قتلوا الناس ومع ذلك يدعو إلى “عدم إعدام التائبين وأخذ المثل من تجربة الرئيس السوداني عمر البشير عندما أفرج عن سجناء في دارفور، وكان بينهم محكوم عليهم بالإعدام”. فما أرحم عمر البشير بشعبه !!
هل حقا أن عمر البشير توقف عن إعدام التائبين تطبيقا لشريعة الإسلام السمحاء أم لأن الضغوط الدولية ضده هي التي أملت عليه هذا القرار المنافق؟
ومن جهة أخرى، فأية شبهة سياسية وأية شبهة جهاد تدعو إلى التغاضي عن محاكمة مرتكبي جرائم الذبح والقتل والتحريق والتفجير بغض النظر عن الموقف المؤيد أو المعارض لعقوبة الإعدام؟
بوجرة لم يهضم تصريحات حنون التي اتهمته بالنفاق وطلبت منه “أن يختار بين الرقية والسياسة” كما رفضت دعوتها لها بالتوبة “لأن التوبة (حسب قولها) لا تصلح إلا للمنافقين والذين يختلسون المال العام” ، ورد بعنف مواز واصفا حنون بأنها فعلا مصابة، وأنه متطوع لرقيتها مجانا، واعتبر أن “حنون عادت إلى معلمها تروتسكي أما نحن فنعلن عودتنا إلى سيدنا محمد”.
بوجرة سلطاني، هنا على الأقل، على حق عندما يقول إنه عاد إلى سيده محمد. فالطيور على أشكالها تقع. محمد أصدر عفوا عن أهل مكة، لأنهم أهله (اذهبوا فأنتم الطلقاء) رغم الحروب الدموية التي دارت بينه وبينهم، ولكنه شن غزوات دموية شرسة ضد اليهود وضد قبائل عربية ثم دفع بجيوشه ضد أمم خارج الجزيرة العربية ليس بينها وبين العرب أية عداوة. لكن نداء الغزو والسلب كان أقوى.
تصريحات حنون لم تمر مرور الكرام كذلك، لدى رئيس المجلس الإسلامي الأعلى الشيخ بوعمران، الذي أكد أن الأوصاف التي استخدمتها حنون مثل “متوحشون، رجعيون”، تنطبق على الذين يزهقون النفس البريئة التي حرمها الله والقوانين البشرية”. وكأن النفوس التي أزهقها القتلة الإسلاميون ليست بريئة، وقال بأن رئيسة حزب العمال “حرة في عقيدتها”، ولكن “ليس لها الحق أن تهاجم الإسلام والمسلمين بطريقة عدوانية”، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة “تزعم أن زمن تطبيق الشريعة الإسلامية قد ولّى، وذلك يعني عداوة صريحة للدين”.
هذا الكلام عندما يأتي من رجل يرأس هيئة رسمية تصدر الفتاوي يمكن النظر إليه كفتوى حقيقية للقتل العمد ضد حنون. لكن في رسوم ميكي يجوز كل شيء، حتى الأموات يُبعثون من جديد.
واستطرد الشيخ بوعمران قائلا: “هذه السيدة لا تفقه في أمور الدين، وتفتي فيها وتنطق عن الهوى بأحكام عشوائية ، داعيا إياها إلى “التوبة لأنها تجاوزت الحدود”.
وجه النفاق عند الشيخ بوعمران يكاد يفقأ العيون ويزكم الأنوف فمؤسسة هذا الرجل (المجلس الإسلامي الأعلى) وما أدراك، لم تنبس ببنت شفة عندما قرر الرئيس إصدار عفو عن مجرمي الجماعات الإسلامية. هل هو جبن؟ هل هو نفاق؟ هل هو المنصب وتوابعه وإغراءاته (للعلم فقد تم تعيين بنته سفيرة للجزائر في البرتغال)، أم أن السبب يعود إلى كون الإرهاب تم باسم “شبهة الجهاد” كما رأى بوجرة سلطاني؟ أم إلى كل ذلك جميعا؟
ثم كيف نفسر سكوت كل هؤلاء عن عدم مراعاة الدولة الجزائرية لحدود الله الأخرى مثل قطع يد السارق وجلد شارب الخمر والزاني والزانية والعمل بالبنوك الربوية؟ بل كيف نفسر سكوتهم عن خرق الشريعة الإسلامية عندما ترشحت هذه السيدة ذات يوم للرئاسة بينما دينهم لا يبيح لها تولي الحكم؟
من جهته يرى رئيس حركة مجتمع السلم أن “الإعدام حكم شرعي يطبق كحد في ثلاث حالات هي القاتل عمدا ومروّج المخدرات والناهب للمال العام”. فهل القتل الذي مارسته الجماعات الإسلامية لا يندرج ضمن هذه الحالات الثلاث؟ غريب أمر هذا السياسي !!!.
لويزة حنون اتهمت بوجرة سلطاني بالسارق للمال العام وسكت. فلا هو رفع ضدها دعوى قضائية لمطالبتها بالدليل ولا هي رفعت ضده قضية بوصفها نائبة في البرلمان عن الشعب ومخولة للدفاع عن مصالحه ولا المدعي العام فتح ملفا للقضية وطالبها بإثبات تهمتها.
أنا لا أصدق. هل نحن فعلا أمام رسومات ميكي حيث كل شيء ممكن؟
بينما الشيخ بوعمران رئيس المجلس الأعلى الإسلامي قال بأن منظمته “لن تؤيد أبدا إلغاء عقوبة الإعدام بحجة أن ذلك سيهدد عدة سور في القرآن الكريم”. حسنا، فلماذا أيد هيئته قانون العفو عن القتلة من الجماعات الإسلامية؟ ولماذا سكت عن تعطيل آيات حد السرقة مثلا؟
وجاء على لسانه “المجرم الذي يقتل طفلا ويبيع أعضاءه، على سبيل المثال، لا يمكنه الهروب بفعلته من عقوبة الإعدام”. حسنا مرة أخرى ولكن هيئتك يا شيخ لم تطالب بالإعدام تجاه ذباحي فتيات بريئات لأنهن لم يرتدين الحجاب كما أمرت الجماعات الإرهابية بل وأيدت قانونا يجوّز العفو عنهم لو وضعوا السلاح وتمكن الكثير من الإرهابيين فعلا من الاستفادة منه والعودة إلى بيوتهم سالمين غانمين بفضل الأموال التي اغتصبوها من الناس.
أما حركة النهضة (حزب إسلامي آخر) فقد أصدرت بيانا صحفيا معارضا لتوجه السلطة الجزائرية لإلغاء عقوبة الإعدام، ووصفت موقفها بأنه “جاء استجابة للأصوات الناشزة المتطرفة المنسلخة عن حياة المجتمع الجزائري وقيمه ومبادئ ثورته وهو انتصار واضح ضد إرادة الأمة الجزائرية”.
هكذا إذن، هي إرادة الأمة الجزائرية. وكأن هذه الإرادة لا يحسن التعبير عنها إلا الإسلاميون أمثاله ممن أيدوا الجهاد الإرهابي. هذا البيان يعيدنا إلى حقبة التكفير التي مهدت للحرب القذرة التي شهدتها البلاد في التسعينات.
وفي بيان لهذا الحزب رأى أن القرار جاء أيضا في وقت “تجندت الجزائر حكومة وشعبا لمحاربة الفساد المستشري في أجهزة الدولة من نهب للمال العام وانتشار اللصوصية في دواليب الحكم”.
هل يعقل أن يقول هذا الكلام رجل ترشح عدة مرات لرئاسة الجمهورية؟ لكن في بلادي كل شيء ممكن. كيف يعقل أن تجتمع كل هذه المتناقضات في جملة واحدة؟ من جهة ” تجندت الجزائر حكومة وشعبا لمحاربة الفساد” لكن هذا الفساد مستشر ” في أجهزة الدولة من نهب للمال العام وانتشار اللصوصية في دواليب الحكم”. هل يعقل أن يكون حاميها حراميها؟ لكنه الفكر الإسلامي البائس الذي تجتمع فيه كل المتناقضات بقدرة قادر.
وهو موقف منافق آخر من حزب إسلامي دافع لسنوات طويلة عن التطرف الديني والإرهاب الإسلامي ونعت القائمين به بجماعات الجهاد كما نعت المطالبين بالتصدي للإرهاب بالعلمانيين الاستئصاليين. وهي دعوة أخرى للقتل والإرهاب عندما يصف المنادين بإلغاء عقوبة الإعدام بـ”الأصوات الناشزة المتطرفة المنسلخة عن حياة المجتمع الجزائري وقيمه ومبادئ ثورته وهو انتصار واضح ضد إرادة الأمة الجزائرية”
رئيس جمعية العلماء المسلمين الشيخ عبد الرحمن شيبان، رأى أن “إلغاء الإعدام يتنافى مع الدستور الجزائري الذي ينص في المادة الثانية منه على أن الإسلام دين الدولة”. ولكنه رأى أيضا أن “إعدام المتمردين (يقصد إرهابيي الجماعات الإسلامية) ليس ضروريا كعقوبة لهم ويتوجب على السلطات أن تتصرف بما لا يضر بخصوصية المجتمع الجزائري المعروف بإسلامه”. فكيف يتوجب على الحكومة الجزائرية أن ” تتصرف بما لا يضر بخصوصية المجتمع الجزائري المعروف بإسلامه”؟ هل خصوصية المجتمع الجزائري المعروف بإسلامه توجب على الحكومة التغاضي عن جرائم الإسلاميين؟ أم هو يقصد تبرئة الإسلام مما فعل الإسلاميون عن طريق السكوت عن إثارة القضية؟
عبارة “الإسلام دين الدولة” الدستورية صارت عند إسلاميينا بمثابة مسمار جحا، كما نقول في الجزائر، ومطية يركبونها لمناهضة كل خطوة لدفع البلاد في ركب الحداثة والتخفف من أثقال الماضي.
هكذا إذن، فعندما يتعلق الأمر بممارسات الإسلاميين الإرهابيين يصطف الجميع للدفاع عنهم ويتحول تقتيل الناس على أيديهم إلى تمرد يجب معالجته سياسيا بعيدا عن المحاكمات العادلة التي حتى دينهم ينص على ضرورتها عبر القصاص من القاتل المتعمد وبدون تمييز وهم لا يتوقفون عن ترديد الحديث: “والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها”.
وحتى وزير الشؤون الدينية والأوقاف بوعبد الله غلام الله قال: “أنا أعترض على إلغاء عقوبة الإعدام”. مع أنه وزير في حكومة أصدرت عفوا عن القتلة الإسلاميين الإرهابيين وهي تخرق حتى قانونها بالذات (ميثاق الوئام المدني) ولم يعترض ولم يستقل من منصبه. لماذا؟ هل دماء الجزائريين درجات؟
ومن المعروف أن السلطات الجزائرية منذ مجيء الرئيس بوتفليقة تدعم في صمت وبتأييد من أغلب الأحزاب بما فيها الأحزاب والهيئات الدينية، قرار إلغاء عقوبة الإعدام، كخطوة من شأنها إقناع المسلحين بالتوبة، تحت ذريعة أن كثيرا من التائبين عبروا عن خشيةِ من تبقى في صفوف الإرهاب من تطبيق عقوبة الإعدام عليهم في حال سلموا أنفسهم للسلطات.وبالتالي فإن استصدار قانون مثل هذا سوف يؤدي إلى إقناع بقايا الإرهاب بوضع السلاح.
هنا بيت القصيد. لقد حاول معارضو إلغاء عقوبة الإعدام استثناء الإرهابيين من العقوبة تأييدا لمسعى الرئيس في مصالحة وطنية على حساب الحقيقة وتنتهك حقوق الإنسان الجزائري أما غيرهم من المواطنين فلا بأس بإعدامهم تقربا بهم إلى الله.